المئات من موطني جنوب السودان يقررون مصيرهم بمصر
استفتاء السودان:
متابعة: سحر رجب
حدث تاريخي ترصده ” المهمشين ” بمصر،التي تعتبر واحدة من ضمن ثمانية مراكز خارجية لإجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان بمختلف أنحاء العالم ،وهو آخر استحقاقات اتفاقية السلام الشامل السودانية، الموقعة بضاحية نيفاشا الكينية عام 2005 ، بين الحركة الشعبية لتحرير السودان، ممثلة لجنوب السودان، وحزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم، تلك الاتفاقية التي أنهت واحدة من أكبر وأطول الحروب الأهلية في إفريقيا، استمرت لأكثر من خمسين عاما وقضى فيها على ما يزيد عن 2.5 مليون مواطن سوداني، وتشرد ملايين آخرون من جرائها بمختلف أنحاء العالم.
وقد علقت احدي المواطنات السودانيات، بمركز استفتاء المعادى، وهو واحد من ضمن ثلاثة مراكز حددتها الحكومة المصرية بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية، بالقاهرة،” للشاهد ” علقت المواطنة على الحدث قائلة: بأن الله هو من له المشيئة في أن يتم هذا الحدث في سلام ويرعى ما ينتج عنه، ونحن نصلى من اجل ألا تنشب الحرب في السودان من جديد.
بينما توافد المئات من مواطني جنوب السودان بمصر، في مواعيد مبكرة دون مبالاة بطقس القاهرة الشتوي البارد،على مراكز الاقتراع، ويعد مركز الاقتراع بالمعادى اكبر المراكز بمصر،بلغ عدد من تم تسجيلهم به قرابة الألفي سوداني، جاء بعضهم من أحياء القاهرة المختلفة والبعض الآخر من الجالية السودانية الكبيرة المتواجدة بجميع أنحاء مصر،واصطفوا في طوابير طويلة أمام مركز الاقتراع دون ملل أو كلل انتظارا لدورهم في الإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع، وسط فرحة كبيرة وشكل احتفالي بهيج هيمن عليه هتافات الذين ينادون بالانفصال منهم وهم يلوحون بأعلام الحركة الشعبية لتحرير السودان، بينما انخرط جزء منهم في الرقص وقرع الطبول والغناء والهتاف لاستقلال جنوب السودان.
وقد علقت ل” المهمشين ” الأستاذة ميرى إيزاك، ممثلة المفوضية القومية للاستفتاء بمصر، على مجريات الحدث قائلة: أن استفتاء تقرير مصير جنوب السودان يسير على ما يرام، ودون معوقات تخل بسير عملية الاقتراع، حيث أن الاستعدادات لهذا الحدث قد تمت بشكل جيد الأمر الذي يضمن نزاعة وشفافية عملية التصويت بمصر.
وأشادت ميرى بالإقبال الكبير من مواطني جنوب السودان على التصويت ووعيهم بأهمية الحدث الذي يصوتون عليه فليس هناك انقسام سنوي أو موسمي للدول ولتقرير المصير.
وقد لاحظت ” المهمشين ” خفوت صوت الجانب الذي ينادى بوحدة السودان، حيث لم يوجد أمام المركز من يهتفون بوحدة السودان، بينما تبدو السيطرة واضحة في هتافات من يطالبون بالانفصال وإقامة دولة جنوب السودان المستقلة أمام المركز.
كما حاولت “المهمشين ” تقصى أراء بعض المواطنين السودان حول ما إذا كانوا سيصوتون للوحدة أو الانفصال، إلا أن الكثيرين منهم لم يتجرأوا على الإدلاء بآرائهم صراحة أمام الإعلام وهدير هتافات من ينادون بالانفصال وفضلوا بقاء خيار تصويتهم سرا تكشف عنه نتيجة صناديق الاقتراع فيما بعد، بينما لم يتردد من يهتفون لتقسيم السودان في المجاهرة برأيهم في رغبتهم الجارفة في العيش في دولة مستقلة بجنوب السودان، لا نهم لم يجدوا في ظل السودان الواحد سوى الهوان والظلم والقهر وجاء اليوم الذي سينصفهم فيه التاريخ.
