على الجميع معرفة أهداف هذا النظام المخادع (السيكوباتي)
خاطئ من يصدق بأن عمر البشير جادا في الحوار ومعالجة أزمة البلاد..!!.
خالد ابواحمد
اللقاء التشاوري للأحزاب مع الرئيس عمر البشير الذي عقد الأحد الماضي السادس من أبريل الجاري لم يكن إلا لعبة ومسرحية معلومة الجوانب لكل صاحب ذاكرة وضمير وطني حي، انتهى اللقاء وصدر بعده عددا من القرارات الرئاسية التي لم تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به، أكدت بأن النظام الحاكم يصر اصرارا شديدا على المراوغة والمخادعة، هذه السياسة التي ضيعت بلادنا وجعلتها تتزيل دول العالم في كل مناحي التطور البشري.
واللقاء لم يكن إلا استغفالا للمواطنين وللأحزاب السياسية، وكان عبارة عن تجمع لعدد من السياسيين المرتبطين بشبكات مصالح ذاتية مع النظام الحاكم، وغالبيتهم ليس لهم أي قضية غير ذاتهم وأنفسهم الأنانية، يريدون أن يثروُا من دماء الشعب السوداني التي أريقت في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق، لذلك لا أمل يرتجى من هذه المائدة، ما دام رئيس الجمهورية يصدر أوامره باندياح الحريات السياسية وتقوم الأجهزة الأمنية بضرب الطلاب في الجامعات لأنهم أقاموا ركنا للنقاش ليتفاكروا في أمر الجامعة التي يدرسون بها، ويتداولوا ما يدور في البلاد باعتبارهم رجال المستقبل المنوط بهم تعمير البلاد والحفاظ عليها والتقدم بها للأمام، ليس لهم إلا دفاترهم واقلاهم وألسنتهم قامت الاجهزة الأمنية بالهجوم عليهم وضربا مبرحا، وكأن رئيس الجمهورية خيال مآتة وهو كذلك بالفعل.
وللذين ينتظرون أن يصدق عمر البشير في اندياح الحريات السياسية وايجاد حلا لمشكلة السودان أقول لهم ستنتظرون طويلا، ربما ربع قرن تاني من الزمان، لأن هؤلاء خبرناهم جيدا وعن كثب، وعشنا معهم السنوات الطوال، قوم اعتادوا على الخداع والكذب، وفي ذلك لديهم مدارس ومناهج يستخدمونها كلما ضاقت بهم السبل ليخرجوا من ورطاتهم، وأذكر كنت في زيارة لدارفور سنوات النظام الأولى وقابلت الوالي آنذلك الطيب ابراهيم محمد خير (الطيبة سيخة) ودارت بيننا أحاديث طويلة والعلاقة بيننا كانت متميزة جدا بحكم المهنة، من خلال عملنا الصحفي كنا نغطي كافة قضايا الولاية الكبرى قبل أن تقسم لثلاث ولايات، وكنا نسهم في تسليط الضوء على المنطقة وما يدور فيها من أحداث، فجاء الحديث عن مكافحة النهب المسلح والطريقة التي تم بها، ومن ضمن ما ذكر حكى لي قصة لها علاقة بمناهج النظام في الخداع والمكابرة.
ذكر بأنه كان قد التقى في مكتبه بعدد من مسؤولي المنظمات الدولية العاملة في دارفور وحكى لهم عن مشكلة النهب المسلح وأضراره على الجميع، فطلب منهم التبرع بسيارات دفع رباعي حتى تساعدهم في مهمتهم، لكن (الخواجات) تمنعوا ورفضوا رفضا باتا، وقالوا له بأن مهمة مكافحة النهب مسؤولية حكومية ليس لنا دخل بها، فغضب (الطيب سيخة) غضبا شديدا لكنه لم يبين لهم ذلك، فقام بالتخطيط لعمل ضد هذه المنظمات، فارسل رجاله ليتتبعوا حركتهم في خارج المدينة ليلا، فوجدوا ان قافلة سيارات لهذه المنظمات تحركت ليلا من الفاشر في طريقها لخارج المدينة فقام رجاله بعمل كمين في منطقة ما، بعد أن أخفوا هوياتهم فأوقفوهم في الطريق وضربوهم ضربا شديدا، واستلموا سياراتهم، وتركوهم في الخلاء في مسافة تبعد قليلا عن مدينة الفاشر..!!.
وفي اليوم التالي للواقعة والوقت صباحا جاء إليه (الخواجات) في مكتبه يشتكون وقالوا له بأن عصابات النهب المسلح قد هاجمت قافلتهم في الطريق ليلا واوسعوهم ضربا وأخذوا منهم سياراتهم بما فيها، ومثل الطيب سيخة وكأنه قد أندهش، وأن الأمر بالنسبة له مؤلما، وبصوت عال سألهم وقد بدأت عليهم آثار الضرب، “كيف تم ذلك..؟، ومتى والساعة كم وفي أي مكان، ولماذا لم تخبروني بذلك”، وبعد خروجهم ضحك عاليا لأنهم شربوا المقلب، وحقق ما أراد..!!.
