بعد نشر هذا المقال الذي اعيد نشره وردتني رسائل عديدة من اصدقاء برفضون هذا العنوان ويعتبرونه مهين لكرامة الشعب السوداني، عذراً لم اكن اقصد الإهانة لأني من هذا الشعب وافتخر بذلك ولكني اعرف تماماً كيف يفكر هؤلاء ولا يبالون في ان يقبلوا بالدنيئة لأجل مصلحة وهمية وهي التمكين والمرجعية هي “فقه الضعف وفقه الضرورة”
اخترت لكم رسالة من رسائل الاصدقاء ” الاخ العزيز خليل محمد سليمان والله انا متأكد انك راجل وطني وعاشرتك عن قرب لكن عنوان مقالك فيه إهانة لنا متمثلة في رمز سيادة السودان كدولة بغض النظر عن المعارضة او الموالاة ولك شكري”
لم يكن لدي رد إلا بإعادة نشر المقال وبغنوانه..!!
المشيرالبشير يلعق بوت المشيرالسيسي ليعبر إلي الخليج
في سنة 1990 كنت اسير في شارع الصحافة مع احد الاصدقاء متجهاً الي السوق العربي، مرت بنا مظاهرة هادرة وسألنا عن سببها ووجهتها؛ فكانت تعبر عن التأييد لصدام حسين والتأكيد علي وقوف السودان بجانبه، ووجهتها القيادة العامة للقوات المسلحة.
فقادنا الفضول وسرنا مع هذه التظاهرة حتي بلغت البوابة الكبير للقيادة العامة، حيث خاطبها العميد الظافر بنصر من الله عمر حسن احمد البشير
المهم في الامر إنتشرت شائعة وسط الجموع الهادرة بسقوط نظام حسني مبارك في مصر فكانت التهليلات والتكبيرات والثناء بالنصر المبين، والفتح العظيم، و اصبحت التظاهرة تظاهرتين وزاد الصخب والهياج حتي رأينا حالات إغماء وإعياء.
حينها ادركت ان مصر تمثل اهمية كبيرة، واثبتت الايام ذلك بعد عملية الإغتيال الفاشلة لمبارك في اديس ابابا بتدبير وتنفيذ نظام الخرطوم
وكانت الفرحة التي لم تكتمل بعد فوز مرسي وصعود الاخوان وإمتطائهم للدولة المصرية، لعام من الزمان، وكيف كانت الصدمة عندما ثار الشعب المصري وانهى حكم الجماعة في مصر والي الابد، حينها رأينا التخبط وعدم وضوح فكرة النظام تجاه مصر الجديدة بقيادة المشير السيسي.
من المعروف ان نظام الاخوان في السودان يتبع ما يسمى “بفقه الضرورة” وفي لقاء لحسن مكي حين سأله محاوره عن حديثه عن التطبيع مع إسرائيل في 2009 فقال له نعم وهذا من باب فقه (الضعف)، بمعني اذا شعرت بالضعف الذي سيقضي عليك وعلي مشروعك فيجب ان تحاور اي إنسان وفي اي شئ بلا حدود.
لم يأتي البشير إلي مصر ينشد علاقة ترعى مصالح الشعبين؛ ودافعه في هذه الزيارة هو “فقه الضعف”، حيث سدت كل المنافذ والابواب في وجهه خليجياً، والرسالة الخليجية للبشير ان تذهب لمصر و رضا مصر عنك وعن نظامك يعني انك في الطريق الصحيح.
البشير سيأتي إلي مصر صاغراً ولو دعى الامر ان يلعق حذاء المشير السيسي لفعل لإرضاء العربية السعودية والخليج، لأنه ادرك تماماً ان الحرب علي الاخوان اصبحت محوراً تقوده مصر بتحالف خليجي، فرض هذا المحور علي الاجندة الدولية في ظرف دقيق تمر به المنطقة، ولا يمكن للغرب ان يتجاهل هذا المحور المهم في المنطقة لتمرير تحالفات اخرى لمواجهة حرب داعش والسيطرة علي الوضع المترهل في المنطقة.
من المؤسف ان تأتي في السياسة مرغماً فلا يمكن ان يعلو رأسك ابداً، فحينها عليك ان تقبل بأي دور وبأي ثمن، وإتضح ذلك في لقاء صاخب جمع البشير مع قيادات في نظامه بعد عودته من الاراضي المقدسة، ونقل عن لسان نافع : “شغلكم ني وما ممكن نرجع عبيد للمصريين” وجناح البشير يتسلح بفقه الضرورة وفقه الضعف..
العجيب ان مصر والخليج يعرفون كيف يفكر النظام ويعرفون سلوكه جيداً، ففي العرف الدولي سيظل السودان هو الخاسر كدولة لأن السياسة الدولية لا تعرف الاخلاق، ولغة المصالح هي الغالبة، ومصلحة البشير في إستمراره في سدة الحكم وسيجد ضالته.. وسيجدون ضالتهم في غياب الدولة السودانية صاحبة السيادة المفقودة..!!
خليل محمد سليمان
[email protected]