بيان صحفي حول مخرجات حوار الوثبة وما يسمي بالوثيقة الوطنية

بسم الله الرحمن الرحيم
JEM_Logo_2حركة العدل والمساواة السودانية
أمانة الشؤون السياسية
بيان صحفي حول مخرجات حوار الوثبة وما يسمي بالوثيقة الوطنية

ظللنا في حركة العدل والمساواة نعلي من قيم الحوار، ونقدم الحلول السلمية للأزمة السودانية علي سواها من وسائل التغيير. و يدلل علي ذلك ما ورد في مواثيق الجبهة الثورية السودانية، واعلان باريس، ومواثيق نداء السودان، وقرارات إعلان وقف أطلاق النار من جانب واحد التي اطلقتها الحركة مع شركائها في الجبهة الثورية بمبادرات ذاتية تهيئة لمناخ العملية السياسية.
و قد أسفر حراكنا الديبلوماسي مع رصفائنا في الجبهة الثورية السودانية ونداء السودان، و عمق وموضوعية اطروحتنا للحل الشامل، عن قراري مجلس السلم والامن الافريقي رقم 456 و539 الذين حددا إطارا واضحا للعملية السياسية يقوم علي انعقاد اجتماع تمهيدي جامع مكانه اديس أبابا، يناقش إدارة وهياكل الحوار وموضوعاته، وضماناته ومطلوبات تهيئة مناخه، و ينتهي بمؤتمر قومي دستوري محله الخرطوم.
مبادرة الحوار التي أطلقها النظام السوداني جاءت عقب أحداث كبيرة هددت بزواله، أهمها هبّة سبتمبر المجيدة، و تصاعد وتيرة العمل المسلح الذي قادته حركة العدل والمساواة السودانية و شركاؤها في الجبهة الثورية وصولا إلي أم روابة، وابوكرشولا، بالإضافة إلي العزلة الدولية جرّاء سياسات النظام الخارجية، و انتهاكات حقوق الإنسان . و لنجاعة ديبلوماسية المعارضة، فقد توّجت هذا الحراك بالتوقيع علي خارطة الطريق المقترحة بواسطة الآلية الافريقية رفيعة المستوي بعد الحصول على ضمانات معلومة.

1- ملاحظات حول مسيرة الحوار

خارطة الطريق:
قام مؤتمر حوار الوثبة و سار إلى نهاياته في مخالفة صريحة لقراري مجلس السلم و الأمن الإفريقي رقم 456 و 539 الذين يشترطان فيه الشمول و الحيادية و قيام اجتماع يتفق فيه الأطراف على تهيئة المناخ لحوار متكافيء و على أسس إدارة مثل هذا الحوار ، بجانب مخالفته لخارطة طريق الآلية الإفريقية رفيعة المستوى التي وقع عليها النظام في الحادي و العشرين من شهر مارس 2016 و أقام الدنيا على الذين لم يوقعوا عليها في حينها.

تهيئة المناخ الملائم
لإبداء حسن النوايا وبناء الثقة بين الاطراف المعارضة والنظام، نري ضرورة تحقيق حزمة من الإجراءات أهمها: الوصول إلي اتفاق لوقف العدائيات، وفتح المسارات لتمرير المساعدات الإنسانية، وإطلاق الحريات العامة، و إلغاء القوانين القمعية، وإطلاق سراح الأسري ومعتقلي الرأي.
و لكن على النقيض من هذه الإجراءات، انعقدت جلسات حوار المؤتمر الوطني بالتزامن مع قصف الطائرات للأطفال في هيبان بجنوب كردفان، و سحل الأبرياء في آزرني بغرب دارفور، واستمرار جرائم المليشيات في اقاليم النزاع، وتواصل جرائم القتل لطلاب الجامعات في الخرطوم علي أساس جهوي، و انعقاد المحاكمات الكيدية ضد النشطاء، و في ظل تضييق واضح علي الحريات ومصادرة الصحف وانتهاك حقوق أسري الحرب الذين قضي عدد منهم خلف القضبان جرّاء المرض والإهمال المتعّمد، بينما المؤتمر الوطني وحلفاؤه في قاعات وثبتهم يعمهون.

إدارة وهياكل الحوار وضماناته
تحقيق مبدأ التكافؤ في عملية الحوار القومي الدستوري ضرورة ملّحة في ظل انعدام الثقة بين الأطراف. ولنجاح مسيرة الحوار كان من الضروري مشاركة الجميع في وضع أجندته، و تحديد كيفية إدارته ورئاسته، و تشكيل لجانه، و اعتماد آليات التوافق وسبل حل الخلاف اثناء التداول عبر لجنة تحكيمية يتوافق حولها الجميع، و التواضع على ضمانات تنفيذ مخرجاته، بجانب تحديد المنابر و الإطار الزمني و كيفية إشراك كل الشعب فيه بصورة فاعلية. و حتى لا يتخذ المال وسيلة ترغيب وترهيب، لابد من تمويل فعاليات الحوار من صندوق مستقل تتشارك أطراف الحوار في إدارته و تحديد بنود صرفه.
توفر الثقة بمخاطبة أسباب انعدامها يمثل أكبر ضامن لنجاح الحوار المنتج، إلي جانب مشاركة كل الاطراف بتكافؤ في إدارة العملية. و يشكّل تولّي الحكومة الانتقالية مهمة تنفيذ مخرجات الحوار ضمانة أساسية تكتمل بتوفّر الرعاية الدولية.
و لكن إنفرد المؤتمر الوطني بإدارة حواره، و تشكيل لجانه منفردا من منسوبيه وحلفائه، بجانب إختيار من يشاء كشخصيات قومية وخبراء، وحشد كم هائل من منظومات الأفراد تحت مسمي الحركات الموقعة علي السلام، و سيطر رأس النظام علي المنصّة و مارس منسوبيه تعسّفا داخل القاعات، و تبادلت سكرتارية اللجان الاتهامات بتزوير التوصيات، ثم جاء موقف المنظومة الغربية من مسيرة الحوار و الذي لخصه بيان الإدارة الأمريكية معضدا للمحاذير التي أعلنتها المعارضة تجاه حوار الوثبة الذي لا ضامن لتنفيذ توصياته سوي تعهدات رأس النظام المشهود له بخرق العهود والمواثيق.

2- ملاحظات حول الوثيقة الوطنية
الهوية
جاءت ما يسمي بالوثيقة الوطنية لتكمل التشويه الذي عاب مسيرة حوار الوثبة منذ انطلاقته. فرغم إقرار الوثيقة بوجود أزمة وطنية، إلا أنها رفضت تشخيص المسببات، واستعاضت عن تقديم الحلول الواضحة بالعموميات، ومُورست ذات التعمية في موضوع الهوية، إذ تم الاكتفاء بإقرار استهلاكي بالتنوع دون إبتدار معالجات عملية تسهم في تجريد الإمتيازات الناشئة عن التوظيف الخاطئ لإمكانات الدولة لصالح ثقافات ضد اخريات
الحريات
أغفلت الوثيقة تماماً الإشارة إلي ضرورة إلغاء القوانين المقيدة للحريات خاصة قانون جهاز الأمن والمخابرات، و قانون الصحافة و المطبوعات، والحريات الأساسية عموماً، و ضمان سمو القانون الدولي وعدم التعارض بين القانون السوداني والقوانين الدولية خاصة المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان والعدالة الدولية
السلام والوحدة
ما احتوته الوثيقة تحت هذا العنوان، يعبّر بحق عن فشل حوار الوثبة الذي لم يقل كلمة مواساة في حق ضحايا حروب الابادة التي شنها النظام ضد اهالي دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، أو ينادي بتعويضهم، ناهيك عن الإقرار باستمرار الحرب، وتحديد أسبابها، و مخاطبة جذور الصراع. السلام النهائي يتحقق بإعمال مبدأ العدالة والمحاسبة وعدم الافلات من العقاب، وجبر ضرر ضحايا الصراع، ومحاسبة الذين ارتكبوا جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، عن طريق محاكم دولية و مختلطة و وطنية، وإعمال التمييز الإيجابي لصالح الأقاليم المتأثرة بالنزاع المسلح ومعالجة التهميش.
تجاوزت الويثقة الإشارة إلى أي عملية سلمية أو توجه إلى حل سلمي متفاوض عليه، مما يعني ضمناً أنها تدعم خط النظام القائم على الحلول العسكرية و الأمنية.

التحوّل الديموقراطي:
تتمثل أزمة البلاد الأولي في انعدام الديمقراطية واختلال ميزان السلطة والثروة ولضمان وحدة ما تبقي من السودان فلابد من تحقيق الحكم الرشيد من خلال التحول الديمقراطي والشفافية وأشاعه الحريات والمساءلة وسيادة القانون، إلا أن الوثيقة غضت الطرف تماماً عن الحديث عن التحول الديموقراطي و كأن البلاد تعيش ديموقراطية مثالية.

قضايا الحكم
و رغم اتفاقنا حول ما ورد عن ضرورة تبنّي الحكم الفيدرالي الذي لا يتحقق إلا بكفّ يد المركز عن التغّول علي حكومات الأقاليم و الولايات و المحليات المنتخبة شعبيا. ويكشف إصرار المؤتمر الوطني علي تحجيم منصب رئيس الوزراء المقترح بتعيينه من قبل رأس النظام و حرمانه من تعيين وزرائه أو إعفائهم و من حيث السلطات الممنوحة له لصالح رأس النظام و احتفاظ الحزب الحاكم بأغلبيته في المجلس التشريعي الانتقالي، إصرار صريح علي التسلط.
كما يجب ان يكون تمثيل أقاليم السودان في المستوي الاتحادي وفقا للوزن السكاني لكل إقليم، مع تشكيل حكومة انتقالية تشرف علي إدارة المرحلة الانتقالية خاصة قضايا حل المليشيات شبه الرسمية، و سنّ القوانين واللوائح التي تحرّم تجييش وتسليح القبائل، وتجرّم حمل السلاح علي غير القوات النظامية بعد هيكلتها بصورة تضمن قوميتها و مهنيتها، و اصلاح الجهاز القضائي و الخدمة المدنية عموماً.
إصلاح قانون الانتخابات، وتشكيل مفوضية جديدة، وتحديد معايير واضحة في تسميه القوي السياسية، واختيار عضوية المفوضية بالتوافق السياسي، ضرورة ملحّة قبل إجراء أية انتخابات قومية، كما يتعيّن على الحكومة الوطنية الانتقالية إجراء تعداد سكاني علمي و شفاف و مراقب يشمل جميع السودانيين داخل الوطن و خارجه بما فيهم النازحين و اللاجئين.

الاقتصاد
ما تناولته الوثيقة في هذا الشأن لامس كل شي عدا الأسباب الحقيقة للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والتي ترجع لتعطيل القطاعات الإنتاجية، و سيادة اقتصاد المضاربات قصيرة الأجل، و تفشي الفساد والمحسوبية، و تدمير المشاريع و المؤسسات القومية لصالح منسوبي النظام تحت غطاء خصخصة تفتقر إلى أدنى معايير الشفافية و التنافيس الشريف، إلي جانب غياب المحاسبة، و ضعف السياسات الاقتصادية، وإختلال ميزان الثروة بين الأقاليم.
تحقيق النهضة الاقتصادية والسلام المستدام يتطلب محاربة الفساد، والتوزيع العادل للموارد بين الحكومات الإقليمية و الاتحادية، و ضمان تمثيل شعب السودان في مؤسسات الخدمة المدنية حسب الكثافة السكانية و إعمال التمييز الإيجابي لصالح الأقاليم المتأثرة بالحرب، و إرجاع المفصولين للصالح العام من المدنيين والعسكريين، و إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، و مراجعة أولويات الصرف، علي أن تدار الموارد الوطنية من خلال لجنة قومية مختصة تشرف على حصر و توزيع الموارد المالية.

آلية تنفيذية
ليؤكد المؤتمر الوطني بأن مؤتمر حوار الوثبة يهدف بشكل أساسي لتكريس حكم الفرد والدكتاتورية، واستمرار نظام الحزب الواحد في مصادرة الدولة لصالح مجموعة صغيرة، ليواصلوا نهب مقدرات البلاد وإذلال الشعب السوداني، لذلك خلت توصيات الوثبة من أي ذكر حول الجهة المناط بها تنفيذ مخرجات الحوار، و الجهة المشرفة على التنفيذ، و كذلك الجهة التي تقوم بعملية التقييم.

الإصلاح القانوني والقضائي
بالنظر الى توصيات حوار الوثبة، إن مبدأ استقلال القضاء الذي يكرره حوار النظام في أكثر من موقع، كلمة حق أريد بها باطل. يظلّ القضاء في السودان، في ظل الإنقاذ، قضاءً غير مستقل. و مبدأ استقلال القضاء وسيادة حكم قانون، عبارة رنانة يكررها النظام. و فى ذات الوقت، رأس النظام هو الذي يقوم بتعين رئيس القضاء من قيادات حزبه، و يكون مسئولاً أمامه، و كذلك رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية. و هذا يعني أن جميعهم عبارة عن موظفين كبار تابعين للجهاز التنفيذي. وعندما تكون السلطة طرفا في قضية ما ينفذون توجيهات راس النظام. ولإعمال مبدا استقلال القضاء يجب أن يصدر قانون خاص بالهيئة القضائية تكون من ضمن مواده مادة تعنى باستقلالية ميزانية القضاء عن السلطة التنفيذية، و أخرى تنص على انتخاب رئيس القضاء مباشرة من مجلس القضاة بالشروط والمواصفات التي ينص عليها القانون. وهذا نظام متبع في كثير من دول العالم الحر.

ختاما
نشير إلي أن ما جاءت من إيجابيات فيما يسمي بالوثيقة الوطنية فقدت قيمتها و مفعولها بفعل السلبيات الأسياسية التي ذكرنا طرفاً منها. أما التوصيات ففي مجملها جاءت معبرة عن موقف حزب المؤتمر الوطني رغم ظهور بعض التنازلات الشكلية. إلا أنها لن تكتسب أهمية في ظل التعميم ومحاولات الالتفاف والقفز الصريح فوق جذور الازمة الوطنية البائنة، وغياب الإرادة الحقيقية، مما يؤكد أن حوار الوثبة معيب معني و مبنى. ورغم ذلك، و تأكيدا علي حرصنا الدائم علي الحل السلمي لأزمة الوطن، نعلن نحن في حركة العدل والمساواة السودانية، أننا سنخضع مخرجات حوار الوثبة للمزيد من الدراسة و التمحيص و نصدر دراسة تفصيلية عنها في وقت قريب بإذن الله.

سليمان صندل حقار
الأمين السياسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *