حوار مع برفسور حامد التيجانى على الاستاذ المساعد بشعبة ادارة الاعمال بالجامعة الامريكية بالقاهرة
ركزنا فى لقاءنا مع المبعوث الأمريكى،للسودان ،على أنه لابد من وضع معايير ثابتة لتوحيد حركات دارفور المسلحة حسب قوتها.
الأمانة الاخلاقية تقتضى بأن يقر الشعب السودانى بأكمله بأنه ما عاد للرئيس القدرة على ممارسة صلاحياته الدستورية .
يصرف السودان اكثر من مليار و600 مليون دولار على الأجهزة الأمنية، بالمقابل يصرف حوالى 50 مليون دولار، فقط على الصحة والتعليم.
أجهزة الأمن أصبحت رمزا للفساد والإستبداد، فصلاح السودان يبدأ باصلاح الأجهزة الأمنية واطلاق الحريات .
حدد لقاء فى 24 يناير حتى 26 فى معهد السلام الأمريكى، يجمع جريشن والمبعوث الدولى باسولى بهدف سماع صوت الدارفورين بامريكا.
*القاهرة
حوار : سحر رجب
* برفسور حامد التجانى على، الاستاذ المساعد بشعبة ادارة الاعمال
بالجامعة الامريكية واحد من طليعة ابناء دارفور والتى تسعى بكل جدية للخروج بدارفور من عنق الزجاجة والازمة التى تعتصر الاقليم السودانى، وقد سبق له ان قدم عدد من المنابر والمبادرات من اجل بلورة رؤى ابناء دارفور حول سبل الخروج من الازمة من خلال عمله بالجامعة الامريكية وتعاونه مع جامعات اخرى مثل جامعة كولومبيا،وغيرها ، وذلك مثل مؤتمر تنمية دارفور الذى عقدته الجامعة الامريكية بالتعاون مع جامعة كولمبيا، وبدا التنفيذ الفعلى لتوصياته على ارض الواقع هذه الايام، وقد التقينا برفسور حامد- وهو عائد لتوءه من لقاء عقده مع مكتب المبعوث الامريكى للسودان سكوت جريشن، بالولايات المتحدة الامريكية- وكان لنا معه هذا الحوار:
* إلى أين ستؤدى الخلافات الموجودة على الساحة السياسية السودانية بالسودان، الآن في رأيك ؟
** ارى انه لابد من التركيز على الأزمة السودانية ، فالسودان لم يمر بفترة مثل هذه الفترةعلى مدى تاريخه ، لأنه الآن مهدد فى بقائه وفى كيانة ووجوده كدولة فاعلة لها تأثير ، ولأول مرة فى تاريخ السودان يبدأ السودانيون فى سن قوانيين لتفكيك بلادهم .
ونجد ان الحكومة فى الوقت الحالى تكاد تكون قد وصلت لمرحلة افلاس فكرى.. ومعنوى ..وتعانى من حالة عقم فى المجالات المتعددة مثل التدهور فى المجال الأمنى .. الصحى .. انهيار فى المرافق العامة .. فساد سياسى .. اقتصادى..اجرام فى حق الدولة ذاتها ،القائمون على السلطة نفسها استهلكوا تماما ، فلايمكن لشخص أن يقدم عطاء لمدة تتجاوز ال 20 عاما فى وظيفة دستورية، ويعتبرهذا مخالفة لسنن الحياة نفسها .
هل هناك أي بوادر لانفراجة أو انتكاسة في مجال الحريات العامة في السودان ؟
**لا يمكن لأي أمة أن تكون مبدعة إلا بوجود الحريات ، فالحريات الآن فى السودان مصادرة ، أجهزة الأمن تحولت إلى أدوات تنفيذية ، فى يدها الجهاز التنفيذى والتشريعى وايضأ الجهاز القضائى ، لأنهم أصبحوا أناس فوق القانون وهو نفس السلوك الذى جعل أجهزة الأمن تتصرف باجرام فى دارفور ، وما حدث فى دارفور من قتل.. وتشريد ..واجرام حدث ذلك بسلاح جهاز الأمن ومكائده ، كما أن الأجهزة الأمنية أصبحت تتحكم فى المفاصل الاقتصادية للبلاد فهم يملكون الشركات ، ويدخلون فى المناقصات ، والدليل على ذلك تحويل الأموال إلى الخارج لحساب الأفراد ، وأجهزة الأمن أصبحت رمز من رموز الفساد والقهر والإستبداد، فصلاح السودان يبدأ باصلاح الأجهزة الأمنية واطلاق الحريات .
* وماذا عن طرح انفصال جنوب السودان المطروح بقوة هذه الأيام ؟
** مسألة انفصال الجنوب أصبحت مسألة حتمية، وهى تحقق رغبات أهل الجنوب على المدى القصير، ومن الممكن أن تخلق افرازات فى السودان تشجع الأطراف فى دارفور ، وكردفان ، وفى الشرق وفى مناطق النيل الأزرق ، وجبال النوبة لان تطالب بالاستقلال أو الانفصال من الجسم السودانى ، سيبقى جزء هزيل من مثلث حمدى، ليمثل السودان ، لأول مرة فى التاريخ يدان رئيس سودانى من محكمة جنائية دولية ، الآن أحكم الطوق على السودان ما عاد الرئيس السودانى يسافرإلا إلى دول معدودة ثلاث أو أربع دول فقط ، و على سبيل المثال يجرى الآن مؤتمر بيئى فى كوبنهاجن حضره كل رؤساء العالم لمناقشة مصالح البلاد ومصالح الدول النامية بغياب الرئيس السودانى وبتمثيل أقل لدولة السودان ، كيف يستقيم للسودان أن يحقق مصالحه وأن يحافظ فى نفس الوقت على مصالحه مع العالم ، وبمنتهى الإهانه يتم تأجيل مؤتمر الفرنسى الأفريقي منعا للحرج من حضور السودان ، فالأمانة الاخلاقية تقتضى بأن يقول الشعب السودانى بأكمله ويقر ما عاد الرئيس السودانى لديه القدرة على ممارسة صلاحياته الدستورية ، والغريب فى الأمر نتابع فى الأخبار نية اعادة انتخاب الرئيس مرة آخرى وهذا هراء وضياع للسودان كله من أجل حماية فئة بعينها على حساب الوطن ومصالحها الكبرى.
* ما هى وجهة نظركم فى اجراء الانتخابات فى ظل الظروف التي يعيشها السودان اليوم ؟
** لا يمكن أن تتم الانتخابات فى ظل غياب الأمن والسلام والديمقراطية ، وخاصة ما زال جرح دارفور ينزف ، أى انتخابات تتم قبل أن يحقق السلام فى دارفور هى انتخابات شكليه ، يقيم نظام فاقد للشرعية تماما ، مما قد يزيد من حدة الصراع والتوتر ، ويمكن أن يفتح الباب لأهل دارفور للمطالبة بالانفصال كما حدث لأهل الجنوب .هنالك أجيال عاش فى كنف العنف والثأر فى معسكرات اللجوء قادمة لامحال إن سار الأمور على مانراه الآن .
إذن ما كيفية الخروج من أزمة دارفور فى رايكم ؟ *
– الخروج من الأزمة يتطلب الأتى:
أولا : على الحكومة بسط الحريات واطلاق سراح سجناء الرأى والموقفون من أبناء دارفور والمحكوم عليهم من أبناء دارفور أيضا .
ثانيا : دعوة للوفاق الوطنى الشامل يجتمع فيها أهل السودان بمختلف أحزابهم وانتمآتهم فى جو تتوفر فيه الحرية من أجل وضع قواسم مشتركة لإدارة البلاد .
ثالثا : وضع آليات لتحقيق السلام فى دارفور .. سلام عادل يستجيب لمطالب أهل دارفور المتمثل فى اقليم واحد والتعويضات للمتضررين وتحقيق العدالة والصرف على التنمية هناك .
رابعا : لابد من دراسة جدوى النظام الكونفدرالى للسودان، وتقسيم السودان إلى 6 ولايات ، وتكون الرئاسة مشتركة أو دورية بين الأقاليم ، على أن تترك قضايا الأمن والدفاع والسياسات النقدية إلى مؤسسات مشتركة .
خامسا : وضع أسس ومعايير لتقسيم السلطة والثروة فى حالة النظام الفيدرالى وفق معايير الثقل السكانى والتمييز الايجابى .