فذكر أجانق بنجامين، مسئول الإعلام بالحركة الشعبية ل” ” بان الاستفتاء يعد حدث تاريخي بالنسبة لهم كجنوبيين قاتلوا من اجله بالحركة الشعبية لتحرير السودان، لسنوات طويلة، وقد حرضت قيادات الحركة الشعبية المواطنين الجنوبيين على التصويت بكثافة في اليوم الأول والثاني من أيام التصويت، حتى يتم بلوغ نسبة تصويت 60% ممن تم تسجيلهم للاستفتاء وتحسم النتيجة لصالح الانفصال بنسبة 50%+ 1 ، حيث أنهم يضمنون الفوز في هذه الحالة باستقلال دولتهم في الجنوب.
وقال ماريو ادوت: وهو مواطن من منطقة الاستوائية بجنوب السودان، أنه مستقر بالقاهرة منذ سنوات، وان الرؤيا لم تتضح أمام ناظره بعد فيما إذا كان سيعود إلى جنوب السودان في حالة الانفصال أم لا، فكل أمر محتمل بشان جنوب السودان.
بينما ذكر جون اتيم، أن كل الجنوبيون في خارج السودان يساندون الانفصال حيث تعود أسباب مغادرتهم للسودان بسبب الجور والتعسف والظلم الذي وجدوه في ظل دولة الوحدة بالسودان.
هذا فيما استمر تقاطر المسئولين السودانيين بمصر نحو المركز بدءًا من رئيس مكتب حكومة جنوب السودان بالقاهرة، الدكتور فارمينا مكويت، الذي ظل مرابطا بمركز المعادى منذ الساعة الثامنة صباحا لأول أيام الاقتراع، كما تفقد المركز أعضاء السلك الدبلوماسي السوداني بمصر وعلى رأسهم السفير السوداني الفريق الركن عبد الرحمن سر الختم، إضافة إلى قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان بمصر، وقيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان ، وقيادات الهيئة الشعبية لدعم وحدة السودان،وكثيرا من القيادات الأمنية المصرية ذات الاهتمام بمجريات الأحداث في السودان وتأمين مراكز التصويت.
وقد نادت معظم القيادات السودانية التي تواجدت بمراكز الاقتراع بضرورة استكمال الاستفتاء بصورة ديمقراطية وحضارية وسلمية تليق بخصال أهل السودان وتحترم قوانين البلد المضيف وتنأى بالجانبين عن اللجوء للعنف أو الاحتكاك.
فيما تتابعت أعمال المراقبة والتنظيم والتوجيه وتصويت المواطنين السودانيين الجنوبيين التي يشرف عليها كل من المفوضية القومية لاستفتاء جنوب السودان ومكتب منظمة الهجرة الدولية (I.O.M )، تتابعت بشكل سلس ومنتظم .
ومن ناحية ثانية احتشدت قوات الأمن المصري بشكل لافت للنظر حول مراكز التصويت بمصر تحسبا لأعمال شغب أو أحداث غير محسوبة، وقد أشاد مسئولي مفوضية الاستفتاء السودانية بالتأمين الكبير الذي تقوم به مصر الدولة المضيفة لمراكز الاستفتاء.
وقد قامت باستطلاع في أوساط المواطنين السودانيين الذين عبر معظمهم عن فرحتهم الكبيرة بهذا الحدث ومشاركتهم فيه ، وأبدى معظم المستطلعين رغبتهم الكبيرة في انفصال الجنوب في دولة مستقلة به، وعبروا عن انتظارهم لهذا اليوم منذ سنوات عديدة قضوها خارج السودان بسبب المظالم التي تعرضوا لها في السودان، وقال بعض المستطلعون بأنهم لم يناموا الليلة التي سبق يوم الاقتراع الأول الذي وافق ال9 من يناير فرحا واستعدادا لهذا اليوم .
ولم يتناسى أبناء جنوب السودان خلال استطلاعنا لأرائهم في حدث الاستفتاء، لم ينسوا تقديم التحية للزعيم السوداني الجنوبي المناضل الراحل جون قرنق ديمبيور، الذي وصفوه بأنه رجل الحرب والسلام الذي لولاه لما نال الجنوب هذا الحق في هذا اليوم بتقرير مصيرهم، هذا اليوم الذي وصفوه بيوم الحرية التاريخي والمفصلي في حياة كل مواطن جنوبي، في استفتاء طال انتظاره بشأن الاستقلال من المتوقع أن يؤدي إلى ظهور منطقتهم كدولة جديدة.