لم يمنع استئثار حزب المؤتمر الوطني بالسلطة في السودان أكثر من عشر سنوات بعد تصدع الحركة الإسلامية، من بروز خلافات بين قادته طفت إلى السطح بصورة أثارت تساؤلات عن مآل تلك الخلافات وخلفياتها.
فمع اقتراب الموعد الرسمي لإعلان دولة الجنوب في التاسع من يوليو/تموز القادم، استقبلت الساحة السياسة السودانية ما سمي بجديد المؤتمر الوطني, وهو الخلاف بين اثنين من أبرز قادته هما نافع علي نافع نائب الرئيس, ومدير جهاز الأمن السابق ورئيس مستشارية الأمن صلاح عبد الله قوش.
ورغم أن محللين توقعوا تصاعد حدة الخلاف بين تياري المؤتمر الوطني بما قد يؤثر على المرحلة السياسية المقبلة، فإن آخرين هوّنوا منها, بل اعتبروها جزءا من تباين وجهات النظر داخل الحزب.
تقاطعات وتباين
فقد قال نائب رئيس المؤتمر الوطني نافع علي نافع إن الحوار الذي تجريه مستشارية الأمن مع القوى السياسية لم يجد قبولا من غالبية الأحزاب.
وقد دفع ذلك مستشار الأمن الفريق صلاح عبد الله إلى انتقاد تصريحات نافع باعتبارها تشكيكا في الحوار, وتجعل القوى السياسية تنفض عنه, قبل أن يؤكد رعاية الرئيس عمر البشير للحوار بمتابعة نائبه علي عثمان طه.
وقال الكاتب والمحلل السياسي النور أحمد النور إن هناك تقاطعا وتباينا بين قيادات المؤتمر الوطني على خلفية “ملفات هامة”، مشيرا إلى بروز الخلافات بشكلها الحالي بسبب الحوار مع المعارضة.
ولم يستبعد النور في حديث للجزيرة نت تصاعد حدة الخلاف بين قادة الحزب الحاكم كلما اقترب موعد انعقاد مؤتمره العام في نوفمبر/تشرين الثاني القادم, الذي ستحسم فيه رئاسة الحزب حسب قوله.
وأشار إلى ما اعتبره خلافات رئيسية تفصح عما يجري في داخل المؤتمر الوطني من تباين وتناقض كبيرين. لكن المحلل السياسي يوسف الشنبلي استبعد وجود خلافات جدية بين أركان المؤتمر الوطني، مشيرا إلى اختلافات عادية في وجهات النظر.
ولاحظ أن عددا من قادة المؤتمر الوطني يعتبرون أن إعلان استقلال الجنوب في التاسع من يوليو/تموز المقبل سيكون محرجا, وبالتالي لا يريدون للمؤتمر الوطني أن يتحمل بفرده وزر الانفصال.
وقال إن المؤتمر الوطني يحاول الوصول مع القوى السياسية إلى تفاهمات تشرك تلك القوى في السلطة قبل الإعلان الرسمي لدولة الجنوب، في حين يرى آخرون عكس ذلك “ومن هنا تظهر حقيقة الخلافات بين التيارين” حسب قول الشنبلي.
ورأى أن الظروف الحالية تجعل من المؤتمر الوطني كيانا متماسكا, واستبعد تماما فرضية انقسامه, مشيرا إلى إدراك أغلب قادة الحزب الحاكم لمآلات المرحلة المقبلة التي تستوجب الإجماع الوطني بين قوى شمال السودان.
ورأى بلايل أن الخلاف بين مستشارية الأمن والأمانة السياسية “يعبر عن التباين بين تيارين كبيرين يقودان الصراع المعلن منه وغير المعلن”.
وقال إن التمدد السياسي لنائب رئيس المؤتمر الوطني لن يقبله مستشار الرئيس ذو الخلفية الأمنية والعكس كذلك، مشيرا إلى احتمال رغبة كل طرف من الطرفين في قيادة الحزب فكريا وتنظيميا في المرحلة المقبلة.
ولم يستبعد أن تكون الخلافات الأخيرة تعبيرا عن التيارين المتصارعين, أو تعبيرا عن تنافر في النفوس والأفكار وصل حدا لا بد من إطلاع الآخرين عليه.
في المقابل, رجح الخبير السياسي مكي علي بلايل أن تكون هناك خلافات حادة بين قادة المؤتمر الوطني رغم محاولتهم التكتم عليها.
المصدر: الجزيرة