ثروت قاسم
القائد مني اركو مناوي ؟
في يوم الثلاثاء 5 يونيو 2018 ، نشر القائد مني اركو مناوي مقالة بعنوان ( المخرج من عنق الزجاجة ) ، احتوت على كثير من الافكار النيرة ، والروئ المستنيرة . ولما كان نصف رائك عند اخيك او اختك كما علمنا السيد الامام ، فسوف نحاول محاورة القائد مني في بعض البعض مما جاء في اطروحته الجامعة . وندعو المثقفين والرواد التعقيب على كلمة القائد مني حتى تظهر الحقيقة ، ونستطيع ان نخرج كلنا جميعنا من عنق الزجاجة ، التي ادخلتنا فيها الانقاذ ، عندما سطت بليل في نهب مسلح للديمقراطية الثالثة .
وسوف اورد ، نصاً ، مقتطفات من مقالة القائد مني ، واعلق عليها ، واتمنى ان يتكرم القائد مني بتقبل هذه التعليقات ، بنفس الروح الخيرة التي املتها .
اولاً :
قال نصاً :
هذا المقال يعبر عن وجهة نظرى الشخصية …
نقول :
القائد ، خصوصاً لحركة مسلحة ، ليس له وجهة نظر شخصية . يجب على القائد مني ان يعبر اما عن وجهة نظر حركته المسلحة التي يراسها ، او الجبهة الثورية التي يراسها ، او تحالف قوى نداء السودان ، الذي تم انتخابه اميناً عاماً له . نسي القائد مني انه رجل عام ، رأيه المطروح في زنقات الانترنيت هو راي جماعته ، والا فليصمت .
هكذا علمنا اهلنا الصوفية .
ثانياً :
قال نصاً :
الا ان المعارضة تتحمل أيضاً وزرها …
نقول :
كنا نتمنى ان يعترف القائد مني بوزره عندما خالف زملاء الكفاح في ابوجا في عام 2006 ، وصدق الامريكاني روبرت زوليك وكذب اخوانه ، كاسراً الصف ، وداخلاً القصر الجمهوري مردوفاً خلف الرئيس البشير ، ليكتشف انه مساعد حلة ، وليس مساعداً لرئيس الجمهورية .
اعطى تصرف القائد مني بعض الاوكسجين والمصداقية الدولية للرئيس البشير ، وصور زملاء الكفاح ومنهم البطل عبدالواحد وابطال حركة العدل والمساواة بانهم متشددون متطرفون ، لا يرغبون في السلام ولا في الاستقرار لوطنهم .
كانت هذة فعلة ضيزى .
ثالثاً :
قال نصاً :
فبرفع العقوبات وإنهاء المقاطعة ليس للنظام حجة على توجيه تهمة العمالة على المعارضة.
نقول :
ليس صحيحاً ما اورده القائد مني . نسجل ادناه ، مثالاً وليس حصراً ، بعض البعض من العقوبات والمقاطعات السارية ضد نظام البشير :
واحد :
+ لم تنهي امريكا المقاطعة ، ولم يرجع السفير الامريكي للخرطوم ،لان الرئيس البشير مطلوب للعدالة الدولية .
اتنين :
+ ورفض مساعد وزير الخارجية الامريكي جون سوليفان مقابلة الرئيس البشير عند زيارته للخرطوم في نوفمبر 2017 ، لانه هارب من العدالة الدولية . اذا لم تكن هذه مقاطعة وعقوبة ، فماهي المقاطعة والعقوبة ؟
تلاتة :
+ وبسبب امر قبض الرئيس البشير ، لم يتم شطب الدين الخارجي الذي تجاوزت قيمته ال 55 مليار دولار ، كما تم شطبه لدول الهايبك اي الدول الفقيرة الكثيرة المديونية
Highly- indebted poor countries HIPC
اربعة :
+ ولا تزال عقوبات الكونغرس الامريكي في اطار قانون ( سلام دارفور ) سارية .