الضحكات المجلجلة..!!.
لذلك أقول للشعب السوداني والاحزاب السياسية أن عمر البشير ورهطه في مساء ذلك اليوم الذي عقدت فيه (الدائرة المستديرة) وبعد المدح والاطراء من المتحدثين، وبعد انفضاض السامر تراه قد ضحك مع باقي العصابة ضحكة مجلجلة مع سعادة وفرحة غامرة لأنه خدع الأحزاب التي شاركت في الدائرة، وخدع السودانيين الذي شاهدوا هذه المسرحية كما خدع الطيب سيخة الخواجات في دارفور..!!.
هذا النهج هو ذاته الذي حكم به عمر البشير السودان لربع قرن من الزمان، حينما خدع الناس بالشعارات الدينية البراقة، ثم ضرب الشعب ضربا مبرحا في حياتهم ومجتمعهم وصحتهم وتعليمهم، ثم أخذ منهم عافيتهم ومستقبلهم تماما كما أخذ الطيب سيخة سيارات الخواجات بما فيها، نهج ليس له علاقة بمن يدين بدين الاسلام السمح العادل الذي حرم الظلم وأكل أموال الناس بالباطل، نهج الكذب والخداع، ألم تعلموا قرائي الأعزاء أن أكبر واشهر كُتاب النظام قد اعترف في حوار صحفي بأنه يكذب ويكتب غير الحقيقة ليحقق منافع سياسية وعسكرية للنظام..!!.
نهج الشخصية السيكوباتية
هذا النهج من الخداع الذي يمارسه الحُكم في بلادنا لا نجد له مثيلا في التجارب الانسانية لا الماثلة أمامنا ولا التي سبقت في تاريخ الشعوب، وإذا دققنا النظر في شخصية الرئيس عمر حسن البشير ومن معه من قياداته نجد أنه شخصيته سيكوباتية، ان الحالة السيكوباتية كما يُعرفها المختصون هي باختصار شديد جدا “نوعية من الأفراد يتصفون بسلوك غير سوى يظهر عليهم من صغرهم، فالسيكوباتي هو شخص منعدم الضمير تماما، يمكنه أن يضحي بوالدته لو لاحت له مصلحة خاصة وراء ذلك”.!.
في دراسته قيمة للدكتور والباحث السعودي طارق بن علي الحبيب، عن الجانب النفسي في دراسة ظاهرة الغلو، والمنشورة بموقع (حملة السكينة) يقول “إن الشخصية السيكوباتية تتصف بعدم القدرة على التوافق مع ضوابط وأنظمة المجتمع، وعدم التخطيط المستقبلي والفجائي في التصرفات، كما أنها عنيفة، مخادعة، غير مسؤولة وتتصف بعدم التعلم من الخبرات السابقة أو الندم على الأخطاء”، وهذا وصف علمي دقيق يصف شخصية الرئيس عمر البشير لذا نجده طيلة فترة حكمه لم يتعلم من التجارب، مثلا قضية دارفور وما فعله فيها من إبادة جماعية أدت لمقتل حوالي نصف مليون شخص، وتشريد الملايين من البشر، برغم انه اتهم من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، لا زال يمارس هذا الفعل يوميا، بل طبق ذات النهج على أهلنا في جبال النوبة ولا زالت الألة العسكرية الجوية والأرضية تقتل أهلنا النوبة بشكل مستمر..يمكننا أن نضيف مئات التجارب التي لم يستفيد منها ويتعلم من أخطاءه.. فعلا شخصية سيكوباتية بامتياز.
عزيزي القاري إذا تأملنا في الشخصيات التي تقود البلاد حتما سنجد أن الوصف العلمي للسيكوباتية ينطبق على غالبيتهم بشكل عجيب خاصة إذا عرفنا بأن السيكوباتية “تشير إلى انحراف الفرد عن السلوك السوي والانحراف في السلوك المضاد للمجتمع والخارج على قيمه ومعاييره ومُثله العليا وقواعده، وتعرف أيضاً بأنه المريض النفسي أو العليل، أو اعتلال نفسي أو اضطراب عقلي يتسم بالنشاط المعادي للمجتمع”.
بلاغة التوصيف..!!.
الشخصية السيكوباتية هي شخصية مركبة من عنصرين أساسيين وهم حب السيطرة والعدوانية، وتلك العناصر لا توجد كحالة غير سوية عادية ولكنها توجد بشدة في السيكوباتي، فحب السيطرة يصل إلى مرض السيطرة والعدوانية تصل إلى درجة كبيرة يؤذي فيها السيكوباتي أسرته وجيرانه، ويقول المختصون بأن “خطورة السيكوباتية وترجع الى أن السيكوباتي هو أستاذ في الكذب،وممثل بارع وفنان في اختلاق المبررات التي يغطي بها أفعاله ويبدو أمام السذج من الناس أنه رجل فاضل”.
