بقلم د. الطاهر الفكى
فى الندوة التي اقامتها الجبهة الثورية فى باريس يوم الاحد 15/10/2017 فى جامعة نانتير اختار القائد منى اركو مناوى رئيس الجبهة الثورية ان يتكلم عن العنصرية و دورها فى حق تقرير المصير فى الدولة السودانية. و كانت بالحق سردا علميا ومتموسقا ليصل الى خلاصاته فىى الاثر السلبى للعنصرية الذى ادى الى عدم الاستقرار و تفتيت الدولة السودانية. و انه ان لم ينتبه القائمون على امرها لتلاشت من الوجود و تقسمت الى دويلات.
بدأ بتعريف بسيط لمفهوم تقرير المصير بأنه التراضى و التوافق على الحدود الدنيا لاسس التعايش بين المجموعات المكونة للدولة. ثم ذكر بعض تلكالمكونات التى تلتئم فى قيمالمساواةفى الحقوق والواجبات و العدل بين كل افراد المجتمع دون تمييز على اساس الجنس أواللون أو العرق أو الدين والتى ان لم تتوفر فان حق تقرير المصير كفلته المواثيق الدولية. و دلج على ما يدور فى السودان
من النظرة الدونية الى ذوى البشرة من اللون الداكناو الاسود و ترفيعدرجات ذوى لون البشرة القمحى او ما يسميه السودانيون باللون الفاتح كمكون اساسى يمنح الفرد درجات تؤهله لمكانة اجتماعية فوقية و وظيفية تؤهلانه و ترقينه لتبؤ مناصب سياسية و قيادية لا تتوفر له بمعايير التنافس الاكاديمى الحر. و حتى انه فى الاسرة الواحدة يلعب لون البشرة دورا يفرق بين الاخوة ثم ينتقل الى المدرسة و القبيلة و يتدرج الى ان يصل الى مفاصل الدولة لتصبح حظوة عصبية راسخة مكتسبةبدرجات اللون الفاتح المرغوب و استبعادو تهميش الاخرين من الزرقة. التركيب القبلى الذى هو اساس العرق و اللون دارت عليهما قواعد الاختيار للخدمة المدنية و الترقى و توزيع الثروة للمجتمع لتتكدث السلطة و الثروة فى أيدىيهما.
هذه التفرقة العنصرية المتأصلة على لون البشرة و القبيلة ادتا الى استبعاد قوى و فئات مجتمعية كبيرة صارت تعيش شبه منبوذة على هامش الحياة. وتباعدت المستويات المعيشية نتيجة للون البشرة و العرق و تفرقت مكونات المجتمعو انفرط العقد الاجتماعى على ذلكمما خلق درجات من الاحتقانات ادت الى ثورات مثلما حدث فى جنوب السودان الذى حدد مصيره بالانفصال و ما زال مهددا امنيا فى المناطق المهمشة و خاصة قى جبال النوية التى طالبت بتقرير المصير فى مؤتمرها العام الذى عقدته فى كاودا فى هذا الشهر.
المؤتمر الوطنى لم يستطع خلال ما يقارب الثلاثة عقود فى السلطة ان يحدث التغيير المنشود للتساوى فى الحقوق و الواجبات على اساس المواطنة بعيدا عن اللون والجنس والدين او العرق. وأصل الدولة على القبيلة و لون البشرة و اختار الدين مطية و وسيلة اخرىى لتخدير قوى الهامش مما قسم الناس الى سادة و عبيد حتى صارت الدولة ملكا للاقلية من الاثنيات فى المركز سيطرت على السلطة و الثروة و همشت الاخرين . واذا استمر الحال على ما هو عليه فان مبدأ تقرير المصير يصبح طرحاللمهمشين لا يمكن التغاضى عنه.
اما الحلول والخروج من هذه المعضلة فهو فى وحدة المعارضة السودانية و التوافق على المواطنة كمبدأ أساسي للحقوق و الواجبات و هذا لايتأتى فى وجود و تغول المؤتمر الوطنى و استبداده فى السلطة. والشئ المنشود هو الديموقراطية التى يتساوى فيها الجميع و لا تتم بالامانى و الاحلام النرجسية و انما بالنضال الجماهيرى و العمل الثورىلانتزاع الحقوق. و لقد الت قيادة الجبهة الثورية على نفسها السعى الجاد لتوحيد المعارضة وتصعيد كل وسائل النضال للوصول الى غايات التحرر و نشر قيم الديموقراطية والعدالة.
و حذر من الرسائل السالبة التى يرسلها المؤتمر الوطنى للدول العربية و تخويفها من تكرار مجازر سيرتكبها الافارقة السود ضد الذين ينحدرون من اصول عربية مثلما حدث فى زنجبار عندما قام الثوار باقتلاع السلطان و سالت دماء نتيجة لذلك فى ثورتهم قى عام 1964.
و لم و لن يتم مثل هذا السيناريوفى السودان نسبة للوعى القومى و للتداخل القبلى و التعايش السلمى عبر الحقب التى سبقت انقلاب المؤتمرالوطنى. وعلى الاخوة فى الوطن العربى الالتفات لهذه الدعاية الرخيصة فأنه فى نهاية الامر سيذهب المؤتمر الوطنى و يبقى الشعب السودانى.
و نذكر القارئ الكريم بالرجوع الى الكتاب الاسود الذى أصدره طلاب الحقيقة فى بداية الصراع قفى دارفور وبينوا فيه بالتفصيل الدقيق و الاحصائيات اختلال موازين السلطة والثروة لصالح النخب التى ورثتها من المستعمر و وجهتها الى تكديسها فى أيديها و لاقاليمها و الاستئثار بها.