حقوق اللاجئين والنازحين وشروط العودة في القانون الدولي(3) : هارون سليمان

حقوق اللاجئين والنازحين وشروط العودة في القانون الدولي(3) : هارون سليمان [email protected]
الإعداد للعودة:
إن الهدف الرئيسي الذي يرمي إليه اللاجئون والنازحون هو إنهاء حالة التشرد والعودة إلى الحياة الطبيعية ويمكن إعداد عملية عودة اللاجئين والنازحين بأربعة طرق وهي :
1. جمع المعلومات : وهي المرحلة التحضيرية الأولى لفهم الحالة العائدين وظروف مناطق العودة ومن محاور هذه المرحلة :

أ) المعلومات عن اللاجئين والنازحين أو المشردين داخليا  : ينبغي أن تقوم المكاتب المحلية ووحدة العائدين بالمكتب المركزي للعملية الميدانية،حيثما وجدت، بجمع معلومات تفصيلية عن العائدين والمشردين داخليا الذين من المتوقع  وصولهم. من هم؟ وهل ينتسب المشردون إلى جماعة أو أكثر(سياسية أو إثنية أو دينية،الخ ) وهل يؤلفون جماعة مهنية أو اجتماعية واحدة؟ (مثل المزارعين أو الرعاة ) وهل توجد أي جماعات ضعيفة بين العائدين؟ وهل توجد حالات  توتر بين العائدين وبين أي جماعة أخرى في منطقتهم الأصلية مثلا؟ وما هو تاريخ العلاقة بين الجماعات؟ ومتى غادر العائدون والمشردون داخليا منازلهم ولماذا؟ وما هي البلدان أو الأماكن التي التمسوا فيها اللجوء؟ وماذا كانت الظروف المعيشية في مكان اللجوء؟ وما هي الضغوط التي فرضتها هذه الظروف المعيشية على العائدين والمشردين داخليا؟ والى أي مدى على وجه الخصوص تكون العودة طوعية؟ ومتى من المتوقع أن تتم العودة؟ وكم من الوقت ستستغرق؟ وما هو عدد الأشخاص الذين من المتوقع عودتهم وما هي الأماكن التي سيعودون إليها؟ كما ينبغي جمع هذه المعلومات من خلال الاتصال بالعائدين والمشردين داخليا الذين يصلون فعلا، أو من خلال الاتصال بالمشردين داخليا واللاجئين الموجودين في مخيمات اللاجئين أو مخيمات المشردين داخليا. وينبغي سؤالهم عن رأييهم في العودة. وما هي الآمال التي يعلقونها على العودة؟ وما هي مخاوفهم؟ وينبغي استرعاء الانتباه إلى قضايا مثل الأمن الشخصي والعلاقة مع السلطات المحلية والإسكان والعمالة.
ب) المعلومات عن منطقة العودة : ينبغي أن تستفسر المكاتب المحلية الموجودة في المنطقة التي سيذهب إليها اللاجئون والمشردون داخليا عن حالة الإسكان والعمالة التي من المرجح أن يواجهها اللاجئون والمشردون داخليا. ويمكن لموظفي حقوق الإنسان الاتصال بأفراد من السكان المحليين لمعرفة ما يشعرون تجاه وصول العائدين. وما هي آمالهم ومخاوفهم من العودة؟ وكيف سيتقبل الأشخاص الذين يعيشون في مجتمع العائدين ؟ هل هناك جماعات ستعارض العودة أو تسعى إلى انتهاك حقوق الإنسان الخاصة بالعائدين ؟ ما هي المشاكل الرئيسية التي يمكن أن تنشأ إذا عاد  اللاجئون والنازحون؟ ما هي الظروف من منظور حقوق الإنسان، التي سيتم مقابلتهم بها؟ وهل سيكون هناك مثلا نقص في السكن، وهو ما قد يفضي بدوره إلى منازعات حول ملكية المنازل وما يستتبع ذلك من انتهاكات لحقوق الإنسان؟ هل ستحدث حالات توقيف للعائدين والمشردين داخليا بسبب سلوكهم المزعوم قبل رحيلهم؟ وبتنبؤ هذه الأنواع من المشاكل يمكن للأمم المتحدة و منظمات حقوق الإنسان فعل الكثير استعدادا لها ، وذلك مثلا عن طريق إثارة هذه القضايا مع السلطات المحلية.
ج) تكوين صورة عامة : بهذه المعلومات يمكن أن تكوّن صورة عامة عن حالة العودة. وستساعد هذه الصورة على تسهيل التخطيط والتشديد على المشاكل المحتملة حتى يمكن التصدي لها بأسرع ما يكون. وينبغي تحديث الصور بصورة منتظمة ويمكن أن تكون خاصة بمناطق معينة من مناطق العودة التي تغطيها العملية.
2. العمل في إطار الاتفاقيات الخاصة :  لتكون العودة طوعية لا بد من إبرام اتفاقيات خاصة عن العودة بين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والسلطات الوطنية أو المحلية وبموافقة العائدين من اللاجئين والنازحين على بنودها فيما يتعلق بعودتهم ويمكن أن تساعد هذه الاتفاقات على تعزيز حماية حقوق العائدين عن طريق توفير ضمانات محددة من جانب السلطات الوطنية أو المحلية حول الطريقة التي ستعامل بها العائدين ومفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين تتولى بصفة خاصة توقيع “اتفاقات المكاتب الفرعية” بين مفوضية شئون اللاجئين والسلطات الوطنية. وتشارك مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين في “الاتفاقات الثلاثية” مع البلد المضيف وبلد المنشأ.  باعتبارها الجهة التي تكفل حقوق العائدين وحمايتهم من انتهاكات .
3. التشاور بين الأطراف المعنية بالعودة:
من الأهمية القصوى على الصعيدين الوطني والمحلي أن تناقش اللاجئين والنازحين المشاكل المحتملة مع الحكومة ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمات الدولية الأخرى والمنظمات غير الحكومية والجماعات الأخرى المعنية بالعودة . وينبغي في الواقع أن تنظر عملية الأمم المتحدة الميدانية لحقوق الإنسان في التوصل إلى اتفاق بين مختلف المؤسسات المعنية التي يتم فيها تقاسم المسؤوليات.  وإبرام اتفاقات حول مختلف جوانب مشكلة العودة .
4. أنشطة أخرى
تتصدى هذه الأنشطة لقضايا محددة، مثل تدريب قوات الأمن المحلية على حقوق الإنسان وتمكينها من التصدي لقضايا مثل التوترات بين جماعة العائدين والمجموعات السكانية الأخرى.  وتدريبها على تنظيم عملية توزيع الغذاء من دون استخدام القوة و تدريب ضباط الشرطة في مجال مبادئ حقوق الإنسان وأساليب السيطرة على تجمهر المدنيين حتى يتمكنوا من القيام بدرهم في حفظ الأمن وحماية حقوق العائدين. ويمكن عقد اجتماعات ومناقشات مع المجموعات الأخرى لتنبيههم إلى احتياجات اللاجئين والمشردين داخليا. ويمكن بذل جهود أخرى لنشر الوعي بين السكان المحليين حول حقوق الجماعات (مثل الأقليات الإثنية أو الدينية أو السياسية) ومن المهم إتاحة الفرصة لأعضاء الجماعات المستهدفة للمشاركة عن كثب في وضع أي برامج تدريبية أو غيرها من البرامج الإعلامية.
أنشطة أثناء عودة اللاجئين والمشردين داخليا :ـ
يتناول هذا الجزء عملية الأمم  المتحدة في مجال حقوق الإنسان خلال رحلة عودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم الأصلية ومن هذه الحقوق .
حق العودة وعدم الرد :
اللاجئون لهم الحق القانوني في العودة إلى بلدهم متى أرادوا ذلك. وهم يتمتعون أيضا بالحماية القانونية التي تمنع الدول من إجبارهم على العودة. وبصرف النظر عن احترام تلك الأحكام القانونية أو انتهاكها، يمكن لطواعية العودة أن تؤثر تأثيرا هاما على طريقة استقبال اللاجئين والمشردين داخليا. وقد يضطر الأشخاص الذين يجبرون على العودة إلى بلدانهم إلى العودة إلى معسكرات اللجوء أو النزوح عندما تكون الحالة الأمنية غير مستقرة أو عندما لا يتوفر لهم الغذاء الكافي في منطقتهم الأصلية. وتزيد هذه العوامل من خطر فقدان الحياة أو الإصابة أو المرض بين العائدين ولا مناص من أن تأثر طبيعة المخاطر الخاصة التي يواجهها العائدون على محل تركيز الجهود التي تبذلها عملية حقوق الإنسان لتقديم المساعدة.
أ ( حق العودة في القانون الدولي لحقوق الإنسان
حق الفرد في العودة إلى بلده تقره المادة13(2)من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 12 (4) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكول الرابع الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والماد ة 22 (5) من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان والمادة 12 (2) من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب حيث تنص هذه المواد على أنه لا يجوز حرمان أحد تعسفا من حق الدخول إلى بلده .
ب) عدم الرد والعودة الطوعية:
أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي للاجئين هو مبدأ “عدم الرد”. وتنص المادة 33 (1)  من اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين على  ما يلي :  لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية.
أنشطة أثناء  العودة:ـ
خلال عملية العودة، ستحتاج المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمات الأخرى المشاركة في عملية العودة إلى رصد حالة حقوق الإنسان المصاحبة لتنقل العائدين إلى مناطقهم الأصلية وتشمل أنشطة الرصد ما يلي:
1. التواجد عند الحدود وغيرها من نقاط المراقبة وذلك من أجل :
أ) التأكد من مرور جميع اللاجئين والنازحين  من نقاط التفتيش المحلية وبدون أي معوقات.
ب) ينبغي السماح للاجئين والمشردين داخليا بأن يحملوا متعلقاتهم الشخصية إلى الوطن بدون أن تُفرض عليها جمارك أو رسوم عبور أو قيود أخرى. ولا يجوز فرض أي رسوم على العائدين والمشردين داخليا مقابل منحهم امتياز عبور الحدود أو غيرها من نقاط التفتيش.
ج) ينبغي أن تتأكد المفوضية من أن سلطات الحدود لا تفرض قيودا صحية غير معقولة أو تمييزية على العائدين أو على متعلقاتهم أو مركباتهم.
د) تسيير دوريات قوات الأمم المتحدة على طول الطرق التي يستخدمها العائدون وذلك للتأكد من عدم تعرضهم لأي تهديد من المجموعات السكانية الأخرى أو المليشيات القبلية أو قوات الأمن وغيرها من القوات التي كانت طرف في النزاع.
هـ) التواجد عند مراكز العبور على الطرق تسيير دوريات في مدن وقرى المنشأ لرصد كيفية استقبال العائدين.
2. إقامة اتصالات مستمرة مع السلطات المحلية
أ) ينبغي لموظفي الأمم المتحدة وعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام والأمن الدوليين في تلك الدولة ومنظمات حقوق الإنسان من خلال تواجدهم واتصالاتهم مع السلطات وبغير ذلك من الوسائل، أن يسعوا إلى حماية العائدين من المضايقات والتهديدات المادية أو اللفظية أو إلحاق الأذى البدني أو حالات التوقيف التمييزية وغيرها من الانتهاكات.
ب) ينبغي لهم أيضا رصد المشاكل الناجمة عن الإصابة بالجفاف والبرد،  ونقض الغذاء، والإنهاك، والاعتلال، الخ، وتنبيه وكالات وخدمات المعونة المعنية للمساعدة على التصدي لهذه المشاكل.
3. التنسيق مع  المنظمات الشريكة في مجال حقوق الإنسان
أحد العناصر الأساسية لرصد عودة العائدين هو التنسيق بين الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان خاصة في حالة وجود أعداد كبيرة من العائدين ويتوجب ذلك  إعادة توزيع موظفي حقوق الإنسان داخل العملية أو تجنيد موظفين إضافيين.
في الحلقات القادمة
العودة الطوعية :
1.    التهديدات التي يتعرض لها العائدون
أ‌)    التمييز
ب‌)    الحياة والأمن الشخصي
ت‌)    الحرية الشخصية
ث‌)    الحقوق الاجتماعية
ج‌)    القيود على التنقل
ح‌)    متطلبات وثائق تحقيق الهوية
خ‌)    جمع شمل الأسرة
د‌)    اللغة والثقافة
ذ‌)    حرية التجمع
ر‌)    المشاركة في الشؤون الحكومية والشؤون العامة
ز‌)    الجماعات الضعيفة ( النساء ، الأطفال ، كبار السن ، ذوي الاحتياجات الخاصة )
2. أنشطة بعد العودة
الخاتمة
هارون سليمان يوسف [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *