بعد توقيع الدوحة ومن قبله ابوجا , أمن أجل هذا حملتم السلاح ياأهل دارفور؟؟
ظللنا نكرر مرارا وتكرارا بان حكومة الانقاذ ومؤتمرها الوطني والحكومات السابقة , لا يريدون البتة الخير والنماء والاستقرار لدارفور واهل دارفور وهذا ما اثبتته السنوات الخمسون ونيف التي تلت الاستقلال والشواهد اكثر من ان تُحصي في بضع اسطر .وكفي بالكتاب الاسود مرجعا موثِقا لفداحة ما لحق بدارفور واهلها من ظلم بشع في مجال التوظيف فقط ناهيك عن المجالات الاخري من تنمية وتعليم وهلم جرا. وهذا الظلم والتهميش دفع بابناء دارفور من ولوج باب المطالبة المسلحة والذي لم يجدوا منه بد بعد ان فشلت كل الجهود السلمية والمطالبة بالتي هي احسن , وبعد ان تاكد لهم ان حقوقهم سوف لن تاتيهم طواعية خاصة بعد ان ثبت ذلك من تجربة الجنوب والجنوبيين الذين لولا كفاحهم المسلح والدامي لاكثر من نصف قرن للبثوا في التهميش والعذاب المهين الي مالايعلم مداه الا رب العالمين.
ثم جاءت قاصمة الظهر والمؤشر الابلغ لاستحالة نيل المطالب الا بالسلاح حين جاهر البشير بانه , ومن ورائه حزبه وجيشه , لن بفاوض الا من يحمل السلاح فجاء الرد سريعا بهجمة الفاشر الشهيرة في فبرايرعام 2003 والتي كانت البداية الحقة للصراع المرير الذي فيه اثبت ابناء دارفور انه لو ان الامور تُؤخذ غلابا لما بزهم احد وظهر جليا انهم هم الذين كانوا من يذودون عن حياض السودان منذ المهدية الي الان , والبشير وحزبه هم اكثر الناس علما بفراسة وبسالة ابناء دارفور فقد عرفوهم حين كانوا بينهم في ما عُرف بغزوة المرتزقة سنة 1976 وخبروهم مقاتلين اشاوس هناك في” ساحات الفداء” في الجنوب. حتي اذا ما انتفضوا وتمردوا وغادروا صفوف القوات المسلحة ومليشيات الانقاذ الي صفوف التمرد في حركة تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة والحركات الاخري, تزعزعت صفوف جيش ومليشيات الحكومة وذاقوا من الهزائم امرها وترتب علي ذلك لجوء المؤتمر الوطني الي فكرة الاتيان بالجنجويد ليحاربوا نيابة عنهم بصورة لا اخلاقية ولايمت الي الدين الاسلامي بصلة رغم ادعاء جالبوهم بانهم اهل الاسلام واهل التوجه الحضاري. ولبشاعة ما اقترفوه في دارفور صار البشير واخرين مطلوبون امام العدالة الدولية في سابقة تاريخية وفضيحة اخجلت السودانيين اينما حلوا.
وبعد ضغوط دولية واقليمية ومحلية , تنادˉي المجتمع الدولي وبعض الاصوات الحريصة علي حقن دماء اهل دارفور الي الجلوس الي طاولة المفاوضات فكانت ابوجا والتي وقعت فيها الحكومة وحركة تحرير السودان علي اتفاقية صارت تُعرق بهذا الاسم عام 2005. ولكن , ومما يؤكد ما ذهبنا اليه من ان الحكومة لاتريد حلا̋ لازمات دارفور , تعنتت ولم تنفذ بنود الاتفاقية مما حدا بمني اركوي رئيس الحركة الي ان يخرج مغاضبا مرات عدة , ولكن دون جدوي. وحتي سلطاته كرئيس السلطة الانتقالية لدارفور باتت حبر علي ورق واصبح لايستطيع حتي ان يمارس ادني السلطات علي ولاة جنوب وشمال دارفور. اما مفوضياته فقد الت الي عملاء الحزب الحاكم ولايستطيع مني اركوي ورفاقه حتي مجرد الاستفسار عن مالية هذه المفوضيات خاصة مفوضية اللاجئين مما اوصل كبير المفوضين الي الهرب الي انجلترا طالبا اللجوء السياسي بعد ان وصل به الاستياء والياس مبلغا فاق طاقته.
والحال كهذه وابوجا في خبر كان ولم يتبق منها الا اشخاص كانوا بالامس صناديد وهزوا اركان الحكم في السودان هزا لم يسبق له مثيل فصاروا يتبواون مناصب اكثر من هامشية وبلا سلطات حتي ان مكتب “كبير المساعدين؟!” يقبع قي ركن قصي داخل حوش القصر الجمهوري وخارج مبناه المعروف في تهميش مقصود , نقول والحال كهذا , اذا بالحكومة والمؤتمر الوطني يكرران نفس السيناريو مع حركة العدالة والمساواة وايضا بعد ان اذلت هذه الاخيرة الحكومة وغزتها نهارا جهارا في عقر دارها وفضحت امرها واظهرت للعالم اجمع هشاشة هذا النظام , مما حدي باحزاب المعارضة النائمة الي الاستيقاظ من سباتها العميق فدبت الحياة في اوصالها وبدات تجهر وتجأر بشيئ من المعارضة وتقول كلاما عصيا صامت عنه سنين عديدة. وجاءت اتفاقية الدوحة بالامس , وهي التي وُلدت بانجمينا في خيانة وطعنا في الظهر من حركة العدل والمساواة للحركات الاخري , التي ظنت وبسذاجة وطيبة قلب بانها وحركة العدالة انما في قارب واحد وخندق واحد يفاوضون “عدوا” مشتركا , غير مدركين بان هناك مفاوضات موازية تجري في انجمينا بين حركة العدل والحكومة وما الدوحة الا” تمويه! “وصرف الانظار عما يدور في انجمينا , وهذا ليس بمستعرب ابدا من الحكومة ومن حركة العدل والمساواة علي سواء ,فقد رضع الاثنان من ثدي واحد عندما كانا تحت سقف واحد قبل الانشقاق الذي ضرب ما يُسمي بالحركة الاسلامية السودانية والذي كان “التمويه” عمل مشروع ووسيلة متاصلة في كل تحركهم وتعاملهم كما ذكر علي الحاج في لقاءات متكررة بموقع سودانيزاونلاين.
اذا فابوجا كانت محصلتها حفنة مناصب هامشية مع وقف التنفيذ , والان ياتي الدور غلي ثاني اكبر الحركات المسلحة الدارفورية ليتم تحييدها واسكات مدافعها من اجل حفنة دولارات وشيئ من مناصب هامشية اخري ستلاقي نفي المصير الذي ذاقته اختها حركة تحرير السودان, وان كان الشيئ الايجابي الوحيد في اتفاقية الدوحة هو انقاذ المحكوم عليهم بالاعدام من منسوبي الحركة من حبال المشانق بقرار يؤكد عدم نزاهة النظام القضائي بالسودان وعدم اهلية البشير ليكون رئيسا لتدخله السافر في مهام القضاء.
والنتيجة المؤسفة لكل هذا هو ان ثمن معاناة اهلنا في دارفور الذين لايزالون في العراء والذين فقدوا اعز ما يملكون من شرف نسائهم , والذين احتل الجنجويد ديارهم ومزارعهم, بعد ان احرقوا الاخضر واليابس, ثمن كل هذا هو مناصب هامشية وبنود اتفاقية معطلة منذ توقيعها بابوجا قبل خمس سنين , ومناصب اخري هامشية اتية كوزارة التجارة لجبريل اخو خليل ابراهيم , ومنصب نائب الرئيس لخليل او من يختاره , وكلها مناصب لاتسمن ولا تغني من جوع , هذا ان لم يلاقوا عنت ومشقة ومعاكسة واستعلاء واذلال مقصود من كل الذين حولهم من رجال القصر ومن كل مرافق ومؤسسات الدولة التي تحت سيطرة المؤتمر الوطني كما دابوا دائما في التعامل مع كل ما هو دارفوري. اليس رئيسهم القائل , واصفا هذه الحركات بانهم ليسوا شبها للسلطة؟ اليس من الممكن المطابة علي الاقل ببعض الوزارات والمؤسسات ذات السيادة والفاعلية والتي هي حجر الاساس في ما يتعلق بانجاح خطط حل مشاكل دارفور مثل وزارت المالية والطاقة وبنك السودان ؟ خاصة وان المؤتمر الوطني ومرشحه للرئاسة في امس الحاجة للوصول الي أي اتفاق يمكنه من ان يحل المشكلة ولو جزئيا ولو لحين بغرض الدعاية للانتخابات وهم بذلك علي استعداد للتنازل عن وزارة او اثنتين من الوزارات الفاعلة بالاضافة الي منصب نائب الرئيس وجميع حكومات الولايات الثلاث في دارفور. ؟ ام ان في الامر بنود سرية ومصالح خفية جعلت ثالوث المؤتمر الوطني وحركة العدل والمساواة وحكومة تشاد ورابعهم حكومة قطر يسارعون لاتمام الصفقة في وقت قياسي لا يتناسب وحجم المشكلة وفداحة الماساة.؟؟!! ننتظر لنري , وان غدا لناظره قريب.
احمد ضحية رابح
حركة تحرير السودان
[email protected]