حوار مع القيادي بحركة العدل والمساواة السودانية الاستاذ/الطيب خميس حول الوضع الراهن :
نظام الخرطوم يلفظ أنفاسه الأخيرة وتوجد تيارات داخل المؤتمر الوطني تطالب بتسليم عمر البشير للمحكمة الجنائية وبعضاً منهم يطالبونه بالتنحي . نتوقع بتقديم استقالات جماعية في القريب العاجل من قبل المبعدين والمهمشين من بواطن الأمور داخل الدولة اللذين تم تعيينهم في المناصب الدستورية ولم يتم تكليفهم بأي مهام بل إن مهامهم الحضور اليومي وشرب الشاي وقراءة الصحف فقط . الإقليم الأوسط بدأ ثورته في وقت مبكر والآن يستعد للمساهمة الفاعلة مع قوى التغير من أجل إسقاط النظام جلسنا مع الأستاذ الطيب خميس القيادي بحركة العدل والمساواة الذي تحدث خلال هذا الحوار عن الوضع الراهن في السودان والإقليم الأوسط ومشكلة سكان الكنابي ومستقبل السودان , فلنطالع إفاداته.
حاوره : مصعب سعيد
*كيف تقيم الوضع السياسي في البلاد من وجهة نظرك؟
الوضع كارثي لا يخفى على أحد فظاهرة الغلاء المستشري في كل أنحاء السودان والتظاهرات المستمرة في أحياء المدن بسبب انقطاع التيار الكهربائي والارتفاع الحاد في اسعار المواد التموينية والمحروقات والمواطن لازال يدفع ضريبة فشل سياسات الحكومة , كما أن الحكومة نفسها تلفظ أنفاسها الأخيرة وتعيش حالات انقسام حادة في داخلها بين التيارات المختلفة فيوجد تيار يطالب بتسليم البشير للمحكمة الجنائية وهذا يعتبر التيار الأقوى داخل التنظيم وتيار آخر يطالب البشير بالتنحي وتيار رافض لذلك , والحكومة أعلنت فشلها صراحة في إدارة الدولة أو معالجة المشكلات القائمة الآن في البلاد وأدخلت البلاد في أزمات كارثية وتريد أن تتخلى عن السلطة لكن في المقابل يوجد مجموعة كبيرة منهم يتخوفون إذا تركوا السلطة سوف يتم القبض عليهم من المحكمة الدولية لذلك هم متمسكون بالسلطة وسيظلون يمارسون الضغط وتفقير الشعب السوداني وينهبون ثروات البلاد لأنه لا يوجد لديهم خيار آخر كما نجد في الطرف الآخر تململ الذين تم إشراكهم في الحكومة (المريضة) اللذين لا مهام لهم سوى الحضور المبكر للمكاتب وشرب الشاي وقراءة الصحف .
*الإقليم الاوسط لا يتوفر فيه المناخ المناسب كدارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وأنتم تدعون لإسقاط النظام من داخل الإقليم الأوسط بكل الوسائل بما فيها العمل العسكري , ألا يعتبر ذلك انتحاراً؟
الإقليم الأوسط بدأ ثورته في وقت مبكر قبل دارفور و جنوب كردفان والنيل الازرق والآن يستعد للمساهمة الفاعلة مع قوى التغير من أجل إسقاط النظام ومواطنوه أدركوا منذ مجيء هذا النظام أنه فاسد ومفسد وضلالي كالسرطان يجب استئصاله لذلك عارضوا هذا النظام منذ الوهلة الأولى وسكان الإقليم الأوسط لهم تاريخ مشرف في العمل النضالي ويوجد عدد مقدر منهم داخل الجبهة الثورية السودانية يضحون من أجل قضية الشعب كما أن واقع الحالة بالإقليم يتطلب منا أن نمضي في اتجاه إسقاط النظام , فالسلاح ليس هو الوسيلة الوحيدة لإسقاط النظام فشعب الإقليم الأوسط بطبيعتهم ثوار يستطيعون أن يقدموا أسمى التضحيات من أجل الأرض والعرض لأن ما عاناه مواطنو الإقليم الأوسط ليس بسيطا , ومن هنا أدعو جميع سكان الإقليم بالالتفاف حول الجبهة الثورية السودانية من أجل إنهاء هذه المعاناة .
