في مبادرة تعتبر هي الأولى من نوعها على مستوى السودان ،دُشن في الخرطوم اعمال المركز الوطني لمراقبة مبدأ المواطنة وحقوق الانسان, والذي يهدف وبحسب مديره العام الأستاذ /محجوب حسين ” فإن الهدف الرئيسي للمركز هو تعزيز و تحقيق مبدأ المواطنة بالإضافة لمراقبة و ممارسة و إرساء ثقافة التعددية و الاختلاف و العيش المشترك القائم على الاعتراف المتبادل في الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية المؤجلة في البلاد وضمن ما يسعى إليه المركز هو بناء مسودة لوثيقة حقوق الإنسان و المواطنة السودانية لدعم مشروع المواطنة و التعددية ولا يتم ذلك إلا عبر خلق فضاء جديد للتفكير الحر المستقل والحوار المعرفي النقدي، بعيدا عن كل اليقينيات النمطية و القوالب الجاهزة بالإضافة إلى حوار عقلاني معرفي يتسم بالموضوعية و العقلانية و المقاربات الجديدة ”.
لا يختلف اثنان ان الأزمة الحقيقية التي لازمت الدولة السودانية خلال العقود الماضية من حكم الدولة الوطنية تكمن في إدارة التنوع وفشل كل الحكومات المتعاقبة والمؤسسات المشتغلة في ان تشكل وعيا جمعيا يؤسس لعرضية مشتركة بين فسيفساء الشعب المتعدد في والثقافات واللغات و الأعراق والإثنيات والقوميات والتقاليد ، وهو تحدي ظل ملازما للمجتمع السوداني ولا يمكن معالجة الامر الا بالوعي ونشر المعرفة بعيدا عن الادلجة والخطابات الأحادية ,والعمل على وإرساء أسس السلام والعدالة والديمقراطية والتنمية والحفاظ على وحدة البلاد وتماسك نسيجها الاجتماعي والتأكيد عوامل وحدة المجتمع السوداني، والتي تراكمت عبر القرون والحقب و الاعتراف بحقيقة التعدد والتنوع في السودان، وصياغة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تترتب على هذا الاعتراف ،وسن قوانين تعزز من إرساء تلك القيم والخروج من الرخاوة القانونية والدستورية التي تعيشها الدولة السودانية.
ان مبدأ المواطنة المتساوية وصون حقوق جميع المواطنين في الدولة تعتبر حاجة وضرورة يجب ان يصان بجدر من القداسة وتغليظ جرم انتهاكها , بل يجب ان تكون مواد دراسية منذ الروضة وفي كافة المراحل الدراسية تعميقا لهذا المبدأ ووصولا لمجتمع يسوده الوعي والمعرفة واحترام الاخر وحقه في ان يكون مختلف وفي ان يمارس اختلافه بحرية , ولا يتأتى ذلك الا بإدارة حوار جدي وشفاف يحترم فيها خصوصيات وحاجات وانشغالات كل الأطراف بعيدا عن الانا الموغلة في النرجسية وتضخيم الذات مع الايمان بالا احد يستطيع الغاء الاخر مهما كلف الامر وبالتالي المخرج الموضوعي للجميع هو التعايش الذي يضمن للجميع حياة ملئها السلام والاحترام المتبادل, وعلى الحكومات ان تضع هذه القيم أولى اولياتها في الحكم .
ان المجتمع و الانسان السوداني وخاصة السياسيين منهم بارعين في التشخيص وتوصيف أزمات البلد ولكن اكثرهم عجزا في صياغة حلول عملية لتلك المشكلات , ولكن اعتقد بعد الثورة وعملية التغيير والموار والفوران الذي يعتري الساحة السودانية رغم ما يشكله من قلق اعتقد يمكن ان تخرج مبادرات عملية تطلع وتتصدى لأمراضنا العضال التي اقعدت وطننا لعقود .
اعتقد ان المركز الوطني لمراقبة مبدأ المواطنة و صون التعددية مبادرة نوعية وتتطلب عمل نوعي وقراءة نوعية كذلك يخرج بنا من دائرة القراءة والتنظير الى افاق التفاعل الثر بين المجتمع في البوادي والفرقان والحضر
لأنني اعتقد جازما ان أزمتنا ليست في التشخيص ولا القراءة الوصفية، ان أزمتنا تكمن في المبادرة والتقدم اليوم وليس الغد لمخاطبة أزماتنا بصدق بعيد عن تقسيم القضايا الى مسكوت عنها وأخرى جهرية , بالإضافة الى البكاء على اطلال القيم المدعاة من الطيبة والسماحة التي تنهزم يوميا في ممارسات مجتمعنا السوداني, وظهور مشكلات نستنكرها وندعي انها بعيدة كل البعد عن مجتمعنا لكننا قد لا نكون صادقين في اشارتنا اليها.
بقي ان نشد على ايد القائمين على أمر المركز مع الدعوات الصادقة بان يلعب المركز دورا إيجابيا ونوعيا لأنني اعتقد انها مبادرة نوعية في بلد متنوع في كل المناحي .
حسن إبراهيم فضل
[email protected]