دول الخليج تقرر رسميا سحب مراقبيها من سوريا
أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم اليوم الثلاثاء أن الحل الأمني للوضع الذي تشهده سوريا منذ أكثر من عشرة أشهر “مطلب جماهيري للشعب السوري وقال المعلم في مؤتمر صحافي أن “الحل الأمني مطلب جماهيري للشعب السوري..أنهم يريدون الخلاص”، مؤكدا أن “هذا ليس الحل الوحيد هناك مسار إصلاحي سياسي واقتصادي لكن المسار الأمني تفرضه الضرورة على الأرض”. وأشار إلى انه “من واجب الحكومة السورية الإسراع في حسم هذه الأمور صونا لأمن مواطنيها ولأمن واستقرار سوريا”.
وأضاف المعلم أن روسيا لن تقبل بأي تدخل أجنبي في سوريا. وقال “لا يستطيع احد أن يشكك بالعلاقة السورية الروسية لان لهذه العلاقة مقومات وجذور تاريخية وتخدم مصالح الجانبين. روسيا لا يمكن ان توافق على التدخل الخارجي بشؤون سوريا.. هذا خط احمر”.
من جانب اخر قررت دول الخليج اليوم الثلاثاء رسميا سحب مراقبيها من بعثة الجامعة العربية إلى سوريا، في وقت وجهت فيه لجان التنسيق المحلية السورية انتقادات حادة للتصريحات التي أدلى بها رئيس فريق المراقبين العرب احمد الدابي حول الوضع في هذا البلد.
فقد قررت الدول الخليجية التجاوب مع قرار السعودية سحب مراقبيها إلى سوريا بعد “تأكدها من استمرار نزيف الدم وقتل الأبرياء”.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد أعلن يوم الأحد في الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب أن بلاده ستسحب مراقبيها لعدم تنفيذ الحكومة السورية لأي من عناصر خطة الحل العربي.
في غضون ذلك، جاء في بيان وزعته لجان التنسيق المحلية اليوم الثلاثاء أنها توقعت أن تخرج بعثة الجامعة العربية بتقرير “يساوي بين الضحية والجلاد”، متهمة إياها بالخضوع “للتجاذبات بين مصالح الأنظمة العربية والإقليمية”.
ووصف البيان معظم أفراد فريق المراقبين بأنهم يفتقدون الحد الأدنى من المهنية.
وطالبت اللجان المجتمع الدولي بالعمل على حماية السوريين وضمان حقهم في اختيار نظام الحكم والدستور الذي يرتأونه وفق الوسائل الديموقراطية المتعارف عليها، بحسب البيان.
وكان الدابي قد أعلن أمس الاثنين أن “العنف بدأ ينخفض تدريجيا” في سوريا منذ بدء فريق المراقبين العرب عمله ما اعتبره دليلا على النجاح مشددا أن مهمة المراقبين هي رصد الواقع فقط.
مؤتمر صحافي للمعلم
هذه المواقف جاءت في وقت تصاعدت فيه ردود الفعل على دعوة الجامعة العربية للرئيس السوري بشار الأسد للتنحي وتولي حكومة وحدة وطنية.
فقد وصفت سوريا ذلك بالمؤامرة، وقالت إنه تدخل في شؤونها الداخلية.
هذا ومن المقرر أن يعقد وزير الخارجية السوري وليد المعلم اليوم الثلاثاء مؤتمرا صحافيا يوضح فيه الموقف السوري من مشروع بروتوكول الجامعة العربية والمبادرة العربية وفق مواقع الكترونية مقربة من النظام في دمشق.
وكانت دمشق قد أعلنت رفضها للمبادرة الأخيرة التي طرحتها الجامعة باعتبارها تدخل في شؤونها الداخلية وانتهاك لسيادتها.
موقف روسي لافت
غير أنه برز موقف لافت لمسؤول روسي جاء فيه أن موسكو لا يمكنها عمل المزيد للرئيس الأسد.
فقد نقلت وكالة إيتار تاس الروسية للأنباء عن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي ميخائيل مارغيلوف قوله إن روسيا لم يعد في جعبتها شيء على الصعيد الدبلوماسي.
وقال مارغيلوف “الإصلاحات وإنهاء العنف والانتخابات الحرة هو ما ينبغي أن تفعله القيادة السورية فورا”.
