الخرطوم تتجه لحل الحكومة لاستبعاد الوزراء الجنوبيين
جدل حول بقاء سلفا كير في منصبه كنائب أول للرئيس.. والحركة الشعبية تلوح بورقة النفط
الخرطوم: فايز الشيخ
فجر الشريكان في السودان قضية جديدة تتعلق بترتيبات ما بعد الاستفتاء، وتتضمن مدة الفترة الانتقالية ومصير النائب الأول سلفا كير ميارديت. ففي حين يشدد المؤتمر الوطني على انتهاء أجل منصب سلفا، فور إعلان نتيجة الانفصال، أكدت مصادر أن المؤتمر الوطني الحاكم يتجه نحو حل الحكومة مباشرة بعد إعلان نتيجة الاستفتاء. ورفضت الحركة الشعبية موقف «الوطني» وشددت على أن سلفا كير سوف يستمر في منصبه إلى شهر يوليو (تموز) المقبل، وكشفت عن مقترح من الخرطوم بتمديد الفترة الانتقالية.
وقال لـ«الشرق الأوسط» المستشار بوزارة الإعلام ربيع عبد العاطي إن «الحكومة ستتجه نحو تكوين حكومة ذات قاعدة عريضة بمشاركة القوى السياسية الأخرى إذا وقع انفصال الجنوب»، واستبعد مشاركة وزراء جنوبيين في الحكومة الجديدة باعتبار أن الجنوب سيصبح دولة مستقلة، وحول الجدل الدائر حول بقاء سلفا كير ميارديت في منصب النائب الأول للرئيس، قال عبد العاطي: «حتى لو بقي في منصبه سيكون دوره مقتصرا على ترتيبات الجنوب، وترتيبات ما بعد الانفصال»، وأكد أن «الرئيس البشير سيبقى في منصبه لمدة أربع سنوات مقبلة باعتباره منتخبا من السودانيين، وبنص الدستور الانتقالي الذي يحكم البلاد».
وفي السياق ذاته، أكد حاج ماجد سوار وزير الشباب والرياضة أمين التعبئة بـ«الوطني»، مواصلة حزبه دعوة أحزاب المعارضة للمشاركة في القاعدة العريضة، وأشار إلى أن أجل الدستور سينتهي بإعلان نتائج الاستفتاء، بيد أنه أكد أن منصب النائب الأول يعتبر قضية قائمة بذاتها خلال المرحلة المقبلة، وأشارت تقارير في الخرطوم إلى أن المؤتمر الوطني يتجه نحو اتخاذ قرارات بإعفاء الوزراء الجنوبيين والدستوريين من أعضاء البرلمان، والمفوضيات المشتركة التي كونت بمقتضى اتفاق السلام الشامل، إلا أن الحركة الشعبية رفضت هذا الاتجاه، واعترض نائب الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان على ما أطلق عليه الإشارات السالبة من بعض دوائر المؤتمر الوطني، التي تتعلق باتخاذ قرارات فورية بإعادة تكوين الجهاز التنفيذي والتشريعي والخدمة المدنية إضافة إلى شكل ومحتوى الدستور الجديد، من دون الالتزام بالدستور وخارطة الطريق التي رسمها للفترة انتقالية ومن دون مشاركة القوى السياسية في الترتيبات الجديدة، بجانب اتخاذ قرارات حول قضايا المواطنة بإرادة منفردة وقبل الوصول لاتفاق حولها. واعتبر ذلك يهدد مئات الآلاف من الأسر من الجنوب، التي تجد نفسها على قارعة الطريق، ولفت إلى أن ذلك الاتجاه سيولد مرارات في الجنوب والشمال، ونبه إلى أنه لن يمكن أطراف الاتفاقية من فك الارتباط السلس والمدروس والمنظم، وأوضح أنه سيؤثر سلبا على كيفية حل القضايا العالقة، وعلى العلاقة بين الشمال والجنوب، وطالب بالعمل لجعلها استراتيجية، ومرتكزة على الاعتماد المتبادل. وشدد عرمان على ضرورة وقف ذلك الاتجاه والالتزام بالاتفاقية حتى نهاية الفترة الانتقالية في 9 يوليو المقبل، وزاد: «في هذه الفترة سيكون السودان موحدا، وسيمارس النائب الأول صلاحياته، ولن تعلن دولة الجنوب حتى في حال الانفصال إلا في يوليو المقبل». وحذر من أن الإخلال بترتيبات السلطة سيؤدي إلى خلل في ترتيبات قسمة الثروة، وجدد تأكيده على أهمية الالتزام بالدستور والاتفاقية وحل القضايا العالقة وعلى رأسها أبيي والترتيبات الأمنية الجديدة والمشورة الشعبية للمنطقتين، وإشراك القوى السياسية في حوار شمالي – شمالي، وفي الترتيبات الدستورية الجديدة التي تهم المجتمع المدني والقوى السياسية في الشمال.
في السياق ذات، كشف القيادي بالحركة الشعبية وزير مجلس الوزراء لوكا بيونق، عن تقدم شريكهم في الحكم حزب المؤتمر الوطني بطلب لفترة انتقالية جديدة عقب انتهاء الفترة الانتقالية المنصوص عليها في اتفاق نيفاشا في التاسع من يوليو، ووصف مواقف الحزب بالتناقض. وأكد لوكا في تصريحات صحافية بالخرطوم أمس أن «القرارات الفورية بإخلاء المناصب التنفيذية والتشريعية من النواب حال إعلان الانفصال ستفقد الشمال مبلغ 2 إلى 5 مليارات دولار خلال الأشهر من مارس (آذار) وحتى يوليو الموعد المحدد لانتهاء الفترة الانتقالية، وقال إن «القرارات الفورية الأحادية يمكن أن تولد قرارات أخرى من قبل الجنوب في ما يتعلق بالنفط، فبدلا من أن يستمر الشمال في الاستفادة من النفط حتى 9 يوليو، سيفقد ما بين 2 و5 مليارات دولار خلال الفترة من مارس حتى يوليو بمعدل 500 مليون دولار شهريا». وأوضح أن النظرة الضيقة للدستور تعطي شعورا بأنه مع إعلان الانفصال سيفقد الجنوب كل شيء كما تدخل في تلك المادة النفط الذي سيذهب للجنوب، معتبرا أن التفسير الحرفي للمادة 226 من الدستور انفعالي، وأكد ضرورة تسخير الفترة المتبقية لحل القضايا العالقة لا سيما أبيي، مما يتطلب بقاء النائب الأول للرئيس في منصبه، وأضاف لوكا أنه من المهم التركيز في الفترة المقبلة على إجراءات ما بعد الاستفتاء وخلق علاقات قوية بين الشمال والجنوب. وزاد: «أي موقف سياسي أو تنفيذي لا بد من أن يصب في روح بناء علاقات بين الشمال والجنوب»، وقال: «عموما، لو اتخذ المؤتمر الوطني ذلك القرار، فمن حقه بحسب القراءة للدستور بالنظرة الضيقة، كما أن الجنوب أمامه تحديات كثيرة وجاهز لاستقبال أبنائه».