الخرطوم – النور أحمد النور
اعترفت حكومة جنوب السودان أمس، ضمناً بسقوط ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل وثاني كبرى مدن البلاد بعد العاصمة جوبا، بأيدي المتمردين، ما يهدد بوقف انتاج النفط، وذلك في وقت ينتظر وسطاء الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا «إيغاد» قراراً من طرفي الصراع في جنوب السودان بالتوقيع على اتفاق وقف العدائيات بعد توقف المحادثات بينهما.
وقال وسيط في «إيغاد» لـ «الحياة» أمس، إن المحادثات توقفت منذ ليل أول من أمس، بسبب مغادرة رئيس وفد حكومة الجنوب نيال دينق إلى جوبا لإجراء مشاورات مع الرئيس سلفاكير ميارديت.
وذكر أن اتفاق وقف العدائيات بات جاهزاً للتوقيع، موضحاً أنه يلبي مطالب الطرفين بشأن الهدنة وآليات مراقبة تنفيذها وضمانات لإطلاق المعتقلين. وأعلن دينق الاقتراب من توقيع الاتفاق. وقال لدى وصوله إلى جوبا إن الطرفين توصلا إلى صيغة تقضي بفصل القضايا التفاوضية ومناقشتها واحدة تلو الأخرى.
في المقابل، اشترط المتمردون وقف الدعم الأوغندي للقوات الحكومية قبل توقيع الاتفاق. وعبّر الناطق باسم وفد المتمردين مبيور قرنق، نجل مؤسس وزعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق، عن اعتقاد فريقه بأن وجود القوات الأجنبية في جنوب السودان عقّد الصراع. وطالب بانسحاب تلك القوات فوراً.
ميدانياً، أعلن جيش جنوب السودان أمس، أنه بات عاجزاً عن الاتصال بقواته فى مدينة ملكال عاصمة ولاية اعالي النيل النفطية، ما يعتبر اعترافاً ضمنياً بسقوط المدينة الاستراتيجية بأيدي المتمردين.
وقال الناطق باسم الجيش الجنوبي فيليب أغوير إن «التواصل بين قيادة الجيش والقيادة العسكرية في ملكال اصبح غير ممكن منذ عصر الخميس»، رافضاً إعطاء تفاصيل أخرى. وبذلك يكون المتمردون استعادوا السيطرة على ملكال التي سبق أن طردوا منها.
وأفادت تقارير من جنوب السودان بأن المتمردين الموالين لنائب الرئيس السابق رياك مشار سيطروا على غالبية مقاطعات ولاية أعالي النيل، واقترب القتال من مناطق كاكا التجارية وودكونة والرنك، المتاخمة للحدود السودانية، ما يهدد بتوقف انتاج النفط في حقول عدارييل (200 ألف برميل يومياً) التي تقع في منطقة تقطن فيها قبيلة الدينكا التي يتحدر منها سلفاكير. ولا تُستبعَد سيطرة المتمردين على جوبا بعدما حاصروها من جهتي الجنوب والغرب، خصوصاً بعد تعرض جهود الجيش الحكومي للسيطرة على مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي، لنكسة كبيرة بعد مقتل عدد كبير من القوات الاوغندية التي تسانده، ما دفعها الى الاستعانة بقوات من المعارضة الكونغولية.
وحذرت تقارير واردة من جنوب السودان من خطورة عدم التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف المتصارعة، متوقعةً انقسامه إلى ثلاث دويلات هي: دولة أعالي النيل الكبرى، والدولة الاستوائية الكبرى ودولة بحر الغزال الكبرى.
من جهة أخرى، اتهمت الأمم المتحدة طرفي النزاع في جنوب السودان بارتكاب أعمال وحشية بحق المدنيين. وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنه شاهد جثثاً لمدنيين أُوثقت أيديهم قبل قتلهم. وأعلن مساعد الأمين العالم للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إيفان سيمونوفيتش، أن 92 محققاً ينتشرون على الأرض، مشيراً إلى أن تقريرهم الأول سيُنشر خلال أسبوعين. وأوضح المسؤول الدولي أن «بمجرد أن يسيطر فريق ما على بانتيو (عاصمة ولاية الوحدة)، ينتهك حقوق الإنسان ويقتل مدنيين». وأضاف: «رأينا بين 15 و20 جثة متحللة في الشارع، وبدا أن المدنيين كانوا موثقي الأيدي قبل قتلهم».
وبعد زيارة لجنوب السودان، وصف سيمونوفيتش مدينة بانتيو بأنها «مدينة أشباح». وأضاف أن المعارك أرغمت معظم السكان البالغ عددهم أربعين ألف نسمة على الفرار منها.