انتقادات في البرلمان بسبب إجازة قانون أمني جديد
أعلن جيش جنوب السودان عن هجوم جديد شنته قوات التمرد، بزعامة نائب الرئيس السابق، رياك مشار، على منطقة دوليب هيل، الواقعة جنوب مدينة ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل.
وأكد متحدث باسم الجيش استمرار المعارك حتى مساء أول من أمس، وحمل وسطاء «الإيقاد» مسؤولية إعطاء الفرصة للمتمردين لمواصلة القتال من أجل رفع المفاوضات لعدة مرات، في وقت انتقدت فيه المعارضة بشقيها؛ السلمي والمسلح، إجازة البرلمان لقانون الأمن الوطني؛ حيث عدته حركة التمرد تدشينا لما أسمته بـ«التصفيات الجسدية»، بينما دافع حزب الحركة الشعبية الحاكم عن القانون، مؤكدا أن تعديلات كثيرة قد جرى إدخالها على القانون، خصوصا فيما يتعلق بتأمين الحصانة لأفراد الأمن.
وقال فيليب أقوير، المتحدث باسم جيش جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات حركة التمرد قامت بشن هجوم عنيف عبر القصف المدفعي على منطقة دوليب هيل»، وأضاف أن «المعارك ما زالت مستمرة بين القوات الحكومية والمتمردين»، مسجلا خسائر كبيرة في الأرواح لم يجر حصرها بسبب استمرار الاشتباكات.
وأشار أقوير إلى أن القوات الحكومية سبق أن طردت قوات التمرد من المنطقة التي تبعد بنحو 30 كلم عن ملكال، عاصمة ولاية أعالي النيل الغنية بالنفط، وقال إن «حركة التمرد غير جادة في عملية السلام، وإنها لا تحترم اتفاق وقف الأعمال العدائية الموقع مع الحكومة منذ مايو (أيار) الماضي»، وتابع موضحا «(الإيقاد) أصبحت كأنها تريد أن تقول للمتمردين: اذهبوا وواصلوا القتال لأن الوسطاء في كل مرة يقومون بتأجيل المفاوضات.. وسواء كان هناك مراقبون من (الإيقاد) أو لا، فإن عدم احترام وقف الأعمال العدائية من طرف حركة التمرد، وعدم توجيه (الإيقاد) لها، إدانة شديدة على الأقل، وعقوبات من المجتمع الدولي، أمر لا يجعلني أعتقد أن القتال من جانب مشار سيتوقف».
من جانبه، وصف يوهانس موسى فوك، القيادي في الحركة الشعبية المعارضة بقيادة النائب السابق للرئيس رياك مشار، إجازة برلمان جنوب السودان لقانون الأمن الوطني الجديد بأنه «تدشين للتصفيات الجسدية»، وقال بهذا الخصوص «إجازة هذا القانون فتح بيوت الأشباح (المنازل السرية لأجهزة الأمن في السودان خلال حكم عمر البشير) مع حراس سلفا كير لإغراق البلاد بدماء الأبرياء، وأولهم الدستوريون»، وتابع موضحا «القانون لا يعنينا في شيء، لأنه بمجرد أن تطأ أقدامنا في جوبا ينتهي كل شيء.. لكنني أشفق على أنصار كير أنفسهم، لأنهم هم أول من سيطالهم هذا القانون بالاعتقالات والتعذيب».
وكان البرلمان القومي في جنوب السودان قد أجاز قانون الأمن الوطني لسنة 2014 في مرحلة القراءة الأولى، رغم تسجيل اعتراضات واسعة في البرلمان ومن قبل المنظمات الحقوقية الدولية؛ حيث انسحب عدد من النواب، بمن فيهم أعضاء الحزب الحاكم الذين يمثلون أغلب المقاعد، ومجموعة من المعارضين احتجاجا على هذا القانون، وقد وصل عدد الذين تغيبوا عن الجلسة والمنسحبون منها إلى 315 عضوا، ولم تجر إجازة القانون لعدم اكتمال النصاب.
غير أن أتيم قرنق، القيادي في حزب الحركة الشعبية الحاكم وعضو البرلمان القومي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن قانون الأمن الوطني الذي قدم للبرلمان جرى إخضاعه لتعديلات كثيرة قبل إجازته أول من أمس، وقبل أن يصادق عليه بشكل نهائي رئيس الجمهورية سلفا كير ميارديت، مشيرا إلى أن «لجنة من مجلس الولايات والبرلمان ستنظر في بعض المواد التي يمكن أن تتعارض بين السلطات الولائية والمركزية بقصد معالجتها»، وقال بهذا الخصوص: «لا حصانة لأفراد الأمن في أي تجاوزات، وهناك لجنة قضائية برئاسة قاضي محكمة عليا للنظر في هذه الشكاوى، وهي تتألف من محامين، ومجلس حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، كما أن المواد التي كانت عباراتها فضفاضة، مثل (جرائم تهدد الأمن القومي)، قد جرى تحديدها»، وأكد قرنق أن الاعتقالات تجري في حالة الاشتباه في ارتكاب جرائم، مثل محاولة التفجير، وأوضح أنه «في مثل هذه الحالة يمكن أن يجري الاعتقال دون تصريح من سلطات قضائية، ولكن خلال 24 ساعة يجري تقديم المشتبه فيه إلى المحكمة، أو إطلاق سراحه، أو وضعه بعد تصريح من القاضي في السجن العمومي، ويصبح المشتبه فيه في مواجهة المحكمة».
من جانبه، قال أونتي أديقو، رئيس كتلة نواب الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي، إن «القانون يعطي الأجهزة الأمنية سلطات أكبر»، مضيفا أنه «أجيز في غياب الكثير من أعضاء البرلمان قبل الاطلاع الإضافي على القانون»، وتابع موضحا «لقد طلبت تأجيل إجازة القانون، لكن أعضاء البرلمان من الحزب الحاكم رفضوا ذلك، لأنهم يوافقون عليه ويعلمون ما يحدث»، موضحا أن كتلته ليست جزءا من إجازة القانون؛ ولذلك انسحبت من الجلسة.