السودان يطالب الأمم المتحدة بدعم تطبيق الاتفاقيات المبرمة مع جنوب السودان.. والاتحاد الأوروبي يؤكد دعمه لجميع الأطراف السودانية لتحقيق السلام
الخرطوم: «الشرق الأوسط» لندن: مصطفى سري
طالب صلاح الدين ونسي، وزير الدولة في الخارجية السودانية، الأمم المتحدة بأن تلعب دورا واضحا في دعم السلام والاستقرار وتطبيق الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين بلاده ودولة جنوب السودان. وأكد ونسي حرص حكومة السودان على تطبيق هذه الاتفاقيات كاملة وتوظيف الزخم الإيجابي لهذه الاتفاقيات من أجل تسوية ما تبقى من قضايا عالقة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السودانية (سونا) أمس.
جاء ذلك خلال لقاء ونسي مع إدموند موليه، مساعد الأمين العام لعمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، خلال مشاركته في فعاليات الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وأكد موليه أن الاتفاقيات قد وضعت العلاقات بين الخرطوم وجوبا في مسارها الصحيح، مشيرا إلى أن إنشاء المنطقة الحدودية الآمنة بين البلدين وإقامة حدود مرنة بينهما سوف يساعدان كثيرا في بناء الثقة.
وشدد وزير الدولة السوداني على حرص بلاده على التعاون مع إدارة عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة عبر البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (اليوناميد)، مشيرا إلى الدور المهم الذي تضطلع به البعثة في الإقليم خاصة في مجالات التنمية بعد توقيع وثيقة الدوحة للسلام في دارفور. وقال إن السودان ألقى القبض على مرتكبي الهجوم الذي راح ضحيته أربعة من أفراد البعثة الأسبوع الماضي، وسيتم تقديمهم للعدالة، مؤكدا حرص الحكومة على اتخاذ ما يلزم من تدابير لعدم تكرار مثل هذه الحوادث.
وكانت دورية عسكرية نيجيرية تابعة لبعثة اليوناميد وقعت في كمين على بعد كيلومترين من مقرها الإقليمي في منطقة الجنينة الواقعة في غرب دارفور في الثاني من الشهر الحالي. وجرى إرسال البعثة المشتركة، وهي إحدى أكبر عمليات الأمم المتحدة في أفريقيا، إلى دارفور عام 2008 لحماية المدنيين وتعزيز عملية السلام في الصراع العرقي في دارفور منذ عام 2003. وقتل أكثر من أربعين من أفراد قوات حفظ السلام خلال العمليات منذ عام 2008.
إلى ذلك، أكد توماس يوليشني، سفير الاتحاد الأوروبي لدى السودان، أن التكتل حريص على مساعدة جميع الأطراف السودانية على تحقيق السلام ودفع مسارات التنمية لتحقيق الاستقرار. وجدد يوليشني، في تصريحات صحافية بالخرطوم بعد مشاركته في أعمال المنتدى السوداني الأوروبي للاستثمار، دعم الاتحاد الأوروبي لاتفاق التعاون بين السودان وجنوب السودان والمساعدة على تحقيق حوار من أجل مصلحة شعبي البلدين، حسبما ذكرت الإذاعة السودانية أمس. وقال إن سفراء الدول الأعضاء بالاتحاد في السودان سيزورون شمال دارفور هذا الأسبوع للوقوف على جهود تعزيز الاستقرار بالإقليم.
من جهة أخرى، نفى جيش جنوب السودان بشدة وجود محاولة انقلاب فاشلة في الدولة حديثة الاستقلال، وما تردد عن تدبير محاولة اغتيال لرئيس الدولة سلفا كير ميارديت. وقد تم نشر قوات الجيش الشعبي في العاصمة جوبا حول مقر الوزارات، وهو ما وصفه متحدث باسم الجيش بالأمر الروتيني، في وقت ينتظر أن يخاطب فيه كير جلسة البرلمان غدا لإجازة اتفاق التعاون بين السودان وجنوب السودان.
وقال العميد مالاك أوين، رئيس قسم الإعلام والتوجيه المعنوي في جيش جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط»، إن انتشار قوات الجيش الشعبي أمر روتيني، وإنه ليس بالانتشار الضخم كما صوره البعض. وأضاف أن عددا من الفصائل تم نشرها في مقر القيادة العامة وحول مجمع الوزارات والبرلمان. وقال إن قيادة الجيش وجهت بدفع دوريات ونشر فصائل في بعض الوحدات منها المدرعات ومقر القيادة العامة. وأضاف «صحيح أن هذا الانتشار خلق توترا وسط المواطنين مما دفع البعض لبث الإشاعات بوجود انقلاب عسكري، لكن هو إجراء عادي لإحكام الأمن وأخذ الحيطة والحذر من المحاولات التي تسبب انعدام الأمن وسط انتشار الجريمة في جوبا وحولها»، مشيرا إلى أن كير استمع إلى تنوير من قيادة الجيش حول الوضع الأمني في البلاد.
ونفى أوين بشدة محاولة انقلابية في البلاد أو تعرض رئيس الدولة سلفا كير ميارديت لعملية اغتيال من أحد حراسه كما نشرت بعض الصحف في الخرطوم. وقال «الخرطوم أصبحت هي التي تعلم قبل جوبا بمحاولة انقلاب أو كيف ينام الرئيس سلفا كير». وأضاف «ليست هذه هي المرة الأولى ولا أعتقد أنها ستكون الأخيرة التي يتم فيها بث مثل هذه الإشاعات من دوائر نعلمها في الخرطوم، ولكن نطمئن الجميع بأن الحالة عادية في جوبا وكل جنوب السودان»، مشددا على أن جيش جنوب السودان ليس مؤسسة سياسية، وأنه يتلقى تعليماته من القائد العام سلفا كير ميارديت. وقال إن كير قدم تنويرا للجيش حول اتفاق التعاون بين جوبا والخرطوم.
من جانبه، قال اتيم قرنق، زعيم الأغلبية في برلمان جنوب السودان والقيادي في الحركة الشعبية الحاكمة، لـ«الشرق الأوسط»، إن دوائر معروفة في الخرطوم ظلت تخلق إشاعات الانقلابات ومحاولات الاغتيال في جوبا. وأضاف «بيد أننا أصبحنا نسمع بوجود انقلاب ثلاث مرات في الشهر، حتى قبل أن تستقل الدولة قبل عام». وقال «ماذا تستفيد الخرطوم من مثل هذه الإشاعات واختلاقها.. هل تتوقع أن تحل لها مشاكلها الاقتصادية والسياسية؟.. وهل ستأتي بنظام ديمقراطي في السودان إذا تم اغتيال سلفا كير أو أي من القيادات؟». وأضاف أن جوبا بها عدد كبير من الفضائيات ومراسلي الصحف وجاليات ضخمة من دول كينيا وأوغندا وإثيوبيا لم يصدر منها شيء من هذا القبيل.