خمسة :
+ ولا يزال السودان معاقباً من القضاء الامريكي ومطالباً بدفع اكثر من مليار دولار كتعويضات لاسر ضحايا تفجيرات المدمرة كول وسفارتي امريكا قي نيروبي ودار السلام .
ستة :
+ ولا يزال السودان محروما من الهبات والمنح والمساعدات بما يتجاوز 350 مليون دولار كل سنة في اطار اتفاقية كوتونو ، بسبب عدم تسليم حكومة السودان الرئيس البشير لمحكمة الجنايات الدولية .
اعلاه غيض من فيض المقاطعات والعقوبات ، التي ادعى القائد مني انها قد انتهت .
رابعاً :
قال نصاً :
… يجب علي المعارضة المدنية لجؤ الي ما يبرر الغاية إلى درجة الميكافيلية …
نقول :
لا يمكن للسيد الامام وهو الصادق الصديق ان يكون ميكافيلياً كما يطلب منه ومن صحبه الكرام القائد مني ، إنه إذاً لمن الخاسرين . السيد الامام كتاب مفتوح يمكن للصديق والعدو ان يقرأه سطراً سطراً ، واحد زايد واحد عنده اتنين ، والاعور عنده اعور حتى لو كان ملك الطواغيت صدام حسين في قمة سلطته . لا يعرف السيد الامام التدليس والكذب والغاية التي تبرر الوسيلة الميكافيلية المجرمة . السيد الامام رجل حر ، حرية فردية مطلقة : يفكر كما تمليه عليه مصلحة الوطن ، ويقول بما يفكر ، ويعمل بما يقول .
افترض ان القائد مني لم يعرف حقيقة السيد الامام وصحبه الكرام ، والا لما طالبه بأن يكون ميكافيلياً ، اي مجرماً اخلاقياً ؟
خامساً :
قال نصاً :
… لذا يجوز للمعارضة بشقيها مطالبة الحكومة بالتخلى عن السلطة أثناء الحوار العميق…
نقول :
وهل راى القائد مني الريالة تسيل من على صدر الحكومة حتى يطالبها بالتخلي عن السلطة في اطار حوار عميق لا تعترف به اصلاً ، ولا توافق على مستحقاته ؟
ثم يعرف القائد مني ان الرئيس البشير صار يجسد الحكومة والبرلمان والقضاء والاعلام والمؤوسسات المدنية والنظامية … صار الرئيس البشير الدولة بل المجتمع . فكيف يتخلى الرئيس البشير ، وهو الدولة بقضها وقضيضها ، عن السلطة لحكومة ديمقراطية سوف تسلمه لمحكمة الجنايات الدولية ، بإنفاذ امر القبض الدولي .
قد يكون الرئيس البشير عمر الكضاب ، ولكنه ليس عمر العوير ؟
سادساً :
قال نصاً :
… فحاجة الإنسان للدين ، هى الإدخار للآجلة …
نقول :
حاجة الانسان للدين هي للحياة الدنيا ، اكثر بكثير من الادخار للآخرة . الدين آلية لتجويد المعاملات مع الآخر ، فالدين المعاملة . الدين آلية لاستقامة الانسان وعدم ظلمه للآخر ، وان يقول ويفعل للآخر حُسناً .
لقد اختزلت الآية 25 في سورة الحديد حاجة الانسان للدين .
قالت :
لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط …
حسب الآية اعلاه ، حاجة الانسان للدين ، وانزل الله سبحانه وتعالى الدين ، لسبب حصري :
حتى لا يظلم الانسان اخيه الانسان في الحياة الدنيا وليس في الآجلة .
سابعاً :
قال نصاً :
يجب للقوى الوطنية الانتقال من المربع (( أ)) الي ((ب)) أى اللجوء الى السلاح كخيار مفروض عليها بغية الإصلاح اقتداءاً بالحكمة القائلة ، الحياة لن تهديك شيئاً ذات قيمة إنما يجب سرقته .