سادسا : توظيف الثروة فى السودان والتركيز على التنميه البشريه و البنيه التحتية وطهارة اليد والحكم الرشيد، وعلى سبيل المثال نجد أن السودان يصرف أكثر من مليار و600 مليون دولار على الأجهزة الأمنية ، بالمقابل يصرف حوالى 50 مليون دولار على الصحة والتعليم والحال هكذا ممتد ، وهذه ليست أولويات الشعب السودانى ،بل هى أولويات الطبقة الحاكمة ” الطبقة المترفة ” وعلى سبيل المثال السودان يريد أن يصنع طائرة كيف يستقيم هذا والبلد لاتستطيع أن توفرالبنسلين ولا الكراس ولا المياه ولا الكهرباء- أبسط مقومات الحياة ، ولكن يمكن أن تصرف ملايين فى مشاريع لاتخدم الشعب والعائد يكاد يكون مردوده صفر على الشمال ، والسودان ليس لديه امكانيات علمية متراكمة أو قدرات لتصنيع الطائرات ولكن ما نراه ماهى إلا تجميع آليات تصرف عليها أضعاف مضاعفة بحيث يكون من الأفضل أن تشترى من السوق جاهزة ، ولكن هذا جزء من الدعاية والإستمرار فى الصرف الحكومى البذخى على نهج فى السفر للخارج والمؤتمرات وبناء الفلل وغيره ، بينما لايوجد صرف على التعليم فنجد ضابط فى الجيش السودانى يصرف ما يعادل ضعف مرتب استاذ جامعى .فلابد من التركيز على تنمية الانسان والزراعة والبنيه التحتية وهذا هو المخرج للسودان ، ولابد من تغيير الفهم المظهرى للتنمية وصرف موارد البلاد على أشياء بذخية ومظهرية على شكل ناطحات السحاب .
* سمعنا عن لقاءكم بالمبعوث الأمريكي للسودان سكوت جريشن في الولايات المتحدة فماذا حدث فى هذا اللقاء؟
** ركزنا فى لقاءنا مع مكتب المبعوث الأمريكى،للسودان سكوت جريشن أنه :
اولا: لابد من وضع معاييرثابتة لتوحيد لحركات ، وأن قضية دارفور لاتحل بتجميعهم فى الكفرة ، ولا القاهرة ولا أديس أبا با وان تجميعهم بهذا الشكل سوف لا يحقق وقف اطلاق النار ، ولابد أن نقر أن هناك لاعبين أساسين فى قضية دارفور من الحركات المسلحة ، وهناك ثلاث مجموعات مؤثرة فى قضية دارفور من الحركات المسلحة مثل حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد عبد النور ، وحركة العدل والمساواة د. خليل ابراهيم ومجموعة الوحدة بقيادة اللواء على كاربينو هذه المجموعات لديها تأثير يجعل من الصعوبة أن تتجاهلها فى اى طرح لحل ازمة دارفور .
وعن المطلوب فى المرحلة المقبلة على الجميع أن يساعدوا هذه المجموعة على خلق تحالف أو اتحاد أو على الأقل فى خلق حد أدنى مشترك لكى نخطو خطوات نحو السلام ، وأى محاولات غير هذا النمط ستكون تكرارا لتجربة أبوجا ، وضياع حقوق أهل دارفور .
ثانيا : تطرقنا فى الحديث مع مكتب جريشن الى انه لابد من وجود مشورة شعبية لأهل دارفور، وخاصة فى المخيمات ولابد من استشارة الشخصيات الدارفورية التى لها وزن مقدر فى الداخل والخارج.
ثالثا :تطرقنا فى الحديث ايضا الى أن قضية دارفور قضية سياسية فى المقام الأول وليس أمنية ولابد فى البداية أن تحل القضية سياسيا ، والقضايا الأمنية تأتى لاحقا ، ولكى يكون هناك سلام فى دارفور لابد من وضع أو من خلق برتوكولات تناقش قضايا السلطة والثروة والترتيبات الأمنية وقضايا التعويضات وتحقيق العدالة .
رابعا : والشئ الأهم الذى تطرقنا إليه مع مكتب المبعوث الأمريكى هو اننا تحدثنا عن وحدة أهل دارفور فى ليبيا وتشاد وأثيوبيا وجدواها ولكن للأسف تجاهل المبعوث الأمريكى الدارفورين الموجودين فى أمريكا فطالبنا من المبعوث إجراء حوار ولقاءات دورية للتفاكر معهم للمساهمة لحل قضية دارفور، فوافق جريش على الفور وحدد لقاء سيجرى فى 24 يناير حتى 26 فى معهد السلام الأمريكى يحضره جريشن والمبعوث الدولى جبريل باسولى بهدف اسماع صوت الدارفورين بوضوح دون وسيط ولايحتاج إلى وسائط الترجمة .
خامسا : تحدثنا مع مكتب المبعوث الأمريكى بأن مثقفين أهل دارفور يجب أن يجتمع بهم فى الخرطوم ودول المهجر لأننا نعتقد أن هذه الشريحة مستقلة فى ارائها ومستقلين فى تفكيرهم ، واعتقد أنهم سيقولون الرأى الصائب ولابد من استشارتهم والاستماع لهم ولرائهم ، وعندما يحل السلام يكون هناك دعم معنوى ويكون أكبر أجماع عليه ، لأنه فى اتفاقية ابوجا كما نعلم تقدم أهل البندقية على أهل الفكر ولذا فشلت اتفاقية أبوجا ، ولابد من تجاوز تكرار هذه المأساة مرة آخرى ٍ
سادسا : قد عبنا على جريشن عدم معرفته لقضية أهل دارفور وذلك لتلقى معظم معلوماته عنها من الحكومة ولم تتاح الفرصة لأهل دارفور الموجودين فى العاصمة لمقابلتهم وطرح رأيهم فى قضية دارفور والتى تعتبر قضيتهم فى الاساس .