*هل مشكلة سكان الكنابي أصبحت جزء من ملفات الجبهة؟
الأمر لا يتعلق بسكان الكنابي فقط إن سكان الكنابي هم جزء من سكان الإقليم لكن من المعلوم أن سكان الكنابي تتعامل معهم الدولة على أنهم وافدون ولا تتوفر لهم ضروريات الحياة لذلك ظللنا مراراً وتكراراً نطالب بحقوق هؤلاء المواطنون ولطالما أن الجبهة الثورية تنادي بدولة مواطنة يتساوى فيها كل المواطنين في الحقوق والواجبات فبديهي جداً أن تضمن مشكلة الكنابي في ملفات الجبهة وأنا أنتمي لحركة تمثل أحد مكونات الجبهة الثورية وهذه الحركة هي التي تبنت هذا الملف من قبل تكوين هذه الجبهة لذا من الطبيعي بمكان أن يجد سكان الكنابي اهتماماً أوفر من الجبهة الثورية السودانية باعتبارهم جزء من سكان السودان المهمشين.
*بماذا تفسر تصريحات قيادات الأحزاب السياسية بأنهم مع تغيرالنظام لكن بدون استخدام السلاح؟
أولاً ليس هناك منطقة وسط بين الجنة والنار فمثل هذه التصريحات تؤكد إحدى امرين إما أن تكون غير متابع للوضع في البلاد أو توجد شعرة معاوية , وقد توجد مصالح هنا وهناك بين بعض القوى السياسية حتى ظهروا أمام الشعب السوداني فارغي المحتوى بهذه التصريحات , خرج الشعب السوداني في أكثر من مظاهرة وأكثر من موقع وكانت شعاراتهم واضحة للجميع هي إسقاط النظام لأن الشعب مل الانتظار ورأوا أن المخرج الوحيد من هذه الأزمات هو إسقاط النظام و حتى يوم أمس القريب بالصحافة خرجت مسيرات تطالب بإسقاط النظام نحن مع كل الوسائل التي تؤدي إلى إسقاط النظام وإن مثل هذا النوع من النظام لا يسقط إلا بالقوة .
*كيف ترى مستقبل السودان؟
السودان لم يرتقي بعد إلى مستوى الدول المتقدمة فهناك جملة اشكالات تتلخص في الآتي , أولاً إذا نظرنا للتعليم الذي هو أساس التقدم لكل الشعوب نجد أنه متردي جداً ولم يطرأ عليه أي تطوير فالخريج الجامعي لا يستطيع أن يتحدث اللغة الإنجليزية نتيجة لحصر الدراسة باللغة العربية وفي اللغة العربية نفسها تجد كثيراً من الخريجين لايجيدونها بالطريقة الصحيحة فمن المعلوم أن معظم المراجع العلمية هي باللغة الإنجليزية فيكون الخريج في أي تخصص هو مجرد شخص يتم تلقينه بعض المعلومات ويكون عاجزاً عن الابداع أو البحث , وظلت المناهج الدراسية كما هي لم تواكب التطور التعليمي في العالم . أما بالنسبة للزراعة فالسودان به أراضي زراعية شاسعة وخصبة وكان السودان في السابق يعتمد اعتماد كلي عليها باعتبارها بترول السودان مثل زراعة القطن الذي كان ينافس في الأسواق العالمية والقمح الذي كان إنتاجه يكفى ويزيد عن حاجات المواطنين فلو عدنا للزراعة واهتممنا بالمشروعات الكبيرة التي تغذي الاقتصاد السوداني لعاد السودان إلى سيرته الأولى كسلة غذاء العالم كما هو معلوم , كما يوجد أيضاً غابات كثيفة بها أشجار الزان والموسكي والصمغ العربي وهي تمثل مورد اقتصادي مهم والحكومة لم تستثمر هذا المجال على الوجه المطلوب بل قامت بتسليمه لأشخاص عديمي الخبرة والمعرفة وأبعدت أصحاب الكفاءات , وكل الأراضي البور إذا