الخرطوم – النور أحمد النور
لوَّحت المعارضة السودانية بمقاطعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل، لكنها أرجأت اتخاذ قرار في هذا الشأن إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى التي توافق الأسبوع المقبل. واتهمت مفوضية الانتخابات بارتكاب «انتهاكات» في تسجيل الناخبين، مطالبة بإعادته، لكن «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم قلل من تهديد المعارضة، ودعاها إلى «أن تتقي الله في الوطن».
وذكرت تقارير أمس أن هناك اتجاهاً قوياً داخل أحزاب المعارضة لمقاطعة الانتخابات، وكشفت توصية من سكرتارية القوى السياسية التي شاركت في ملتقى جوبا الشهر الماضي بالمقاطعة بسبب عدم توافر استحقاقات الانتخابات. وسيناقش زعماء المعارضة في اجتماع يعقد الاثنين المقبل، وهو رابع أيام عيد الأضحى المبارك، اتخاذ قرار في هذا الشأن مع انتهاء المهلة التي حددوها لتعديل القوانين المرتبطة بالتحول الديموقراطي.
واتهمت قوى المعارضة في مؤتمر صحافي أمس مفوضية الانتخابات بارتكاب انتهاكات في عملية تسجيل الناخبين التي تنتهي الخميس المقبل. وقالت إن عدد المسجلين في بعض المناطق وأحياء ولاية الخرطوم أكثر من عدد ساكنيها، وطالبت بإلغاء السجل الحالي وإعادة تسجيل الناخبين.
لكن «المؤتمر الوطني» الحاكم انتقد المعارضة، واعتبر تهديداتها بمقاطعة الانتخابات «ابتزازاً لن يقدم أو يؤخر». وقال مستشار الرئيس مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب مصطفى عثمان إسماعيل للصحافيين أمس، إن «على المعارضة أن تمضي وشأنها، سواء كانت تريد المقاطعة أو لا»، موضحاً أن «الحكومة ظلت تسمع حديث المقاطعة مراراً ومنذ أكثر من عام، وظل يتردد مع اقتراب موعد الانتخابات».
ودعا المعارضة إلى «الاحتكام إلى مفوضية الانتخابات، باعتبارها هيئة مستقلة». وطالبها بـ «التركيز على الاستعدادات والترتيبات للانتخابات بدل مهاجمتنا تارة والمفوضية تارة أخرى». وقال: «تهديدات المعارضة بالمقاطعة لن تؤخر أو تقدم شيئاً، فالعملية الانتخابية ماضية… وعلى الجميع أن يعكف على الخروج بالعملية بمستوى تفخر به البلاد واتقاء الله في السودان وترك أي نوع من الابتزازات جانباً».
وكشف وساطة تقودها حكومته بين مصر والجزائر لاحتواء الأزمة الراهنة بينهما بسبب تداعيات المباراة التي جمعت منتخبيهما في الخرطوم نهاية الأسبوع الماضي. وقال إن الرئيس عمر البشير أمره أمس بإجراء اتصالات مع البلدين لإزالة حال التوتر، ودعوتهما إلى غلق الباب أمام وسائل الإعلام حتى لا تسهم في تأجيج القضية. وأضاف أيضاً أن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح «رحب بمبادرة الرئيس البشير وضع آلية لحل المشاكل بين الأطراف المتنازعة في اليمن عبر لجنة تضم السودان واليمن وجيبوتي والصومال وأثيوبيا».
إلى ذلك، علق شريكا الحكم «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، محادثاتهما في شأن القضايا العالقة في اتفاق السلام إلى ما بعد عيد الأضحى، بعد وصولهما إلى طريق مسدود خلال جولة الحوار الأخيرة. وأعلن «المؤتمر الوطني» أنه ينتظر رداً من «الحركة الشعبية» على اقتراحاته التي طرحها عبر المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن.
وقال مستشار الرئيس مسؤول ملف دارفور غازي صلاح الدين في تصريحات أمس إنه لا يستطيع أن يجزم بأن الساعات المقبلة ستشهد اتفاقاً بين طرفي السلام، «لكن هناك مساعيَ لإيجاد صيغة توافقية في الفترة المقبلة». وأضاف أنه أبلغ البشير أمس «تطورات قضية دارفور وما خرجت به الوساطة الأممية – الأفريقية المشتركة من توصيات خلال اجتماعات في الدوحة مع ممثلين للمتمردين ومنظمات المجتمع المدني»، لافتاً إلى أن المبعوث الأميركي الذي يزور البلاد حالياً «أقر بتحسن الأوضاع في دارفور بعد زيارته الإقليم أول من أمس، وقال إن الأزمة تمضي باتجاه النهاية».
من جهة أخرى، قال رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت إنه أطلع البشير على الجولة الأوروبية التى حملته إلى بلجيكا وهولندا وفرنسا. وشدد على سعي حكومة جنوب السودان إلى إنهاء النزاعات القبلية في الإقليم، متهماً جهات لم يسمها بإشعال التوتر القبلي. وقال: «نعمل لوضع حد لهذه النزاعات القبلية، وهي نزاعات بسيطة وطبيعية ولا يجب تضخيمها وتحدث في كل مناطق العالم، ونحن نعرف أن هناك من يوقد شعلة هذه النزاعات».
وأكد وزير رئاسة شؤون حكومة الجنوب لوكا بيونق قبول رئيس «حركة تحرير السوادن» المتمردة في دارفور عبدالواحد محمد نور زيارة جوبا عاصمة الجنوب خلال لقائهما في باريس، لمناقشة سلام دارفور ومبادرة «الحركة الشعبية» لتوحيد الحركات المسلحة. وكشف بيونق التزام الاتحاد الأوروبي بدعم الانتخابات المقبلة بمبلغ 13 مليون يورو مع إرسال مراقبين. وأضاف أن الاتحاد «يبحث في آلية لتوصيل الدعم المقدر بـ 362 مليون يورو للجنوب والمناطق المتأثرة بالحرب الذي حرم منه السودان بسبب عدم توقيعه اتفاق كوتونو».
على صعيد آخر، قللت الحكومة السودانية من شأن مطالبة منظمة «العفو الدولية» باعتقال الرئيس عمر البشير في حال مشاركته في قمة المناخ المزمع عقدها الشهر المقبل في الدنمارك. وقال وزير الدولة للإعلام كمال عبيد في تصريح صحافي إن موقف المنظمة هو «تكرار لمواقفها المعادية للسودان»، موضحاً أن الدعوة وجهت إلى الحكومة السودانية وليس إلى البشير، وان «الحكومة لم تحدد مستوى مشاركتها في القمة حتى الآن».
وكانت الحكومة الدنماركية وجهت دعوة إلى البشير لحضور قمة التغيرات المناخية في كوبنهاغن الشهر المقبل. وأصدرت «العفو الدولية» بياناً أمس طالبت فيه باعتقال الرئيس السوداني في حال قدومه إلى كوبنهاغن للمشاركة في القمة، على خلفية مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقه.
المصدر: الحياة