على ابوزيد على
المنظمات والجمعيات الانسانية الخيرية هى ضمير مجتمعاتها وهى تنظيمات لا تنافس على الوصول للحكم ولكنها تقاتل من اجل حكم راشد وتوفير حقوق الانسان فى انظمة الحكم المختلفة…تلك العبارات دائما ما يرددها صديقى الدكتور سمير عليش رئيس المركز الاهلى لدعم المنظمات الاهلية ومؤسس المنتدى الاهلى للسكان والتنمية مصر والسودان بالقاهرة
وشاء الله ان انتمى لفئة المنظمات الانسانية منذ العام 1999تاريخ تأسيس منظمة الهيئة الشعبية لتنمية دارفور التى ابتدر فكرتها الاولى الاستاذ عبدالله زكريا كتجمع مطلبى وتنموى لابناء دارفور شبيه بجبهة نهضة دارفور وتم طرح تكوين منظمة وفق قانون العمل الانسانى من شخصى والراحل الدكتور يحى الملك ومن هذا الانتماء لفئة المنظمات جاء الاحتكاك والتعرف على التجارب المحلية والاقليمية والدولية مقارنة بالتجربة السودانية ومستقبل العمل الطوعى الذى ارتبط بالطوارئ والتقييد الادارى والتوجس الامنى والاحتواء السياسى فى غياب استراتيجية علممية وانسانية يحقق اهداف العمل الطوعى الانسانى
بداية ثمة خلط غير مبرر بين منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الانسانية فتعريف منظمات المجتمع المدنى تشمل المؤسسات المدنية فى المجتمع من بينها الاحزاب السياسية والنقابات المهنية والجمعيات االثقافية وروابط التنمية والحفاظ على ثقافات مجموعات الاقليات وغيرها بينما المنظمات الانسانية تتجه نحو بذل الجهد الطوعى من قبل الافراد والجماعات لخدمة المجتمع ومشاركة الدولة ومساندتها فى تنمية المجتمع وفى مواجهة الكوارث الطبيعية مثل السيول والفيضانات والزلازل والحرائق والكوارث التى بفعل الانسان مثل مساندة واغاثة ضحايا الحروب والنزاعات المحلية ومن حيث النشاط فان المنظمات الانسانية الطوعية تتولى جانبين هما :
أ-العون الانسانى وهو الجهد الذى تبذله المنظمات فى مجال ما هو متعارف عليه بالطوارئ ويرتبط هذا النشاط بتقديم العون الغذائى والكسائى والايوائى والصحى للضحايا الذين اصيبوا بكارثة طبيعية او بفعل الانسان
ب- العون المدنى وهذا الجانب هو الاحدث فى مهاهم المنظمات الانسانية الطوعية ويعنى بجانب قضايا الحكم الراشد الذى يحقق ارادة الشعب وحماية وتعزيز حقوق الانسان والعون الحقوقى والقانونى لتحقيق العدالة والمساواة بين مجموعات المجتمع والقيام بدور المدافع عن مجموعات الحماية مثل المعوقين والاقليات الاثنية والدينية وغيرها
امتلكت المنظمات الوطنية خبرات واسعة فاقت الدول المتقدمة والتى بسبب تقدمها واستقرارها لم تدخل تجربة الطوارئ التى اشرنا الى مدلوله سابقا فقد واجهت المنظمات الطوعية اعتمادا على موروثها الدينى والثقافى افرازات الحروب الاهلية التى لازمت الفترة الوطنية ما بعد الاستقلال كحرب الجنوب المتطاولة والتى امتدت الى ما يقرب من نصف قرن والحروب الاهلية فى جبال النوب ودارفور واكتسبت المنظمات خبرات كبيرة فى مواجهة الطوارئ وتقديم العون الانسانى للضحايا المدنين فى معسكرات النزوح او فى ارض المعارك بمناطق النزاعات ومن ابرزالتجارب الناجحة للمنظمات الوطنية السودانية انها حققت نجاحات فى اغاثة وايواء النازحين فى حرب دارفور قبل تدخل الحكومة باجهزتها الرسمية وقبل تدخل المنظمات الدولية ووكالات الامم المتحدة لمدة عام كامل وايضا من ابرز انجازات منظماتنا الوطنية انها شاركت فى اكبر مشروع اممى للاغاثة تمت فى القارة وهو شريان الحياة لاغاثة المتضررين من حرب الجنوب وتواصلت امتلاك الخبرات فى مشروع اعادة التوطين عقب اتفاقية اديس اببا عام 1976 باعادة توطين 4 مليون شخص فى قرى السلام
نتيجة تلك الخبرات التى تم اكتسابها بسبب عدم الاستقرار السياسى والحروب الاهلية ساهمت المنظمات السودانية فى تقديم العون الانسانى لعدد من الدول فى المحيط الاقليمى والدولى وقدم المتطوعون السودانيون خبراتهم فى مواجهة الطوارئ لدول افريقيا واسيا وفلسطين ومن ابرز هذه المنظمات مؤسسة الزبير الخيرية وشركاءها من المنظمات الوطنية ومجموعة الخبراء السودانين العاملين بمنظمة الدعوة الاسلامية
اما الجانب الثانى لمهام المنظمات الانسانية والخاص بالعون المدنى والحقوقى فالحاجة الملحة لارتياد هذا المجال جاءت نتيجة تدويل النزاعات الداخلية وتدخلات الدول الكبرى والمجالس المتخصصة للامم المتحدة فى الشأن الوطنى فقد افرزت حرب دارفور استقطاب منظمات حقوق الانسان الدولية والاممية وتعبئتها اعلاميا ودبلوماسيا لمواجهة الحكومة السودانية و انتجت التعبئة عدد من قرارات الادانة واعتماد ممثلين ومراقبين دوليين لاوضاع حقوق الانسان فى دارفور وازدادت نشاطات المنظمات الاجنبية فى تقديم التقارير للعالم مثل منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية
جاءت المبادرة الجادة الاولى لاشراك المنظمات الوطنية فى موضوعات حقوق الانسان عالميا من الرجل الانسان الدكتور سلاف الدين صالح مفوض العون الانسانى الاسبق ومفوض مفوضية نزع السلاح يومئذ مع تسعة ناشطين بعض منهم من دارفورومناطق الازمات تحت مسمى مجموعة جنيف التى تطورت فيما بعد الى المجموعة الوطنية لحقوق الانسان بقيادة الاستاذ ابراهيم عبذالحليم والاستاذ محمد الحسن البشير ولعبت المجموعة دورا كبيرا فى الفترة الماضية فى التأسيس لفكر وطنى تجاه قضايا حقوق الانسان وردم الهوة بين النظمات الوطنية ومؤسسات حقوق الانسان الدولية والعالمية
قادت المجموعة الوطنية دورا تحريضيا لمؤسسات الدولة الرسمية للاستجابة لتعزيز وحماية حقوق الانسان من زاوية المسئوولية الدينية والدستورية كما استفزت المنظمات الوطنية لولوج مجالات حقوق الانسان فى داخل وخارج السودان ونتيجة لذلك تاسست عدد من الهيئات الحقوقية ومراكز الاستنارة والرصد ومجموعات المدافعين عن حقوق الانسان
ثمة دور متعاظم واسترتييجى لتطوير مهام المنظمات الوطنية فى موضوعى العون الانسانى والعون المدنى والحقوقى فمنظماتنا الوطنية يجب ان تقوم بدور بارز فى مجالات التنمية الاقتصادية وتصميم وتنفيذ مشروعات محاربة الفقر باعلاء الانتاجية فى مناطق النزاعات ومناطق العودة وتوجيه الدعم الخارجى والوطنى لخدمة الامن والاستقرار والتنمية
وفى جانب العون المدنى عليها ان تبنى انشطتها وتطور مهامها فى تحقيق الحكم الراشد والديمقراطية والعدالة والمشاركة فى العمل العام وفق المعايير التى تحقق كرامة وحقوق الانسان وهذا ما سنتناوله بعون الله فى مقالنا القادم
ولله الحمد
[email protected]