دارفور .. إسكود غريشن هل تعلم الكثير من حركة العدل؟

دارفور .. إسكود غريشن هل تعلم الكثير من حركة العدل؟

حامد حجر – الميدان

في الإستنارة المستمرة لزوايا ثورة الهامش في دارفور وكردفان ، فإن للمبعوث الأميريكي إسكوت غريشن تجارب بعضها مرة وقد كلفه ما يكفي من عنت وربما مرارة في غصة إذا ما تعلق الأمر بمحاولاته الفاشلة في التأثير علي قيادة حركة العدل والمساواة السودانية ، وإجبارها علي الإزعان إلي إملاءاته ، لجهة حل قضية دارفور العادلة بشكلٍ ( مُكلفت ) كما كان يريد .

ولا أقول غير الحقيقة  إذا ما قلت بأن حاجب الدهشة لدي غريشن أرتد بعد أن وضع سماعة أول هااتف له إلي الدكتور خليل إبراهيم الذي ساعتها كان يستظل بشجرة ( نوردا ) في واديٍ سحيقٍ ، ويرُد بأدبٍ جّم  علي الجنرال إسكود غريشن . الذي بادره بتعريف نفسه علي أنه المبعوث الجديد لبلاد العم سام ، وأنه في الخرطوم الآن وفي طريقه إلي ( أديس أبابا ) ، أريدك أن تكون جاهزاً يا دكتور خليل لإستصحابك بطائرتي من مطار ( حسن جاموس ) في إنجامينا ، لأن في نيتي إقامة مؤتمر دولي هناك لحل مشكلة دارفور في يومين ، أنتهي كلام الجنرال الأميركي المتقاعد والمتفائل جداً يومها .

أستمع الدكتور خليل بهدوء وأجاب السيد غريشن بما يلي : ( أشكرك علي الإتصال سيد غريشن ، إذا كان لديك إمكانية لحل مشكلة دافور في ظرف يومين ، كما تقول ، وبدون حضور حركة العدل والمساواة السودانية ، مبروك لكم ، سيد غريشن ) . أنتهت المكالمة التلفونية بأرتفاع حاجب الدهشة ، وأصبح لزاماً علي السيد غريشن بعد هذه المكالمة أن يعرف قدر نفسه ، وأن يتكلم بأحترام وحرص شديدين مع الدكتور خليل لأنه ليس من صنف السياسيين المتسولين علي حساب قضاياهم ، أو أولئك الساسة الذين يقبلون بكل شيئ لأن لا كرامة لهم.

في وقت آخر من العام الماضي ، عيل صبر وحيلة الجنرال إسكود غربشن من عدم تجاوب حركة العدل والمساواة السودانية مع مطالب أميريكية لوقف إطلاق النار الفوري ، وتمرير العملية الإنتخابية المزورة بأي شكل ، سأل غريشن الدكتور خليل عن الثمن الذي يطلبه لوقف إطلاق النار (size fire ) ، أجاب الدكتور بهدوء ، نحن أغلي ما عندنا هي هذه البندقية التي بدونها سوف لن تستمع حكومة بلادي إلي مطالب المهمشين في كافة أرجاء السودان ، في الحقيقة نحن نريد شيئين أثنتين :

أولاً :- نريد السودان موحداً ، لذلك عليكم أن تكونوا في الولايات المتحدة أصدقاء لنا جميعاً في الشمال والجنوب ، وفي سبيل ذلك نتمني عليكم القيام بدور الجمع بيننا والسيد سلفاكير ميارديت في الدوحة ، نريد منه أن نتفق علي برنامج للحد الأدني للمهمشين ، وسوف نقبل به رئيساً لجمهورية السودان الموحدة ، لعل ذلك يجعل الوحدة أكثر جاذبية .

ثانياً:- الرجاء عدم الربط بين العملية السلمية في نيفاشا (CPA ) التي لربما تؤدي الي إنفصال الجنوب ، وقضية دارفور العادلة ، لأن من شان ذلك أن يختزل مطالب أهلنا مجدداً في إتفاقية عجلي وخالية الوفاض ،  نحن لا نثق في حكومة المجرم عمر البشير وبالتالي سوف لن نسمح بأن تتكرر تجربة ( أبوجا ) من جديد   ، ولا ينفع الضغط علينا بأي شكل من الأشكال.

قد يلاحظ القارئ العزيز ، كيف أن الدكتور خليل يبدو أكثر حرصاً علي وحدة السودان وتصحيح مساره باتجاه تحفيز الجنوبيين بحكم كل السودان بدلاً من القبول بجنوب منفصل ، مع الحرص علي إزالة جرثومة الحزب الحاكم  الذي يقوم علي الإستعلاء والنرجسية. أما الجنرال إسكود غريشن ، إنه قد ذهب أكثر من ذلك بإتجاه ، ضرورة وضع حركة العدل والمساواة في زاوية والإبحار بالعملية السياسية مع من يستمعون لقول اليانكي أو علي الأقل لا يوجعون الرأس.

