الجيش النظامي لم يبد أي مقاومة.. وألفا شخص فروا إلى الكونغو المجاورة
بانغي – لندن: «الشرق الأوسط»
تقدم المتمردون في جمهورية أفريقيا الوسطى نحو العاصمة بانغي أمس بعد أن تجاوزوا آخر بلدة كبيرة تسيطر عليها الحكومة شمالي المدينة، حسبما أفادت مصادر متطابقة. وقال مصدر عسكري وأحد موظفي المساعدات إن المتمردين وصلوا إلى دامارا، الواقعة على بعد 75 كيلومترا من بانغي بحلول العصر بعد أن تفادوا بلدة سيبوت، التي انتشر فيها زهاء 150 جنديا تشاديا في وقت سابق لإعاقة تقدم المتمردين جنوبا نحو العاصمة.
وبعد 15 يوما من العمليات العسكرية والسيطرة على عدة مدن، أكد «ائتلاف تمرد سيليكا» الذي لم يواجه مقاومة تذكر في أثناء تقدمه أنه «كإجراء أمني ولحماية المدنيين نعتبر أنه لم يعد ضروريا خوض معركة بانغي وإدخال قواتنا إليها لأن (رئيس أفريقيا الوسطى) الجنرال فرنسوا بوزيزي فقد السيطرة على البلاد».
وتابع ائتلاف تمرد سيليكا في بيان: «نطالب جميع أبناء وبنات أفريقيا الوسطى وجميع عناصر قوات الدفاع والأمن التي ما زالت مخلصة لنظام فرنسوا بوزيزي بإلقاء السلاح على الفور».
وحمل المتمردون السلاح في 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي للمطالبة بـ«احترام اتفاقات السلام» المبرمة بين 2007 و2011 وسرعان ما سيطروا على عدة مدن مهمة في البلاد على غرار بريا (مدينة استخراج الماس في وسط البلاد) وبمباري (مدينة استخراج الذهب، جنوب الوسط) قبل السيطرة على كاغا بندورو (شمال الوسط) الثلاثاء، والاقتراب من بانغي من الشمال والشرق. ولم يبد الجيش النظامي أي مقاومة تذكر نظرا إلى ضعف معنوياته وتجهيزه وتنظيمه.
مع التأكيد على النية في التفاوض في ليبرفيل بالغابون، كما طالب رؤساء دول وسط أفريقيا الجمعة، واصل التمرد تقدمه رافضا مغادرة المدن الخاضعة له من دون اتفاق مسبق لوقف إطلاق النار. لكن رئيس البلاد لا يبدو مستعدا لإبرام اتفاق مماثل.
وأبدت منظمات إنسانية عاملة في أفريقيا الوسطى قلقها حيال مصير النازحين الذين يفرون خشية اندلاع معارك جديدة. كما لجأ ألفا نازح من أفريقيا الوسطى إلى شمال الكونغو الديمقراطية المجاورة، هربا من تقدم التمرد حسبما أكد مصدر رسمي كونغولي أمس.
وفي بانغي رشق مئات الأشخاص الموالين للسلطة سفارة فرنسا بالمقذوفات تنديدا بعدم تحرك القوة الاستعمارية السابقة حيال تقدم القوات المتمردة وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وكان المتظاهرون نفذوا اعتصاما أمام السفارة الفرنسية. وأكدت متظاهرة: «نحن هنا أمام سفارة فرنسا لأن فرنسا استعمرتنا. لكن فرنسا تميل إلى التخلي عنا. لم نعد نحتاج إلى فرنسا، وما عليها إلا أن تأخذ سفارتها وترحل».
ورشق عدد من المتظاهرين مبنى السفارة الفرنسية بالمقذوفات مما أدى إلى كسر زجاج بعض النوافذ، كما استهدفوا مكاتب شركة «إير فرانس». والمتظاهرون بأغلبيتهم من أنصار جمعيات مقربة من حزب «كوا نا كوا» الذي ينتمي إليه الرئيس فرنسوا بوزيزي. وصرح طالب رفض الكشف عن اسمه قائلا: «فرنسا لم تحترم اتفاقية الدفاع التي أبرمتها مع جمهورية أفريقيا الوسطى. إننا نندد بهذا الموقف».
وأفادت وزارة الدفاع الفرنسية أن 200 عسكري فرنسي متمركزون في أفريقيا الوسطى أغلبهم في بانغي. واحتج السفير الفرنسي على المظاهرة واعتبرها «عنيفة جدا»، فيما أمرت «إير فرانس» رحلتها الأسبوعية باريس – بانغي بالعودة أدراجها «بسبب الوضع في أفريقيا الوسطى».
وما زالت أعداد المتمردين وقدراتهم العسكرية مجهولة. وأفاد المدرس في مدينة بمباري الخاضعة للمتمردين أوديس أزواكا أن «عدد المتمردين (في بمباري فحسب) يتراوح بين 300 و400 رجل. وهم مسلحون بقاذفات صواريخ وهاون ويملكون آليات مزودة برشاشات ثقيلة وكلاشنيكوف».
ويتمركز لواء من الجيش التشادي وصل في الأسبوع الفائت بصفته «قوة فصل» بحسب نجامينا على محور الطرقات الأخير المؤدي إلى بانغي. وقد يشكل الجنود التشاديون المتدربون على القتال والأفضل تسليحا، المتمركزون على المحورين الأخيرين في مدينتي سيبوت (130 كلم) ودمارا (60 كلم) العقبة الأخيرة قبل أي انتصار للمتمردين، على الرغم من الغموض حول كثرة هؤلاء
افريقيا الوسطى تطلب مساعدة فرنسا مع تقدم المتمردين نحو العاصمة
بانجي (رويترز) – دعا وزير بحكومة افريقيا الوسطي الجنود الفرنسيين المتمركزين هناك يوم الأربعاء إلى التدخل مع اقتراب المتمردين من العاصمة بعدما تفادوا آخر بلدة رئيسية إلى الشمال منها.
وجاء طلب المساعدة في الوقت الذي تظاهر فيه مئات الأشخاص أمام السفارة الفرنسية في العاصمة بانجي ورشقوا المبنى بالحجارة وأنزلوا العلم الفرنسي غضبا من تقدم المتمردين في شمال البلاد.
ولم ترد باريس على الفور على طلب المساعدة لكنها أعلنت أنه سيتم نشر قوات فرنسية لتأمين السفارة. وقال مسؤول في الأمم المتحدة إنه سيتم إجلاء كل الموظفين غير الأساسيين بسبب تدهور الوضع الأمني.
واستولى المتمردون في الاسابيع الماضية على عدة بلدات الامر الذي يظهر هشاشة الوضع في البلاد التي تمتلك احتياطيات كبيرة من اليورانيوم والذهب والماس والتي لم تعرف الاستقرار تقريبا منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960.
وقال مصدر عسكري وعامل بمنظمة مساعدات إن المتمردين وصلوا إلى بلدة دامارا التي تبعد 75 كيلومترا عن بانجي قبيل مساء اليوم بعدما تفادوا المرور ببلدة سيبوت حيث نشر 150 جنديا تشاديا في وقت سابق لوقف تقدمهم جنوبا.
وقال مسؤول حكومي لرويترز طالبا عدم الكشف عن اسمه “هذا صحيح .. إنهم على أبواب بانجي.”
وتنتشر قوات من عدة بلدان في افريقيا الوسطى في مهمة لارساء الاستقرار وأرسلت تشاد قوات إضافية في وقت سابق هذا الشهر لمحاولة وقف تقدم المتمردين.
ولم يتضح ما إذا كان المتمردون قد واجهوا مقاومة في سيبوت.
وقال الكولونيل دجوما ماركويو المتحدث باسم تحالف سيليكا المتمرد الذي يقول إنه يقاتل لفرض اتفاق سلام لانهاء تمرد سابق إن المقاتلين لن يدخلوا العاصمة حاليا.
وأضاف “ندعو الجيش لالقاء السلاح لأن (الرئيس فرانسوا) بوزيزي فقد الشرعية تماما ولا يسيطر على البلد.”
ونقلت محطة آر.إف.آي الاذاعية الفرنسية عن جوسو بينوا وزير الادارة الاقليمية في حكومة افريقيا الوسطى دعوته إلى تدخل فرنسي.
ونقل الموقع الالكتروني للمحطة عن الوزير قوله ردا على سؤال بشأن ما تتوقعه بانجي من القوات الفرنسية المتمركزة هناك “ننتظر من فرنسا أن تأتي لمساعدتنا.”
ويعمل ضباط في الجيش الفرنسي كمستشارين لجيش افريقيا الوسطى وساعدت باريس في الماضي في دعم أو الإطاحة بحكومات. غير أن فرنسا تحجم بشكل متزايد عن التدخل المباشر في صراعات في مستعمراتها السابقة.
وقال مراسل لرويترز في موقع مظاهرات يوم الاربعاء إن بعض المحتجين اتهموا فرنسا بدعم المتمردين بينما طالب آخرون القوات الفرنسية في البلاد بمساعدة الجيش في وقف تقدم المتمردين.
وقال المراسل إن حشدا أصغر من المحتجين اغلبهم شبان مرتبطون بالحزب الحاكم تجمعوا أمام السفارة الامريكية وتعرضت بعض السيارات التي تقل ركابا بيضا للرشق بالحجارة.
وقالت وزارة الدفاع الفرنسية إن بعضا من جنودها المشاركين في مهمة حفظ السلام في افريقيا الوسطى البالغ عددهم إجمالا 250 جنديا أرسلوا لتأمين السفارة وحماية المواطنين الفرنسيين.
ورفض فنسان فلوريني نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية التعليق بشأن طلب حكومة افريقيا الوسطى المساعدة لكنه قال إنه ينبغي حل المشكلة عن طريق الحوار.
وسيطر المتمردون امس على بلدة كاجا باندورو في وسط البلاد برغم وجود قوات هناك من دول مجاورة أرسلت لمساندة الجيش النظامي الضعيف.
وتولى بوزيزي السلطة في 2003 بعد حرب قصيرة واعتمد بشكل متكرر على التدخل الخارجي في التصدي لحالات التمرد وامتداد العنف الى البلاد من الصراعات في تشاد والسودان.
وقال عامل مساعدات لرويترز “كان يوما متوترا للغاية في المدينة… ليس واضحا ما إذا كان (المتمردون) سيتمكنون من التقدم والسيطرة عليها. أظن أننا سنعرف في وقت لاحق الليلة.”
من بول مارين نجوبانا
(اعداد مصطفى صالح للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)