تاريخ الانقلابات في السودان
يحفل التاريخ السوداني الحديث بالكثير من الانقلابات العسكرية، فمنذ استقلال السودان عام 1956 وحتى تاريخ اليوم، أي 56 عاما، وقع أكثر من 11 انقلابا أو محاولة انقلاب، وثورتان شعبيتان أطاحتا بحكمين عسكريين قويين. وحكم العسكر منذ الاستقلال 45 عاما ممتدة على ثلاث فترات انقلابية، مقابل 11 عاما لحكومات مدنية ديمقراطية لثلاث فترات أيضا. كما حدثت انقلابات أخرى خلال فترات حكم العسكر والمدنيين. ويعد انقلاب الفريق إبراهيم عبود عام 1958 (6 سنوات)، وجعفر النميري 1969 (16 عاما)، وعمر البشير عام 1989 (مستمر منذ 23 عاما) هي الأبرز في السودان.
* انقلاب إبراهيم عبود 1958 – 1964:
هو أول انقلاب عسكري يقع في السودان على الحكومة المدنية برئاسة عبد الله خليل (من حزب الأمة) التي تسلمت الحكم من المستعمر البريطاني، كان بقيادة الفريق إبراهيم عبود في 17 فبراير (شباط) 1958 وعرف بانقلاب كبار ضباط الجيش، حيث سلم حزب الأمة السلطة إلى الفريق عبود.
* انقلاب اللواء عبد الوهاب 1960 (لم ينجح):
وخلال فترة حكم الفريق عبود وقعت عدة انقلابات كان أشهرها انقلاب اللواء أحمد عبد الوهاب ومحيي الدين أحمد عبد الله وعبد الرحيم شنان وكان في عام 1960 بعد عامين من انقلاب عبود، وبدلا من سجنهم أو إعدامهم كما هي العادة في الحكومات العسكرية تم استيعاب الانقلابيين في الحكومة.
* انقلاب مجموعة الرشيد الطاهر:
في عام 1963 كان انقلاب مجموعة الرشيد الطاهر بكر وهو أول أمين عام لجماعة الإخوان المسلمين وعلي حامد وكبيدة، وقد تم إعدام 5 من الضباط وسجن آخرين بمن فيهم مدبر الانقلاب الرشيد الطاهر وزير العدل الأسبق (لم ينجح).
انقلاب صغار الضباط وهم مجموعة الضباط الأحرار وكان من بينهم المقدم جعفر نميري (الذي استطاع في وقت لاحق من إنجاح انقلابه في عام 1969) وعدد من طلبة الكلية الحربية وفشل الانقلاب وتم إبعاد الضباط إلى مواقع بعيدة من الخرطوم التي تنفذ فيها الانقلابات.
* 12 أكتوبر (تشرين الأول) 1964:
أول ثورة شعبية تحدث في العالم العربي والأفريقي، حيث انطلقت من جامعة الخرطوم، وغمرت شوارع العاصمة ضد نظام عبود، مما اضطر قادة القوات المسلحة السودانية الانحياز إلى الثورة الشعبية التي أطاحت بأول انقلاب عسكري شهده السودان وحكم البلاد لست سنوات. لتبدأ ثاني حكومة مدنية في حكم البلاد امتدت حتى مايو (أيار) 1969.
* انقلاب النميري مايو 1969:
في 25 مايو عام 1969 قاد العقيد جعفر محمد نميري انقلابا بمشاركة من الحزب الشيوعي السوداني والقوميين العرب، واستمر النميري في الحكم 16 عاما في وتخللت حكمه عد انقلابات.
* انقلاب هاشم العطا 1971:
قاده الرائد هاشم العطا في 19 يوليو (تموز) 1971 مع مجموعة من ضباط ينتمون للحزب الشيوعي السوداني. وقد استولى على السلطة لثلاثة أيام غير أن النميري استعاد السلطة بمساندة ليبية من معمر القذافي وحركة شعبية في الداخل. وقام بإعدام الضباط الذين شاركوا في الانقلاب منهم هاشم العطا وبابكر النور سوار الذهب وفاروق عثمان حمد الله وآخرون وعدد من قيادة الحزب الشيوعي السوداني أبرزهم سكرتيره العام عبد الخالق محجوب، والقائد النقابي الشفيع أحمد الشيخ والزعيم الجنوبي جوزيف قرنق وزج بالمئات من كوادر الشيوعيين في السجون.
* انقلاب حسن حسين (لم ينجح):
وقع في 5 أغسطس (آب) 1975 وقاده المقدم حسن حسين ومجموعته وهو ينتمي إلى التيار الإسلامي وقد حكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص بعد اعتقاله خلال عملية إطلاق نار وكان متأثرا بجراحه حين اعتقاله.
* انقلاب محمد نور سعد (لم ينجح):
وقع في الثاني من يوليو 1977 بقيادة العميد محمد نور سعد، وعرف في السودان بـ«غزو المرتزقة» حيث حاولت الجبهة الوطنية المعارضة في الخارج وهي تحالف ضم حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي، والاتحادي الديمقراطي بزعامة الراحل الشريف حسين الهندي، وجبهة الميثاق الإسلامي بقيادة حسن الترابي، وبمساعدة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي. وتم تنفيذ الانقلاب بالتحرك من الحدود الليبية إلى جانب تحرك مجموعاتهم الداخلية من طلبة وجنود في الجيش. وفشل الانقلاب، وتم إعدام قادة الانقلاب رميا بالرصاص وشهدت شوارع الخرطوم معارك قتل فيها المئات أغلبهم من أبناء دارفور.
* انتفاضة أبريل (نيسان) وحكم المشير سوار الذهب 1985:
هي ثاني ثورة شعبية تحدث في السودان والعالم العربي وأفريقيا بعد ثورة أكتوبر 1964، تطيح بحكم عسكري. فقد خرجت الجماهير في كل أركان العاصمة والإقليم، مطالبين بإنهاء حكم نمير، في 27 مارس (آذار) حتى 6 أبريل 1985. وكان النميري قد غادر إلى الولايات المتحدة للعلاج، وقد انحاز الجيش بقيادة رئيس الأركان وقتها المشير حسن عبد الرحمن سوار الذهب للشعب في السادس من أبريل 1985، وكان وقتها وزيرا لدفاع النميري، وحكم لمدة عام في الفترة الانتقالية وسلم الحكم طواعية بعد انتخابات حرة جاءت بحكومة الصادق المهدي المنتخبة في عام 1986.
* انقلاب الرئيس عمر البشير وقع في 30 يونيو 1989 بقيادة العميد عمر حسن البشير وبمشاركة الجبهة الإسلامية القومية بزعامة حسن الترابي، وجرت عدة محاولات انقلابية خلالها أشهرها:
* انقلاب رمضان 1990 (لم ينجح) جرى في أبريل 1990 بعد عام من انقلاب البشير وجماعته الإسلامية، وعرفت تلك المحاولة بانقلاب رمضان، حيث جرت المحاولة في ذلك الشهر الكريم، وقاد الانقلاب عبد القادر الكدرو وخالد الزين وآخرون، وقد تم إعدامهم جميعهم وعددهم 28 ضابطا من رتبة لواء إلى ملازم أول وسجن آخرون.
* انقلاب مارس 2004 (لم ينجح) هي محاولة انقلابية مزعومة وقعت في مارس 2004 اتهم بها حزب المؤتمر الشعبي بقيادة حسن الترابي، وتم القبض على عدد من قيادات الحزب وبعض الضباط، واتهم الدكتور الحاج آدم يوسف، نائب الرئيس السوداني الحالي، بأنه أحد قادة الانقلاب، وقد هرب إلى العاصمة الإريترية أسمرة ثم عاد بعد عامين متصالحا مع النظام وعين نائبا للبشير.
* محاولة خليل إبراهيم 2008 (لم تنجح) وهي محاولة للاستيلاء على السلطة قامت به حركة العدل والمساواة في مايو 2008 بقيادة زعيمها الراحل دكتور خليل إبراهيم، وقد كانت محاولة جريئة، حيث دخلت هذه القوات من تخوم دارفور إلى العاصمة السودانية لقلب نظام الحكم، لكن المحاولة فشلت واتهمت دولتي تشاد وليبيا بأنهما وراء المحاولة، وتم القبض على عدد من المشاركين وصدر ضدهم حكم بالإعدام، لكنه لم ينفذ حتى الآن وهم موجودون في سجن «كوبر» الشهير بينهم عبد العزيز نور عشر، الأخ غير الشقيق للدكتور خليل إبراهيم.