* ما هو تقيمكم لمؤتمر الدوحة الأخير ؟
لقد تم هذا المؤتمر نتيجة للصراعات الخفية بين الوسطاء لكى يستطيع كل وسيط أن يقول بأنه فعل شئ بالنسبة للمؤسسة التى ينتمى إليها ، 75% من حضور مؤتمر الدوحة أما تنفيذين من الحكومة السودانية أو من قيادات الجنجويد ،- والمعروف أن الخرطوم لاتسمع لصوت معارض قوى بحضور مثل هذا المؤتمر عبر تلخرطوم، وحوالى 15% أفراد من المعسكرات والبقية مهنين ، مما يدلل على أن أهل المؤتمر الوطنى دوما يلعبون دور الحكم والخصم .فكان يجب أن يضع أهل القضية أجندتهم ويتفقوا عليها وتأتى الحكومة كجانب آخر للاتفاق مع ضحايا الحرب ، ولايمكن أن يكون هناك من اتهموا بقضايا حرب والدمار وجلادى شعب دارفور يأتو ليجسلوا فى المنبر للحديث أنابة عن أهل دارفور، فالحديث معهم يأتى لاحقا.
وهذا لايمنع وجود مؤتمر يجمع أهل دارفور لكن هذا بداية المشوار وفى المرحلة القادمة لابد من أن تذهب الوساطة وتسهل اجتماعات لأهل دارفور بالمهجر والمعسكرات لوضع أجندة للسلام بدارفور ، والأهم من ذلك أنه عندما يحين السلام ” السلام بين المتحاربين الحركات والحكومة ” وبصحبتهم أجندة مشتركة ذات سند شعبى مما يعنى أن السلام المرتقب سيكون سلاما شاملا دائما.
* من وجهة نظركم هل هناك أسس محددة ترونها لتوحيد الحركات المسلحة بدارفور ؟
** هى مسألة مهمة ولابد من وضع معايير لهذه الحركات وما هية تعريف الحركة وبعد وضع المعايير والضوابط، يكون هنالك أوزان حقيقية ، والجميع تتوحد على هذه الأسس من المعايير ولا نساوى بين الضعيف والقوى.
*ماذا تقترحون لصيانة وحدة السودان من التفكك ؟
** النظام الحاكم فى السودان الآن يعيش حالة من الافلاس الفكرى ويرتمى بأحضان القبيلة لكى يعيش، وأساؤ للإسلام وبائسمه ارتكبوا الكبائر، وهذه جريمة ، هم أناس فقدوا صلاحيتهم والآن لابد أن يبحثوا عن شكل جديد… أعادة انتاج عبر القبلية ، والطبيعى أن القبيلة لا تحمى أحد لا شخص ولا دولة ،أنها الحمية التى تمزق اوصال الوطن، لأن الدولة مرجعيتها الشعب وليست القبيلة ، ولكن السودان للأسف الشديد تقهقر للعصر الحجرى ” الاستعلاء القبلى والعرقى” وهو الجاهلية السودان الكبرى ، فيجب أن نصل جميعا لمعادلة هل نحن شعب واحد أم شعوب لأنه من المفترض أن نجد قواسم مشتركه يمكننا من العيش فى دولة واحدة .
* هل هناك سبب محدد لتعدد الحركات المسلحة بدارفور؟
يجب أن نركز على أهمية وجود صفة الانتماء لأهل دارفور ،شعب مشرد فى وطنه وأن يكون هناك هم مشترك من أجل السلام ورتق النسيج الإجتماعى ، ويجب الصمود على المبادئ ، لأن فقدان المبادئ هو ما جعلنا نعيش فى أزمة تسمى تشرزم الحركات وتعددها ، والمصالح المتناقضة ، لأنه للأسف الشديد المصالح أصبحت بديل للمبادئ ، وهناك أناس يستعجلون والدليل على ذلك اتفاق أبوجا الذى تم، لأن الناس متلهفون للسلطة وفى النهاية ضاعت المبادئ وضاعت السلطة ، حتى طالب السلطة من المفترض أن يتأنى ، وإذا صبر قليلا فمن الممكن أن ينال ما يتمناه إذا كان مستحقا لها، وأنها لأمانة وتكليف.