المعارضة تشن هجوماَ عنيفا على المفوضية وتطالب بإلغاء السجل الانتخابي المزور وتلوح بالإنسحاب
شنت أحزاب المعارضة السودانية في مؤتمر صحافي مشترك في الخرطوم أمس هجوما يعتبر الأعنف من نوعه على مفوضية الانتخابات السودانية «الجهة المشرفة على ترتيب الانتخابات في البلاد»، واتهمتها بالعمل على «تزوير الانتخابات»، ولوحت أحزاب المعارضة بأنها قد تنسحب من العملية الانتخابية، وهددت بأن من الخيارات المفتوحة أمام المعارضة القيام بانتفاضة شعبية ضد الحكومة.
وطالبت المعارضة بإلغاء السجل الانتخابي، ووجهت هجوما شخصيا لرئيسها القانوني الجنوبي ابيل الير، في وقت أعلنت فيه المفوضية تمديد عملية التسجيل للانتخابات، التي كان مقررا لها أن تنتهي في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، لمدة أسبوع آخر.
وقال فاروق أبو عيسى القيادي في التجمع السوداني المعارض في مؤتمر صحافي عقدته أحزاب المعارضة أمس في دار الحزب الشيوعي، إن المعارضة توصلت إلى أن مفوضية الانتخابات تعمل لمصلحة حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير، وأضاف: «نأسف أن يكون على رأسها ابيل الير، ونحمله كافة المخالفات ونناشده أن ينتصر لتاريخه ويمارس أمر الانتخابات بعدالة».
واتهم المحامي علي السيد القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني مفوضية الانتخابات بخرق القانون منذ تحديد موعد الانتخابات، وقال إنها غير محايدة، وحسب السيد فإن السجل الانتخابي «فيه أخطاء كبيرة»، وقال: «إذا استمر التسجيل للانتخابات بهذه الطريقة فلن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة».
فيما قال المحامي كمال عمر القيادي في حزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الدكتور الترابي إن مفوضية الانتخابات الآن تؤدي دورا كبيرا لتزوير الانتخابات المقبلة، وأشار إلى أن الخيارات مفتوحة أمام المعارضة السودانية، «من بينها الترتيب لانتفاضة شعبية».
من جهة أخرى، كشف مسؤول جنوبي أن النائب الأول للرئيس السوداني، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، سلفا كير مياردت، التقى، لمرتين، في العاصمة باريس برئيس حركة تحرير السودان المسلحة في إقليم دارفور عبد الواحد محمد نور المقيم هناك منذ أعوام، وطلب منه سلفا كير «ضرورة العمل معا لإيجاد حل للأزمة في إقليم دارفور»، وتعهد نور بأنه سيزور عاصمة جنوب السودان «جوبا» استجابة لدعوة من الحركة الشعبية.
ويصف المراقبون في الخرطوم اللقاء بأنه «نادر ولافت للانتباه»، حيث ظل نور على مدى الأعوام الماضية يرفض اللقاء بالمسؤولين في الحكومة السودانية من جانب حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير، كما يرفض لقاء عدد من المبعوثين الدوليين، حيث رفض من قبل لقاء كل من المبعوث الأميركي للسودان، والمبعوث الأفريقي الأممي جبريل باسولي، ويتهم الاثنين بالانحياز للخرطوم. ورفض مقابلة عدد من الوفود من القيادات السياسية من أبناء دارفور.
ويرى نور أنه لن يدخل في أي مفاوضات مع الحكومة السودانية ما لم تتم الاستجابة لجملة من الشروط ظل يرددها من بينها نزع سلاح الجنجويد، وطرد الأجانب الذين يقيمون في أراضي النازحين، وتوفير الأمن للنازحين في المعسكرات، فيما ترى الحكومة في الخرطوم أن بعض شروط نور «تفاوضية» الاستجابة لها تتطلب طاولة المفاوضات بين الطرفين.
وعاد سلفا كير إلى الخرطوم من جولة أوروبية شملت بلجيكا وهولندا وفرنسا، استغرقت أسبوعا كاملا، وقدم سلفا كير فور عودته تنويرا للرئيس البشير حول جولته الأوروبية، والمقابلات التي أجراها مع المسؤولين بتلك الدول، وقال إنه ناقش من خلال الزيارة قضايا الانتخابات والاستفتاء، وأكد أن الأوروبيين وعدوا بدعم الانتخابات بالمال وإيفاد مراقبين للإشراف على الانتخابات المقرر لها أبريل (نيسان) المقبل.
وقال إنه قدم للرئيس شرحا حول تطورات الأحداث بالجنوب، بما فيها محاولة اغتيال وزير الزراعة بحكومة الجنوب «سامسون كواجي»، ومقتل 6 من حراسه عندما تعرض موكبه لإطلاق نار من قبل مجهولين الأسبوع الماضي، بجانب الأحداث التي شهدتها ولاية «أعالي النيل» بعد رفض والي الولاية مغادرة مبنى الولاية بعد صدور قرار بعزله.
من جانبه، أعلن وزير رئاسة حكومة الجنوب لوكا بيونق المرافق لسلفا كير في الزيارة أن الأخير التقى خلال الزيارة برئيس حركة تحرير السودان المسلحة في دارفور عبد الواحد محمد نور في العاصمة باريس، وقال في تصريحات في الخرطوم إن نور وافق على زيارة «جوبا» خلال شهر من الآن، «لمناقشة جملة من القضايا الخاصة بدارفور على رأسها مبادرة الحركة الشعبية في توحيد الرؤى التفاوضية للحركات المسلحة». وأكد كير لنور ضرورة التواجد للعمل معا لإيجاد حل لأزمة دارفور.
وقال بيونق إن النائب الأول للرئيس السوداني ركز في لقاءاته المختلفة التي تمت بالمسؤولين في الاتحاد الأوروبي في بروكسل وفرنسا وهولندا، حول قضية وحدة وانفصال الجنوب، مبينا أن سلفا كير أكد أن الوقت لا يزال متاحا لتحقيق الوحدة. وذكر بيونق أن الاتحاد الأوروبي أعلن وقوفه مع وحدة السودان مع التزامه بخيار الجنوبيين. وكشف بيونق عن التزام الاتحاد الأوروبي بدعم الانتخابات المقبلة بمبلغ 13 مليون يورو، مع إرسال مراقبين لمراقبتها. وقال إن الاتحاد الأوروبي يبحث عن آلية لتوصيل الدعم الذي حرم منه السودان بسبب عدم توقيعه على اتفاق كوتونو والمقدر بـ362 مليون يورو للجنوب والمناطق المتأثرة بالحرب.
وكشف بيونق أن سلفا كير التقى في باريس شركة «توتال» العاملة في تنقيب البترول في الجنوب والمستثمرين الأوروبيين، بهدف إزالة التخوفات التي أبداها بعض المستثمرين من مآلات الاستفتاء حول تقرير المصير.
الخرطوم: إسماعيل آدم
الشرق الاوسط