المعارضة السودانية تتمسك بالحوار الجماعي آدم ابكر على
المهدي نفى وجود أي اتجاه للمشاركة في الحكومة العريضة التي دعا لها رئيس الجمهورية
المؤتمر الوطني ظل يقابل موقف أحزاب قوى الإجماع الوطني بالرفض والتسويف والمناورة لشق وحدة التحالف عبر إجراء تفاهمات مبتورة مع بعض تلك الأحزاب وتقديم الوعود لها للمشارك في السلطة ، وترفض المعارضة و تتمسك بالاتفاق علي برنامج وطني قبل (محاصصة) الوزارات. ويقول المؤتمر الوطني إن الشعب السوداني خيب آمال الواهمين الذين يظنون أن زيادة أسعار الوقود والسكر ستؤدي إلي اندلاع المظاهرات في الشوارع كما حدث في تونس ومصر. وكانت المعارضة قد أعلنت استعدادها للتفاوض مع حزب المؤتمر الوطني وفقاً لمبادئ الأجندة الوطنية .وقال القيادي بتحالف القوى الوطنية فاروق أبوعيسى: \”أن التحالف توصل إلى التأكيد على وحدة قوى الإجماع الوطني للعمل من أجل حل شامل للأزمة الوطنية”.
لمزيد من المعلومات حول خلفية الأحزاب السياسية: الآلة الانتخابية للسودان
ونفي أبوعيسى أن يتم الحوار بصورة ثنائية مع أي حزب من قوى التحالف محذراً من عدم الاستجابة والقبول بالحوار وقال: \”لدينا برنامج نقدمه حتى نهاية الفترة الانتقالية إذا تم قبول الحوار، وإلا فالبديل عندنا هو الإطاحة\”.
في الجهة المقابلة كان رد حزب المؤتمر الوطني جاهزاً، فقد وصف الرئيس قوى المعارضة بالواهمين حين قال: \”الشعب السوداني خيب آمال الواهمين الذين يظنون أن زيادة أسعار الوقود والسكر ستؤدي إلى اندلاع التظاهرات في الشوارع\”. في إشارة منه أن الشارع السوداني يقبل هذه الزيادات التي تتخذ منها المعارضة سلاحاً لإسقاط النظام.
وفي ظل التصريحات التي صدرت من كل طرف لا بوادر لحل يلوح في الأفق قريباً لأن الطرف الذي يمسك بزمام الأمر ـ الحزب الحاكم ـ ما زال مصراً على ذات الموقف القديم الذي يرفض الجلوس مع قوى المعارضة لمناقشة الشأن السياسي في البلاد .
وترى قوى المعارضة أنه لا سبيل للوصول إلى حل لأزمات السودان إلا عبر حوار وطني شامل، وما زالت تصر على موقفها. وفي هذا قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف: \”نحن دعونا لحوار وفق الأجندة الوطنية فإذا وافق المؤتمر الوطني على شروطنا للتفاوض فنحن على أتم الاستعداد وإذا لم يوافق فعليه تحمل تبعات الرفض”.
ويرى عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي محمد ضياء الدين أن حزب المؤتمر الوطني غير جاد في الوصول إلى حلول ولا يقبل التفاوض وقال: \”المؤتمر الوطني يود الانفراد ببعض الأحزاب بغرض إضعافها وليس بغرض الوصول معها إلى اتفاق”. وأضاف: \”نحن قلنا أن الحوار مشروط بتوفير الحريات وإطلاق سراح المعتقلين وإلغاء الزيادات وعليه فلا حوار مع النظام إلا في إطار جماعي”.
ويرى مراقبون سياسيون في ثنايا اللقاء الذي جمع ما بين رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي والرئيس البشير ابتعاداً عن حل المشكلات السودانية في الوقت الذي تقف فيه كل القوى السياسية مجتمعة من أجل التوافق على حلول مرضية، ومن أجل مشاركة الجميع في وضع تلك الحلول دون إقصاء لأي من ألوان الطيف السياسي السودان.
ويقول أستاذ العلوم بجامعة الزعيم د. آدم محمد أحمد أن الاتفاقات الثنائية لا تقود إلى حلول في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد. ويضيف: \”من الضروري الدخول في حوار شامل يجمع ما بين كل الأطراف وأن تقدم فيها التنازلات من الجميع وبخاصة المؤتمر الوطني، وهناك قضايا كثيرة مثل أزمة دارفور والأزمة الاقتصادية التي قادت إلى ضائقة معيشية يعاني منها كافة فئات الشعب”.
ويرى العديد من المحللين أن الاتفاق الذي تم بين قوى المعارضة بضرورة محاورة النظام ضمن إطار جماعي، لإن ذلك يقطع الطريق أمام بعض الجهات التي تريد عقد اتفاقيات منفردة مع المؤتمر الوطني، وأن هذا الموقف من جانب القوى الوطنية باعتماد مبدأ الحوار الجماعي فوت على المؤتمر الوطني فرصة الاستفراد بأي حزب من أحزاب المعارضة.
من ناحيته يرى أستاذ العلوم السياسية د صلاح الدومة أن الحوارات الثنائية الغرض منها تحقيق أهداف ذاتية وليس الغرض منها تحقيق مصالح وطنية أو شعبية وقال الدومة إن خرقاً قد تم في صفوف قوى الإجماع الوطني وكان من المفترض أن تتم محاسبة القوى التي خرقت صفوف قوى الإجماع، في إشارة إلى تكهنات حول دخول حزب الأمة في تحالف مع المؤتمر الحاكم.
إلى ذلك شكك د. الدومة في أن يستجيب حزب المؤتمر الوطني لمطلب قوى المعارضة بالجلوس معها في حوار وقال \”يرى حزب المؤتمر الوطني في أحزاب قوى الإجماع الوطني ضعفاً واضحاً الأمر الذي يجعله يتصلب في مواقفه تجاه هذه الأحزاب ولا يعير اهتماماً لتصريحاتها وتهديداتها المتكررة بالنزول إلى الشارع، وقد تبين هذا في حديث الرئيس البشير وسخريته من هذه الأحزاب حين قال إن الشعب السوداني خيب آمال الواهمين الذين يظنون أن زيادة أسعار الوقود والسكر ستؤدي إلى اندلاع المظاهرات في الشوارع”.
هذه التجاذبات تدفع المراقب السياسي إلى القول بأن السودان مقبل على واقع جديد ربما لا يتحدد بما يقوله السياسيين هنا وهناك وإنما يتحدد بنتيجة التأثر بما يجري الآن في العالم العربي ودول الجوار.
وأمس الاول قطع رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي بعدم وجود اتجاه للمشاركة في الحكومة العريضة التي دعا لها رئيس الجمهورية، وشدد على ضرورة تحقيق الأجندة الوطنية، من بينها وضع دستور وتشكيل حكومة انتقالية وحل أزمة دارفور.
وقال المهدي \”نريد تعاملاً واقعياً وحكومة انتقالية\” وأضاف: \”مشاركتنا في حكومة في ظل نقض الحريات أمر غير وارد\”، وقال المهدي إنّ القضية الراهنة لا تتمثل في من يحكم السودان بل في كيف يحكم السودان.
وأدان الحزب الاتحادي الديمقراطي بالولايات المتحدة الاتفاق مع المؤتمر الوطني حول المشاركة في السلطة وأعلن رفضه للخطوة، وطالب قيادة الحزب بعدم التورط في ذلك ،و قال بيان للحزب أن هذه الخطوة مرفوضة من قواعد الحزب وكوادره. وناشدت كوادر الحزب بالولايات المتحدة في بيانها الذي تحصلت (أجراس الحرية) علي نسخة منه لجان الحزب في الداخل والخارج بإعلان رأيها حول المشاركة، واتهم البيان قيادة الحزب بالتنكر لكل مبادئ الحزب وتاريخه النضالي ضد الاستعمار وضد الديكتاتوريات بالسقوط في أحضان المؤتمر الوطني رغم الجرائم التي ارتكبها من تشريد، وتعذيب وقمع وإرهاب وتقتيل للعشرات من أبناء الشعب، انتهاءً بجريمة فصل الجنوب.
وجاء فى بيان الاتحادي أنّ قيادة الحزب تخلت عن برنامج الخلاص الوطني، و\”أنّ الحزب نفسه في طريقه للبيع\”.
في ظل هذا الجو ، هل تتمكن المعارضة السودانية من إحداث التغيير أم تكون الغلبة لحزب المؤتمر الوطني(الشمولي)؟ أسئلة حائرة تبحث عن إجابة في الزمن الضائع