نقول :
كيف يطلب القائد مني من السيد الامام ( وصحبه الكرام ) ان يكون حرامياً وسارقاً ولصاً ، إنه إذا من الظالمين ؟
في اغسطس 2014 في اعلان باريس ، وافق القائد منى على نبذ الخيار العسكري الهجومي . وكذلك في مايو 2018 في اعلان باريس ، وفي اديس ابابا في خارطة طريق مبيكي .
فكيف يستقيم للقائد مني ان يطلب من القوى الوطنية ، وهي قوى مدنية غير حاملة السلاح ، الانتقال من المربع (( أ )) الي (( ب )) أى اللجوء الى السلاح ؟
هل يطلب القائد مني من السيد الامام وصحبه الكرام ان يموصوا اعلانات باريس وخارطة طريق مبيكي التي وقعوا عليها في اغسطس 2016 ، ويشربوا مويتها ، ويفقدوا مصداقيتهم امام انفسهم اولا ، ومواطنيهم ثانياً ، وامام المجتمع الدولي ثالثاً .
هل فكر القائد مني قبل ان يسطر هذه الكلمات ؟ وهل يثق السيد الامام في القائد مني بعد الآن ؟ وهل يحتاج الرئيس البشير لاصدقاء ، وعنده القائد مني كعدو ؟
ثامناً :
قال نصاً :
(( المغرافة راحت في بطن البرمة (( .
نقول :
نزعم ، وبعضه اثم ، ان القائد مني بمقالته التي نحن بصددها ، والتي تكشف نواياه وخباياه الدفينة ، قد اضاع المغرافة في بطن البرمة .
الا ترى ، يا حبيب ، السيد الامام محتاراً ، يضرب اخماساً في اسداس ، وهو يقرأ مقالة القائد مني ، وهو يردد مع صلاح جاهين :
وقفت ابص للموج من قنطرة …
محتار !
الصدق فين والكذب فين ؟
نطق الحوت :
مسكين ! هو الكلام بتقاس بمسطرة ؟
تاسعاً :
قال نصاً :
ولكنني اعلم بان لا احد على ظهر هذه الأرض يزايدني في التضحية ،
نقول :
قليلاً من التواضع يا قائد يا عظيم ، فمن تواضع لله رفعه .
هل نسي القائد مني ان السيد الامام امضى في غياهب سجون الشموليات 3285 يوما وليلة ؟ وتمت مصادرة اكثر املاكه وامواله ؟ ونجا من محاولات اغتيال عديدة ؟ ويطارده حالياً الرئيس البشير ببلاغ كيدي عقوبته الاعدام … لماذا ؟ لانه جلس مع القائد مني وصحبه الكرام في باريس .
استميح القائد مني في اعادة سرد قصة الطفلة رندة الصادق المهدي ، ليعرف مقدار تضحيات صاحبنا السيد الامام ، ويعرف ان السيد الامام يتفوق عليه في التضحيات ؟
عاشراً :
قصة الطفلة رندة ؟
نحن في يوم الأربعاء أول أبريل 1970 ، بعد حوادث الجزيرة أبا وودنوباوي في مارس 1970 ، الأحداث التي إغتال فيها الرئيس نميري الآلاف من أنصار الله . قصة الطفلة رندة أقرب إلى كذبة أبريل ، ولكنها عين الحقيقة ؛ فاحياناً تفوق الحقيقة المجردة قصص الأساطير الإغريقية .
كان يوم الأربعاء أول ابريل 1970 يوماُ غائظاً ، وكأن ذات السبعة أبواب قد فتحت أبوابها على الخرطوم التعيسة . وزادت العجاجات الخماسينية حشفاً على سوء كيلة ذات السبعة أبواب .