في ذلك أعتقد خاطئاً ، أي السيد غريشن ولم يستفد من التجربتين السابقتين مع حركة العدل ، فلجأ هذه المرة إلي إستيلاد حركة بديلة للعدل والمساواة ، تكون الأبن الغير الشرعي لثورة الهامش ، ولربما سيكون كرزاي دارفور من بينهم ، فأرهق إكزوز طائرته بين مطارات أديس ، طرابلس الغرب ، والقاهرة ، عسي ولعل ينجح طالما أكبر حركة موجودة عسكرياً وسياسياً في دارفور وكردفان لا تستجيب لشروط الجنرال العجوز ، أخيراً وجد البعض من سُمار الحي ضلت بهم أزقة الدياسبورا ، فجمعهم زرافات فحزوه ، حزو النعل بالنعل ، إلا انه كان جنرالاً بخيلاً ولم يغدق عليهم من الخضر العزيزات ، فلعنه أحدهم علي مسمع من الحضور في فندق ( بالميري ) في إنجامينا ، إذن ( العدالة والتحرير ) هي مجموعة مدفوعة الثمن لدي الدلفري الأميركي مثلها مثل طلب ( بيتزا هَت ) ، قابل للإرجاع والإستغناء عنها عند عدم الحاجة إليها ، من هنا كانت صدمة أهل دارفور وخاصة المقاتلون في الميدان ، كيف لهذا الجنرال الغير محترم لنفسه أن يتجرأ بإستيلاد حركة هي لم ترافقنا معاناة القتال في دارفور أو كردفان ، وهي شرزمة أي ( العدالة والتحرير ) تقاتل عبر الإنترنت ولديها ما يكفي غريشن من ( العواطلية ) الذين هم غير مستعدين بالطبع لفداء القضية بالروح والدم ، وإلا لماذا لا يأتون إلي الميدان؟.

سياسياً لا أدري من الذي أقنع إسكود غريشن بأن لا يبالي بحركة العدل والمساواة السوداني في المرحل القادمة ، وأن تأثير الرئيس التشادي عليه كفيل بأن تقعد منه أي مقعد ، بالطبع هذا الكلام غير صحيح ، لأن الدكتور خليل لم يضع يوماً كل بيضه في سلة واحدة ، وبالتالي الصحيح أن إدراك نظرية ( سبق النظر )من قبله كفيل بأن يكون لهذا الرأي من أطراف اناملٌ تعضه ، أثبتت الأيام عدم صحة نظرية غريشن لهزيمة حركة العدل والمساواة السودانية التي أصبحت تتسلح وتأكل من حُر مال الشعب السوداني متمثلةً في ميزانية وزارة الدفاع السوداني ، التي تشتري أفضل الأسلحة لتقاتل بها قوات ثورة الهامش لكنها تتركها عند إسطدامها مع نفيضة أول متحرك من متحركات جيش العدل والمساواة السودانية البطلة التي هي بيضة القبان يجب المحافظة عليها من قبل كل الحادبين من أبناء الهامش الكبير.

حتي الأمس القريب لا يبدو بأن السيد أسكود غريشن قد تعلم شيئاً من تجاربه الفاشلة في  مشكلة السودان في دارفور ، ولا يزال يمني النفس بإحياء الأموات من قبورهم في ( الدوحة ) ، أو ارسال من يعتقد بأنه سوف يؤثر علي الدكتور خليل من هنا وهناك ، ناسياً بأن الدكتور خليل هو ذاك الرجل الذي تحدي ( روبرت زوليك ) المبعوث الأميركي الأسبق للسودان ، تحداه رافضاً التوقيع علي وريقة إتفاقية ( أبوجا ) ووصف المسودة  بأنها وريقة خالية الوفاض من حقوق أهله في الهامش ، وزاد الدكتور بيتاً في القصيدة قائلاً : لن أوقع ولو أعدمت . وأثبتت الأيام صحة موقف الدكتور خليل ، ومن لا يصدق عليه أن يسأل أين السيد مني أركو كبير مساعدي ( الحَالة ) في حزب العشرة الكرام ، وكيف جارت عليه الرياح السياسية؟.

في الصيف الماضي رأت حركة العدل والمساواة السودانية ضرورة الرد عملياً علي الجنرال غريشن وإفهامه بأن تجاوز حركة العدل ، فقط لسفه سياسي لا يجدي فتيلا ، لذا كانت معارك جبل مون ، جبل عدولة .كرويا لبن ، أم سعونة ، عذبان دوما ، أم كتكوت وأخيراً معركة لوابد ، بهذه المعارك أستيقن غريشن ومن معه بأن مضي عَهد الأستهبال السياسي وإلي الأبد، فهل تعلّم غريشن من تجاربه مع حركة العدَل والمساواة السودانية؟ مجرد سؤال.

الكثير من سياسيي دارفور ، طبعاً ، هم مثل آل البربون ، لا يتعلمون شيئاً ، ومن مآلات ثورة الهامش المؤسفة التفرقة والتشظي ، وعلي مثقفى السودان والهامش خصوصاً الإستدلال بالقراءة السليمة للدكتور خليل في مواجهته لحقيقة الصراع مع المركز ، وأهمية أن يُصار إلي وحدة قوي الهامش تبدأ بحرق مرحلة السودان القديم ، وتعّنون بوحدة قوي الهامش الكبير.، خاصة في دارفور وكردفان.

حامد حجر – الميدان[email protected]

17October 2010-10-08

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *