اختلفت آراء الشارع السياسي السوداني حول تنحي الرئيس عمر البشير عن قيادة الجيش بهدف الترشح للانتخابات الرئاسية وفق الدستور الانتقالي الذي يمنع الجمع بين منصبين في آن واحد.
فبينما قلل محللون وسياسيون من قيمة الخطوة, اعتبرها آخرون التزاما باتفاقية السلام الشامل المبرمة بين حزب المؤتمر الوطني برئاسة البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان.
لكنهم اتفقوا على عدم تأثر نفوذ البشير بالتنحي عن قيادة الجيش، وأشاروا إلي إمكانية أن يحظى بنفوذ سياسي وآخر عسكري لمعرفته وثقته بالقوات المسلحة التي جاء منها.
وبينما أجمعت أحزاب الشعبي والشيوعي والأمة القومي وبعض الأحزاب الأخرى على أن الخطوة لا تحمل أبعادا سياسية تفيد السودان في شيء، اعتبرها محللون سياسيون التزاما ربما أفاد العمل السياسي في البلاد.
تنحٍّ إجباري
فقد اعتبر الخبير السياسي محمد الأمين خليفة أن البشير أصبح أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الترشح لرئاسة الجمهورية أو البقاء في قيادة الجيش، مشيرا إلى أن التنحي لم يكن رغبة من البشير وإنما كان “إجباريا وفق الدستور الانتقالي للبلاد”.
وقال خليفة للجزيرة نت إن البشير فوت فرصة تاريخية للتنحي الطوعي مبكرا “بل لجأ لتعديل الدستور حتى يتمكن من الجمع بين المنصبين، الأمر الذي كان نقطة خلاف كبيرة أدت إلى انشقاق الحركة الإسلامية من قبل”.
ووصف الخطوة بأنها “ربما تكون مهمة في طريق الإصلاح السياسي لأن القوات المسلحة ستتفرغ للعمل المهني الحقيقي من بعد ذلك”.
نفوذ مستمر
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين محمد حمدنا الله فاعتبر أن تنحي البشير سيمنح فرصة أوسع للمتنافسين لفقدانه على الأقل أفضليته كقائد للقوات المسلحة.
لكنه لم يستبعد أن يستمر النفوذ العسكري للبشير لأنه “هو الذي سيسمي القائد العام للقوات المسلحة”، مشيرا إلى أن التنحي سيفتح باب الحوار السياسي حول دور القوات المسلحة بعد الانتخابات المقبلة”.
وقال حمدنا الله للجزيرة نت إن تنحي البشير سيوجد تعقيدات تتعلق بمعركة خلافته على قيادة الجيش، خاصة أن “نظام الأقدمية في القوات المسلحة قد خرق أكثر من مرة”. وأكد أن التنحي سيفيد البشير على المستوى الدولي كونه من المرشحين المدنيين.
خبرة ونفوذ
من جهته استبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية المعتصم أحمد الأمين أن يؤثر تنحي البشير على نفوذه السياسي، مؤكدا أن ذلك “لن يفقده نفوذه العسكري، فمن خلال الخبرة والنفوذ السابقين يمكن أن يكون ذا نفوذ مزدوج”.
كما استبعد أحمد الأمين في حديث للجزيرة نت أن يؤثر التنحي على المشهد السياسي العام في السودان لأنه سيكون “محصنا ضد الانقلابات العسكرية” وفق اتفاق السلام الشامل ورفض المجتمع الدولي التعاون مع أي نظام عسكري مستقبلا.
وقال إن ابتعاد البشير سيفقد القوات المسلحة سطوتها السياسية، مشيرا إلى أن النظام الحالي نظام هجين بين العسكرية والمدنية ومن الصعب الحكم على الخطوة بأنها نهاية حكم عسكري في السودان.
عماد عبد الهادي-الخرطوم
الجزيرة نت