في محاولة يائسة لمنع إقامة سلسلة من فعاليات إحياء ذكرى ضحايا احتجاجات سبتمبر 2013، شنّ جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني سيئ السمعة في الأيام القليلة الماضية حملة اعتقالات واسعة طالت الناشطين السياسيين والناشطين الشباب. وقد بلغ عدد المعتقلين خلال الأسبوع الماضي أكثر من 50 ناشطاً، ما تزال أماكن احتجازهم مجهولة (يمكن الاطلاع على قائمة المعتقلين بالضغط هنا). وقد استخدمت قوات الأمن القوة المميتة وغير المبررة في قمع احتجاجات سبتمبر 2013 السلمية التي انطلقت ضد زيادات أسعار السلع الأساسية. وقدرت منظمات حقوق الإنسان عدد القتلى بـ170 شخصا على الأقل، في حين ما تزال الحكومة تتمسك بأن 80 شخصا “فقط” قد لقوا حتفهم.
تشعر المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً بقلق بالغ إزاء سلامة وصحة هؤلاء المعتقلين نظراً لتاريخ جهاز الأمن والمخابرات الوطني الطويل في إخضاع المعتقلين السياسيين للمعاملة المهينة وغير الإنسانية، والتعذيب البدني والنفسي. وتدين بأشد العبارات الاعتقالات التعسفية التي تقوم بها السلطات السودانية في الخرطوم. تبيّن هذه الهجمة الشرسة على الحريات السياسية في هذه الأوقات الحرجة أن حكومة الخرطوم غير قادرة بطبيعتها على تقبل أو التسامح مع أي درجة من درجات الحريات الأساسية. فالحكومة تعتمد بشدة على الحلول الأمنية حيال كل القضايا السياسية. ومما لا شك فيه أن موجة الاعتقالات الأخيرة تقوّض عملية الحوار الوطني الهشة وتزيد من الاستقطاب السياسي وعدم الاستقرار في البلاد التي مزقتها النزاعات.
على الرغم من دعوة الحكومة الماكرة للحوار الوطني، فقد تصاعدت انتهاكات حقوق الإنسان في السودان الأشهر القليلة الماضية بشكل ملحوظ. وقد أشار الخبير المستقل المعني بأوضاع حقوق الإنسان في السودان، ميشود أديبيو بدرين، الذي قدم تقريره إلى مجلس حقوق الإنسان (يوم 24 سبتمبر)، إلى أن السودان قد ارتكب انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان في الأشهر الماضية، بما في ذلك: اعتقال واحتجاز قادة المعارضة السياسيين والناشطين الشباب؛ الرقابة القبلية واللاحقة والمصادرات المتكررة للصحف بواسطة رجال الأمن؛ المضايقات المستمرة وإغلاق العديد من منظمات المجتمع المدني بدون مبرر؛ الانتهاكات المنهجية لحرية الدين، بما في ذلك إغلاق الكنائس وقضايا الردة؛ واستمرار النزاعات المسلحة التي تسهم في تدهور الأوضاع الإنسانية وحقوق الإنسان في مناطق النزاع.
في ذات الوقت، أرسلت الحكومة السودانية وفداً كبيراً إلى جنيف في محاولة يائسة لإقناع مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي للابقاء على مهمة الخبير المستقل تحت البند العاشر من جدول الأعمال، مقابل البند الرابع، الذي ينص على المزيد من المراقبة للبلد. وليس هناك ما يقوض مسعى وفد الحكومة لرسم صورة وردية ومضللة عن حالة حقوق الإنسان في السودان سوى السلوك اليومي للنظام نفسه.
يجب على النظام وقف الاعتقالات التعسفية فوراً، وإطلاق سراح المعتقلين. وينبغي على مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن يشجب هذه الانتهاكات المستمرة. وتقتضي جسامة الوضع في السودان تعيين مقرر خاص بموجب البند الرابع من جدول الأعمال. وينبغي على مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في جنوب كردفان، النيل الأزرق، ودارفور، والقتل العشوائي للمحتجين في سبتمبر عام 2013.