*هو الجيش عندكو عمل اصابع كفتة لعلاج الايدز؟ و لا لسة ” ؟.. هكذا علق احد القراء الساخرين على خبر تمديد مهلة الاتحاد الإفريقي الممنوحة للمجس العسكري لنقل السلطة إلى المدنيين . . و على من فهم التعليق شرحه لمن لم يكن متابعا للاحداث .. فقد اغناني عن الاسهاب بتعليقه المقتضب.
*تلويح الاتحاد الافريقي بتعليق عضوية السودان يثير عدة تساؤلات، اولها مدي جدية الاتحاد الافريقي في تطبيق لوائحه وقوانينه، ثانيها هل يعالج ميثاق الاتحاد الافريقي حالة السودان من الاساس؟، ثم ما هي آليات تطبيق الميثاق الإفريقي حول الديمقراطية والانتخابات والحكم؟ هذه هى الاجابة.
*سوابق الاتحاد الافريقي لا تدعم في كثير من الاحوال جديته في تطبيق لوائحه و قوانينه. منع الالتفاف علي التداول السلمي للسلطة غير مطمئن. على سبيل المثال حينما كان الرئيس الساقط (عمر البشير) يسعي لتعديل الدستور للسماح له بفترة رئاسية جديدة فوق عقوده الثلاثة، لم يقل الاتحاد (بِغم) رغم ان ذلك يتعارض مع مواثيق الاتحاد، ويُعتبر تغييرا غير دستوري للحكومات شأنه شأن الانقلاب. في الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم، تنص المادة ٢٣ في بندها الخامس على ” كل تعديل أو مراجعة الدساتير والوثائق القانونية بالصورة التي تتعارض مع مبادئ التناوب الديموقراطي على السلطة.” يستوجب فرض عقوبات مناسبة من قبل الاتحاد .. و مع ذلك تواطأ القادة الافارقة مع البشير، و لربما تُشكر جياد لتجميع السيارات على ذلك!
*الرئيس الموريتاني الذي اتي بانقلاب عسكري ترشح للرئاسة للمرة الثانية على التوالي، وفاز ب ٨٦% ليترشح رغم ان مواثيق الاتحاد ناصعة واضحة في ذلك بمنعه من تولي اي مسئولية سياسية ناهيك عن رئاسة الجمهورية . فحسب المادة ٢٥ البند ٤ – “لا يجوز لمقترفي التغييرات غير الدستورية للحكومات، المشاركة في الانتخابات التي تُجرى لإعادة النظام الديمقراطي. كما لا يجوز لهم شغل مناصب ذات مسؤولية في المؤسسات السياسية للدولة” .. ولم يكتف الرئيس الموريتاني الجنرال (محمد ولد عبد العزيز) برئاسة دولته فقط، بل ترأس القارة حين تسلم الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي ماداً لسانه لمواثيق الاتحاد الافريقي والديمقراطيين والمنادين بسيادة القانون. . كما اسلفت ينص البند الخامس من المادة السابقة على: “يجوز محاكمة مقترفي التغييرات غير الدستورية للحكومات أمام الهيئة القضائية المختصة للاتحاد الأفريقي.” فبدلا من محاكمته كما تنص المادة.. تقلد رئاسة القارة ولم يكن الاخير، فقد فتح شهية الاخرين لتكرار التجربة، وليس هو الوحيد، لكن نشبت اظافري عليه دون غيره (لانني لا ازور موريتانيا رغم اهلي الشناقيط) .
*الحقيقة ان مجلس السلم و الامن الافريقي يمهل الرؤساء امثاله لحين ارتداء الجلباب المدني عوضا عن البزة العسكرية ليمدوا له الايدي مباركين ..ولذلك اقول رغم انه كلام موجع يا اهل السودان، ان كنتم تنتظرون الاتحاد الافريقي فعليكم الاختيار من الآن : من تريدون رئيسا للفترة (بعد) الانتقالية : البرهان ، حميدتي ام الفريق الاكعب من حميدتي: صلاح عبد الخالق بس ما عارفنو ساي؟ اقصد ظروفه؟.
*الان نحاول الاجابة على السؤال الثاني :هل يعالج ميثاق الاتحاد الافريقي حالة السودان الراهنة من الاساس؟ لتجيب علي السؤال بنفسك إليك الميثاق الإفريقي حول الديمقراطية والانتخابات والحكم ودونك المواد (٢٣ و ٢٤ و ٢٥)
بالنسبة لي المادة ٢٣(عقوبات في حالة التغيير غير الدستوري للحكومات)، البند الاول لا ينطبق لان البشير المخلوع غير منتخب ديمقراطيا، ولا ينطبق البند الثاني لذات السبب، ولان الثوار ليسوا مرتزقة، ولا ينطبق البند الثالث لذات السببين مضافا إليهما سلمية الثورة، وغني عن القول ان البند الرابع لا ينطبق، اما الخامس فقد سكت الاتحاد الافريقي حينما كان يجب ان يتخذ موقف كما فصلتُ اعلاه.
*ومع ذلك فمن حق الاتحاد الافريقي التدخل حسب المادة ٢٤ بسبب ان المادة فضفاضة، وتتحدث تتحدث عن وقوع وضع في دولة يؤثر على ترتيباتها السياسية والمؤسسية الديمقراطية أو على الممارسة الشرعية للسلطة .
*واخيرا، الاجابة على السؤال الاخير: ما هي آليات تطبيق الميثاق الإفريقي حول الديمقراطية والانتخابات والحكم؟ دعونى ألقى علي مسامعكم نكتة .. ينادي الميثاق بضمان نشر الميثاق على نطاق واسع على كافة الدول الاعضاء. وفي بلادنا كان نافع علي نافع.. هو من يتولي تدريب الاحزاب الافريقية على ممارسة الديمقراطية.. منو؟! نعم، هو المذكور وذلك من خلال منصبه كأمين عام لمجلس الأحزاب الإفريقية، ولتكتمل النكتة فقد سافر الي جاكارتا، نعم جاكارتا التي في اندونيسيا ليُدرّب ويطلع الناس علي تجربة افريقيا في منع الانقلابات من خلال بروتوكولها و ميثاقها .. قبل ان يخلفه فيصل حسن إبراهيم.
*الخلاصة: يجب على الاتحاد الافريقي ان يظهر الجدية في التمسك بمواثيقه، كما ان الميثاق لا يعالج كيفية ادارة الفترات الانقالية التي تلي الثورات، و لو فعل لاوقف اعادة انتاج الانقلابات، وبما ان الدول هي المعنية بتقديم مقترحات لتعديل أو مراجعة الميثاق، ليت دولة ديقراطية كجنوب افريقيا تبادر بتبني التعديلات المطلوبة.
الجريدة