مر عام منذ أن تم اغتيال الدكتور خليل إبراهيم محمد. ولكننا لا نتخذ هذه المناسبة للحزن على فقده فالأبطال لا يموتون. إن إرثهم الباقي يتجاوز وجودهم المادي، والذي تركه هؤلاء الأبطال من سيرة طيبة خلفهم سينير الطريق للأجيال القادمة.. فكلماتنا لا تعني إلا بالإحتفال بإنجازات الدكتور خليل وشرف التضحية الكبرى التي قدمه من أجل سودان أفضل. سودان يصلح العيش فيه، وشامل، ومستوعب، للجميع بلا تمييز إثني، أو جندري، أو آيديولوجي.
لقد جاء اغتياله بينما كان نائما في فجر الثالث والعشرين من ديسمبر 2011. فالصورايخ التي صوبت نحو مكان نومه من مقاتلات عسكرية تميزت بالدقة ما جعل الكثير من الناس يتكهن بأن حكومة الخرطوم لم تكن لتملك هذه القدرات العسكرية لإغتيال الدكتور خليل إبراهيم. فقادة تنظيم العدل والمساواة وعدد من المحللين كانوا قد أشاروا، حالا، بعد الحادثة إلى تورط بلدان في هذه العملية العسكرية الدقيقة التنفيذ. وتزامن مع فترة كتابة مادة هذا الكتاب دليل قوي على ضلوع أطراف في حادثة الاغتيال. فالحكومة قد تورطت في شرك “حرب المذكرات” كما أسمته وسائل الإعلام السودانية، والتي رفعها عدة آلاف من الإسلاميين ونحو سبعمائة من كبار ضباط الجيش. وقد حوت هذه المذكرات مطالبات بالإصلاح والتعامل الفوريين مع عدد من قضايا البلاد الملحة. كانت المذكرة المقدمة من الضباط قد أشارت هي نفسها كذلك إلى أن اغتيال الدكتور خليل لم يكن عملا من تدبير الجيش. وضمن ما جاء في المذكرة أن القوات المسلحة رغم خوضها “حروبا ضد التمرد داخل البلاد لكنها تجهل تحركات وعمليات تنفذ داخل البلاد مثل عملية اغتيال الدكتور خليل إبراهيم. وتجهل أيضا الجهة التي نفذتها وما هو دور السلطة السياسي في ذلك العمل.”
ومع إدلاء وزير الدفاع والمتحدث الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية تصريحات متناقضة عن الحادث أضافت الحكومة، ذاتها، ربكة في إعلام الرأي العام بشأن عملية الاغتيال. فقد تنصلت، لاحقا، من تصريحات النافذين فيها في وقت مبكر والتي فحواها أن مقتل الدكتور خليل قد تم خلال اشتباكات عسكرية، وبالتالي استقر رأيها الأخير بأن عملية ضربة جوية هي التي سببت حادثة الاغتيال، كما رأت حركة العدل والمساواة.
ومع كل ذلك يبقى أن التضحية البطولية للدكتور خليل كانت لحظة مروعة بحق في تاريخ السودان. وربما لم يماثل ألم اغتيال الدكتور خليل سوى الألم الذي رزحت فيه البلاد حين فقدت إثنين من أبرز الشخصيات في تاريخها الحديث.
كان الفقد الأول قد تمثل في الإمام محمد أحمد المهدي الذي توفي بالكاد بعد خمسة أشهر من سقوط الخرطوم في عام 1885. لقد كانت خسارته المبكرة مأسوية بالنسبة لأتباعه وهكذا أذعنوا لغيابه المؤسف بطريقة فريدة من نوعها للغاية. فقد حسب المهدويون زعيمهم بوصفه المسيح الذي كان يملك نوعا من المناعة إزاء الموت حتى. وإذا جاز التعبير فإن رحيل المهدي كان كما الرحيل الذي يتوق إليه أتباعه المستشهدون. إنه الرحيل أوان زمن مختلف ومحكوما بمنطق الاختلاف.
أما الفقد الثاني فتمثل في رحيل الدكتور جون قرنق عام 2005. فهو مثل السيد المسيح. كان ينظر إليه بوصفه المنقذ للبلاد من الهاوية التي أحدثتها صفوة البلاد. كان قرنق قد بدا أنه الأمل الوحيد في الحفاظ على السودان موحدا بعد أن جدد فكر البلاد السياسي بواسطة مفهوم السودان الجديد. لقد ألهم الدكتور قرنق جيلا كاملا من القيادات الشابة، وكان من بينهم الدكتور خليل والذي عاش حلم السودان الجديد إلى آخر لحظة من وفاته.
لكل تلك الأسباب جاءت وفاة الدكتور خليل في زمن مفصلي حولت فيه العولمة كوكبنا الواسع إلى قرية عالمية صغيرة. فوفاته برهنت على أنه لم يتلق قائد سوداني راحل مثل هذا الحداد العالمي. إنه الحداد الوطني الكبير الحاشد في سيدني، ونيويورك، وزيوريخ، وكيب تاون. مشاهد إنسانية تم عبرها توظيف القاعات العامة لتلقي العزاء الدافق، وقراءة سور من القرآن الكريم لروح الراحل.
وبينما كنت أنهمك في كتابة هذه الفصول امتلأت مواقع الإنترنت بدعوات إلى الاحتفال بالذكرى الأربعين لفقده. ومرة ثانية اجتمع المئات في الأماكن العامة في جميع أنحاء العالم لتأبين الدكتور خليل مرة أخرى. وقرأوا، في ذات الوقت الذي قرأت فيه عشيرته في بلدة الطينة في شمال دارفور، ما تيسر من الآي الحكيم بشكل يماثل التقاليد السودانية عند تأبين الأهل والأحباب من الراحلين.
ومع ذلك لم يمثل فقدان الدكتور خليل شيئا لكثيرين. فالأبطال المبصرون يحصدون دائما مكر الأعداء. ولذلك لم يكن الدكتور خليل استثناءً. فقد احتفلت العصبة الحاكمة وأنصارها بوفاته عبر تقليد شاذ. لقد انضمت إلى محفلهم نساؤهم بولولتهن التقليدية. وتجاوزت قوات الأمن الحكومية الأعراف السودانية المعتادة وهاجمت المعزين في منزل عائلة الدكتور خليل بالغاز المسيل للدموع، والهراوات، ومنع البعض من الوصول إلى المنزل لتقديم العزاء في مدينة الخرطوم.
في الواقع إن ردة فعل حزب المؤتمر الوطني لوفاة الدكتور خليل أشارت إلى القلق المعهود وسط سياسي النظام من الحركة. وبإغتيال الدكتور خليل انغلق الباب كلية أمام أي إمكانية للتوفيق بين العصبة الحاكمة وحركة العدل والمساواة، وكذلك بينها وحركات دارفور المسلحة.
لقد أثبت قادة حزب المؤتمر الوطني، في بعض النواحي، مرة أخرى أنهم طلاب سيئون في التاريخ. فهم لا يدركون أن أصحاب البصارة من الأبطال لا يموتون. إن بصارتهم دائما تبقى راسخة وسط من يؤيدونهم، بل وتزداد توهجا عند أجيال المستقبل. والتاريخ حافل بالأمثلة. فهناك مارتن لوثر كينغ في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي قتل عام 1968، وستيف بيكو في جنوب أفريقيا، والذي قتل في عام 1977، والمهاتما غاندي في الهند، 1948، وفريد رويجيما في رواندا الذي قضى نحبه عام 1990، وغيرهم كثير.
ومن بين جميع هؤلاء القادة الذين قتلوا يمثل رويجيما درسا في التاريخ تقشعر له أبدان قادة المؤتمر الوطني في حال استيعابهم له. لقد قتل رويجيما يوم أن قادت الجبهة الوطنية الرواندية نضالها ضد الإبادة الجماعية التي أوجدها الهوتو في رواندا ضد أقلية التوتسي. لم يكن رويجيما مجرد قائد عسكري. كان بحق زعيما صاحب رؤية ألهم بها شعبه للحلم برواندا جديدة حيث يمكن أن يعيش فيها الكل ويتعايش بشرف، وكرامة، وفي وطن تتكافأ فيه الفرص. وبطبيعة الحال، فإن أعضاء الجبهة الوطنية الرواندية أحبطوا نفسيا أثناء سماع أعدائهم وهم ينشدون لهم لحن الموت. والباقي من القصة هو التاريخ الذي كتب بمداد من دم. ولكن مثل طائر الفينيق نهضت الجبهة الوطنية الرواندية من كوم الرماد وحققت مشروع رويجيما الوطني.
لقد فرح كبار المسؤولين في حكومة الخرطوم بالخسائر الفادحة التي منيت بها الحركة التي تقاوم نهجهم، وكان الرئيس البشير نفسه وراء المشهد. ومثل كل الطغاة، رأى البشير نفسه بأنه من الصالحين الذين يستحقون المساعدة ورحمة السماء على حساب خصومه. ولذلك وصف وفاة الدكتور خليل بأنها “التدخل الإلهي” في الانتقام لوقوفه ضد النظام الذي حقق شريعة الله في المنطقة. وكانت الرسالة التي أرادوا تبليغها هي أنهم تمكنوا من القضاء على حركة العدل والمساواة بعد قطع رأس زعيمها، بل أرادوا القول إن التمرد قد تفكك تماما.
في الواقع أفرز اغتيال الدكتور خليل تحديا هائلا لحركة العدل والمساواة، مختبرا نضجها كمؤسسة وقدرتها على البقاء على قيد الحياة برغم حجم الخسارة. لقد لاحت الصعوبة، كما لو أنها كانت حتمية، أمام حركة العدل والمساواة لإجتياز الاختبار. فالأستاذ جبريل آدم بلال، المتحدث بإسم الحركة أصدر بيانا في الخامس والعشرين من ديسمبر 2011، مؤكدا خبر الاغتيال، أي بعد يومين من الحادث. ولقد تم التأخير في إصدار البيان بالنظر إلى ضخامة هذا الحدث. فقوات حركة العدل والمساواة متناثرة على أرض واسعة في عدة مناطق، وكثير منها لا يملك وسيلة للوصول للإعلام. ومن أجل احتواء الغضب، وعدم تثبيط الهمة، واستباقا لعمليات انتقامية لا مبرر لها، كان لا بد من إطلاع الجنود على فقدان قائدهم بطريقة حكيمة. أما الأستاذ أحمد حسين آدم فأبدى مهارته في مواجهة موجة العداء للدكتور خليل بعد وفاته، والذي أظهرته وسائل الإعلام السودانية، من جهة، ومثيلاتها العربية التي تقودها قناة الجزيرة، من الجهة الأخرى.
وعلى الرغم من أن الصدمة كانت كبيرة، فان الخسارة المأساوية لدكتور خليل قد جلبت أيضا إلى سطح التجربة أفضل ما في حركة العدل والمساواة من مهارة سياسية وتنظيمية. فخلال كل سنوات عملي في حركة العدل والمساواة، لم يسبق لي أن رأيت أعضاء الحركة، وخاصة من هم في المجلس التنفيذي متحدين وراء القضية كما وحدهم هذا المصاب الجلل.
فوفقا لدستور حركة العدل والمساواة فإن الدكتور الطاهر الفكي، رئيس المجلس التشريعي، مارس صلاحياته على الفور كرئيس مؤقت للتنظيم. كما أن الدستور ينص على أن يكون هناك بديل للرئيس في حال خلو منصبه بحيث أن يختاره المؤتمر العام لحركة العدل والمساواة في فترة لا تزيد عن ستين يوما. وكما هو مؤمل فإن الفكي تمكن في توجيه حركة العدل والمساواة من خلال أيامها الصعبة بكياسة مذهلة. ولقد عاونه أعضاء حركة العدل والمساواة المنتشرين في كل أنحاء العالم وكذلك في مناطق الحرب في السودان الذين كان التحدي كبيرا بالنسبة لهم من أجل انعقاد المؤتمر العام.
وأخيرا تم الاتفاق على مكان وموعد لعقد المؤتمر يومي الرابع والخامس والعشرين من يناير 2012، أي بالضبط بعد شهر من اغتيال زعيم حركة العدل والمساواة. وقد كان، حيث عقدت الجمعية العامة في إطار ترتيبات أمنية غير مسبوقة في منطقة هديات في جنوب كردفان. وكان شعار المؤتمر “معا سنحقق مشروع الشهيد” الذي تم التداول في إطاره يليق بهذه المهمة التاريخية.
صحيح أن المؤتمر ناقش عدة قضايا تم التوصل إلى قرارات هامة بشأنها. ولكن قاد هذا النقاش الجاد إلى انتخاب رئيس جديد للحركة العدل والمساواة. فوفقا لدستور حركة العدل والمساواة فإن اختيار الرئيس الجديد يعهد به إلى الجمعية العامة وليس المجلس التشريعي.
وعلى هذا النحو، فإن الدكتور الطاهر الفكي الذي كان رئيسا بالوكالة بحكم رئاسته للمجلس التشريعي كان قد تنحي لرئيس المؤتمر العام الأستاذ أبو بكر القاضي، لرئاسة الجلسات. وما كان يؤسف له أن القاضي رئيس المؤتمر العام لحركة العدل والمساواة متوجب عليه، آنئذ، العودة إلى استئناف عمله في دولة قطر بعد يوم أو يومين قبل بدء المؤتمر. ولذلك ترأس نائبه البروفيسور محمود أبكر سليمان الجلسات.
لقد كان بحق لقاءً غير عادي مع صعود وهبوط أنفاس المؤتمرين عند محكات الانتخاب. وقد شارك في المؤتمر مئة وتسعة من الأعضاء بالإضافة إلى مشاركة وفود مراقبة من مجموعة الجبهة الثورية السودانية، والمعروفة بمصطلح كاودا. ولكن هذا لم يكن كل شئ. فبالإضافة إلى حضور المؤتمر هناك ثلاث عشرة دائرة انتخابية أخرى كانت تنشط في اجتماعات تخوض جنبا إلى جنب في قضايا الحركة، بما في ذلك ثلاثة اجتماعات لقوات الحركة في مواقع أخرى. وكذلك كان هناك النازحون داخليا، واللاجئون في المناطق الأخرى يتداولون في الأمر. وأخيرا رسى سباق الترشيح للرئاسة على أربعة فرسان:
1ـ سليمان جاموس الأمين العام للشؤون الإنسانية في الحركة، وجاموس هو أحد قادة المقاومة والقائد الزغاوي المخضرم الذي إنتقل إلى حركة العدل والمساواة من حركة تحرير السودان.
2ـ الفريق الركن أحمد آدم بخيت، مسؤول الحركة في دارفور ونائب رئيس حركة العدل والمساواة. إن خلفية بخيت لا بد أن قد أتت من مجموعة برتي أم كدادة، شمال دارفور.
3ـ الجنرال محمد بلال زيد، ويأتي من مجموعة الحمر العرقية من كردفان، وهو الأمين العام لحركة العدل والمساواة في دارفور الشمالية، ونائب رئيس حركة العدل والمساواة.
4ـ الدكتور جبريل إبراهيم محمد أمين الشؤون الخارجية في حركة العدل والمساواة وشقيق د. خليل.
وتجدر الإشارة إلى أن أسماء أخرى كانت تلوح في أفق التنافس في وقت سابق ولكن لم تنجح في الوصول إلى منصة الترشيح. وفي حين كان كل واحد من المرشحين لقيادة حركة العدل والمساواة له ما يكفي ليكون أهلا للمسؤولية بيد أنه لم يكن من بينهم من يستطيع مطابقة الملف الشخصي الذي عبر عن كاريزما د. خليل التي يتمتع بها ومكانته المميزة وسط أقرانه القادة. ولكن التاريخ مليء بخلفاء تفوقوا في خلافة أسلافهم الذين كان الشك يساور الناس في تعويضهم.
لقد قتل القائد رويجيما بعد أيام من أطلاق الجبهة الوطنية الرواندية هجومها لإنقاذ بلاده من إبادة جماعية وشيكة. كانت خسارته مدمرة حتى إلى حد أن العديد توقع انهيارا كاملا للجبهة الوطنية الرواندية. خليفته، بول كاغامي صعد في وقت لاحق، ونجح في استعادة السلام والتعايش في أعقاب أسوأ جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث لأفريقيا.
يجدر القول إنه خلال حرب الاستقلال الأيرلندية 1919- 1921 اعتبر مايكل كولينز زعيما عملاقا ورئيسا بلا جدال لأيرلندا في المستقبل. وكان كولينز قد عزز مكانته من قبل بأدوار هائلة، قائدا للقوات المسلحة ورئيسا لجماعة الإخوان الجمهوريين الايرلندية.
لم يبق كولينز على قيد الحياة ليشهد استقلال بلاده حيث كان اغتياله في عام 1920. بعدها خلفه دي فاليرا ببعض الجدل حول إمكاية ملأ فراغ غياب كولينز. ورغم ذلك الجدل، سيطر فاليرا على السياسة الايرلندية لخمسة عقود.
ولكن دعونا نعود إلى مؤتمر حركة العدل والمساواة. فوفقا للأستاذ سليمان ما كان للاجتماع أن يتمخض بأفضل مما تمخض به. فالترشيحات تمت بطريقة منظمة روعيت فيها المؤسسية التي تضبط مثل هذه المؤتمرات. وليس هناك كلمة لوصف أفضل من القول إن هذه العملية الدستورية التي إتخذتها الحركة عقب اغتيال زعيمها كانت مهيبة.
فالجميع كان يعلم جيدا الأهمية البالغة لنتائج الاجتماع بالنسبة لحركة العدل والمساواة، والمهمشين في السودان، فضلا عن المنطقة بتشكلاتها الجيوسياسية بشكل عام.
ولجعل الأمور أسوأ، كان هناك توتر يتفاقم بواسطة حدة الضوضاء المتقطعة ولكنها أيضا المسموعة من مسافة بعيدة. كان مصدر ذلك التوتر هو ضجيج طائرات حكومة الخرطوم من طراز أنتونوف، والتي تقوم بجولاتها اليومية لإسقاط القنابل من عل لتحط على رؤوس المدنيين الأبرياء في المنطقة المجاورة.
ولا شك أن مخابرات الخرطوم كانت تعرف أن المؤتمرين يتداولون في مكان ما في محلية هديات في جنوب كردفان. بل وكانوا يأملون أن يواتيهم الحظ لضربهم حتى تنمحي قيادة حركة العدل والمساواة كلها دفعة واحدة.
غير أن أصوات القاذفات من طراز أنتونوف لم تكن لتمثل أي تهديد مباشر لعزم المؤتمرين، ولكنهم كانوا ينزعجون فقط لطنينها الذي يفسد الجدل حول الشؤون التي بحثتها عضوية المؤتمر.
بمجرد أن جاءت لحظة التداول طلب أول ثلاثة مرشحين، بخيت، وجاموس، وزيد، فرصا لمخاطبة المؤتمرين. غير أنهم الواحد تلو الآخر أعلنوا سحب ترشيحاتهم وأكدوا تأييدهم اللا متناهي لرئاسة الدكتور جبريل لحركة العدل والمساواة وسط تصفيق حاد. ولما تكاثف التصفيق ارتفع صوت رئيس المؤتمر البروفيسور سليمان لقطع الهرج.
أثني الرئيس أولا على الروح الايجابية التي بدت تلوح فوق فضاء المؤتمر ثم أعلن أنه سابق لأوانه إعلان الفرحة بتنصيب الرئيس الجديد في وقت يتعين على الدوائر الأخرى للمؤتمر من حركة العدل والمساواة الذين لم يكونوا حاضرين في الجلسة إقرارهم بالنتيجة. وهكذا قد مرت عدة ساعات قبل التصديق الكامل لإعلان الرئيس المنتخب وتعميم خبره عن طريق الهاتف.
وجبريل مثل معظم الناس في دارفور من أبناء جيله، لم يكن لديه تاريخ ميلاد مضبوط. فشهادة ميلاده كما تشير التقديرات الطبية أنه ولد في الأول من يناير 1955، وهذا التأريخ مما يجعله أصغر بسنتين إلى ثلاث سنوات من أخيه الراحل الدكتور خليل.
بعد تخرجه في جامعة الخرطوم في عام 1979، سافر الدكتور جبريل إلى اليابان لمزيد من الدراسات وفي وقت لاحق حصل على درجة شهادة الدكتوراة في الاقتصاد، من جامعة طوكيو عام 1987.
وكان الدكتور جبريل جديد نسبيا في التورط في أتون القيادة السياسية آنذاك. فمثل كثير منا اضطر لتشكيل موقف من النزاع الحالي في دارفور. وقبل ذلك، كان من المعروف أن الدكتور جبريل عمل أستاذا جامعيا ورجل أعمال، حيث درس الاقتصاد في جامعة الإمام سعود في المملكة العربية السعودية لفترة من الوقت قبل العودة إلى السودان في عام 1992.
أثناء وجوده في السودان، عمل الدكتور جبريل مديرا لبضع شركات تملكها الحكومة مع القطاع الخاص حتى عام 2000، وهو تاريخ ذهابه إلى المنفى في تشاد ودبي. وفي وقت لاحق أسس شركة للشحن الجوي خاصة به. وفي ذروة الحرب في دارفور في عام 2005 طلبت الحكومة السودانية إعادة الدكتور ورجال الأعمال الذين ينتمون إلى دارفور إلى السودان. ونتيجة لذلك، فقد الدكتور جبريل عمله وانتقل إلى المملكة المتحدة.ترجمة: صلاح شعيبهذه المادة جزء من فصل لكتاب جديد صدر بالإنجليزية للبروفيسور عبدالله التوم، وستصدر الترجمة العربية في مطلع العام الجديد. الكتاب تحت عنوان:، وستصدر الترجمة العربية في مطلع العام الجديد. الكتاب تحت عنوان:“Study war no more; Military tactics of a Sudanese rebel movement. The case of JEM”. Published by RSP, USA 2013.salah shuaib [[email protected]]