جبريل ابراهيم في مواجهة المكارثيون السودانيون .
بقلم :فتح الرحمن يوسف سيدأحمد – باريس
يعود مصطلح المكارثية للعام ١٩٥٠ م نسبة للبرلماني الأمريكي جوزيف مكارثي وتعرف المكارثيه بأنها إتجاه سياسي يعمل علي شيطنة الخصوم واتهامهم بدون أدلة أو بتلفيق الأدلة وصناعة حالة من الخوف والرعب عند الجماهير تجاه شخصيات معينة أو أفكار معينة .
وظهرت المكارثية إبان الصراع الروسي الأميريكي وهي تعود الي البرلماني مكارثي الذي استغل الظروف المعادية للشيوعية وقام بصناعة حالة من الخوف من الشيوعيه والشيوعيين للحد الذي جعله يتهم شخصيات وطنيه كبيره وموظفين كبار في الدولة بدون أي دليل ولذلك نسب إليه ذلك السلوك والاتجاه السياسي فتجنب نقده الكثيرون حتي لا يقعوا في مرمي اتهامه فدخل بسببه كثير من كبار رجال الدولة الي السجون وهم أبرياء من تهمة الشيوعيه ولكن في موجة الكره العام للشيوعيه عند الشعب ماتجرأ أحد للدفاع عنهم الا بعد فترة طويلة وبعد أن استفاق الشعب من خدعة مكارثي وتخوينه للشرفاء وصناعته للخوف منهم في نفوس الأمريكان .
وللأسف إن الشيوعيين السودانيين واليسار السوداني عموما دائما يقومون باجترار الماضي البغيض والواقع المرير الذي عاشه الشيوعيون كأفراد وكفكره في دول أخري أو عاشوه هم في السودان واستخدام الأدوات الصدئة التي استخدمت ضدهم مع خصومهم السياسيين أو حتي مع شعبهم والأمثلة هنا كثيرة يسهل رصدها للمتتبع والمهتم بالشأن السياسي في السودان.
فمثلا علي المستوي الداخلي قام الشيوعيون بانقلاب ١٩٦٩ م وأراقوا دماء الأبرياء عندما تم إقصائهم من البرلمان فاستخدموا اسلوب اقصائي عنيف لأنهم تعرضوا للإقصاء العنيف والحملات الدعائية المناوئة لهم
والمدقق السياسي في الآونة الأخيرة يلاحظ أن اليسار السوداني لبس لبوس المكارثيون واستخدم ذات السلوك المكارثي مع خصومه السياسيين مستخدما آلة إعلامية ضخمه فرغ لها كل السواقط من عضويته لأن المكارثيون هم في الأصل يديرون حرب غير أخلاقية بغرض شيطنة خصومهم واغتيالهم سياسيا وترسيخ صورة شيطانية لهم في أذهان العامة الذين لا يجتهدون كثيرا في فحص الأدلة وغالبا مايلتهمون الجاهز المعلب علي رداءته.
وكان الوزير الدكتور جبريل إبراهيم هو المستهدف الأول من خصومهم ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها :
١/جبريل صاحب توجه يميني معتدل وقبول قطاع عريض من الشعب له يعني انحسار لإمكانية تمدد اليسار الذين اعتقدوا أن كره الشعب للكيزن بعد ثورة ديسمبر قد يمنحهم فرصة استقطاب جماهير جديده خاصة من فئة الشباب وهم ذلك الحزب الكهل الذي عاف أفكاره الشباب.
٢/جبريل أكاديمي مؤهل وقيادي ناجح وفق في المحافظة علي حركة العدل والمساواة السودانية وجنبها كثير من الظروف التي كانت كفيلة بانهيارها ومحوها من الساحة السياسية والعسكرية .
٣/ جبريل شخصية وطنية قومية يجتمع حولها كثير من أهل السودان من مختلف الأقاليم .
٤/جبريل يقود تنظيم قدم تضحيات كبيره ضد النظام البائد وقدم أرتال من الشهداء علي رأسهم القائد المؤسس خليل إبراهيم وقدم تجربة عملية في النضال الثوري ضد النظام البائد لا هتافات وشعارات وشخبطة علي الجدران فقط.
٥/جبريل شخصية مهذبة في طباعه وحتي أسلوب خطابه واكتشف الشعب ذلك في أول خطاب له بعد عودته الي الخرطوم بعد توقيع اتفاق جوبا للسلام وهنا أحس أهل اليسار بالخطر فهم الآن يعتبرون جبريل هو المنافس الحقيقي لهم لأنه الوحيد الذي يمكن أن يفند خطل خطاباتهم ومواقفهم السياسية بأسلوب هادئ ومنطقي وعقلاني وقريب من وجدان الشعب.
كيف بدأت حرب المكارثيون علي جبريل؟ بدأت من أول يوم تولي فيه الرجل حقيبة وزارة المالية ولأنهم لا يستطيعون المساس بذمته المالية استغلوا خطابه أمام عضوية حركته الذين كانوا رافضين أصلا لتوليه هذا المنصب والذي قال فيه وهو محق أنه وافق علي هذا المنصب لضمان استحقاقات السلام المالية فلفقوا الخطاب وخلقوا ضجة إعلامية معادية مفادها أن جبريل يريد تحويل ميزانية السودان لدارفور .
واذا توقف المنصف عند هذا الخطاب يجد أن الرجل محق لأن استحقاقات السلام هي مبالغ تافهة تتمثل في القليل الذي يمكن النازحين من العودة الي قراهم آمنين بعد أن شردتهم الحرب ودمرت كل قراهم فهل يعاب علي الرجل حرصه علي مايمكن جزء عزيز من أبناء الوطن الكرام العودة الي قراهم والعيش بين مواطنيهم موفوري الكرامة بعد إقامة جبريه في معسكرات نزوح علي أراضي دول أخري ؟ وهل قال اليساريون للشعب أن استحقاقات السلام ليست لدارفور وحدها بل حتي للشمال والذي يقرأ اتفاق مسار الشمال المعدل يعلم ذلك .
ثم أن حرص الرجل علي ضمان استحقاقات السلام لأن أهل اليسار ضد السلام من حيث المبدأ ومن أول يوم صرحوا بذلك واستمر الرفض الي الآن بحجج واهية وصلت الي درجة المطالبة بإلغاء اتفاق جوبا ولم يقدموا بديلا له وهم يعلمون أن إلغاء السلام يعني العودة الي مربع الحرب وهذا مايريدونه لأن أهل اليسار لا يستسيغون إلا العيش في جو ملبد بالصراعات.
* ظهور نجاحات للرجل وتبني سياسة مالية هم نفسهم كانوا ينادون بها وهي سياسة الإعتماد علي الذات وعدم الدخول في ديون ترهق كاهل الدولة مستقبلا ورغم سعيهم لإفشال الرجل من خلال تأليب المجتمع الدولي ومؤسساته الماليه حتي تم إيقاف كل المال الذي خصص للفترة الإنتقاليه فإن صفوف الغاز والبنزين والرغيف تلاشت تماما وتم الإعتماد في آخر موازنة علي موارد الدولة الذاتية حتي تفاجأ اليساريون من صمود الرجل وسياساته وهم الذين كانوا يتوقعون الانهيار التام وإعلان الإفلاس خاصة بعد حملات العمالة التي قاموا بها ضد السودان والتضييق عليه ماليا للدرجة التي طلبوا فيها من المواطنين سحب أموالهم من البنوك وأن يرسل المغتربون تحويلاتهم من خلال السوق الأسود لإضعاف الجنيه مقابل العملات الأجنبيه.
*افتعلوا عداء عبثي من خلال تأليب أهل الشمال علي جبريل حيث صوروا لمواطن الشماليه أن أموال أهل الشمال سيأخذها الرجل الي دارفور بحجة تنفيذ اتفاق السلام رغم علمهم بأن الرجل أكثر المؤمنين بتهميش أهل الشمال وأنه زار الشمال حتي قبل أن يزور دارفور .
وعندما تم زيادة تعريفة الكهرباء وهذا أمر تقرره وزارة الطاقة وفقا لحيثيات معينة لا يقرره وزير الماليه فنسبوا إليه تلك الزيادات وصدق الأمر كثير من المواطنين البسطاء وكان ذلك كله في إطار خلق الصوره الشيطانية لجبريل في أذهان العامه وإظهاره بأنه يمارس عنصرية علي أهل الشمال .
* التلفيق للمستندات وطرح مستندات مزوره تطفح بها الميديا يوميا للتشكيك في نزاهة الرجل لكن سرعان ماتتكشف للناس حقيقة التزييف فيعاودوا المحاولة مرة أخري وهو مسلسل لن يتوقف لإعتقادهم أن غمر الميديا بالتزييف ضد الرجل يخلق بالتدريج نوع من اهتزاز الصوره الجميله له عند بعض الناس ويجعلهم جاهزين لإلتهام كذبه أخري في حربهم المكارثية ضد الرجل.
* وصف الرجل بالكوزنه حيث لم تشفع له نضالات ٢٠عام ضد الكيزان فقد في تلك النضالات أعز أهله ورفاقه ولكن أصلا هذا الاتهام يعود لحالة نفسية يعيشها أهل اليسار وهي محاولة نفي حقيقة واقعية هم عاشوها باتهامهم للغير لإبعاد هذه التهمة عنهم وطبعا الشعب السوداني الحصيف يذكر كيف شارك الشيوعيون في حكومة الكيزان وكيف كان جهاز الأمن الإقتصادي كان يدعم كثير من تجار أحزاب اليسار واحتكر لصالحهم كثير من النشاطات الاقتصادية وكيف أن وجدي صالح كان موظفا في شركات الكيزان(لا شركات الدولة) وكيف كان ساطع الحاج ونبيل أديب يقبضون الملايين في دفاعهم ومرافعاتهم القانونية لصالح الكيزان وكيف أن محمد منقه يرفل في نعيم جده الكوز الي الآن ؛المهم الغرض هنا رمي الرجل بدائهم والانسلال ولكن ذاكرة الشعب الحصيف ماتزال بخير.
*تهمة مساندة الإنقلاب :
حتي نعود بالذاكرة للوراء وعندي توقيع وثيقة شراكة العسكر مع أحزاب الحرية والتغيير بما فيهم كل اليسار لم يكن جبريل من بينهم بل كان خارج السودان فهم الذين جاؤا بالعسكر الي السلطة لا جبريل .
وعند توقيع اتفاق السلام رفض اليساريون شيوعيون وبعثيون تضمين اتفاق جوبا ضمن الوثيقة ومارسوا عداء سافر وغير مبرر ضد السلام وقوي الكفاح المسلح ومع ذلك وعند حدوث انقلاب ٢٥ أكتوبر سأل اليساريون الشعب سؤالا خبيثا لماذا لم تقف الحركات في صف المدنيين المبعدين من السلطه وفات عليهم أن ابتعاد الحركات عن السلطه يعني فسخهم للسلام الذي وقعوه ويعني عودتهم لمربع الحرب مع الجيش هم يعلمون الإجابة علي ذلك السؤال ولكن هي محاولة خلق الفوضي بصناعة العداء بين الحركات والجيش والدعم السريع وهذا مايحاولون فعله باستمرار.
*جبريل يضرب مواطن الفساد والمأكلة:
بعد تسلمه ذمام أمور وزارة الماليه وفضحه لممارسات لجنة ازالة التمكين غير القانونية وتجاوزاتها وأكل كثير من أموال الناس بالباطل وتفويت فرصة علي الشعب استرداد كثير من المال العام الذي نهبه فعلا جزء من الكيزان وكذلك مواجهته العلنية لللجنة في الإعلام وكشف لعبهم بعقول السودانيين اشتد عليه الكره من قبل أهل اليسار من البعثيين وواجهات الشيوعيين في الحكومة واللجنة مثل محمد منقه (الشيوعي الاتحادي) وغيرهم من موظفيهم الذين مكنوهم في مؤسسات الخدمة المدنيه .
ثم إن اليساريين إبان فترة حمدوك صنعوا منظمات وواجهات طفيلية ظلت تقتات علي التسهيلات الجمركية بحجة العمل الإنساني وهي في الأصل واجهات سياسية وفي إطار حملات الإصلاح التي قام بها جبريل كان من الطبيعي أن تجف مصادر التمويل لتلك المنظمات والواجهات السياسية وكذلك تجار تلك الأحزاب حرموا من التسهيلات وتم معاملتهم مثل أي مواطن عادي دون تمييز كل تلك الأسباب أججت الحرب علي الرجل والغريبه هنا اتفق الكيزان مع اليسار في حربهم علي الرجل لأن مصيبتهم كانت واحده وكما يقال إن المصائب تجمعن المصابين ؛ لذلك عندما تم إعفاء سيارة من الرسوم الجمركية لصالح إبن شهيد من أعظم قادة السودان الثوريبن ووفقا لاتفاق السلام ومن ضمن سيارات أخري كان يجب علي الرجل اعفائها لكنه رفض ووثق لذلك حتي يصبح مافعله موثقا للعامة فلا يظنون أنه تجاوز مالي تم القيام به سرا .
تبعت تلك المكارثيه خطاب كراهية عنصري تقوده الآلة الإعلامية لليسار وأعوانهم دون حساب لمستقبل السودان بعد تلويث المجتمع بداء العنصرية البغيضه ورمي السودان في أتون حرب لعينة ستأكل الأخضر واليابس اذا استعرت هذه المرة. المهم في الأمر أن تلك المكارثية اليسارية لن تتوقف قريبا لكن لأن زيفها مكشوف والكذب حبله قصير ومع الحملات الجريئة التي يقودها المخلصين الواعين من أبناء السودان الحريصين علي وحدته وتماسك مكوناته وتبيينهم للحقيقة المجردة بدأ الشعب يدرك الغث من الثمين والحقيقة من الزيف و قريبا ستتلاشي تلك النعرات والأكاذيب ستموت تلك الخطابات الكريهة وأصحابها من أهل اليسار كما مات مكارثي منبوذا هو وفكرته تحت تأثير الخمور في مستشفي نائي .