اي خطاب او كلام او عمل لا يفضي الي الحرية الكاملة للانسان السوداني واحترام حقوقه والحفاظ علي كرامته ورفع معاناته , ما هو الا هطرقة وسفسطة وهراء.
استغربت كثيرا عندما اشرابت أعناق زعامات الاحزاب المتمارضة والمتعارضة أمام منصة الخطابة حيث اختبا الرئيس خلف مايكرفونات الاذاعة والتلفاز وبعضا من الفضائيات الداعمة لنظامه الظالم الباطش الفاشل , استغربت من هؤلاء ووجوههم تفيض املا واستبشارا بما سيقوله ملك الكذب والخداع والمراوغة , ضاربين بعرض الحائط سوابقه في هذا المضمار . والعجب العجيب مظهر الترابي وكانه هو الترابي ماقبل المفاصلة والطر من بيته الذي بناه العمر كله ولفظه وماتبع ذلك من سجن وحبس واقامة جبرية ومضايقات اسرية , وما ملاوا به الاجواء من تراشقات كلامية وسباب وشتائم وصلت في بعض الاحيان قمة الغلظة والحدة في فجور للخصومة لم يشهد لها السودانيون مثيلا ولم يسمعوا به الا انه واحدا من علامات النفاق. جلس الشيخ هناك في الصف الاول في مواجهة المنصة وكانه هو الشيخ الذي لايزال يمسك بزمام الامور ويملك مفاتيح الحزب والتنظيم الذي تصدع.
وكل هذا يدل دلالة شديدة علي ان الرجلين , الرئيس والشيخ , قد دبرا شيئا بليل وحاكا مكيدة سبقتها شرط اخراج النائب الاول ولاحس الكوع من السفينة قبل الشروع في اية حلول ترقيعية علها تعيد الحركة الي سابق عهدها ولو قليلا. وما سكوت الشيخ عنما حدث من تغييرات في هيكل الحكومة واخراج من خرج من مما تبقي متشبثا زورا وبهتانا بدثار الحركة الاسلامية وتعليقه الايجابي جدا عن البشير الا دليل اخر لما جري.
ولكن جاء الخطاب مفاجاة فعلا للحضور في القاعة وللملايين امام شاشات التلفاز الا من رحم ربه , وظهرت الدهشة وبدا الذهول واضحا وباينا مبينا علي الوجوه ,وتململ الشيخ ومن حواليه وحوله ولسان حال الشيخ يقول ما هذا الذي تقوله يا عمر؟ هذا مالم نتفق عليه؟ وخلا الخطاب من كل ما هو مفيد وفاض وامتلا بكل ما هو غث وركيك لفظا ومعني. وصار الذين تسمروا في كراسيهم الوثيرة الفخمة وكانهم جلوس علي بنابر تقطعت حبالها وتاكلت قوائمها, او قعود علي كراسي من حديد توخزهم بما بها من نقاط لحام حادة , ان لم يفهم الجيل الجديد جيل الهوت دوغ ما هي البنابر .
جاء الخطاب مخيبا للامال التي لم تكن في الحقيقة لها وجود الا كطيف عود رقيق منعكس علي سراب رقراق في الصحراء الكبري. واصاب الاحباط كل الحادبين علي رؤية الوطن الجريح المبتور اسفله والمتقطعة اوصاله والمتشتتة قلوب سكانه بفعل سياسة فرق تسد التي انتهجها النظام القادم رافعا رايات التوجه الحضاري وكلح وجهه عن اقبح نظام فاق في الفساد افسد الفاسدين وفي العنصرية حتي اليهود والبوير القادمين من اوربا والغاصبين لارض منديلا في جنوب افريقيا .
وخلا الخطاب من اي اشارة ولو رمزيا الي ما يرفع المعاناه عن كاهل المواطن المنهك بالجوع والمرض والجهل والقهر , والذي يتساقط افراده كل يوم بالمئات مرضا وجوعا وقهرا وتعذيبا وقتلا بالرصاص وذبحا علي ايدي المليشيات المرتزقة وسط واطراف البلاد.
وصفوف الخبز والمحروقات هي هي او ازدادت بعد الخطاب ووثبت الاسعار وثبات جنونية ولاتزال بدل ان يثب الرئيس من علي كرسي الحكم بعد عقود من الغش والكذب والفساد والفشل الذريع وملايين من القتلي والمشردين .
واي خطاب او كلام او تجمع او تغيير وجوه شائهة استنزفت موارد البلد عبر خزائن وزارات ما خلقت الا لمنفعة شاغليها واهليهم , اي شيئ من هذا القبيل لا يفضي الي الحرية الكاملة للانسان السوداني واحترام حقوقه والحفاظ علي كرامته ورفع معاناته , ما هو الا هطرقة وسفسطة وهراء.
اي خطوة لاتؤدي الي اطلاق سراح المعتقلين وتمنع فورا تعذيبهم , وتعيد الي المغتصبة حقوقهم ما فقدوه من وظائف واملاك وكرامة وحرية , فهي خطوة في الضلال وضرب من النفاق واستهتار بالمواطن والوطن.
وان كان الرئيس فعلا اراد التوبة النصوحة وانقاذ ما بقي من ارض السودان واشعار السوداني بانه ليس مهينا ولايكاد يبين , ان اراد ذلك وصدق النية , فليخرج الينا بوثبة حقيقية يذهب هو ومن معه من خفير الي وزير ويتركنا لحالنا , فنحن والبلاد بدونهم لانحتاج الي حكومة ان كانت كالتي هو قائدها منذ ثلاث عقود او كاد.
محمد احمد معاذ.
[email protected]