جيش جنوب السودان لـ «الشرق الأوسط»: طائرات عسكرية سودانية تخترق أجواءنا

الوساطة الأفريقية ترسل وفودا إلى الرئيسين عمر البشير وسلفا كير لمناقشة قضية أبيي

جندي من الجيش السوداني الجنوبي لدى الاحتفال بالذكرى الأولى لاعلان الدولة الجنوبية (رويترز)

لندن: مصطفى سري
اتهم جيش جنوب السودان القوات المسلحة السودانية باختراق أجواء الجنوب بتحليق طائرات «ميج» و«أنتنوف» ومروحيات فوق سماء ولايات الوحدة وشمال بحر الغزال طوال الأيام الماضية، واعتبرت جوبا أن ذلك تهديدا لها، وقررت رفع درجة الاستعداد القصوى تحسبا لما قالت إنها نوايا عدوانية جديدة من الخرطوم، على الرغم من أن البلدين يتفاوضان في العاصمة الإثيوبية منذ بداية الشهر الحالي، في وقت قررت الآلية الأفريقية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي إرسال مناديب إلى الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، بمقترحات محددة حول منطقة أبيي المتنازع عليها بين الطرفين ولكي يتخذا قرارات حاسمة.
وقال فيليب أقوير المتحدث باسم جيش جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات أنتنوف (روسية الصنع) ومروحيات إلى جانب طائرات (ميج) اخترقت أجواء بلاده على مدى الأيام الماضية. وأضاف أن الطائرات لم تقم بعمليات قصف لكن تحليقها في ولايات الوحدة وشمال بحر الغزال وأجزاء من أعالي النيل أرعب المواطنين وأعاد لهم العمليات العسكرية التي شهدتها في أبريل (نيسان) الماضي، وقال إن جيش جنوب السودان أعلن رفع درجة الاستعداد القصوى في كافة الوحدات تحسبا لاعتداء متوقع من القوات السودانية، وتابع: «نحن لا نعرف نوايا الخرطوم لأننا في مارس الماضي كنا في المفاوضات وقامت القوات المسلحة بالاعتداء علينا في هجليج المعروفة عندنا ببانتو». وأضاف: «هذا يدعونا لرفع درجة الاستعداد القصوى في ولايات الوحدة وشمال بحر الغزال وغرب بحر الغزال وأعالي النيل وكل الوحدات مستعدة لأسوأ الاحتمالات التي قد تأتينا من الخرطوم»، مشيرا إلى أن الطائرات حلقت لأكثر من ثلاث ساعات في منطقة (ربكونا) التي تبعد (4) أميال من مدينة (بانتيو) عاصمة الولاية الغنية بالنفط.
وقال أقوير إن الخرطوم قامت بعمليات حشد كبيرة في منطقة (هجليج) طوال الأيام الماضية، نافيا أن قواته استبقت القوات السودانية، وقال: «نحن قمنا بحشد قواتنا بعد أن قامت الخرطوم بحشود غير مسبوقة وتحليق طائرات منذ نهاية الشهر الماضي وحتى الآن وأن ذلك نعده استفزازا لنا». وأضاف: «من المتوقع أن تقوم الخرطوم بهجوم استفزازي». وكان الجانبان قد اشتبكا في منطقة هجليج في أبريل (نيسان) عندما هاجم جيش جنوب السودان واحتلت منطقة لمدة عشرة أيام، وقالت جوبا إنها كانت ترد على عدوان من قبل القوات المسلحة السودانية، التي قصفت كثيرا من المناطق في ولاية الوحدة ومناطق حدودية أخرى، ونفت الخرطوم أنها أسقطت قنابل على الأراضي السودانية جنوب على الرغم من أن مسؤولي الأمم المتحدة وصحافيين ومراسلي فضائيات شهدوا على ذلك.
من جهة أخرى أكد عاطف كير المتحدث الرسمي باسم وفد جمهورية جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أن المفاوضات بين الخرطوم وجوبا لم تحرز تقدما في ملفات الحدود، الترتيبات الأمنية ومنطقة أبيي، وقال: «لا يوجد أي تقدم في هذه الجولة في عدد من الملفات المهمة في الحدود، الترتيبات الأمنية ومنطقة أبيي والملف الوحيد الذي أحرز فيه تقدما هو النفط والتجارة الحدودية». وأضاف أن قضايا معاشات الجنوبيين في السودان الذين عملوا في الخدمة المدنية، وإلغاء الديون حول عائدات النفط والمتأخرات المالية في العائدات غير النفطية إلى جانب التجارة الحدودية والبينية أحرز فيها تقدما، مجددا تمسك بلاده بأن يتم التوقيع على اتفاق شامل لكافة القضايا في الموعد الذي حدده مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، وقال: «نعم تبقت ثمانية أيام فقط من انتهاء الموعد الذي حدده مجلس الأمن الدولي ومن جانبنا ليست لدينا مشكلة من التوصل إلى حلول في كافة القضايا»، وكرر قوله بأن تتحلى الخرطوم بإرادة سياسية بقبول خريطة الاتحاد الأفريقي بشأن (الميل 14) الحدودي، وقال: «تمسك الوفد السوداني برفض الخريطة خرق لقرار مجلس الأمن وخارطة الاتحاد الأفريقي»، مشيرا إلى أن الخبراء الذين اختارهم الاتحاد الأفريقي لتقديم رؤية لمساعدة طرفي التفاوض حول قضية الحدود لكنها غير ملزمة لهما، وتابع: «لكن مرجعية الخبراء تتضمن المناطق المدعاة من الطرفين وهذه هي نقطة الخلاف بين الوفدين لأن الخرطوم ترفض التعامل مع المناطق المدعاة».
وكشف كير عن مقترح من قبل رئيس الآلية رفيعة المستوى ثابو مبيكي بإرسال وفود منه إلى كل من الخرطوم وجوبا لإجراء لقاء مع الرئيسين السوداني عمر البشير والجنوب سوداني سلفا كير ميارديت، وقال إن «المقترح يتعلق بملف منطقة أبيي لكي يتخذ البشير وكير قرارات حاسمة بشأن هذا الملف المعقد». وأضاف أن المناديب سيقدمون رؤية الوساطة حول ترتيبات لقاء الرئيسين في العاصمة أديس أبابا للتوقيع على الاتفاق النهائي حول كافة القضايا العالقة في حال إن مضت المفاوضات بين وفدي البلدين بصورة جيدة، وقال: «رؤيتنا التي نتمسك بها هي أن يتم اتفاق شامل لكافة القضايا». وأضاف أن تمسك الخرطوم برفض مناقشة المناطق المدعاة في حدود البلدين ويدعي كل طرف أنها تقع ضمن سيادته. وأضاف: «لكن الخرطوم تريد أن تعود بنا إلى الوراء بمناقشة قضايا قديمة دون الانتقال لمناقشة المناطق المختلف حولها والمدعاة في الحدود بين البلدين)، مشيرا إلى أن وزيري دفاع السودان عبد الرحيم محمد حسين ونظيره الجنوبي جون وكونق عقدا اجتماعا يتيما أول من أمس حول الترتيبات الأمنية ولم يحرز فيه أي تقدم، لكنه قال إن اجتماعات مشتركة بين الطرفين وبحضور الوساطة وأخرى ثنائية بين كل طرف مع الوساطة على حدة تم عقدها في اليومين الماضيين لمناقشة ملفات أخرى.
      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *