بسم الله الرحمن الرحيم
ثم ماذا بعد مقاطعة الحركة الشعبية للإنتخابات في ولاية جنوب كردفان ( جبال النوبة ) ! ؟
عبدالغني بريش اللايمى / أمريكا
ان اقامة انتخابات نزيهة في أي بقعة من بقاع العالم خطوة أخرى سليمة على الطريق نحو استكمال بناء مجتمع تسوده العدالة والمساواة بين جميع الناس في الحقوق والواجبات ، وأي تجاوز لهذه النزاهة يعتبر تجاوزا على العملية الديمقراطية بأكملها واغتيالا لها 0
بموجب اتفاقية نيفاشا التي تم التوقيع عليها في عام 2005 بين ( الحركة الشعبية – المؤتمر الوطني ) كان يفترض تشكيل لجنة من طرفي الإتفاقية لإجراء احصاء سكاني في كل مناطق السودان وأقاليمه والإعداد لقيام انتخابات برلمانية ورئاسية بعد اربع سنوات من تاريخ التوقيع على ” الإتفاقية ” وتوزيع الدوائر الإنتخابية بناءاً على عملية الإحصاء هذه لتحقيق العدالة في التمثيل النيابي لجميع أهل السودان 0
بالإضافة الى ما نص عليه اتفاقية نيفاشا بإجراء احصاء سكاني شامل في السودان ، كان أطرافا دولية واقليمية ومحلية أيضاً قد شددت على استصدار توصيات ضرورية لاستكمال الديموقراطية الانتخابية – ومنها ضرورة توزيع الدوائر الإنتخابية حسب كثافة السكان ، وتحسين مستوى شفافية الإحصاء وعد الاصوات وترتيبها بشكل يسمح لممثلي الأحزاب السياسية ومرشحيها بالإطلاع عليها قبل اعتمادها رسمياً من قبل الرئاسة السودانية ” سلفا كير + عمر البشير ” 0
وكانت هناك ايضا اصواتا سياسية مستقلة في داخل السودان وخارجه قد طالبت ان يكون هناك موعد نهائي لتقديم الطعون ضد نتائج عملية الإحصاء اذا تشككت جهة ما ، ولرئاسة الجمهورية المكونة من ( الرئيس عمر البشير + نائبه الأول ” رئيس حكومة الجنوب ) الفصل في نتائج هذه الطعون قبل موعد قيام الإنتخابات العامة ، وضرورة تخطيط الدوائر الانتخابية لتحقيق العدل والمساواة بين السودانيين جميعا 00 وكان الهدف من وراء الأصوات التي نادت بشفافية الإحصاء السكاني في السودان هو وضع الأطر الإيجابية طبقاً للمعايير الدولية التي يتم تطبيقها في العملية الانتخابية لتحقيق العدل والمساواة بين كل السودانيين مع احترام الحريات العامة والمنافسة الانتخابية بشكل حضاري ونزيه 0
لكن هل تم الإحصاء السكاني لكل ولايات وأقاليم السودان وفق المعايير الدولية والديمقراطية ولم يتبقى للإنتخابات العامة سوى ثلاثة أشهر فقط ؟
منذ بدء عملية الاحصاء السكاني قبل سنة ونصف تقريبا تبادل طرفي اتفاقية نيفاشا الاتهامات والاتهمات المضادة حول كيفية سير هذه العملية من حيث عدد الأصوات والتلاعب بالدوائر الانتخابية التي لا تعبر عن الشفافية والنزاهة 00 وبينما حزب المؤتمر الوطني الشريك الأكبر في اتفاقية نيفاشا دافع عن التلاعب والتزوير ، كانت الحركة الشعبية الشريك الأصغر تتخبط يمينا ويسارا غير قادرة على حسم موقفها من عملية التزوير والتلاعب الذي مارسه شريكه في وضح النهار – والآن وبعد ان تبقى للإنتخابات العامة اقل من ثلاثة اشهر خرجت من صمتها الطويل لتقول انها ستقاطع الانتخابات في ولاية جنوب كردفان في كل مستوياتها ، وليس مقاطعة هذه الانتخابات في كل من النيل الازرق ودارفور وجنوب السودان وجميعها شهدت نفس المشلكلة التي شهدتها ولاية جنوب كردفان ( جبال النوبة ) وهي عدم اتمام عملية الاحصاء السكاني وعدم توزيع الدوائر الانتخابية بالطريقة التي تحقق العدالة والمساواة للجميع 0
ان المعايير الدولية لأي عملية انتخابية تسمح بتجميع الأصوات قبل الانتخابات وكان يجب على الحركة الشعبية باعتبارها الصوت المعبر عن قضايا المهمشين والضعفاء في السودان ان تحسم موقفها سلباً تجاه عملية تزوير الاصوات التي مارسها حزب المؤتمر الوطني في كل من جنوب كردفان وولايات دارفور وجنوب السودان وفي اجزاء من ولاية النيل الازرق وولاية الخرطوم وتقرر مقاطعة الانتخابات فيها بتحميل حزب البشير تبعات هذه المقاطعة 00 لكن ان تقرر الآن مقاطعة الانتخابات في ولاية جنوب كردفان فقط دون المناطق الأخرى التي شهدت نفس المشكلة هذا ما لا يمكن مضغه وتفسيره !! 0
السؤال الآن هو – فلنفترض ان الحركة الشعبية تمسكت بقرارها الذي اعلنه في العاصمة السودانية الخرطوم الفريق عبدالعزيز ادم الحلو نائب والي ولاية جنوب كردفان بياريخ 20 يناير 2010 وقاطعت الانتخابات في جبال النوبة – هل للحركة الشعبية خطة ” ب ” لمواجهة غطرسة حزب المؤتمر الوطني الذي حتما سيأتي ويقول ان الحزب ماضي في اجراء الانتخابات في الولاية شاركت فيها الحركة الشعبية أم قاطعتها ؟ 0
ان ما يجب ان تعرفه الحركة الشعبية هو ان حزب المؤتمر الوطني ليس لديه ما يخسره اذا قاطعت هي الانتخابات العامة القادمة في جبال النوبة ، لأن منطقة جنوب كردفان تاريخيا ليست من المناطق المحسوبة على حزب المؤتمر الوطني ، بل محسوبة على الحركة الشعبية ، وحتى لو توصل الطرفان قبل موعد اجراء الانتخابات إلى حل ما يسمح بموجبه لسكان جبال النوبة بالمشاركة في العملية الانتخابية ، فهذا لن يكن كافيا لهم ، لأنهم أصبحوا ينظرون إلى مثل هذه الحلول السريعة والمستعجلة بعين من الشكوك والريبة 0
ان شعب جبال النوبة قدم ارواح أبناءه رخيصة من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة ، وحاربوا في صفوف الحركة الشعبية لأكثر من عقد من الزمان لتوصيل اصواتهم للآخرين ، ومجرد تهديد الحركة الشعبية بمقاطعة الانتخابات في ولاية جبال النوبة لا يكفي ، كما ان مجرد المقاطعة دون وجود خطة بديلة ايضا لا يكفي ، بل يجب على قيادة الحركة الشعبية في جنوب كردفان اعلان الخطط البديلة في حال تعثر اجراء انتخابات حرة ونزيهة في الولاية للمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والانسانية وغيرها من الحكومات المعنية بقضايا السودان لإزالة أي غموض تجاه هذه الخطط البديلة ، ولابد ان ترسل الحركة الشعبية اشارات واضحة للمؤتمر الوطني ولقوى الظلام التي تعمل سرا من اجل اضعاف جبال النوبة وتهميشه بانها ليست مجرد شريك في اتفاقية نيفاشا ، بل شريك 50% وبإستطاعتها تحقيق سلام عادل وشامل في السودان ، وبإستطاعتها ايضا اشعال حرب جديدة قد لا تحمد عقباها 0
يجب على الحركة الشعبية عدم الخضوع للإبتزاز الذي مارسه ويمارسه حزب المؤتمر الوطني عليها منذ التوقيع على اتفاقية نيفاشا في عام 2005 ، عليها مواجهة حزب البشير ومطالبته باعادة عملية الاحصاء السكاني في كل مناطق ولاية جنوب كردفان قبل حلول موعد اجراء الانتخابات العامة في ابريل 2010 واعتبار رفض مطلبها هذا اعلانا للحرب ونقضا للبرتوكول الخاص ” بجبال النوبة ” ، وإلآ سيكون لشعب جبال النوبة رأياً وموقفاً متطرفاً وثورياً من ” البرتوكول الخاص بالجبال ” الذي لم ينفذ منه شيئاً واحداً حتى الآن 0
[email protected]