حوار مع:الدكتور جبريل إبراهيم
مسئول العلاقات الخارجية في حركة العدل والمساواة
* لا جدوى من قيام انتخابات ملفقة ومحددة النتائج سلفا لتحقيق هدف أوحد هو إعطاء شرعية وتفويض جديد للنظام .
*فشلت مفاوضات الدوحة لعدم جدية الحكومة واتخاذها قرارا بالمضي قدما في تحقيق السلام.
* تكوين هيئة مستشاري دار فور ،أهم نتائج مؤتمر تنمية دار فور الذي عقد مؤخرا بالجامعة الأمريكية
* من المحزن أن تسيس الخدمة المدنية السودانية و يتحول موظف الدولة إلى بوق لحزب سياسي معين و تصبح السفارات منابر دفاع عن هذا الحزب.
*الاتفاق الذي أبرمناه مع حزب الأمة سبيل لتكوين جبهة عريضة من القوى السياسية السودانية لمواجهة هذا النظام وتحقيق التحول الديمقراطي القومي.
أجرته: سحر رجب:
– الدكتور جبريل إبراهيم ، أمين الشئون الخارجية لحركة العدل والمساواة ، من مواليد عام 1955 م، بقرية الطينة مركز كتم بشمال دار فور، تخرج من جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد قسم إدارة أعمال عام 1979 ، ونال شهادتي الماجستير والدكتوراه من اليابان ، ثم عمل رئيسا لقسم الاقتصاد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمملكة العربية السعودية ، وذلك لمدة خمسة أعوام ثم عاد للسودان ليعمل مديرا عاما لشركة النقل الجوى (عزة) لفترة سبعة أعوام ، كما عمل في القطاع الاقتصادي وعمل في عدة دول أخرى كتشاد والإمارات العربية المتحدة ،والتي ابعد منها قسريا- ومعه عدد من أبناء دار فور – بطلب من الحكومة السودانية في أواخر عام 2004 ، فذهب إلى المملكة المتحدة ويعيش حاليا هناك بصفة لاجئ، وقد كان ينتمي سياسيا لحزب الجبهة الإسلامية قبل انضمامه لحركة العدل والمساواة. التقيناه في أول زيارة له للقاهرة وتفضل علينا بهذه الإجابات شديدة الشفافية الوضوح واليكم نص الحوار:
الدكتور جبريل إبراهيم ، في البدء هل هنالك أسباب خاصة وراء زيارتكم للقاهرة ؟
حضرنا للقاهرة بدعوة خاصة للمشاركة في مؤتمر تنظمه جامعة كولمبيا ،بمقر الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، تناولت اطروحاته سبل إعادة البناء والتعمير بدار فور في فترة ما بعد الحرب، وضرورة تنفيذ هذه الاطروحات في الأمد القريب والمتوسط و البعيد، وكان المؤتمر في جله فنيا تناول عدة أوراق في مجالات الصحة والتعليم والمياه والطاقة والزراعة بشقيها الحيواني والنباتي ، بالإضافة لمشروعات البنية التحتية. كانت الحوارات والمادة المقدمة جادة ومفيدة اتفق الناس في نهاية المؤتمر على تكوين (هيئة مستشاري دار فور ) لمتابعة ما يتمخض عنه المؤتمر ولتسويق المشروعات للمانحين، وهذه الهيئة مكونة من صفوة أبناء دار فور المتخصصين في هذه المجالات ،سواء من داخل أو خارج السودان، بالإضافة إلى أفراد ممثلين عن جامعة كولمبيا ، وقد شملت الدعوة أفراد اكثر من كونها وجهت لتنظيمات. وقد سبق أن دعيت لمؤتمر سابق نظمته نفس الجهة في اواخر العام الماضي ولم أوفق في الحضور .
سمعنا عن مبالغ عرضها المانحون تتراوح بين خمسة إلى ستة ملايين دولار تخصص لهذه المشروعات ما مدى صحة هذا الكلام؟
ليس بهذه الدقة ، ولا يوجد التزام مباشر ولكنهم اشترطوا انه إذا تم وضع خطة مشروعات بصورة مدروسة ومقنعة ومحددة أكيدة الجدوى فلا مانع من التمويل ، خاصة من جانب الكنديين والهولنديين .
ما تقييمكم لجدوى هذه المؤتمرات؟
اعتقد في المقام الأول أن مجرد الحديث عن فترة ما بعد تحقيق السلام أمر في غاية الأهمية ، كثير من الناس في أجواء الصراع والاحتراب ينسون بان السلام قد يتحقق وان مرحلة إعادة البناء والتنمية اصعب من مرحلة الحرب ، ولذلك فان التفكير المبكر القائم على المعلومة والاستعانة بالخبراء والتخطيط والاستعانة بالخبراء يسهل من المهمة فيما لو تحقق السلام المنشود ، ومن هذه الزاوية فالمؤتمر مفيد جيد يفتح النظر لآفاق المستقبل وينبه الناس إلى المهام الجسيمة التي تنتظرهم وتبعث شئ من الأمل في مردودات السلام الإيجابية و أهمها التنمية.
هل هذه المرة الأولى التي تعتلى فيها منبرا بالقاهرة؟
نعم بالفعل، فلم اكن محظوظا في لقاء الاخوة في مصر ، وأنا لم أزر القاهرة إلا في فبراير الماضي حيث مكثت بها ليلة واحدة ومن ثم ذهبت إلى الدوحة.
يرى بعض المحللون بأنه ليس هناك ما يسمى باتفاق حسن النوايا، وان اتفاق الدوحة لم يكن إلا صفقة لاطلاق سراح الأسرى والمعتقلين ما تعليقكم ؟
ليس صحيحا بان ليس هناك ما يسمى باتفاق حسن النوايا أو إعلان حسن النوايا، والاهم في الأمر هو ما يتفق عليه الأطراف ، فذا حدث فسيكون هذا مهما مادامت هذه هي رؤية الأطراف ، فتحسين الوضع الإنساني واطلاق سراح الأسرى يعتبر تفعيل لقضايا السلام ومسالة مهمة وأساسية مادام الأطراف ترى ذلك ، ولأننا لا نثق في بعضنا البعض كنا في حاجة إلى إثبات أن كلا منا جاد في الوصول لعملية السلام فكان اختبارا من كلا من الطرفين للآخر وتحول هذا الاختبار إلى اتفاق وهذا ليس عيبا، وإذا كانت صفقة او غير ذلك فان الأصل فيها أن ما يتفق عليه الناس يجب أن ينفذ حتى يقدم الناس عليه يريدون ، ولكن اذا عجزنا عن تنفيذ اتفاق يشك فى كونه اتفاق فكيف لنا ان نتقدم خطوة نحو إبرام اتفاق فى قضايا جوهرية ، فالاطمئنان الى إمكانية تنفيذ ما يبرم هو جزء لا يتجزأ من مكونات الاتفاق نفسه، فنحن فى حركة العدل والمساواة لسنا مطمئنين إلى ان هذه الحكومة ستنفذ ما تبرم من اتفاقيات ، وسجلها في ذلك غير مشرف.
ما هو سبب فشل مفاوضات الدوحة في رأيكم؟
اعتقد أن ذلك يعود في المقام الأول لعدم اتخاذ الحكومة قرارا بعد بالمضي قدما في تحقيق السلام !! وهى مشغولة بالبحث عن تفويض جديد وشرعية جديدة عبر انتخابات حددت نتائجها سلفا لمواجهة المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المصائب التي تنتظرها ، فهي ليست معنية بأمر السلام إلا في حدود العلاقات العامة ، فجاءت في المرة الأولى إلى الدوحة لتقول للمجتمع ألد ولى : امسكوا عنى المحكمة الجنائية الدولية فأنا أفاوض ، ولا تسمحوا للمحكمة الجنائية الدولية بان تعطل عملية السلام. وحتى تثبت الحكومة ذلك وقعت معنا اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة ، وعندما تبيت أن توقيعها هذا لم يحول دون صدور قرار المحكمة الجنائية نكصت على عقبيها ورفضت تنفيذ ما أبرمته بيديها ، فأساءت إلى الوضع الإنساني بدلا من تحسينه كما هو وارد فى الاتفاق وذلك بطردها للمنظمات الأجنبية العاملة بدار فور واعتقال قادة معسكرات النزوح واختطاف العاملين في الحقل الإنساني ، وإشعال جو من الرعب والكراهية في وسط العمل الطوعى ، كما نكصت عن تنفيذ عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من إطلاق سراح السجناء والمحتجزين والمعتقلين وتبادل الأسرى ، وبدأت تتحدث وكان طرفا آخر هو الذي وقع الاتفاق، ولذلك لم تتقدم مفاوضات الدوحة . نحن طلبنا أن تنفذ الحكومة ما يليها من اتفاق حسن النوايا وننفذ نحن في حركة العدل والمساواة ما يلينا للتقدم نحو الخطوة التالية المتفق عليها ، ولكنها قفزت فوق المراحل وطالبت بوقف فوري لا طلاق النار دون النظر للأسباب التي أدت إلى نشوب الحرب في المقام الأول لذلك أجهضت مفاوضات الدوحة.
· مار أيك في ردود ممثل السفارة السودانية على ما طرحتموه عن الانتخابات السودانية القادمة وفشل مفاوضات الدوحة والإحصاء السكاني وغيرها؟
من المحزن حقا أن تسيس الخدمة المدنية السودانية بحيث يصير موظف الدولة الذي يتعيش من عرق كافة المواطنين الذين ينتمون إلي كل ألوان الطيف السياسي أن يتحول مثل هذا الموظف إلى بوق لحزب سياسي معين وان تتحول السفارات إلي تمثيل فئة تنتمي إلى حزب معين والتفرغ للدفاع عن مواقف هذا الحزب بدلا من تمثيل كافة المواطنين باختلاف مشاربهم السياسية.
ما رؤيتكم إزاء مشروع الانتخابات المرتقبة وهل يستطيع السودان تجاوز الوضع السياسي الحرج المتوقع ؟
كما أكدت مرارا نحن لا نرى جدوى في قيام انتخابات ملفقة محددة النتائج سلفا لتحقيق هدف أوحد هو إعطاء شرعية وتفويض جديد للنظام القائم ، بل نرى ضررا بائنا ماثلا بمثل هذا الإجراء ، لان هذه الحكومة التي ستفقد شرعيتها الدستورية في 9 يوليو2009 ، غير مؤهلة لان تجرى انتخابات حرة ونزيهة تخرج البلاد مما هي فيه من محنة ؟
وماذا عن تأجيل هذه الانتخابات من فبراير إلى إبريل 2010 ؟
أن الحكومة في السودان في حاجة ماسة للحصول على الحد الأدنى من التوافق الوطني في أمر الانتخابات ولكن يبدو انهم لم يفرغوا بعد من تفريخ الكم المرتجى من الأحزاب النابعة من رحم المؤتمر الوطني بمسمياتها المختلفة ، وذلك لإيهام العالم بان هناك أعدادا ضخمة من الأحزاب قد قبلت بهذه الانتخابات وخاضتها ثم تكونت حكومة جديدة من ائتلاف هذه الأحزاب، وهى في حقيقتها حزب واحد هو المؤتمر الوطني نفسه.
ما هي استراتيجيات حركة العدل والمساواة في هذه المرحلة؟
نحن نسعى إلى تكوين جبهة عريضة من القوى السياسية السودانية المعارضة لمواجهة هذا النظام ولتحقيق التحول الديمقراطي الحقيقي المطلوب والاتفاق الذي أبرمناه مع حزب الأمة القومي بحضور رئيس الحزب السيد الصادق المهدى ، خطوة مهمة في هذا الاتجاه ونسعى إلى ضم كافة القوى السياسية الحية في البلاد إلى هذا الاتفاق .
هل تطلعنا على أهم بنود هذا الاتفاق؟
** تحقيق وطن سوداني موحد ديمقراطي فيدرالي ،تقوم الحقوق فيه على أساس المواطنة ، والسلام هو أحد خيارات تحقيق الأهداف الوطنية ، تنتهي دستورية الحكومة في يوليو 2009 ،عدم اعتماد نتيجة الإحصاء السكاني ، الانتخابات وسيلة ديمقراطية مطلوبة ، تأييد قرار مجلس الأمن 1593 ، كما رحبنا نحن كحركة بإعلان المبادئ الذي اقترحه حزب الأمة القومي وسوف نرد للحزب عليه ، ضرورة تنفيذ اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة المبرم بين الحكومة والحركة في الدوحة ، كما أكدنا على تبنى سياسية حسن الجوار ، أعانة منظمات الإغاثة في دار فور ( بما فيها المطرودة )على مواصلة عملها الإنساني .
هل هنالك تطور جديد في علاقتكم مع حركة تحرير السودان؟
وفقنا في الفترة الماضية في جذب عددا كبيرا جدا من فصائل حركة تحرير السودان إلى مظلة حركة العدل والمساواة الجامعة ومازالت المساعي مستمرة مع بقية الفصائل إلا أن الأخ عبد الواحد محمد نور، قد قرر منذ خروجه من (ابوجا) ألا يقاتل ولا يفاوض ولا يتحد مع أحد، وليس لنا من سبيل لحمله على تغيير هذا الموقف.