دارفور .. الثورة بعد الأنفصال مستمرة

دارفور .. الثورة بعد الأنفصال مستمرة
حامد حجر – الميدان
[email protected]
الكثيرون قد يتوهمون شكل الصورة الحقيقية للسودان لمرحلة ما بعد التاسع من يناير القادم ، لكن الكثيرون أيضاَ هم في هيئة القراءة السليمة والصحيحة لمآلات سياسات حزب المؤتمر الوطني الحاكم ، طيلة فترة حكمه الطويل والدامي ، وهو بلا شك الآرث الثقيل لحكومات ما بعد الأستقلال التي لم توفر الممارسات والسياسات الفوقية النرجسية.
متفقون علي أن من يزرع شوكاً سيحصد بالضرورة أشواكاً ، ومن لا يعدل في حكمه ويتواضع مع قومه ستركله الأقدام يوم أن تنتهي العمر الأفتراضي للحكم ، الأستفتاء هو الطريق إلي محاسبه الحكم الظالم في السودان ولا بواكي عليه ، والثورة في الهامش ستستمر إلي أن يكتبَ دستور لسودان مغاير ينتفي فيه الحاجة الي استخدام السلاح لنيل الحقوق.
الجنوب المنفصل كدولة ذات سيادة في خارطة إفريقية والعالم بعد أقل من تسعون يوماً ، حقيقة واقعة ، والكلام في السياسة هنا وهناك ، عن أن الأنفصال ليس الخيار المثلي ، أو ( ليست إرادة المواطنيين في الجنوب ، بل أن مثل هكذا إدعاء تستند إلي أجندة خاصة ) ، هكذا قال السيد علي عثمان طه نائب رئيس الجمهورية في مؤتمره الصحفي في الرابع من شهر أكتوبر 2010-10-04 م .
بعيداً عن لغة تخوين الحركة الشعبية والأنفصاليين في الشمال ، فان حقيقة أنفصال الجنوب لا يختلف عليه عاقلان وأن ما تبقي من مهلة زمنية للأنفصال في التاسع من يناير لا يوقفها أماني السيد علي عثمان نائب الرئيس ، والذي لخصه في مؤتمره الصحفي أعلاه ، بتجشم المخاطر لدعم وحدة السودان مع مواجهة لحظة أقتناص فرصة الأنفصال من قبل الحركة الشعبية وأغلبية شعب الجنوب . أنتهي السيد النائب الي خطاب غرائزي لذويي النوايا الطيبة ، لكنه فشل هو شخصياً في العمل من أجل تدارك مثل هكذا موقف في السابق حينما كان يرسل المتحركات بأسم الله والروح القدس ، وهل ينفع البكاء علي اللبن المسكوب؟!.
المهم اليوم ليس الجنوب ، لأن الجنوب قد قرر مصيره ، وسيجد نفسه في بلدٍ حُرٍ ، يفتخر فيه أبناءه بهويتهم ولغتهم وجزورهم الأفريقية ، وإذا كان للساسة في المركز من عقل لسبق النظر ، عليهم تدارك دارفور وكردفان الثائرة ، عليهم معالجة الأمور هناك مع من يحمل السلاح ويأبي أن يستكين إلا بعد تحقيق أهدافه في العدالة والمساوأة ، عليهم بمطالب المهمشين وزعيمهم الدكتور خليل إبراهيم ، فالرأي ليس فيما يدور في الدوحة بدون تواجد أكبر حركة جعلت من شهر مايو الماضي أكثر الشهور دموية في دارفور ، وحسب تقارير منظمات الأمم المتحدة ، بل أن حركة العدل والمساواة السودانية كانت قد قلبت طاولة الحوار في الدوحة عندما أستشعرت رغبات الجنرال ( إسكود قريشن) الغير ودية ، وإصراره علي خلق جسم كرتوني مواذٍ لحركة العدل والمساواة السودانية.
رغم الكلام الكثير المطمئن في صحف الخرطوم وغيرها بخصوص دارفور وإمكانية التوصل إلي سلام خلال العام الحالي ، بمعني في المهلة القانونية المتبقية ، لكن كل الدلائل توحي بعدم تحقيق السلام في ظرف هذا العام  ، وبالتالي لا مجال للتفاؤل المجاني والإختباء وراء كلمات مصحوبة بمشيئة الله والتواكل عليه. هذا الإستنتاج المثبت للهمم ، لربما ناتج من الإصرار من قبل حزب المؤتمر الحاكم علي إنفاذ إستراتيجية الحكومة أو إستراتيجية ( غازي صلاح الدين) في دارفور ، خاصة في شقها الأمني ، الذي هو عبارة عن غرفة وأمر عمليات مع حركة العدل والمساواة السودانية ، وحركة عبدالواحد في كفل جبل مرة.
إذن المعروف لدي المراقبون هو أن لحركة العدل والمساواة السودانية القدرة علي تعطيل إستراتيجية الحكومة الأمنية ، طالما هي متعلقة بتجييش المزيد من المتحركات لوقف زحف الحركة إلي الخرطوم هذه المرة ، فالحركة لديها ما يكفي من التجربة لملاقاة وهزيمة كل الأرتال المتلاحقة إلي مواقعها ، وقد شاهد العالم بإم أعينهم كيف كانت منازلات الحركة في منطقة ( جبال عدولا ) وحول الضعين في الصيف الماضي ، والمعلوم أن للحكومة ثلاثة عشر متحركاً تمت سحقها بالكامل من قبل الأشاوس في قوات المهمشين ، وأستولت علي دبابات تم عرضها علي الشبكة الإفتراضية الأنترنت.
نتيجة لرغبة حركة العدل تم قلب طاولة المفاوضات في الدوحة ، وتعثرت عملية السلام بغيابها ، واليوم تتوقع الحكومة وهي خاطئة بأنها تستطيع النجاح في إستراتيجيتها المزمعة بإختزال تواجد حركة العدل في الطاولة ، بل وهي تسعي للإنتصار المستحيل عليها ، إن موات تجربة الدوحة والترحم عليها إبتداءً كان للدكتور خليل ابراهيم الذي غمز من قناته للقائد سليمان صندل الذي جاب دارفور وكردفان بمتحركاته القوية الأمر الذي إستطال بزمن العملية السلمية ، فهل من مُدكر في حزب المؤتمر؟، هل من سبيل لعدم تكرار أخطاء الماضي وتحميل الأجيال القادمة أوزار الحكومات الفاشلة؟.
الآن تتفهم حركة العدل والمساواة السودانية طبيعة المرحلة ، وتعي جيداُ بأن غريمها الحكومي في موقف لا يحسد عليها لكنها تتعاطي والمسالة بوعي كافي ، لهذا تتمني عليها الإلتزام بإستحقاقات السلام وإتفاقية السلام الشامل في نيفاشا ، وعلي الحكومة أن لا تنسي كعادتها بأن إنفصال الجنوب يتوجب إستمرار تدحرج كرة الثلج في دارفور وكردفان بأتجاه أمدرمان الثانية ، والحركة تتوعد بالإستمرار في كفاحها حتي الوصول إلي سلام عادل يرضي كل المهمشين ، وفي حال الإستحالة فإن إفريقية يمكن أن تتسع لأكثر من دولة جديدة في خارطتها.
حامد حجر – الميدان
11-10-2010

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *