مناظير
زهير السراج
حلاوة سلطة وثروة !!
(منعته الرقابة الامنية)
* طالبت أكثر من مرة ( قبل إجازة الدستور الانتقالى) بمعالجة ثغرات الدستور العديدة التى لا اعرف ان كانت قد وضعت عمدا أو سهوا، مثل المادة 226 (5) التى تنص على .. ( استمرار نفاذ كل القوانين السارية وقت اجازة الدستور، ما لم تتخذ إجراءات أخرى وفق الدستور)، وذلك حتى لا تستغل لتحقيق مكاسب ضيقة، حيث أن معظم تلك القوانين قد وضعت لتكريس السلطة الشمولية القائمة وقتذاك، كما أن تعديل الدستور بعد إجازته يعد أمرا من سابع المستحيلات بسبب إنتماء أغلبية نواب البرلمان ( المعين) للحزبين الحاكمين، مما يعنى بجلاء ان أي مقترح تعديل دستوري لا بد أن يوافق عليه شريكا الحكم، كما أن تعديل أي قانون يتطلب موافقة حزب المؤتمر الوطني الذي يستأثر بـ(52 %) من مقاعد البرلمان ( بوضع اليد)، وليس في مقدور الحركة الشعبية التي تملك (28 %) من المقاعد ان تفعل شيئا إلا بموافقته!!
* وحدث ما توقعته بالضبط، فالقوانين الشمولية ظلت سارية لتكرس لوضع شمولي أسوأ من السابق، باستغلال المادة 226 (5) من الدستور الانتقالي التي قدمت سلطة تعديل القوانين للمؤتمر الوطني في طبق من ذهب بحكم أغلبيته البرلمانية، بالإضافة الى النصوص الدستورية العديدة التي منحت سلطات وصلاحيات مطلقة لشريكي الحكم ليتحكما في مصير البلاد والعباد، بدءا من إقتسام السلطة والثروة مرورا باحتكار التشريع والقضاء وانتهاءا بالاستئثار بالوظائف في الخدمة المدنية، فماذا بقي بعد ذلك للأغلبية الكاسحة من أهل السودان؟!
* بل إن الدستور ينص (بالاسم) على حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية كممثلين وحيدين لشعب السودان، ويعطيهما الحق في احتكار السلطة والثروة وكل شئ خلال الفترة الانتقالية، بل واختيار ( البدلاء) لشاغلي المناصب الدستورية في حالة خلو أي منصب بدون الرجوع لأية جهة أخرى ولو كإجراء شكلي، حيث نصت المادة (66) في الفقرة (هاء) بأن .. ( يتولى منصب رئيس الجمهورية مرشح حزب المؤتمر الوطنى خلال أسبوعين من تاريخ خلو المنصب خلال الفترة الانتقالية بغض النظرعن المادة (52 ) التي تنص على انتخاب رئيس الجمهورية بواسطة الشعب في انتخابات قومية) !! هكذا ببساطة ألغت المادة (66 ) المادة (52 ) وحق الشعب في انتخاب رئيسه لصالح حزب المؤتمر الوطني !! ولم يكتف الدستور بذلك بل أعطى للمؤتمر الوطني والحركة الشعبية حق تعيين أعضاء المحكمة الدستورية التي تقضي في الخلافات الدستورية ، كل منهما يعين ممثليه، فماذا ينتظر الناس من دستور مثل هذا؟!
* من الطبيعي أن يكون هذا الدستور المعيب أداة لخدمة مصالح الحزبين، يتلاعبان به كما يريدان ويفسراه بما يخدم مصالحهما الضيقة فى التشبث بالسلطة واحتكار الثروة، حتى لو كان مكتوبا فيه بكل وضوح وصراحة لا يقبلان الجدل، بأن الانتخابات يجب أن تجرى على كل مستويات الحكم فى موعد لا يتجاوز نهاية العام الرابع من الفترة الانتقالية، أى قبل التاسع من يوليو، 2009 ــ كما جاء فى المادة (216 )