تم زراعتها ستعالج مشاكل كثيرة في الاقتصاد . أما بالنسبة للصناعة بما أننا لدينا خبرات وقدرات وموارد كبيرة جدا لكن للأسف هذه القدرات والخبرات لم تلق الاهتمام لتطوير الصناعة ,كمثال نحن نعتبر من أكبر الدول من حيث وفرة الجلود إذا قمنا بإنشاء عدة مصانع لإنتاج الجلود فسيكون لذلك مردود كبير يساهم في تطوير عجلة التنمية . أما بالنسبة للمياه والكهرباء فللأسف حتى الآن الدولة لم تستطع توفير مياه الشرب النقية الصالحة للشرب وهذا في اعتقادي لم يكن بسبب عدم قدرة الدولة لأن عملية تنقية المياه لاتكلف الدولة كثيراً فيوجد الآن أحياء في العاصمة القومية نفسها تعاني من مشكلة المياه الملوثة للآبار من مياه الصرف الصحي والأمطار والدولة تعلم ذلك لكنها لم تقم بأي شيء حيال ذلك , والكهرباء لا يمكن ان نكون دولة بها أكثر من ثلاثة سدود كبيرة لإنتاج الكهرباء لكننا نعد من الدول التي تعاني من نقص شديد في امدادات الكهرباء بشكل كبير جداً , فالمواطن يعاني من نظام الجمرة الخبيثة المطبق من قبل شركة الكهرباء حيث يقوم المواطن بملء العداد الالكتروني بنظام الكرت مثل الموبايل وهو غالي جداً في التعريفة وتعاني منه الأسر الكبيرة , ونجد في المقابل أن سعر فاتورة الكهرباء في مصر حوالي خمسة عشر جنيهاً مصرياً في الشهر بالرغم من ازدياد الكثافة السكانية في مصر والمشاكل السياسية والاقتصادية التي تواجهها وإذا قارنا بين الدولتين فمصر بها عدد سكان يوازي ثلاثة أضاف السكان في السودان لكن حصة الاسرة السودانية من الكهرباء أقل من الأسرة المصرية بكثير فمن المفروض أن تكون أسعار الكهرباء بسعر رمزي ويكون بمتناول الجميع . أما بالنسبة للصحة فالدولة لا تعمل بالمقولة الشائعة بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب فقد يتم تعيين مهندس كهرباء وزيراً للصحة أو مساعد طبي مديراً لمستشفى بسبب المحسوبيات حتماً ذلك يؤدي إلى تدهور الأمر المعني فنجد أن وزارة الصحة ليس لديها إحصاء للأشخاص الذين يحملون أمراضاً خطيرة ومعدية أو حتى إعطاء أرقام تقديرية عنهم , وعنصر التعقيم الذي هو أمر مهم في القطاع الطبي نجد أن الأطباء لا يهتمون به ناهيك عن الأخطاء الطبية التي تحدث باستمرار في المستشفيات في التشخيص والعلاج بسبب عدم توفر المعدات الطبية الازمة للطبيب وضعف الوزارة في التنسيق لإقامة ندوات وبرامج تدريب للأطباء في السودان وخارجه , مما جعل العديد من المواطنين يسافرون للخارج للعلاج. فلا يمكن أن يكون للسودان مستقبل في ظل هذا النظام الذي تسبب في كل هذه المشكلات لكنني متفائل إذا تم إسقاط هذا النظام وحل محله نظام آخر سوف ينعم السودان بمستقبل مشرق وزاهر .
*كلمة اخيرة …
أدعو الشعب السودان بالتماسك ووحدة الصف والرأي والوقوف في وجه قوى الظلم والطغيان وأن يضعوا أيديهم في أيد الجبهة الثورية السودانية من أجل وضع نهاية للفوضى والدكتاتورية التي يمارسها نظام الإبادة والتطهير العرقي فحل مشكلات السودان لا تتم إلا من خلال إسقاط هذا النظام .