يبذل وسطاء أفريقيا قصارى جهدهم لتفادي انهيار غير مستبعد للمفاوضات الجارية بين وفدي جوبا والخرطوم بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا لحسم الخلافات القائمة بينهما.
ومع تباعد مواقف وفدي البلدين وعدم تنازل أي منهما من أجل دفع الحوار باتجاه التسوية وفق قرار مجلس الأمن والسلم الأفريقي والذي تبناه مجلس الأمن الدولي، تعود ذاكرة الجميع إلى جولات سابقة كان فيها الاختلاف سيد الموقف.
ففي أقل من عشرين دقيقة انفض اجتماع -لم يخل من ملاسنات- عقدته اللجنة الأمنية المشتركة الثلاثاء بين الطرفين، دون التوصل إلى أي نتيجة.
خلافات حادة
وأقر وفد التفاوض السوداني بوجود خلافات حادة في حسم الملف الأمني، وقال المتحدث الرسمي باسم الوفد في اللجنة السياسية الأمنية عمر دهب إن السودان رفض طلباً لدولة جنوب السودان برفع حالة الطوارئ عن المناطق الحدودية (النيل الأزرق وجنوب كردفان)، وسجل اعتراضاً على الخط الفاصل في المنطقة العازلة بين الدولتين لمروره داخل الأراضي السودانية، حسب قوله.
لكن رئيس الوفد الجنوبي باقان أموم أكد موقف دولته المبدئي من التفاوض غير المشروط، وقال للجزيرة نت إن وفد بلاده عاد إلى المفاوضات الحالية تنفيذا لمبدأ عدم وضع أي شروط مسبقة، مضيفا أن “هذه المفاوضات تأتي مدعومة بقرارات مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي الداعية للدخول إليها دون شرط”.
وذكر أن الحكومة السودانية عادت “مجبرة” إلى المفاوضات، لكنها تحاول فرض شروط غير مقبولة بالنسبة إلى حكومة جنوب السودان أو بالنسبة إلى فريق الاتحاد الأفريقي برئاسة ثابو مبيكي، على حد تعبيره.
من جانبه، اعتبر وزير خارجية دولة جنوب السودان نيال دينق نيال أن المفاوضات صعبة وشاقة، وذكر أن العراقيل تعترض ترسيم المنطقة العازلة، وأن وفد دولته يعيش حالة تفاؤل حذر بشأن حسم الملف الأمني بين الدولتين.
غير أنه عاد متهما السودان بالمماطلة والتسويف ومحاولة قتل الوقت للحيلولة دون الوصول إلى تفاهمات مقبولة للدولتين.
ويقول مصدر داخل المفاوضات إن دفع وفد دولة جنوب السودان بخريطته التي تضم كافة المناطق الخلافية على الشريط الحدودي بما فيها منطقة هجليج، أثار غضباً واستفزازاً لدى وفد دولة السودان.
وأكد للجزيرة نت أن وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين رفض الخريطة جملة وتفصيلاً، وطالب بتمليكه إياها “لدراستها والرد عليها لاحقا”، الأمر الذي رفضه وفد دولة جنوب السودان.
لكن وزير رئاسة مجلس الوزراء لدولة جنوب السودان دينق ألور أفصح عن بعض ما يعتقده وفد بلاده بالقول “إن دولة السودان تطالب نظيرتها دولة الجنوب بمحاربة الجيش الشعبي في النيل الأزرق وجنوب كردفان نيابة عنها ونزع سلاحه بالقوة”، معتبرا ذلك مطلباً يستحيل الموافقة عليه.
الملف الأمني
”
المتحدث الرسمي باسم الوفد السوداني في اللجنة السياسية الأمنية عمر دهب قال إن السودان رفض طلباً لدولة جنوب السودان برفع حالة الطوارئ عن المناطق الحدودية
”
أما الناطق باسم وفد السودان في اللجنة السياسية الأمنية السفير عمر دهب فأكد أن المفاوضات تركزت حول الملف الأمني، لافتاً إلى أن حسم المسائل الأمنية هو الأساس الذي تقوم عليه كل المسائل الأخرى من أجل تحقيق السلام والاستقرار.
ويؤكد دهب اهتمام السودان بهذه المفاوضات لارتباطها بالمصالح المشتركة للدولتين، لافتا إلى تواصل المفاوضات رغم وجود صعوبات.
وكان وفدا البلدين قد استأنفا الثلاثاء الماضي في أديس أبابا محادثات -كانت متوقفة منذ مطلع أبريل/نيسان الماضي بعد مواجهات عنيفة- ترمي إلى حل الخلافات التي لا تزال تشوب العلاقات بين البلدين، بعد أكثر من عشرة أشهر على استقلال الجنوب.
وحث مجلس الأمن -في قرار تبناه يوم 2 مايو/أيار الماضي- دولتي السودان وجنوب السودان على وقف المعارك والدخول في مفاوضات بلا شروط في أجل أقصاه 16 يونيو/حزيران الحالي، وهدد الدولتين بتوقيع عقوبات في حال عدم تنفيذ ذلك.
وأكدت الأمم المتحدة قبل نحو أسبوع أن الجيش السوداني انسحب من منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، ولكن جوبا عادت واتهمت الخرطوم بشن هجمات جديدة على أراضيها.
ولا يزال الجانبان منذ انفصال جنوب السودان يتنازعان بشأن ترسيم الحدود واقتسام عائدات النفط ومنطقة أبيي.
الجزيرة نت