ضغوط دولية
على صعيد دولي آخر، قالت مصادر دبلوماسية إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا تعمل على طرح مبادرة جديدة في مجلس الأمن لزيادة الضغط على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
فقد أكد مندوب ألمانيا في الأمم المتحدة بيتر ويتينغ إن الدول الأوربية تسعى للاستفادة من موقف الجامعة العربية الأخير فيما يخص سوريا.
وكان مندوبو الدول الثلاث في الأمم المتحدة قد التقوا نظرائهم من دول الجامعة العربية الليلة الماضية لبحث الخطوة التالية فيما قال مندوب جنوب إفريقيا الذي يتولى رئاسة مجلس الأمن إنه لم يتم التوصل إلى أي قرار محدد خلال هذا الاجتماع.
أوغلو في موسكو
هذا ويجري وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو غدا الأربعاء مشاورات في موسكو التي يصلها اليوم الثلاثاء تتمحور حول الأزمة السورية.
ومن المقرر بحسب مصادر صحافية أن يلتقي أوغلو نظيره الروسي سيرغي لافروف.
كما تأتي الزيارة في ظل انتقادات عنيفة للدور الروسي في الأزمة السورية في أعقاب بيع 36 طائرة تدريب عسكرية.
فقد قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أمس الاثنين أن عملية هذه الصفقة الروسية لسوريا هو خبر مقلق إذا تحققت.
قائمة جديدة
هذا ونشرت مجلة الاتحاد الأوروبي الرسمية اليوم الثلاثاء قائمة بأسماء من شملتهم العقوبات التي أعلنت بالأمس وأبرزهم العميد محسن مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد وقائد اللواء الثاني عشر وذلك لدوره في قمع الاحتجاجات في محافظة درعا.
كما شملت العقوبات البنك الصناعي وبنك التسليف الشعبي وبنك الادخار وبنك التعاون الزراعي والبنك التجاري السوري اللبناني وشركة نفط دير الزور وشركتي ايلبا ودجلة لإنتاج النفط، كما تضمنت قائمة العقوبات عددا من قادة مديرية المخابرات العامة في سوريا.
في هذا الإطار، أشارت عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي الهولندية ماري كوتشاك في مقابلة مع “راديو سوا” إلى ضرورة التركيز على نخبة رجال الأعمال المحيطين بالرئيس السوري من خلال رسالة واضحة تؤكد أن لا مستقبل لهم في التعامل مع الاتحاد الأوروبي إذا واصلوا دعم الأسد.
وانتقدت كوتشاك النتائج التي توصلت لها بعثة المراقبين العرب في سوريا، قائلة إن عمليات البعثة تمنح المزيد الوقت للرئيس الأسد.
ارتفاع عدد القتلى
ميدانيا، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء أن الجيش السوري اقتحم صباح اليوم حي باب قبلي والجراجمة في مدينة حماة، صاحب ذلك إطلاق نار من رشاشات ثقيلة ومتوسطة.
كما أفاد المرصد بأن القوات السورية أطلقت الرصاص الحي لتفريق نحو 10 آلاف مدني في بلدة البارة بجبل الزاوية بمحافظة إدلب شمال سوريا أثناء تشييع الناشط السوري رضوان ربيع حمادة الذي قتل أمس الاثنين في سراقب.
وكانت لجان التنسيق المحلية قد أعلنت أمس الاثنين عن مقتل ما لا يقل عن 36 مدنياً وعسكرياً في أعمال العنف التي شهدتها عدة مدن سورية ومن بين القتلى ثلاثة أطفال وجنديان منشقان.
وتركز عدد القتلى في مدينة حمص وسط البلاد التي شهدت مقتل 12 مدنياً فيما توزعت بقية الحصيلة على محافظات درعا ودمشق وريفها والحسكة والرقة ودير الزور.
المعلم: قرار الجامعة مرحلة جديدة لـ”مخطط” ضد سوريا
وصف وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، قرار جامعة الدول العربية الصادر مساء الأحد الماضي، والذي يدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتفويض الرئيس بشار الأسد، نائبه بصلاحيات كاملة، بأنه يمثل مرحلة جديدة لما قال إنه “مخطط خارجي” يستهدف سوريا، مؤكداً رفض القيادة السورية القاطع للقرار الصادر عن مجلس وزراء الخارجية العرب.
وقال المعلم، في مؤتمر صحفي بمقر وزارة الخارجية في دمشق الثلاثاء، إن المجلس الوزاري لم يناقش ما ورد في تقرير بعثة المراقبين التي أوفدتها الجامعة العربية إلى سوريا قبل شهر، رغم أنه كان البند الوحيد على جدول الاجتماع، وقدموا مشروع قرار سياسي، يعلمون سلفاً أن سوريا لن تقبل به، لأنه “قرار فاضح.”
