المهدي لـ «الحوار»:
انفصال الجنوب فشل لمهندسي نيفاشا
حوار – سامي الشناوي
الصادق المهدي احد الزعامات التاريخية في السودان، لايزال يمني نفسه بعودة الديمقراطية التي يقول انها سلبت منه عنوة من قبل المؤتمر الوطني الحاكم.
لا يرى الرجل مخرجاً لازمات السودان الحالية إلا عبر مقترح الأجندة الوطنية الذي وضعه زعيم طائفة الأنصار ورئيس وزراء السودان السابق الصادق المهدي الذي فصل القضايا السودانية وكيفية إيجاد حلول لها.
«البيان» جلست إليه في داره في مدينة الملازمين الكائنة في العاصمة الوطنية أم درمان وأسهب الرجل في أسباب انفصال جنوب السودان، ويرى في الحزب الحاكم متسلطا بأجهزته الأمنية ويمارس فسادا سيثور عليه الشعب كما حدث في تونس ومصر..
وبعدما قال الصادق المهدي لـ «البيان» إن انفصال جنوب السودان يمثل فشلاً لمهندسي اتفاقية نيفاشا (2005).. شدد على ضرورة تكوين حكومة انتقالية في السودان.
وفي ما يلي نص الحوار بين «البيان» والصادق المهدي
كيف ترون مستقبل السودان بعد انفصال الجنوب؟
يواجه السودان تحديات كثيرة في المرحلة المقبلة منها فشل اتفاقية السلام التي لم تحقق أهدافها المنوطة بها إضافة إلى التحول الديمقراطي الذي لم يحدث لان القوانين الشمولية ظلت هي دون أي تغيير.
إن انفصال الجنوب يعكس بوضوح وجود عوامل طاردة لأن حتى العناصر التي كانت تعلن الانتماء للوحدة غيرت من رأيها مما يدل على وجود أزمة حقيقة وقعت فيها سياسات المؤتمر الوطني، بيد أن دولة الجنوب الوليدة لديها الكثير من الخيارات في شكل العلاقة مع الشمال الأول فيها أن تكون العلاقة خاصة لفائدة الطرفين، وفي حال استمرار السياسات الطاردة التي يمارسها المؤتمر الوطني سيتحول الجنوب إلى دولة جارة معادية.
لماذا تحملون المؤتمر الوطني الحاكم كل المسؤوليات وتقفون في صف المعارضة؟
لا يختلف وضع السودان في الوقت الراهن عما تعيشه شعوب المنطقة من تسلط وكتم لحريات التعبير والسيطرة على وسائل الإعلام والتصرف في ثروات الشعب، إضافة إلى غياب الحركات النقابية وكلها عوامل تساعد على التظاهر والاحتجاج في محاولة لإسقاط الأنظمة من هذا المنطلق أحمل الحزب الحاكم كل مسؤولية الوضع لأنه هو المسؤول عن كل هذه الأوضاع.
هل تميلون إلى حدوث اصطدام بين الشمال والجنوب مستقبلاً؟
أنا كتبت كتاباً بعنوان: «المصير الوطني» ووضحت بالوثائق أن هنالك تباينا واضحا بين جنوب السودان وشماله سواء على المستوى الاثني أم الديني أم العرقي والجهة التي غرست الانفصال هي الاستعمار البريطاني، الذين أسسوا لثقافة عدائية ضد الحضارة العربية الإسلامية في الشمال وخلقوا فيه ثقافة جديدة «انغلو فونية» علمانية أفريقية مسيحية وكل ذلك كان يهدف إلى اعتراف بخصوصية شعب جنوب السودان وكان ذلك في مؤتمر المائدة المستديرة ومؤتمر الأحزاب السودانية.
لكن في كل الحالات كانت كل مبادرات السلام مرتبطة بالنظام الديمقراطي الذي لم يتعد فترته خمس سنوات منذ استقلال السودان ما أدى إلى إقصاء للجنوبيين بدءاً من التعريب للمناهج وتغير الإجازة من الأحد إلى الجمعة هذا بدوره وجد مقاومة من القساوسة لأن يوم الأحد شعيرة دينية ليست مثل الجمعة عند المسلمين الذين بإمكانهم العمل والصلاة حيث اعترض القساوسة على ذلك فطردوا وتم على ذلك دعمهم لحركات التمرد وتحديدا حركة «الأنانيا».
هل تتوقعون انفصالاً لإقليم آخر في السودان أو في أي دولة عربية؟
إن المسالة ليست عرقية فقط فهناك جهوية واثنيه كثيرة في السودان ويمكن أن تخلق جوا ثوريا عاما في الأقاليم التي تحتفظ وتحس بالإقصاء ويجب ألا ننسى إسرائيل التي تعمل على تفتيت الأمة العربية.. فالبداية كانت من السودان حتى لا يشكل عمقا عربيا وفي المقترح الإسرائيلي أن يقسم السودان إلى خمس دويلات.
كيف ترون الوضع الاقتصادي في شمال السودان؟
الآن الدولار الأميركي قفز إلى أكثر من ثلاثة جنيهات سودانية وأصبحنا نستورد كل شيء والأسعار ستزيد أكثر بعد ارتفاع الرسوم الجمركية والضرائب والمحروقات وهي سببت معاناة للشعب بجانب حاصلة إهمال الزراعة.
وكان لابد من تغطية عجز البترول التي دفعها الشعب السوداني ما دفعنا لاقتراح سياسة إصلاح اقتصادي في شمال السودان جديدة لمواجهة هذه التحديات الاقتصادية وإذا لم تتم الاستجابة لها سيحدث انهيار كبير جدا في السودان.
ماهي القضية التي تشغل الحزب الحاكم من وجهة نظركم؟
بلا شك قضية المحكمة الجنائية الدولية هذه قضية يجب أن يتعامل معها المؤتمر الوطني بمسؤولية لأنها سببت شللا في تحركات رأس الدولة السودانية والتعامل بالإهمال معها خطأ كبير، ولا يمكن أن يحدث أي نوع من حل مشاكل السودان مع الأسرة الدولية ما لم نصل لمعادلة في موضوع محكمة الجنائيات الدولية وهي واقع يجب إلا ينكره النظام الحالي.
ماهي أهم مقترحاتكم للنظام من الجانب السياسي؟
أولا تكوين حكومة قومية انتقالية حتى يتم وضع الدستور الجديد تشترك فيه جميع القوى السياسية لمواجهة المخاطر المحدقة بالبلاد وطرحنا للمؤتمر الوطني الحاكم كل أجندتنا بوضوح وهي الآن بين أيديهم، ويجب أن أشير في هذا السياق إلى أنه كان لنا حوار مع كل قوى الإجماع الوطني ووجدنا التأييد من هذه الأحزاب والآن لدينا اتصالات مكثفة مع حركات دارفور لنوسع دائرة المشاركة إذ قمنا بالاتصال بكل الأسرة الدولية التي تتابع ما يجرى في السودان ما يجعلني أؤكد أن حل المشكلة السودانية في أجندة حزب الأمة القومي.
المخرج الجيد
هل من سبل لتجاوز الأزمات الحالية على المدى القريب؟
السبيل الوحيد هو الانتقال من «القوة الخشنة» إلى «القوة الناعمة» بعيداً عن الحلول العسكرية وإذا لم يأخذ المؤتمر الوطني الحاكم نصائحنا على محمل الجد فعليه أن ينتظر الكثير من التعقيدات والكوارث.
ما هي العلاقة التي تجمع الخرطوم بواشنطن اليوم؟
أنا أرى أن علاقة الخرطوم مع واشنطن طريق مملوء بالأشواك في ظل وجود قضية المحكمة الجنائية الدولية وقضية دارفور فإذا لم يكن هنالك قرار إصلاح سياسي في السودان يقنع القوى التنفيذية في واشنطن لا يمكن أن يحدث انفراج للعلاقة الثنائية بين البلدين.
تأثيرات مصر وتونس
ماهي تأثيرات سقوط نظام مبارك على الوضع فى السودان ؟
التيار الذي بدأ في يناير بتونس ومصر تيار كاسح لان البلاد العربية اقل ديمقراطية.. فكل القيادات في العالم العربي تساهم بصورة كبيرة على تخلف شعوبها.
لذا أقول ان تأثيرات تونس ومصر مباشرة على السودان لان مصر قلب الأمة العربية النابض فتشابه الظروف والشباب الالكتروني والمطالب كفيلة بخروج هؤلاء على الأنظمة.