النظام الحاكم يعترف بانهيار المجتمع
انتشر الشذوذ الجنسي والدعارة والمخدرات.. فلماذا يبقى النظام في السلطة حتى الآن..؟!.
تقول الطرفة أن صاحب متجر أتاه زبون يريد كمية من السكر فإلتفت صاحب المتجر الي أحد الأرفف وتناول إناء كتب عليه (فلفل حار) وأخذ منه (السكر) وأعطى الزبون الكمية التي يريد, فسأله الزبون من باب الفضول لما كتبت على هذا الإناء (فلفل حار) ووضعت بداخله السكر.؟!، فرد عليه التاجر أردت ان أضّلل به النمل.!.
أردت بهذه المقدمة أن أعقب على تصريح الاخ د. محمد محي الدين الجميعابي الذي نشر قبل أيام على نطاق واسع والتي رسم من خلاله “صورة قاتمة للشباب في البلاد وكشف عن دراسة علمية أكدت زيادة أعداد الشواذ جنسيا وانتشار زنا المحارم بسبب ارتفاع نسبة العطالة وسط الشباب وانعدام القدوة الدينية والسياسية منوها الى أن حزبه كان لديه شيخ واحد وهو الترابي واستدرك ولكن مرمطوه وفقدناه)”.حسب ما جاء في الخبر بموقع (الراكوبة).
والاخ الجميعابي أعتقد بأنه يرمي من نشر هذه المعلومات إلى وضع الصورة الحقيقية للوضع في البلاد وذلك عبر ندوة حول المخدرات نظمتها الأمانة الإتحادية بالمؤتمر (الوطني) وقد أكدت الدراسة وأثبتت سرعة إنتشار الايدز بسبب زيادة الشواذ، ووليس هي المرة الأول التي يكشف فيها الدكتور الجميعابي عن أمر جلل في هذا الصعيد، وقبل سنوات كان قد رمي قنبلة كبيرة عندما قال بأن أعداد أطفال الخطيئة يزدادون بشكل كبير في المجتمع وان دار المايقوما لم تستطيع احتواء هذه الاعداد، وفي ذات التصريح ذكر بأن بعض النسوة وضعن أطفالهن في المقابر وأن الكلاب وجدت ضالتها فيهم، وهذا ما يؤكد بأن الجميعابي يشعر بأنه مسؤول أمام الله أن يضع الناس والحكومة بالتحديد في صورة الحدث، وهذا في ظني أمر محمود.
وباعتباره قياديا كبيرا في الحزب الحاكم فإن ما أدلى به د. الجميعابي اعتراف رسمي وحقيقي من النظام الحاكم بأن بلادنا قد انهارت اجتماعيا، وأن التصريح المنشور حاليا في الشبكة العنكبوتية يعتبر دق لناقوس الخطر..!.
التشبث بكرسي السلطة
لكن المفارقة ُتكمن في أن النظام لازال يتشبث بكرسي السلطة، والبلاد منهارة اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وأمنيا وعسكريا وفي كافة المجالات، وبعنجهية شديدة جدا لازال قيادي الحزب يشتمون الناس ويُسقّطون ويتحدّون ويتوعدون ويهددّون، ولا أدري من يهدد من ويتوعد من..؟، وهم المندحرين في كل المعارك العسكرية وفي كل المحاور القتالية وأسراهم بالمئات، و قد بلغت بهم الجراءة التبرؤ من أفعالهم بقولهم بأن أبناء جبال النوبة يقاتلون أخوانهم في جبال النوبة، والجميع يعرف بأن أبناء الجبال الذين يحاربون أخوانهم في الجبال مدعومين من جيش النظام الذي أصبح يهاب المواجهات العسكرية لذا يرسل الطائرات كما رأينا مؤخرا الفيديو الذي نشرته مجموعة (عاين) التي تؤثق للانتهاكات في جبال النوبة، وقد عكس لنا الفاجعة الكبيرة التي يعيش فيها نساء وأطفال جنوب كردفان الذين تمطرهم القوات الجوية السودانية الرسمية كل يوم بحممها، في حين أن الموت واحد من لم يمت بالأيدز في الخرطوم والمدن الكبيرة مات بقذائف الطائرات في جبال النوبة أو في دارفور..!!.
أن د. الجميعابي رافض الافصاح عن احصاءات الدراسة التي أجرؤها، بقوله “ستصابون بالذهول لو ذكرت الأرقام”، نعم ندرك ذلك انه نقطة في بحر الحقيقة، وندرك جيدا حقيقة الوضع داخل البلاد بل حتى داخل مجتمع الحاكمين نفسه وما فيه من تردي أخلاقي، وأتذكر في منتصف التسعينات كنا نرى الكثير من زملاءنا الشباب وقد خرجوا عن التنظيم وعن الحزب الحاكم، واختفوا عن الساحة، وأبعدوا أنفسهم عن مآلات ما كنا نراه من فساد وإفساد، ومن بقي منا كان يتحدث داخل القنوات التنظيمية عن الفساد الاخلاقي بالذات، لكن للأسف القائمين على هذه القنوات ما كانوا يرضوا ذلك،وأصبح الذي يبلغ عن سلبية في هذا الصدد ينعت بالكثير من النعوت السيئة، حتى سكت الجميع عن إبداء النصيحة.
وصمة عار وفي ذات الفترة حدثت الكثير من الممارسات اللاخلاقية هزت مجتمع الحرّكيين، لكنها في ذات الوقت كشفت عن استغلال مُورس ضد عددا من الشباب من قبل بعض القيادات، وكانت وصمة عار كبيرة في جبين المشروع (الحضاري)، ولمّا كان الجميع مشغول بالتكسب من المناصب ومن أموال الدولة، وانشغال مجتمع القيادات بالزواج النهاري، وزواج التلاوة، وكثرة التسفار، لم يحدث جديد في أمر هذه الحوادث، ولم يستفاد منها في تقويم المجتمع الداخلي، كنا نرى بأعيننا هستريا المناصب، والانشغال بالفارغة، و الهوة ما بين الأسر وأولياء الأمور من جانب، وفي الأوساط الرسمية داخل دهاليز الحكم، وبشكل خاص في المكاتب المتخصصة، وبدأ يظهر بالنسبة لنا على الأقل بداية الكارثة التي استمرت منذ الاربعة سنوات الأولى وحتى العام 1998م، وبعد ذلك أيقن السواد الأعظم من الذين يشكلون مجتمع النظام الحاكم بأن المشروع الحضاري ذهب أدراج الرياح.
وفي الفترة المذكورة ظهرت العديد من الأمراض الاجتماعية التي لا يخلو منها مجتمع بشري بطبيعة الحال لكن مجتمع الذين يرفعون الشعار الاسلامي وقدموا فيه الدماء والانفس يفترض أن يكون في مأمن من هذه الأمراض الغريبة، وأبدا لا أنسى ازدحام مجتمع الحكومة الشديد في مطاعم سوق (الخرطوم 2) لتناول الغداء (الدجاج) بكل أنواعه، وكانت السيارات الفارهة تتزاحم هناك، و أكثرهم تواجدا القيادات الشابة من الصف الثالث في الدولة وفي التنظيم نساء ورجالا، وكان لقيادات الصف الأول والثاني أيضا أماكنهم ودهاليزهم التي يظهروا فيها ويتفاخرون فيما بينهم بما عندهم من بيوتوسيارات وزوجات، وغابت تماما المبادئ التي من أجلها انقلبت الحركة (الاسلامية) على السلطة، بل غاب التراث الماثل للشهداء في جنوب السودان، فأصبحت الغالبية العظمى في حِل من منطلقات الحركة الفكرية والدينية، وكان هم الدنيا والظهور بمظهر القيادة والراحة المالية والريادة السياسية المسيطر على شريحة كبيرة من قيادات النظام.
الزرع والحصاد
وخلاصة قولي.. أنا موقن بأن الفساد الاخلاقي الذي عم البلاد وضرب المجتمع السوداني في مقتل كان سببه الرئيسي فيه أهل الحُكم أنفسهم بسياساتهم الخاطئة، و لأن مجتمعاتهم كانت هي الأكثر تأثيرا والأكثر امتلاكا للمال ولكل وسائل الراحة، وتزامن ذلك مع وجود السلطة المطلقة في أيديهم، والتي هي مفسدة مطلقة، لذا كان طبيعيا أن الفساد انتشر لأنه محمي بالسلاح والمال الحكومي،ولأنه أي الفساد خرج من مجتمع الحاكمين، فإن د. محمد محي الدين الجميعابي يتحدث عن شئ رسخت له العصابة الحاكمة التي حمت مجتمع الفاسدين خاصتها من المحاسبة والتقاضي، لذلك انتشر اغتصاب الأطفال، والشره والشبق الجنسي، وهي بضاعة في كل الأحوال تخص الحاكمين وليس غيرهم، وهُم من قنن وشرّع لعمل الشقق المفروشة، والمزارع التي تحتشد ليلا بالحفلات الخاصة جدا والماجنة على شواطئ النيل الأزرق، وشرق الخرطوم في المناطق الجديدة التي تزدحم بالصنادق المطلة على النيل، واليخوت بكل أنواعها المغلقة منها والكاشفة، ونساء من كل بلاد الدنيا والعالمين.
لذلك أكثر من 14 سنة لم ينجح لكم موسم زراعي واحد..!!.
هذا ذرعكم.. وهذا حصادكم.. فلماذا لا تسمو الأشياء بمسمياتها الحقيقية، نحن بشر خلقنا الله سبحانه وتعالى بعقول وندرك مرامي بقاءكم في الحكم..
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ
24 فبراير 2014م
خالد ابواحمد