جولات مكوكية لغريشن وأمبيكي بين الخرطوم وجوبا لنزع فتيل «أبيي»
جوبا تعتبر إعلان المفوضية تأجيل الاستفتاء «سوء نية»
الخرطوم: فايز الشيخ
يكثف مبعوث الرئيس الأميركي للسودان سكوت غريشن ورئيس لجنة حكماء أفريقيا ثامبو أمبيكي من تحركاتهما المكوكية بين الخرطوم وجوبا وقيادات قبيلتي المسيرية والدينكا نقوك لانتزاع فتيل انفجار أزمة محتملة بين الشمال والجنوب بسبب الاستفتاء ونزاع منطقة أبيي الغنية بالنفط في وقت أعلنت فيه حكومة جنوب السودان عن قبول مقترح أميركي حول المنطقة، في غضون ذلك اتهمت جوبا مفوضية استفتاء الجنوب بـ«سوء النية» لإعلانها أن قيام الاستفتاء في موعده يحتاج إلى «معجزة»، فيما أكدت المفوضية اكتمال الإعداد مراكز الاقتراع للاستفتاء القادم في 8 ولايات بجنوب السودان من جملة 10 ولايات.
وأعلنت حكومة جنوب السودان وقبيلة دينكا نقوك عن قبول مقترح أميركي يقضي بضم منقطة أبيي الغنية بالنفط للجنوب مع منح قبيلة المسيرية العربية «الجنسية المزدوجة» حال انفصال الجنوب، والتأكيد على حق القبيلة التاريخي في المرعى والمسارات بالمنطقة، بالإضافة إلى قيام واشنطن بتمويل مشاريع تنموية في المنطقة تشمل الصحة والتعليم ومياه الشرب، وأكد ممثلو دينكا نقوك في اجتماعهم مع رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثامبو أمبيكي تمسكهم بقرار تحكيم لاهاي وتنفيذ بروتوكول أبيي وقانون استفتاء أبيي.
وأوضح رئيس مجلس تشريعي أبيي شارلس كون أبيي لـ«الشرق الأوسط» أن أمبيكي استدعاهم لسماع آراء دينكا نقوك بشأن قضية أبيي وأشار إلى أن أمبيكي لم يقدم أي مقترح لدينكا نقوك واكتفى بالسماع لآراء ممثلي دينكا نقوك في الاجتماع الذي انعقد أمس بالخرطوم، وأبان شارلس أن دينكا نقوك وافقوا على مقترح بضم أبيي إلى الجنوب بقرار رئاسي ولفت إلى أنهم اشترطوا أن يكون الضم حسب قرار تحكيم لاهاي. لكن قبيلة المسيرية، أشارت إلى قبول الصفقة مبدئيا بتبعية منطقة أبيي للجنوب مقابل وحدة السودان فقط دون سواها، كما قال القيادي بقبيلة المسيرية، عبد الرسول النور. وكان الأمين العام للحركة الشعبية ووزير سلام الجنوب باقان أموم أعلن عن صفقة مع الشمال بضم أبيي للجنوب مقابل «حوافز وتنازلات لتطوير العلاقة بين الشمال والجنوب في المستقبل»، ورأى النور أن الصفقة يُمكن التفكير فيها إذا كانت مقابل الوحدة فقط دون سواها، وقال في تصريحات صحافية في الخرطوم «مُستعدون لتبعية منطقة أبيي إلى بحر الغزال مقابل الوحدة». ووصف النور، مواقف المؤتمر الوطني بالمتطابقة مع القبيلة، وانتقد حديث الحركة عن صفقة، وقال إنّها لم تَكن موفّقة لأن السياسة لا تعالج بالصفقات، وزاد: إن أبيي مأهولة بالسكان وليست صحراء، وأكد أن الاستفتاء لن يُجرى في المنطقة دون مشاركة المسيرية إلا باحتلال عسكري.
إلى ذلك انتقدت الهيئة البرلمانية لنواب الحركة الشعبية لتحرير السودان تصريحات رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان محمد إبراهيم خليل التي أشار فيها لوجود عقبات أمام الاستفتاء، وأن قيامه في موعده أشبه بالمعجزة. وقال رئيس الهيئة بالإنابة توماس واني لراديو «مرايا» إن التصريحات تنم عن سوء نيّة، وإن الحديث عن مشكلات مالية غير صحيح بعد التزام حكومة الجنوب بتوفير ما يليها من أموال.
وفي سياق آخر قال نائب رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان شان ريج في تنوير قدمه ضمن فعاليات مؤتمر حكام ولايات الجنوب الثامن حول الاستفتاء أنّ مفوضيته أكملت جاهزيتها في تلك الولايات فيما تبقت ولايتان سيتم اكتمال تجهيزهما خلال الأيام القادم، وأشار ريج إلى بدء التدريب لموظفي المفوضية البالغ عددهم 30 موظفا سيتولون مهام التدريب الخاص بتسجيل الناخبين في بقية الولايات، وأنّ المعدات الخاصة بعملية التسجيل قد وصلت جوبا مضيفا أنهم في المفوضية حصلوا على 40 سيارة من ضمن 90 أخرى قدمتها حكومة الجنوب لهم لتسهيل أعمال لجان الاستفتاء الفرعية. وطلب ريج من حكام الولايات تسهيل عمل اللجان العليا للاستفتاء في ولاياتهم.
في غضون ذلك أجرى مبعوث الرئيس الأميركي للسودان سكوت غريشن مباحثات مع رئيس جهاز الأمن الوطني والمخابرات الفريق محمد عطا ونقل المركز السوداني للخدمات الصحافية الموالي للحكومة أن عطا طَمأن بمعالجة ومُحاصرة أي تداعيات سَالبة ومتوقعة يمكن أن تحدث بعد الاستفتاء للجنوبيين في الشمال، والشماليين في الجنوب في حالتي الوحدة أو الانفصال، وأكد عطا «اهتمام الدولة بالأوضاع الداخلية خلال عملية الاستفتاء وحرصها على أن يجرى الاستفتاء في أجواء ملائمة وجيدة بين الشمال والجنوب مع التحسب لكل التداعيات التي يمكن أن تحدث بعد الاستفتاء».