خلافات حزب البشير…ما خفي أعظم

خبر أشبه بالهمس ورد بإحدى الصحف اليومية، يحكي عن صراع عنيف بين طلاب ينتمون لتنظيم واحد بالجامعة الأهلية؛ لأسباب سياسية؛ واختلاف في طريقة إدارة الأمور..التسريبات التي أعقبت الخبر مفادها أن الطلاب ينتمون للمؤتمر الوطني الحزب الحاكم، والمناوشات جرت بالتحديد بين جناح نائب رئيس الوطني علي عثمان طه، ونائب رئيس الوطني للشئون السياسية والتنظيمية د.نافع علي نافع ، ووفقاً للحيثيات الأولية التي تأتي في سياق التكهنات أن الأجندة محل “الكلاش” كانت في الوقت الذي ترى فيه مجموعة طه أن المسيرات التي نظمتها قوى الإجماع الوطني بالاثنين الماضي والذي يليه، ما كان للحكومة أن تقمعها، بل ينبغي أن تحميها تمر حتى مبتغاها لأن ذلك أدعى للديمقراطية أو أقلها الظهور بمظهرها في أجواء لا تحتمل التشاحن، بينما مجموعة نافع تشدد على القمع، وترى أن ذلك نوع من التخطيط للانقلاب على الشرعية، ومحاولة تمهيد لانتفاضة تزيل النظام من جذوره.

ورغم أن مضمون الخبر ذاك ذهب دون تمحيص او تقليب لمحتواه الباطن، ولكنه كان بمثابة إشارات لما يدور في دهايز الوطني، مما يعني أن فحيح الخلافات داخل الحزب انساب ناحية قضايا كثيرة، سيما في الفترة التي أعقبت “مؤتمر جوبا” وما خلفه من مطالبات، وما تلاه من خلافات بين الشريكين اشتد أوارها بالتحديد في قانون الاستفتاء لجنوب السودان، الإشارات التي دفع بها نائب رئيس الحركة الشعبية د.رياك مشار عقب إجازة قانون الاستفتاء في المرة الأولى والتي قال فيها بالحرف الواحد: “نحن سقطنا في فخ خلافات المؤتمر الوطني الداخلية”،عسكت بصورة جلية ما يدور في الغرف المغلقة لأعضاء الوطني، وكان مشار يعني ما يقوله لجهة أنه رجل الحركة المفوض في الحوار والاتفاق مع الوطني في أدق تفاصيل مسار الشراكة بينهما ..

ومما زاد الشك يقيناً في أن كابينة المؤتمر الوطني تعاني من صراع بين قطبانها بحسب المراقبين هو الطريقة “الدراماتيكية” التي أجيز بها قانون الاستفتاء وإرجاعه الي البرلمان مرة أخرى، وهو الأمر الذي زاد من وتيرة الخلافات سيما في وجهات النظر، واستبان ذلك بصورة أكثر وضوحاً في تصريحات رئيسة لجنة التشريع والعدل بالمجلس القيادية بالوطني بدرية سليمان التي قطعت فيها بعدم إرجاع القانون الى البرلمان بعد اجازته الا بموجب هيئة تشريعية منتخبة ،غير انه ولم تمض أربع وعشرون ساعة من تصريحات بدرية تلك فندها الأمين السياسي للمؤتمر الوطني بروفسير إبراهيم غندور الذي أكد وفقاً للاتفاق السياسي بين الشريكن رجوع القانون للبرلمان لإجازته مرة أخرى بعد أن يتفق في البنود المختلف حولها، وعندما سئل عن تصريحات بدرية قال :”لا يمكن أن تقول بدرية ذلك وهي قانوينة ضليعة” ويبدو أن ذلك ما دفع بدرية الى تسجيل غياب وهي عضو في اللجنة الطارئة التي تم تشكيلها للنظر في القضايا محل الخلاف في القانون، وبحسب التسريبات فإن غياب المرأة جاء لأسباب “الغبن” مما دفعها للاعتكاف في منزلها دون الخروج منه ، غير أن غندور ينفي ذلك، ويقول إن بدرية غابت لأسباب عائلية لأنها سافرت خارج السودان.

ويبدو أن ذلك ما دفع أيضاً نائب رئيس كتلة المؤتمر الوطني رئيس لجنة الزراعة والمياه بالبرلمان بروفسير الامين دفع الله الى الاستقالة من منصبه كنائب للكتلة احتجاجاً على عدم استشارته حول هذه الأمور طبقاً لما تناقلته الأنباء، وأشار إليه القيادي بالحزب الشيوعي سليمان حامد في مقال له بصحيفة “الميدان” لكن دفع الله نفى بشدة في حديث لـ(الأخبار) صحة استقالته، وقال :”أنا الآن رئيس للكتلة ولست نائباً”، لافتاً الى أنه ربما تم التقاط العبارة التقاطاً على حد تعبيره، وهنا حاصرته بالقول يعني توجد خلافات بينكم في الحزب ، فاستطرد: “بالشكل الذي تراه لا توجد خلافات بين أعضاء المؤتمر الوطني وكل الأمور تسير بصورة متفق عليها.

ويبقى أخيراً أن الخلافات داخل المؤتمر الوطني ظل الحديث عنها يتردد، ولكنه لم يصل لمستوى العلن البائن، وإنما تظهر آثاره في ثنايا تصريحات قيادته من حين لآخر، سيما في طريقة ادارة ملفات الدولة، وعلاقات الشراكة بين الحزب والقوى السياسية الأخرى.

تقرير: آدم محمد أحمد
الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *