دارفور جديدة ،طريق نحو السودان الجديد (١). شاكر عبدالرسول

دارفور جديدة ،طريق نحو السودان الجديد (١). شاكر عبدالرسول
* الأرض و الحواكير 
اليوم أكثر من أي وقت مضى نلحظ بان  هنالك ثمة شبه إجماع في أوساط شرائح المجتمع الدارفوري، بأن إرث الحواكير يجب أن تبقى كما كانت في السابق من دون أي تغيير أو تحوير. وهذا الاجماع مرتبط بجانب آخر مهم جدا وهو حق الانتفاء أو الاستفادة من الأرض مكفول للجميع.
اذا رجعنا إلى  التجربة  القديمة فيما يخص بقضايا الأرض والحواكير نجد بان هنالك ركائز  مهمة مترابطة مع بعضها البعض وهي : الشعب، الإدارة الأهلية، الدولة، في وقت متاخر التحق عنصر اخر وهو القوى  المسلحة .في وسط هذه التقاطعات هنالك حروبات قبلية تنشب ( بين القبائل العربية فيما بينهم، بين القبائل الإفريقية، وبين العربية والإفريقية ). 
وبعد كل حرب تتبعها مباشرة إجراءات عملية نحو التعايش السلمي، والفضل بعد الله يرجع إلى الاباء الأوائل الذين استطاعوا التكيف و التعايش بين متلازمتي الحرب والسلم بلا أحقاد ولا ضغائن  .كان الانتقال من مربع الحرب إلى التعايش السلمي تتم عبر إجراءات معروفة مثل إحقاق الحق ،والاعتراف بالأخطاء، والتعاهد على عدم تكرار الخطأ ،وجبر الخواطر ودفع الاضرار وغيرها.في هذا الجانب لا بد من التنبيه بأن تاريخ الإقليم ليس كلها حروبات وفرقة وقطيعة مدمرة ،فهنالك شواهد كثيرة تدل على أن سكان الإقليم تعايشوا فيما بينهم بسلام و وئام، وهنالك حقب انتشرت فيها التصاهر والتزاوج بين المكونات المختلفة ،وهي بلا شك ظاهرة حضارية في عالم الأمس واليوم والغد. الحروب والاقتتال في تاريخ الإقليم   تظهر لنا كأمر طارئ اذا قارناه مع أوقات الازدهار والتعايش السلمي .لكي تكون صورة جوانب الاستقرار واضحة لدينا ، بعض الشئ على الأقل يمكن للمرء أن يقف على مقالنا المنشور تحت عنوان ” درب الأربعين في عيون الرحالة”.
*الدولة
في الأنظمة التي تعاقبت ما بعد الاستعمار ،كانت الدولة إلى حد ما تقف على مسافة متساوية من كل الأطراف في الصراعات القبيلة ، ففي عهود المتأخرة بدأت الدولة تتدخل بشكل صارخ في قضايا الأرض والحواكير مثل تغيير الأسماء وخلق إدارات موازية في داخل الحواكير وغيرها. 
مع ظهور حركة الاحتجاج المسلح ضد المركز لجات الحكومة إلى تجييش مجموعات قبلية معينة ضد مجموعات أخرى، وكما ان خطاب الحرب نفسها كان غير موفق من كل الأطراف.الحرب في الإقليم تحول إلى حرب الكل ضد الكل وفيها ارتكبت جرائم و فظائع صنفت بأنها إبادة جماعية وتطهير عرقي.
*اليوم 
الميزة الوحيدة التي يمكن أن يجنيه الإنسان من الحرب هي دروس الحرب. استيعاب دروس الحرب تدفع الأطراف المتحاربة ان تجلس مع بعضها البعض وان تنظر إلى المستقبل.للحقيقة بأن للحروب جوانب بشعة لكن في المقابل يجب ألا ننسى بأن  معظم الإنجازات البشرية المتعلقة بقضايا مثل الحرية ،والعدالة والمساواة والكرامة جاءت بعد حروب طويلة بين بني البشر ودائما هذه الإنجازات تنبت وتنمو  من بين اضلع  دروس الحرب. اليوم في دارفور نلحظ بان المزاج الشعبي بدأ يتحول نحو التعايش السلمي ، ربما للتقارب الكبير الذي بدأ يظهر بين القوى المسلحة ، وقوات الدعم السريع وقوات الأخرى التي حاربت بالوكالة دور محوري في توجيه اتجاه بوصلة هذا الحراك . وهو حراك مسنود من كل قطاعات الشعب خصوصا قيادات المجتمع المحلي . بين يدي مخرجات للقاءات التشاورية التي تمت بين قيادات الإدارات الأهلية لزغاوة في انجمينا،  كلها تصب  نحو الرغبة في إغلاق صفحة الحرب ،والتعايش المشترك مع كل المكونات. و واضح ان هذه الرغبة مرتبطة بإجراءات مهمة مثل إبقاء الحواكير من دون التغيير كارث موروث للشعوب ،وحق التنقل والاستفادة من الأرض مكفول للجميع ،والدعوة إلى عقد مؤتمر لقبائل دارفور لخلق وثيقة التعايش السلمي.
 
* المستقبل
نواصل…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *