حسين خوجلي : أو حكمدار سرية خطاب الكراهية

بقلم : محمد بدوي

(1)

الحديث الذي ادلي به الاستاذ حسين خوجلي علي اقناة “امدرمان ” التي يملكها ” و كال فيه الاساءة للمحتجين و بعض القادة السياسيين مثل سكرتير الحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب، والدكتور عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني، بالإضافة إلى الدكتور محمد يوسف احمد المصطفي الاستاذ الجامعي و احد قادة المجتمع المدني و النقابي، مثل تطورا جديدا في تكتيكات الحركة الاسلامية السودانية، في مواجهة الحراك.

ان محاولة قراءة ما ذهب إليه حسين خوجلي من الناحية السياسية فهو يمثل امتداد لخطابي (الكراهية والتخويف) التي اتسمت بها خطابات السلطة منذ بدء الحراك السلمي الذي يقوده الشارع السوداني، و في تقديري يحاول حسين خوجلي بهذا الخطاب فصم عرى العلاقة بين قيادة تجمع المهنيين والشارع، وذلك عبر تصوير الحراك على أنه صراع سياسي داخلي ، ومحاولة لتفكيك تحالف المعارضة السياسية التي انضمت إلى وثيقة ميثاق الحرية والتغيير باستخدام خطاب استمد مفرداته من قاموس الإسلام السياسي، كما يشكل محاولة أيضاً إلى عزل أحزاب اليسار أو بعض فصائلها من حراك الشارع، في ذات الوقت تشير إلى أنه تدشين إستباقي لأمر ما يطبخ لمواجهة أحزاب اليسار بعد أن فشلت الاعتقالات في كسر إرادتها وفشل إجراءات الطوارئ التي وُجهت للمحتجين كآخر كرت قمعي، بالضافة الى النجاحات الذي حققها تجمع المهنيين.

أن الهجوم الانتقائي لبعض الأحزاب و رموزها يشير إلى أن السلطة تعمل على سيناريوهات للتفاوض مع بعض الأحزاب وعلى وجه التحديد احزاب اليميين، وفي تقديري ان ذلك مغزى إشارات حسين خوجلي باستخدام نسبة ال98% في معرض حديثه.

(2)

من ناحية ثانية فهي تشير إلي تراتيبية توظيف النوافذ الاعلامية للسلطة بعد ان فشلت قناة سودانية 24 في تخذيل و تسبيط الحراك الذي القمها حجرا لينتقل الإسناد إلى قناة امدرمان فيبدو أن السلطة تراهن على عامل الزمن بأن يطول أمد الاحتجاجات بما قد ينعكس في تراجع همتها.

(3)

إسناد المهمة لحسين خوجلي يدفع بسؤال هل تحول الرجل من معسكر الرئيس البشير إلى معسكر الحركة الاسلامية ؟ فالرجل كان لوقت قريب من الداعمين لترشح الرئيس لإنتخابات الرئاسة لــــــــــ 2020 ، لكنه بقراءة ما تحت السطور نجده يعمل على بعث خطاب هتافي لخلق تماسك داخلي موجه للحركة الإسلامية، بمخاطبة المصالح التي تم الحصول عليها خلال الـــ 30 عاماَ التي سيطروا فيها على مفاصل وموارد الدولة.

(4)

الالتفاف و توجيه الخطاب لفئة الشباب ليس سوى مواصلة للتمهيد لما أعلنه الرئيس في خطابه بتاريخ 22 يناير 2019 ولاحقاً وزير الإعلام في مقابلته على قناة الجزيرة في 18 مارس 2019، كإحدى تكتيكات الالتفاف على فلسفة التغيير، و الترويج إعلاميا بأُن المحتجين مدفوعين بغير إرادتهم، متناسين ان هذه مذمة لجيل كامل استطاع تحقيق إنجازات تاريخية مثل ديسمبر 2018 نتاج لتراكمها الذي بدأ منذ 2012 .

5

بنات وأبناء السودان و كل المشاركين خرجوا ضد البطالة، والنظام العام، والرقابة على حرية التعبير، والحكم الفاسد، والموت في البحار، والوقوع في أيدي تجار البشر في رحلة البحث عن الكرامة لماذا تُسلبهم حق الاختيار؟ لماذا تصفهم بالغفلة والانقياد ؟ أليس الأجدى أن تبدأ بإسناد الحق !، أن تخاطب من يواجههم بالإعتقال و يُطلق عليهم الرصاص الحي. إنهم جيل يتحدث عن الديموقراطية وحقوق الإنسان، و يمارس الجسارة و الصمود، يعرف تكتيكاته في إبداع، كما لم يعد خطاب الإسلام السياسي يجد من يسمعه ناهيك عن من يسنده لأنه مُجافي لمعايير الحكم الرشيد وإستيعاب التعدد وكذبته وفضحته التجربة الماثلة.

ان القدرة الفائقة للتصدي لما ذهب إليه حسين خوجلى جعل من خطابه محفزاَ للاستمرار في الحراك لأنه يمثل خطاب الكراهية الذى لا يتسق والوجدان الإنساني السليم بل جعل كيده في نحرهل، بأن أوضح التراكم الذى يمثل التباعد الموضوعى بين الإسلام السياسي والواقع السوداني.

(6)

خطاب حسين خوجلي وتبنيه بأبويه لحراك الشارع السوداني، جاءت على خلفيتة التنظيمية التي كان يمارس فيها دور الإشراف علي انتخابات طلاب بعض الجامعات، لكن فات علي حسين بأنهم بعد الإستيلاء على السلطة أول من إستُهدف، هم الشباب الذين أستُخدموا للقتال في الحرب الأهلية بعد تديينها تحت مسمى الجهاد، لا مجال للمزايدة على النوايا فأغلبهم تمت تعبئته، فذهبوا بنوايا خالصة، لكن هل سأل حسين خوجلي نفسه لماذا لم تنتهى تلك الحرب الدينية بنشر الإسلام جنوباَ، بل إنتهت بإتفاق سياسي؟ و ليس ما يقدح في ما مضوا فيه ليجدوا قادة حركتهم الاسلامية والحزب وقد توجهت أنظارهم إلى السلطة والموارد. هل سأل حسين خوجلي نفسه لماذا غادر ما فاق ال 400 شاب وشابة إلى تنظيمات الدولة الاسلامية ببلاد الرافدين وليبيا؟ أليس سبب ذهابهم هو البحث عن ما وقف من مشروع أسلامي للإسلاميين السودانيين؟

(7)

هل تمعن حسين خوجلي في من وجه إليهم خطابه؟ الأحزاب التي اشرت اليها مسجلة لدى مسجل الأحزاب، تتمتع بحقها دستوراَ في حرية التعبير والتجمع، تتمتع بأن تُصان كرامتها من إقتحام دورها والاعتقال التعسفي و بمعزل عن العالم الخارجى لعضويتها ، هل نظر للحظة بأنه يتمتع بالحق في ممارسة التعبير إلى الدرجة التي تصل مرحلة الاساءة و من يستهدفهم جميعهم انتهكت حقوقهم بالاعتقال التعسفي و بمعزل عن العالم الخارجي ، فيا حسين شرف الخصومة قبل أن تفترض الموضوعية والاحترام والتأدب تتطلب في حدها الأدنى بان يكون المسرح مكفول علي حد اسواء.

(8)

ختاماَ نقلت الوسائط الاجتماعية ردة فعل الشارع السوداني علي تصريحات حسين خوجلي حيث تعددت أدوات التعبير عن ذلك بما فيها ما حمل الرجل على اعادة طلاء جدران منزله، الأمر الذي يستدعي طُرفة تُقارب المشهد، أن احدهم امتلك سيارة، فجاء أحدهم ونحت عليها 4×4 مما اضطر صاحبها إلى إعادة طلائها تكرر الأمر مرات عدة، فقرر أن يثبت عليها علامات 4×4 لكي يوقف ذلك، إلا أنه فؤجي في اليوم التاني بأن عاد الرجل ووجد ما ثُبت من علامات فأضاف الى 4×4 علامة = 16، فأصبح الحال 4×4=16، فيبدو أن مخرج حسين خوجلي سيكون بعد الطلاء مجدداَ بأن يكتب بخط عريض تسقط بس. وعلى نفسها جنت براقش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *