بيان صحفي لخبير الأمم المتحدة المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، السيد أريستيد نونونسي
الخرطوم، 23 أبريل 2018
السيدات والسادة،
اليوم، أختتم زيارتي الخامسة كخبير مستقل معني بحالة حقوق الإنسان في السودان. أود أن أشكركم جميعاً لحضور هذا التنوير الصحفي. وأود أيضا أن أعرب عن تقديري لحكومة السودان لدعوتها وتعاونها، ومكتب منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في الخرطوم، وفريق الأمم المتحدة القطري، وبعثة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور على دعمهم الكريم في تيسير زيارتي من 14 إلى 23 أبريل 2018.
خلال هذه المهمة، قمت بزيارة الخرطوم وولاية شمال دارفور حيث التقيت بمجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة. حصلت، في كل لقاءاتي مع الحكومة، على تأكيدات من التعاون، وبعض الالتزامات باتخاذ خطوات نحو تنفيذ التوصيات الواردة في تقريري لسبتمبر عام 2017. وفي هذا الصدد، أرحب بتعيين رئيس ونائب رئيس والمفوضين المفوضية القومية لحقوق الإنسان في السودان، والتي أتمنى أن تمكن المفوضية من العمل بفعالية. الأهم من ذلك، أود أن أكرر دعوتي للسلطات السودانية لضمان أن المفوضية تعمل وفقا لمباديء باريس المتعلقة بمركز ومكانة المؤسسات الوطنية.
أقر بعض المحاورين، الذين التقيت بهم، ببعض التحسن في أوضاع حقوق الإنسان في البلاد في الشهور المنصرمة، في حين ظل آخرون قلقين حول بيئة حقوق الإنسان في ضوء القيود المفروضة على الحريات والحقوق الأساسية، بما في ذلك الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، فضلا عن الافتقار العام لمساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، لقد أعربت عن قلقي لمسؤولين حكوميين في ما يتعلق برد فعل السلطات السودانية على احتجاجات يناير وفبراير 2018. لقد تلقيت تقارير بأن مدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيين وصحفيين اعتقلوا واحتجزوا فيما يتعلق بالاحتجاجات للتنديد بتدابير التقشف الخاصة بميزانية عام 2018. كنت قلقاً بشكل خاص حيال وضعهم الجسدي والنفسي أثناء فترة احتجازهم. التقيت مع بعضهم عقب اطلاق سراحهم مؤخرا بعد عفو رئاسي.
أرحب بقرار الإفراج عنهم، وأشجع السلطات على ضمان الإفراج عن كل الذين لا يزالون محتجزين بشكل تعسفي، ولا ينبغي أن يحدث مثل هذا الاحتجاز في المستقبل. لقد تلقيت تأكيدات من السلطات السودانية المعنية بأن الذين أفرج عنهم لن يخضعوا للاعتقال أو توجيه التهم أو المقاضاة بشكل إضافي.
كما أدعو الحكومة إلى رفع القيود المفروضة على حرية التعبير والتنظيم، والسماح للجهات الفاعلة في المجتمع المدني، فضلا عن النشطاء السياسيين بالتظاهر السلمي، والانخراط في العمل العام. ينبغي أن يوقف جهاز الأمن الوطني الاحتجاز المطول غير القانوني لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفييين، والناشطين السياسيين.
أنا أرى أن إحقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب السوداني هو مفتاح الاستقرار طويل الأجل في السودان. وأدعو الحكومة للتنفيذ الفعال للاستراتيجية الوطنية للحد من الفقر من أجل معالجة الأسباب الجذرية لعدم المساواة في البلاد.
لقد تلقيت معلومات أن قوات الأمن تستخدم العنف والترهيب وغيره من أشكال الإنتهاكات لإسكات النساء في جميع أنحاء البلاد. وتتفاقم هذه الانتهاكات بسبب السياق الأوسع لعدم المساواة بين الجنسين في المجتمع السوداني والإطار القانوني الذي يضفي عليها المؤسسية. تميز الجرائم الأخلاقية العامة، بما في ذلك اللبس غير اللائق، ضد المرأة وتحد من حركتها ودورها في الحياة العامة. إن العقاب البدني المذل بالجلد ينتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وبشكل أكثر تحديدا، أدعو السلطات السودانية إلى وضع حد لظاهرة “الكشة”، وهي ممارسة يبدو أنها مضايقة تستهدف النساء في الخرطوم لمزاعم لباس غير لائق أو المتاجرة الشارع من قبل قوات الأمن النظام العام.
خلال لقائي مع وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، علمت بسلسلة من المبادرات المتخذة للتصدي للعنف ضد المرأة. وتشمل هذه تقديم تعديل للقانون الجنائي إلى البرلمان يهدف إلى تجريم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ووضع خطة وطنية لمدة 5 سنوات (2018-2023) تركز على وصول النساء في دارفور إلى العدالة. وأود أن أرى هذه المبادرات تتحول إلى خطوات ملموسة للتصدي للعنف ضد المرأة في السودان.
قمت بزيارة دارفور حيث التقيت مع سلطات الولاية، واليوناميد والجهات الفاعلة في المجتمع المدني. لقد أُبلغت بحدوث انخفاض كبير في الاشتباكات العسكرية في المنطقة. وأثني على الحكومة لاتخاذها خطوات إيجابية نحو تحسين الحالة الأمنية. وأثني أيضا على جهود السلطات الحكومية لمعالجة النزاعات على مستوى المجتمع المحلي وتعزيز التماسك الاجتماعي عن طريق جمع المجتمعات المختلفة معا من خلال عمليات الحوار والمشاورات. ومع ذلك، لا بد لي أن أشير إلى أن الأسباب الجذرية للنزاع لا تزال إلى حد كبير تنتظر المعالجة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن احتلال الأرض والعنف الذي يستهدف النازحين، بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء والفتيات النازحات، لا تزال تعوق عودتهم إلى مناطقهم الأصلية.
إنني أدعو الحكومة إلى وضع استجابة منسقة لمسألة النازحين. وينبغي أن تشمل هذه الاستجابة بعدا هاما من سيادة القانون لضمان المساءلة عن مختلف انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد النازحين في دارفور. لا يزال الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان يبعث رسالة خاطئة إلى الضحايا والجناة، والجمهور. لقد تلقيت تأكيدات من رئيس القضاء بالولاية بالوكالة، والمدعي الخاص المعني بجرائم دارفور، بأنه يجري اتخاذ خطوات لمعالجة هذه القضية.
كما زرت سجن شالا الاتحادي في ولاية شمال دارفور وكان لي شرف التحدث إلى الرجال والنساء المحتجزين على أساس قانون الطوارئ. انهم لم يقدموا أو يمثلوا أمام محكمة لعدة أشهر. أدعو السلطات السودانية إلى إلغاء قوانين الطوارئ في دارفورواستعراض كافة قضايا 117 من الرجال والنساء المحتجزين حاليا في سجن شالا الاتحادي في ما يتعلق بقوانين الطوارئ، وذلك بهدف ضمان الامتثال لإجراءات التقاضي السليمة ومعايير المحاكمات العادلة. وإذا وجد أن هذه الحالات غير ممتثلة، فإنني أناشد بالإفراج الفوري عن هؤلاء الأفراد.
وأثناء تواصلي مع المحتجزين، علمت أيضاً بحالة 56 من الأشخاص الذين حكم عليهم بالإعدام. ويشمل هذا الرقم إمرأة رُفضت مؤخرا مناشدتها للعفو الرئاسي. وهؤلاء الأشخاص معرضون لخطر الإعدام في أي وقت. وهم في حاجة إلى الحماية ويجب أن يوجه الاهتمام الدولي إلى معالجة هذه القضية كمسألة ملحة. وأود أن أشجع الحكومة على وقف إعدام هؤلاء الأفراد، ووقف تنفيذ أحكام الإعدام بهدف إلغاء عقوبة الإعدام.
وعلى نطاق أوسع، انتهزت فرصة اجتماعاتي مع السلطات السودانية للتذكير بأن السودان يجب أن يمتثل لالتزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان. في هذا الصدد، أكرر دعوتي للحكومة لاتخاذ تدابير فعالة، بما في ذلك إصلاح إطارها القانوني الحالي، لمعالجة الثغرات المؤسسية الخطيرة في نظام الأمن والعدالة بطريقة منسقة من أجل تعزيز احترام سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان.
في كل لقاءاتي مع السلطات السودانية، استمر استلامي طلبات المساعدة الفنية للحكومة في مجال حقوق الإنسان. غير أن برامج المساعدة التقنية وبناء القدرات تتطلب كثافة رأس المال وينبغي توفيرها على أساس تقييم الاحتياجات. لذلك، أشجع الحكومة على تسهيل نشر بعثة التقييم الفني لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في السودان من أجل مناقشة المجالات والموافقة عليها للحصول على مساعدة محتملة.
وفي غضون ذلك، علمت أن بعض الدول المانحة قدمت تمويلا إلى الهيئات الحكومية الرئيسية وأن المساعدة التقنية التي تقدمها مختلف وكالات الأمم المتحدة ستستمر. وأود أن أكرر دعوتي لمجتمع المانحين لزيادة دعمه المالي والتقني للحكومة والمجتمع المدني من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان في البلد.
وشكرا لكم.