عقب اعتقال الزعيم الإسلامى السودانى حسن الترابى أمس الأول، شنت المعارضة السودانية التى يضمها تكتل «الإجماع الوطنى» هجوما منسقا على الرئيس عمر البشير وحملوه مسئولية انفصال الجنوب ومشكلات دارفور والاوضاع الاقتصادية المتردية، متوعدين اياه بانتفاضة شعبية لإسقاطه إذا لم يتعامل مع مطالبهم.
فمن جانبه، أكد حزب الأمة القومى، اكبر احزاب المعارضة، أنه أمهل الحكومة السودانية التى يقودها البشير حتى 26 يناير الحالى، لتكوين حكومة قومية، مهمتها كتابة دستور جديد، يضمن حقوق الانسان والحريات، ويراعى التنوع الاجتماعى والثقافى والعرقى والدينى فى البلاد عبر الفيدرالية، إضافة لحل مشكلة دارفور.
وقال الأمين السياسى للحزب عبدالرحمن الغالى، فى تصريحات خاصة لـ«الشروق» «إذا لم نتلق استجابة بعد هذه المهلة، سيكون أمامنا تغيير الحكومة بالطرق السلمية المعروفة، مثل الانتفاضة الشعبية والعصيان المدنى».
واعتقلت السلطات السودانية قبل يومين زعيم حزب المؤتمر الشعبى المعارض بعد تصريحات تحدث فيها عن امكانية عمل انتفاضة شعبية مثل التى حدثت فى تونس لإسقاط نظام البشير.
وشهد السودان تغيير نظامين عسكريين بوسائل مدنية، الأول إسقاط الفريق إبراهيم عبود، عبر المظاهرات الطلابية فى العام 1964(ثورة أكتوبر)، والثانى الإطاحة بنظام جعفر نميرى فى 1985، (انتفاضة إبريل).
وتابع الغالى أن «السودان الآن يعانى انتشار السلاح فى العديد من مناطقه، وهى ظاهرة صارت اقرب للحقيقة السياسية، فى البلاد، اعترف بها والى الخرطوم، الذى اكد أن العاصمة تضم ميليشيات مسلحة كبيرة، هذا بخلاف الحركات المسلحة فى جميع أنحاء السودان».
يُذكر أن حكومة الرئيس السودانى كانت قد انشئت فى النصف الاول من التسعينيات قوات الدفاع الشعبي، إضافة إلى ميليشيات، قبلية لمساعدتها فى خوض الحرب الأهلية فى جنوب السودان، وهو ما كررته فى دارفور، بحسب اتهامات غربية وعربية.
وأضاف الغالى «ننسق مع قوى الإجماع الوطنى، للوصول إلى مخرج سياسى».
وتضم قوى الإجماع الوطنى جميع الأحزاب السودانية عدا المؤتمر الوطنى الحاكم. وقال الغالى «السودان الآن مفتوح على جميع السيناريوهات، بدءا من تحوله لبؤرة فوضى هائلة، وحتى تكوين حكومة قومية، مرورا بصراع دموى على السلطة».
من جانبه، قال القيادى فى قطاع الشمال بالحركة الشعبية لتحرير السودان معتصم حاكم أن «النظام هو من تخلى عن واجبه لجعل الوحدة جاذبة، واليوم يهددنا بتطبيق الشريعة الإسلامية، بحجة عدم وجود تنوع اجتماعى فى السودان». واعتبر ذلك «مجرد هروب من مسئوليته عن انفصال الجنوب».
وكان البشير قد اعلن أن حكومته ستطبق الشريعة الإسلامية بالكامل فى السودان فى حال انفصال الجنوب، وهو ما رفضته أحزاب الإجماع الوطنى والقوى الهامشية فى عدد من ولايات السودان الأكثر فقرا مثل النيل الأزرق وشرق السودان وجنوب كردفان ودارفور.
وقال حاكم: «إذا استمرت الحكومة الحالية سنشهد انفصال دارفور، وحربا فى أطراف البلاد، جنوب النيل الأزرق، وجبال النوبا، وشرق السودان، هذه مناطق تعانى جميعا من تهميش متزايد». ولم تصدر النتائج النهائية بعد لاستفتاء الجنوب لكن يتوقع بدرجة شبه مؤكدة اختيار الانفصال عن السودان.
ومن ناحيته أشار الأمين السياسى للحزب الشيوعى السودانى الشفيع خضر، إلى أن البلاد تمر بأزمة حادة يمكن أن تنفجر مولدة فوضى نخشى منها جميعا فى داخل السودان وخارجه. وأضاف «النظام فتت السودان، فى البداية الجنوب، وإذا استمر ستكون دارفور، والبقية تأتى». وقال خضر إن حزبه يدعو الى «عصيان مدنى، وانتفاضة شعبية، وهو ما نعتبره ممكنا».
وأوضح ذلك بقوله: «هناك ضائقة معيشية حادة، تعانى منها الطبقة الوسطى فى المدن، وهو ما ظهر فى العديد من القوى النقابية على الرغم من محاولة النظام للسيطرة على النقابات». وتابع «الفقر هو ما انتج حمل السلاح فى أطراف البلاد، كما فى العاصمة، وأتوقع أن يستمر الوضع إذا لم يتغير النظام».
القاهرة وكالات