خارطة الدوحة لسلام دارفور
علي أبو زيد علي
تناولنا في الأسبوع الماضي مسيرة توقيع اتفاق وقف إطلاق النار والاتفاق الإطاري بين الحكومة وحركة العدل والمساواة، والدور الذي لعبته دولة تشاد من خلف الباب الموارب عن تجمع الدوحة في الوصول إلى النتائج التي تم التوقيع عليها في مهرجان الرؤساء والقيادات والوسطاء.
في هذا المقال سوف نحاول إلقاء الضوء على بعض من النقاط الهامة في جدوى الاتفاق الذي تم وبداية نتعرض لموقف الرأي العام الداخلي والدارفوري حول مدى مساهمة الاتفاق في تحقيق السلام الشامل والدائم في ولايات دارفور ودون المساس بمصداقية مؤسسات قياس الرأي العام في الداخل والخارجي، فقد جاءت نتيجة الاستطلاع الذي قامت به مؤسسة Com السودانية أن نسبة 51% من المستطلعين يرون أن الاتفاق الذي تم توقيعه يعتبر خطوة مفتاحية ستقود لحل مشكلة دارفور بينما 21.3% يرون أن الاتفاق الإطاري لن يسهم في معالجة الأزمة ونسبة 27.5% يعتقدون أنه اتفاق جزئي سيؤدي إلى تحسين الأوضاع في الإقليم.
واستطلعت هيئة الإذاعة البريطانية في برنامج مفتوح عدد من أبناء ولايات دارفور بالخارج والداخل، وكانت نتيجة الاستطلاع في نهاية البرنامج أن 37% يرون أن الاتفاق خطوة جيدة نحو السلام، بينما 42% يرون أنها صفقة بين الإسلاميين ولا يحقق السلام في المنطقة، بينما 21% يرون أن الاتفاق يؤدي إلى تحسين الأوضاع الإنسانية.
نشير إلى أن الاستطلاعين المذكورين أعلاه جاءت النتيجة في جانب جدوى الاتفاق ضعيفة فنسبة الـ51% في استطلاع Com ونسبة الـ37% في استطلاع هيئة الإذاعة البريطانية يحقق متوسط الإجمالي 44% لصالح تحقيق السلام وهي نسبة أقل من الـ50%.
هذه النسب تقودنا إلى تحليل الظروف المحيطة بتوقيع الاتفاق وهي:
أولا: التحولات السياسية التي تجري هذه الأيام والاستعداد لقيام الانتخابات وموضوع دارفور يمثل الكرت الرابح في برامج الأحزاب المتنافسة.
ثانيا: موقف حركة العدل والمساواة من الحركات المسلحة الأخرى الموقف الرافض لتواجدها في طاولة التفاوض وإصرار العدل والمساواة بأنها الحركة الوحيدة التي تتحدث باسم دارفور.
ثالثا: تشظي الحركات الدارفورية والتي أصبحت واجهات قبلية وغياب عدد من هذه الحركات بالواجهات القبلية التي تمثلها والتعاطي مع فكرة التمكين القبلي في حل مشكلة دارفور.
رابعا: استدعاء تجربة اتفاقية أبوجا وأن الاتفاق القادم في محاور السلطة والثروة ليس لأهل دارفور إنما لحركة العدل والمساواة وإبعاد عناصر القوى الداخلية في المشاركة.
خامسا: إن عدد من الذين تم استطلاع آرائهم يرون أن الاتفاق الذي تم ليست بإرادة الطرفين وقد تم تحت ضغوط داخلية مثل العلاقات التشادية-السودانية لعبت دورا أساسيا في قبول حركة العدل والمساواة بالتوقيع، بينما الأوضاع الانتخابية دفعت بالمؤتمر الوطني لتسجيل نقطة لصالح الحملة الانتخابية.
إن الواقع يحتم علينا الاستبشار بالاتفاق وهي خطوة نحو السلام المرتقب وأن الوصول إلى وقف إطلاق النار بين الحكومة وبين أي من الأطراف يصب في خانة استقرار الوطن وأمن المنطقة وحقن دماء أبناء الوطن مع اصطحاب أن حركة العدل والمساواة هي الحركة الأكثر تأثيرا حتى اليوم في تحقيق الأمن والاستقرار في دارفور. وإذا تملكت الأطراف الإرادة للوصول إلى التسوية النهائية للمشكلة فهما الأقدر لذلك.
أيضا من النقاط الذي ينبغي الوقوف فيها هي رؤية الحركة للسلام القادم وهو ما أشرنا إليه في الظروف المحيطة بالمشكلة والتي أثرت على دعم الرأي العام للاتفاق وهو استحقاقات الاتفاق القادم وأن يكون الاتفاق باسم أهل دارفور، ولحظة التنفيذ فإنها غنيمة للمحاربين وحصرية للحركة واستبعاد القوى الدارفورية بالداخل التي مارست النضال المدني طيلة سنين الحرب والتي تحملت نتائج وإفرازات النزاع بين الحركات والحكومة والتي أسست الحركات المسلحة أجندتها باسم هذه الفعاليات.
النقطة الأخيرة فإن الاتفاق الإطاري والذي حدد موعدا لتوقيع الاتفاق النهائي قبل منتصف مارس القادم يواجه هذا الاتفاق امتحانا عسير في مدى تجاوز الأطراف لشيطان التفاصيل وامتحانا آخر في مدى استيعاب الاتفاق النهائي لكل الحركات التي تواجدت بالدوحة غير العدل والمساواة والامتحان الثالث هي التقدم في زحزحة صخرة باريس عبد الواحد نور أو على الأقل الوصول إلى قواعده المعتصمة بجبل مرة.
ولله الحمد