لكن أبلغ توصيف يماثل وقائع الحاضر في السودان بالنسبة لتطابق السيكوباتية على الحزب الحاكم في السودان يقول بان الشخصية السيكوباتية تمثل “الشر على الأرض وهو الشيطان في صورة إنسان وهو التجسيد لكل المعاني السيئة والقيم الهابطة، وهو الحقد والأنانية والانتهازية والعدوانية والكراهية والايذاء، هو الجانب الأسود للحياة على الأرض ومجهض لكل المعاني الجميلة والجوانب المضيئة للانسانية وهو رائد وراعي الظلم ومهندس الخيانة وحامي الرذيلة والمبشر بالنذالة في كل وقت”.
يا الله..كم هذا التعريف يمثل الواقع الذي نعيشه اليوم..!!!!!!.
كلنا كسودانيين نعلم علم اليقين بأن النظام الحاكم في بلادنا تنطبق عليه كل هذه التوصيفات ” التجسيد لكل المعاني السيئة والقيم الهابطة، وهو الحقد والأنانية والانتهازية والعدوانية والكراهية والايذاء”، وفي الفقرة الآخيرة منه يذكرنا بشخصية (البلدوزر) الذي قبض عليه في شهر رمضان مع عدد من المؤمسات، ولأنه قيادي كبير في الحزب الحاكم تم التغاطي عنه، لكن الحملة القوية التي قمنا بها عبر المواقع الالكترونية المؤثرة أرجعته للمحكمة وتم الحكم عليه، نفد الحكم أو لم ينفذ المهم انه فُضح أمام الأشهاد، وهو نموذج للشخصية التي نتحدث عنها الآن، وإذا عدّدنا حالات الاغتصاب التي قامت بها شخصيات قيادية في الحزب سنجد أننا أمام كارثة حقيقية برغم أن الاعلام الرسمي يتجاهلها إلا أن الفضاء الرحب قد وفر امكانية النشر وتسليط الضوء على هذا الخطر التي نهش مجتمعنا، وأبرز تلك الحالات حالة الاغتصاب التي قام بها قيادي كبير بمحلية شيكان لفتاة قاصر، ومن بعدها قصة أخرى في إحدى المؤسسات التعليمية المعروفة حيث تم ابعاد الطالبة المغتصبة عن الجامعة وبقي الفاعل في موقعه ولم تمتد إليه يد العدالة..رأيتم لأي مدى السيكوباتية دمرت بلادنا..؟!!.
وأخلص في هذا المقال بالقول أن الرئيس عمر البشير ليس جادا في الحوار ومعالجة أزمة البلاد المستفحلة، وان المسرحية الهزلية التي اقيمت يوم الاحد الماضي ما هي إلا محاولة منه لحل مشكلته هو، وليس مشكلة الشعب السوداني المغلوب على أمره، فإن كل الدلائل المنطقية والموضوعية تشير إلى أن الرئيس وحزبه الحاكم فشلا فشلا يقينيا، إذ لا زالت الاجهزة الأمنية تقمع المواطنين والطلاب في الجامعات، وطائرات الجيش السوداني لا زالت تدق مساكن المواطنين العُزل على نطاق واسع بحجة ملاحقة الحركات المتمردة، والنقطة الأهم في هذا السياق هو وقف الحرب وقد وضح للجميع بعد 6 أيام من لقاء الرئيس بأن النظام ماسك بقوة على نهجه وسياساته التي أخرجت المواطنين من مناطقهم وحملوا السلاح ليدافعوا عن أرضهم وشرفهم وعرضهم وممتلكاتهم، وما دام الحركات المسلحة موجودة على الأرض، وليس للنظام رؤية لوقف الحرب ستظل الاوضاع في البلاد كما هي، بل أرى بأنها ستتعقد أكثر فأكثر، وأن المسرحيات السياسية التي يكتبها الحزب الحاكم وتُخرجها الأجهزة الأمنية وتبث على الهواء مباشرة ولمدة 25 عاما لم تفيد السودان في شئ بل العكس تماما، دائما تأتي بالنتائج العكسية لكن السيكوباتية التي ينتهجها النظام ورئيسه تعتقد بغير الحقيقة..
من هنا أرى بان موقف الجبهة الثورية المتحدة والحركات المسلحة من الدعوة للحوار موقف في غاية الموضوعية والمنطق إذ كيف يدعو النظام للحوار وهو يصر اصرارا شديدا على النهج القديم في الكذب والمراوغة، ويتمسك بكل الأدوات التي أوصلت بلادنا للحضيض، ثم يراهن على خطاب سمج وغير موضوعي وقد تكرر بذات الطريقة منذ سنوات طويلة، ومن أول يومين لمسرحية اللقاء التشاوري بات الحقيقة ساطعة مثل الشمس، تماما كما توقع المراقبون لسياسة النظام، فإن عصابة الحزب الحاكم إنطبقت عليهم الآية الكريمة في قول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة:
“يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ”.
الأحد 13 أبريل 2014م