حظي الملف السوداني اليوم بمتابعة شاملة وواسعة النطاق من جانب صحف ووسائل إعلام أميركية مختلفة، وقد حرصت على تناول العديد من القضايا والمشكلات الشائكة ذات الأبعاد والتأثيرات المتباينة على الصعيدين الداخلي والخارجي. وفي تقرير مطول لها، أبرزت صحيفة ” كريستيان ساينس مونيتور ” الأميركية حقيقة حالة الانقسام الموجودة الآن بين مسؤولي الإدارة الأميركية حول جدوى إطلاق مصطلح ” الإبادة الجماعية ” على الظروف والملابسات التي يشهدها إقليم دارفور حاليا ً. وتكتب الصحيفة تحت عنوان ( هل زالت هناك إبادة جماعية في دارفور ؟ البيت الأبيض ليس متأكدا ً ) ، وتشير الصحيفة إلى ما قاله يوم أمس مبعوث أوباما الخاص إلى السودان الجنرال سكوت غراتيون في الشهادة التي أدلى بها أمام مجلس الشيوخ، حيث قال إن تسمية “الإبادة الجماعية” لم تعد دقيقة أو مفيدة.
وتابعت الصحيفة إبراز حديث غراتيون، الذي واصل فيه بالقول :” هناك فرق كبير بين ما حدث في عامي 2004 و 2003 ، وهو ما وصفناه بالإبادة الجماعية، وبين ما يحدث هناك اليوم”. كما اعترف غراتيون بالاختلافات في وجهات النظر الموجودة حاليا ً بين مسؤولي الإدارة الأميركية حول السودان ودارفور، واصفا ً إياها بـ “المناظرة الأمينة” و”القضية الأساسية”. وقالت الصحيفة من جانبها إن تلك المناظرة هي عبارة عن جزء من عملية مراجعة شاملة لسياسة السودان بداخل الإدارة الأميركية التي توقفت الشهر الماضي بشأن الطريقة التي ينبغي على البيت الأبيض أن يوازن من خلالها بين الحوافز والعقوبات من أجل الحصول على أقصى سبل التعاون من الخرطوم.
وفي الإطار نفسه، تناولت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية شهادة غراتيون أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، حيث أشارت إلى مطالبة كبير مبعوثي أوباما للسودان بضرورة مراجعة السياسة الأميركية تجاه الخرطوم، بعد أن أكد عدم وجود أساس لإبقاء السودان على القائمة الأميركية الخاصة بالدول الراعية للإرهاب، وأن الأمر قد بات مجرد مسألة وقت كي تقوم الولايات المتحدة بـ “تبسيط” العقوبات الاقتصادية المفروضة ضد حكومة الخرطوم . وقد اعتبرت الصحيفة من جانبها هذه الشهادة أنها أقوى نقد يوجهه مسؤول أميركي للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة لوضع ضغوطات سياسية واقتصادية على حكومة السودان الإسلامية. كما رأت الصحيفة أن تعليقات غراتيون أثارت مخاوف بين النشطاء ومنتقدي السودان في الكونغرس من أن الإدارة تُقدِم عرضا بمكافأة السودان دون الحصول على ضمانات بأن الحكومة ستتخذ خطوات لإنهاء الصراع في إقليم دارفور وفي الجنوب.
إلى ذلك، أعدت شبكة “فوا نيوز” الإخبارية الأميركية على شبكة الإنترنت تقريراً مطولاً، قالت فيه إن قضيتي السياسة الأميركية تجاه الخرطوم وكذلك المجهودات الدولية التي يتم بذلها في سبيل الوصول لحل دائم وفعال بشأن الموقف في دارفور يخضعان الآن للمراجعة تحت المجهر في مجمع كابيتول هيل مقر الكونغرس الأميركي، وأشارت الشبكة في هذا السياق إلى وجود لجنتين من مجلس النواب وأخرى من مجلس الشيوخ يقومان في هذه الأثناء بالبحث في الملف السوداني، وذلك في الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بتقديم دعمها لعمليات حفظ السلام الدولية. كما تطرقت الصحيفة إلى حملة الانتقادات التي تتعرض لها إدارة الرئيس الحالي، باراك أوباما، بسبب تباطؤها في صياغة إستراتيجية فعالة تجاه السودان والموقف في دارفور.
وإلى محور آخر أثار موجة كبيرة من الجدل على الساحتين المحلية والدولية على مدار الأيام القليلة الماضية، وهو المتعلق بعقوبة الجلد أربعين جلدة والتي صدرت ضد الصحافية السودانية، لبنى الحسين، على خلفية ارتدائها ملابس مخالفة للنظام العام والآداب، حيث نقلت شبكة سي إن إن الإخبارية الأميركية عن محامي الصحافية الذي يدعى نبيل أديب، تأكيده أن القانون الذي يدين امرأة لسبب مثل هذا يعتبر قانونا “مهينا”. وتابع أديب حديثه للشبكة بالقول :” عليهم أن يوقفوا تلك العقوبة المهينة. فليس لها أي داع على الإطلاق. وما هي إلا نوع من أنواع المضايقات”.
وفي تقرير آخر لشبكة “فوا نيوز” الإخبارية، تحت عنوان ( سكان شرق السودان يواجهون شبح التهميش ) تؤكد الصحيفة على المخاوف الخطرة التي يتم إثارتها حاليا ً بشأن ارتفاع وتيرة الاتجار بالسلاح في السودان، وأن ذلك من الممكن أن يُعرض استمرارية اتفاق السلام الشامل الذي تم توقيعه عام 2005 للخطر. وقالت إنه وعلى الرغم من التراجع النسبي في حدة التوترات التي سبق وأن نشبت بشأن الحقوق النفطية ومزاعم امتلاك الأراضي في منطقة أبيي عقب الحكم الذي أصدرته الأسبوع الماضي محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي بشأن حدود تلك المنطقة، إلا أن سكان جبال النوبة الشرقية، والبجا، ومنطقة النوبة يرغبون أيضا ً في منع تعريض مصالحهم للتهميش من جانب حكومة الخرطوم والقوات في جنوب السودان. وفي هذا الإطار، نقلت الشبكة عن ريتشارد لوبان، أستاذ الدراسات الإفريقية من كلية الحرب البحرية الأميركية تأكيده أن السكان الذين يعيشون في شرق السودان يتمتعون بعزلة نسبية. وأشار إلى أن حرب السودان الأهلية الثانية التي بدأت في عام 1983 عملت على تمزيق حالة الهدوء التي كانت تُميز المنطقة الشرقية، وعرضت سكان المنطقة للخطر بعد توريطهم في صراع لا يخصهم بأي حال من الأحوال.
وفي قضية أخرى من شأنها أن تزيد من وطأة الأجندة المثقلة التي تنتظر إيجاد الحلول من الرئيس عمر البشير، تحدث موقع “ذا ميديا لاين” على شبكة الإنترنت عن أزمة نقص المياه التي تسببت في نزول المئات من السودانيين إلى الشوارع على مدار الأيام القليلة الماضية، من أجل الاحتجاج على النقص الحاد في مياه الشرب في العاصمة، وذلك بالتزامن مع ما كشفه عمال الإغاثة هناك بأن الصنابير تقذف طينا بدلا ً من المياه منذ عدة أيام. وهي الوضعية التي اضطرت قوات الشرطة لتفريق المتظاهرين عن طريق القنابل المسيلة للدموع، بينما تعهد المسؤولون عن قطاع المياه أن يجدوا حلا ً للأزمة. وفي حديث له مع الموقع، قال سامباث كومار، المسؤول عن مياه الشرب والصرف الصحي في منظمة الأمم المتحدة للطفولة – اليونيسف – في الخرطوم :” هناك نقص في المياه، وما يتوافر منها يكون موحلا ً بشكل كبير. والمشكلة هي أنهم يقومون ببعض أعمال إعادة التأهيل في أجزاء كثيرة من المدينة .. فهم يقومون بتنظيف أو وضع أنابيب جديدة”.
ترجمة: أشرف أبوجلالة من القاهرة
إيلاف