ورغم أن رئيس بعثة المراقبين، الفريق محمد الدابي، قدم تقريره إلى اللجنة الوزارية المعنية بالشأن السوري السبت، ذكر المعلم أن الحكومة السورية تسلمت التقرير في وقت سابق، قائلاً: “عندما تسلمنا التقرير يوم الجمعة، استنتجنا أن ما تضمنه لن يرضي بعض العرب، الذين ينفذون مراحل المخطط الذي اتفقوا عليه في الخارج ضد سوريا.”
وحول ما تضمنه القرار الوزاري باللجوء إلى مجلس الأمن، قال المعلم: “أعتقد أن هذه المرحلة الجديدة من مراحل ما خططوه ضد سوريا، هي استدعاء للتدويل.. صحيح قالوا إنها للمصادقة على قرارات الجامعة العربية، وهو اعتراف من قبلهم بأن هذه القرارات والجامعة غير مؤهلة لتلعب هذا الدور، فأرادوا الذهاب إلى مجلس الأمن.”
ولفت وزير الخارجية السوري إلى الخطاب الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد مؤخراً، والذي تحدث خلاله عن إصلاحات جارية في سوريا، قائلاً إن “الدستور الجديد لسوريا سيعرض على الاستفتاء الشعبي خلال أسبوع أو أكثر”، ورد على دعوات البعض بالتدخل الدولي، بقوله: “إذا لم تستح فافعل ما شئت.”
وهاجم وزير الخارجية السوري أصحاب تلك الدعوات، دون أن يسميهم، بقوله: “كلهم حريصون على مصلحة الشعب السوري، ويفتخرون بفرض عقوبات اقتصادية ضد هذا الشعب.. يفتخرون بأنهم اغتالوا دور الجامعة العربية فاتجهوا نحو مجلس الأمن.”
وتابع بقوله: “يجب أن نميز بين قرار مجلس الجامعة، الذي رفضناه رفضاً قاطعاً، وقرار آخر بمد عمل بعثة المراقبين”، وذكر في هذا الصدد: “تلقينا طلباً من الأمين العام للجامعة العربية (نبيل العربي) بالتمديد لشهر آخر.. هذا الطلب موضوع دراسة، وحالما تأتينا التوجيهات سننقلها إلى الأمين العام للجامعة العربية.”
وعن قرار السعودية، ودول خليجية أخرى، سحب مراقبيها من البعثة التابعة لجامعة الدول العربية، قال المعلم إن “هذا شأنهم”، وأضاف أنه “ربما لا يريد أشقاؤنا في السعودية رؤية التطورات الجارية في سوريا، لأن ذلك لا يتوافق مع مخططاتهم.”
عن الأزمة الراهنة في سوريا، قال إن “الحل في سوريا ليس هو الحل الذي صدر بقرار الجامعة العربية ورفضناه رفضاً قاطعاً.. الحل هو سوري ينبع من مصالح الشعب السوري، ويقوم على إنجاز برنامج الإصلاح الشامل، الذي أعلنه الرئيس بشار الأسد، ويقوم على الحوار الوطني الذي دعت إليه سوريا.
وعن الموقف الروسي بشأن ما يجري في سوريا، قال المعلم: “لمست اليوم بحديثي مع (ميخائيل) بوجدانوف (نائب وزير الخارجية الروسي) أن الموقف الروسي حار، ولا يستطيع أحد أن يشكك بالعلاقات السورية الروسية.. روسيا لا يمكن أن توافق على التدخل الخارجي ضد سوريا.. هذا خط أحمر.”
كما تطرق إلى علاقة بلاده مع إيران، واصفاً إياها بأنها “وطيدة وعميقة الجذور”، في الوقت الذي وصف فيه موقف تركيا بأنه “عدائي” تجاه سوريا، وقال إنه ليس لديه وقت للرد على التصريحات التي تصدر عن وزير الخارجية التركي بصفة “يومية”، بحسب قوله.
وكانت الحكومة السورية قد أعلنت، في وقت سابق الاثنين، رفضها للقرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية، واعتبرت أنها تأتي في إطار “خطة تآمرية”، لاستدعاء التدخل الخارجي في سوريا، التي تشهد حملة قمع واسعة، تشنها القوات الموالية لنظام الأسد، ضد المحتجين المناوئين له، أسفرت عن سقوط ما يزيد على 5000 قتيل، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.