(الحرة) في حوار استثنائي مع البشير
الإنقاذ منعت سقوط السودان كله بيد التمرد
السودان قبل الإنقاذ كان (جنازة بحر) !
علاقاتنا بأمريكا تمضي بخطى وئيدة نأمل أن تنتهي بالتطبيع الكامل
الإنقاذ وضعت السودان على منصة الانطلاق ووفرت مقومات الدولة العظيمة
نلحظ تطوراً في صحافتنا من حيث الشكل والمضمون ونعول على دورها الإيجابي
الجنوبيون في عز الحرب نزحوا للشمال ولم ينزحوا لدول الجوار
الإنقاذ بنت جيشاً قادراً على حماية البلاد والعباد
أرسينا قاعدة الحكم الراشد والتبادل السلمي للسلطة
أطلقنا ثورات التعليم العالي والاتصالات والبترول وشبكات الطرق والجسور والسدود
رغم الحصار والمقاطعة والإستهداف عبرنا بالبلاد من الدائرة المفرغة
# حوار:رئيس التحرير #
** في كل مرة يحط الطائر السوداني الميمون وهو يحمل السيد رئيس الجمهورية لأي محفل دولي يكبر سيادته في عيون الأحرار في كل العالم، ويزداد شعبية عند كل محبي الحق والعدل ـ وكل المناضلين ضد التسلط والإستعمار..
** ومثلما صفقت عواصم الخليج ومياه الخليج وأمواجه للبشير وهو يمزق ورقة أوكامبو الصفراء، فقد صفقت عواصم عربية وأفريقية كثيرة، على رأسها دمشق الشام التي صفق يلقانا بها بردى كما تلقاك دون الخلد رضوان.. وكذلك فعلت طرابلس عمر المختار عشية عطلة نهاية الأسبوع..
وكانت (الحرة) ترافق السيد رئيس الجمهورية.. ولاحظت احتفاء ليبيا حكومة وشعباً بالقائد الذي يسير على خطى الإمام المهدي والمجاهد الشهيد عمر المختار..
** وفي طريق العودة.. كان مطار معيتيقة بطرابلس حفياً بالرئيس البشير.. وكانت الشمس قد آذنت باذن ربها للغروب.. فكان لابد من صلاة المغرب والعشاء قبيل الاقلاع.. وصلى الرئيس بالوفد صلاتي المغرب والعشاء جمع تقديم.. وصلى وراءه في المغرب مسؤولون ومواطنون ليبيون.. ثم صلى العشاء في الركعة الأولى بـ(ألم نشرح) وفي الثانية بسورة (الفتح).
** وكانت الطائرة الرئاسية الفاخرة تمخر الأجواء نحو السودان في ذلك الليل البهيم وكان الهلال يعربد وحده في تلك الأمسية ويعلن نيته في الغروب.
** وكان الوفد الصحفي والإعلامي قد استسلم لنوم هادئ بعد أن اطفئت الأنوار بعد يوم طويل من المتابعة والتعب والتغطيات.
وكان هذا الحوار الذي طلبنا اجراءه مع السيد رئيس الجمهورية على متن الطائر الميمون.. شاكرين للأستاذ محجوب فضل بدري المستشار الصحفي للسيد رئيس الجمهورية تذليله للمهمة وجعلها أمراً واقعاً.. مع أنه من الصعوبة بمكان أن تظفر مع مشغوليات السيد الرئيس ومهامه الجسام بحوار صحفي.. وهو بحق خبطة صحفية يحق لصحيفة (الحرة) أن تتلقى بها ومن أجلها التهاني.. وأن تقدل بها ورأسها مرفوع في السماء أمام أعتى منصات الصحف العريقة وإلى مجريات الحوار الخبطة.
سيدي الرئيس.. نحن على أبواب العيد العشرين للثورة..هل أنتم راضون شخصياً عما تم إنجازه في هذه الفترة من عمر الإنقاذ المديد.. إن شاء الله؟!
العشرون عاماً الماضية من عمر بلادنا لا تساوي شيئاً من عمر الشعوب والتي تبني نهضتها في عقود طويلة.. لكننا ـ والحمد لله ـ وفي عقدين فقط من الزمان ووسط مقاطعة.. وحصار.. وحروب.. واستهداف استطعنا أن نعبر ببلادنا من الدائرة المفرغة ونضع سوداننا على منصة الانطلاق.. للآفاق الأرحب.. بإذن الله.. فكل مقومات الدولة العظيمة قد توافرت أركانها.. ثورة التعليم العالي.. وثورة الاتصالات.. وشبكات الطرق والجسور..واستخراج البترول..وبناء السدود. وتوفير الطاقة الكهربائية.. وتحقيق السلام.. وإرساء قاعدة الحكم الراشد..والتبادل السلمي للسلطة.. والصناعات الثقيلة..والتصنيع الحربي.. وبناء جيش.. وشرطة.. وأمن قادر على حماية البلاد.. والعباد.. ومع كل ذلك.. ومع كل ذلك.. وغيره.. فإننا نعتبر أنفسنا في بداية الطريق.. لأن رضى الناس غاية لا تدرك.. ومطالب الإنسان متصاعدة ولا تقف عند حدود بعينها وإلا لما استمرت الحياة.
فخامة الرئيس.. في مثل هذه الأيام قبل عشرين سنة كانت الأخطار محدقة بالبلاد من كل جوانب.. وقد جاءت الإنقاذ على قدر.. هل لكم أن تضعونا في صورة سودان لم تنفجر فيه الثورة ـ لا سمح الله؟
إن أقدار الله لا تجد لها تبديلاً ولا تحويلا ـ وكان السودان قبل الإنقاذ كما قال عنه الشريف زين العابدين الهندي (جنازة بحر) وتكفينا هذه الشهادة لرسم صورة الماضي بكل تفاصيلها المزرية ـ ونزيد على ذلك بأن الإنقاذ منعت سقوط السودان بكامله في يد التمرد. الذي لم يجنح للسلم إلا بعد هزيمته الفاصلة في معركة تحرير توريت.. وفي كل الجبهات من جبال النوبة والأنقسنا بعد أن كانوا على مقربة من كنانة قبل الإنقاذ..وكانت تلك الملاحم البطولية وأرتال الشهداء يتقدمهم الشهيد المشير الزبير ورفاقه الميامين..والتحية لشهدائنا في عليين.
جنوب السودان لم ينعم بالسلام إلا في ظل ثورة الإنقاذ..ولسيادتكم قبل الثورة وبعدها خبرة طويلة بالجنوب وأهله..فهل هو برأيكم أقرب مزاجاً ووجدانا للوحدة الجاذبة..أم للانفصال الطارد؟
الشعب السوداني في الجنوب أو في الشمال شعب فريد ومسالم ومتسامح..وقد رأينا ونحن في قمة النزاع المسلح الجنوبيين ينزحون نحو الشمال بالرغم من وجود دول في جوارهم أقرب مسافة ومناخاً من شمال السودان..ومع ذلك..كانت الهجرة شمالاً..وصاحب الوجدان السليم لا يرى نزوعاً نحو الانفصال إلا إذا تدخل أصحاب الأجندة الخفية بالداخل والخارج.
عدتم للتو من قمة (س ص) في الجماهيرية..ومثلما كان السودان في قمة الدوحة قمراً ساطعاً فإنه وبذات القدر كان نجماً لامعاً وغير عادي في قمة عادية في صبراتة.. ما هو تقييم فخامتكم لأعمال هذه القمة ونتائجها؟
قمة الساحل والصحراء الحادية عشرة والتي احتضنتها مدينة صبراتة الليبية كانت ـ كما هو مقرر ـ قمة عادية..أثارت القمة جملة من القضايا وعلى رأسها إدامة السلام في فضاء التجمع..والتنمية الريفية. وكان للقائد القذافي دوراً رائداً في تطوير أداء التجمع ليصل إلى أهدافه المعلنة.
هل ترون في أفق التطبيع في علاقات السودان وأمريكا (جديداً) في ظل إدارة (جديدة) قالت إنها أغلقت كثيراً من الملفات الموروثة من عهد بوش وأسلافه؟
إن عماد سياتنا الخارجية هو الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير وحسن الجوار والالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية..هذا على وجه العموم..أما على وجه الخصوص فقد بذلنا جهدنا وطاقتنا مع كل الإدارات الامريكية المتعاقبة. ومع ذلك ظلت العلاقات تراوح مكانها..وإن كنا نرى بعض الانفراج في عهد الإدارة الحالية..ودون أن نفرط في التفاؤل أو نركن للتشاؤم نستطيع القول إن تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة يسير بخطى وئيدة إلى الامام ونأمل أن تنتهي بالتطبيع الكامل إذ لا مصلحة لدينا في عداء أي دولة صغرت أم كبرت..بلا تفريط في مبادئنا وسيادتنا واستقلالنا.
أعربتم في شندي في افتتاح جسر البشير وفي رفاعة وكان لافتتاح جسر أيضاً في رفاعة..وأمام جماهير غفيرة بأنكم امتنعتم بالكلية عن تناول لبن البودرة..بعض الناس فهموا منه أنه قرار يجب تنفيذه..وآخرون اعتبروه اقتراحاً من القائد لشعبه. إلى أي الرأيين تميلون؟
أنا (شخصياً) حرمت على نفسي تناول اللبن المجفف وأدعو الآخرين لمقاطعته تشجيعًا لزيادة الإنتاج..والإنتاجية من الألبان والمنتجات الحيوانية والزراعية..ولم ننس شعار الانقاذ الأول (نأكل مما نزرع)..لكن سياسة السوق والتي أخرجنا بموجبها الدولة من سياسة الاحتكار والتحكم في الأسعار وبها تحققت الوفرة ثم الرخاء بإذنه تعالى هي التي تحكم الإستيراد والتصدير وتشجع الإستثمار..ولعل قيام النهضة الزراعية سيكون المفتاح لتغيير الأنماط الإستهلاكية والعادات الغذائية فيتراجع استخدام السلع الغذائية المستوردة لصالح الإنتاج الوطني.
كثيرون.. يرون أن الصناعة السودانية في محنة وأنها تعاني الأمرين.. وفي عشرينية الانقاذ هل نتطلع مع الكثيرين إلى ثورة صناعية؟
من غير المنصف أن نتجاهل القفزات النوعية التي حدثت في مجال الصناعة. مثل صناعة السكر والصناعات الثقيلة (جياد) مثلاً..وهناك جهود متصلة في الإرتقاء بصناعة النسيج والصناعات التحويلية..هناك ثورة حقيقية في مجال الصناعة برغم المعوقات..في ارتفاع أسعار المدخلات والطاقة والعمالة الماهرة.
دعمتم الرياضة كما لم يدعمها عهد وطني من قبل..ومع ذلك فإن الحصاد في الكورة السودانية ضئيل قليل..هل من اتجاه للإهتمام بمناشط رياضية أخرى..لعلنا نرى للسودان نجاحات فيها وميداليات ذهبية عالمية؟
كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في كل الدنيا وجمهورها لا يتنازل عن تشجيعها لأي لعبة أخرى ودون أن نظلم بقية المناشط حقها فإننا نسعى لإحراز نتائج أفضل في كرة القدم للفريق القومي والأندية الكبرى وقد دعمنا مسيرة كرة القدم..ولا نغفل دعم بقية المناشط..وهناك وزارة متخصصة واتحادات مختلفة لا نتوانى عن دعمها لتمثيل بلادنا في المحافل الدولية كافة..وأتمنى أن أرى الكؤوس المحمولة جواً لمنتخبنا الوطني..ولن ننسى أننا من أول المؤسسين للاتحاد الافريقي لكرة القدم.
لكل زمان آية..وآية هذا الزمان الصحف. وكأن الشاعر يقصد زمان الإنقاذ..هل نطمع سيدي الرئيس في ملاحظات على الصحافة السودانية بعامة..وصحيفة (الحرة) أصغر الصحف سناً بخاصة؟
الصحافة السودانية عريقة في إقليمنا وهي تتأرجح صعوداً وهبوطاً لعدة عوامل..وهي على أي حال ليست استثناء من ما يحدث في بلادنا..وفي العالم من حولنا..ومع ذلك نلاحظ تحسناً مضطرداً في صحافتنا من حيث الشكل والمضمون..ونعول كثيراً على الدور الإيجابي الذي تلعبه الصحافة في تشكيل الوجدان وتوجيه الرأي العام والإسهام بفاعلية في مسيرة السلام والتنمية. وأتمنى لصحيفتكم الوليدة النجاح والازدهار والتحلي بالموضوعية والابتعاد عن المعارك الإنصرافية وصيانة الحرمات الشخصية والعامة.
وبالتوفيق إن شاء الله
نشر في (الحرة) العدد رقم (29) الثلاثاء 2 يونيو 2009 م