في ذلك اليوم الغائظ ، تم إستياق ستة من أبناء وبنات صاحبنا السيد الامام لسرايا الإمام عبد الرحمن بالخرطوم شارع الجمهورية ، حيث كانت تقطن حبوبتهم السيدة شامة ، طلباً لمزيد من الأمان والحفظ والصون ، من ذئاب الرئيس نميري … ام سلمة +رندة + مريم + صديق +عبدالرحمن + ورباح
عرف الرئيس نميري ، في نفس يوم الأربعاء أول ابريل ، بتحويل أطفال صاحبنا إلى السرايا في الخرطوم ، فأصدر أمراً ب ( إخلاء ؟ ) السرايا من أطفال صاحبنا ، وتشميع السرايا حتى إخطار آخر .
في نفس يوم الأربعاء المشؤم ، داهمت فرقة خاصة من الجيش مدججة بالسلاح السرايا ، بقصد التأكد من تنفيذ أمر الإخلاء ، وتشميع السرايا .
وجدت الفرقة أطفال صاحبنا في السرايا ، تتقدمهم الطفلة رندة ( 7 سنوات) .
أمر رئيس الفرقة هؤلاء الأطفال الستة بأن يقفوا في صف واحد ؛ وأزال جنده الترابيز والكراسي والسراير ولعب الأطفال من حول الأطفال ، استعدادا لضرب النار، والإبادة الجماعية ، بدعوى إن الأطفال لم ينفذوا أمر الرئيس نميري ويخلوا السرايا .
بأمر رئيس الفرقة ، وجه أحد الجنود بندقيته على الأطفال الستة ليطلق الرصاص!
ولكن شاءت الأقدار أن يصل السيد فاروق حمدالله ، وزير الداخلية وقتها ، في اللحظة الأخيرة ويمنعه قائلا له :
نحن خارجين للتو من معركة الجزيرة أبا وود نوباوي ، وتريد أن تقتل هؤلاء ، وهم مجرد أطفال صغار؟!
هذه الكلمات كتبت عمراً جديداً لهؤلاء الأطفال .
الطريف حول هذه الحادثة أن الطفلة رندة قد أضاعت في السرايا في ذلك اليوم فردة من ( سفنجتها ) ، وكانت تبحث عنها بهمة بالغة تعاونها أختها مريم ( 5 سنوات ) ! ولم يهمهم وقتها ما يقال من أنهم مطلوبون للوقوف في طابور الإعدام ( ليرصصوا ) … أي يطلق عليهم الرصاص!
قالت الطفلة رندة إنها كانت ضجرة جدا من ذلك ، وتتمنى أن تتم عملية ( الترصيص ) بسرعة ، حتى تعود لتبحث عن ( فردة السفنجة ) الضائعة .
وفي النهاية ظل هاجس السفنجة الضائعة هو أكبر همها في ذلك اليوم والأيام وربما السنين التالية!
الا ترى ، يا هذا ، الدكتورة رندة الخمسينية وهي لا تزال تبحث بهمة عن فردة سفنجتها الضائعة ، بعد عملية ( الترصيص ) ؟
أنتهى يوم الأربعاء أول ابريل 1970 بسلام ، وتم إقتياد أطفال صاحبنا الستة إلى أمدرمان ، حيث تنتظرهم ظلمات بعضها فوق بعض … فقط لأن أباهم معارض شرس لنظام الرئيس نميري المستبد .
ترقد قصة الطفلة رندة داخل أضابير ملف قديم ، يكسوه الغبار ، وموضوع على الرف في مخزن أرضي ، وقد نسيته حتى الدكتورة رندة . ملف يفور بمثيلاتها من القصص التي هي أقرب للخيال منها للحقيقة . ملف جمع محتوياته لورد أكتون ( 1900 ) ، وكتب على غلافه عبارة نسيها وإكتوى بنارها الجميع ، خصوصاً في بلاد السودان منذ يوم الجمعة 30 يونيو 1989 :
( السُّلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة ) .
قصة الطفلة رندة مثال من بين مئات للتضحيات الجسام التي قدمها ولا يزال يقدمها صاحبنا السيد الامام لبلاد السودان وأهل بلاد السودان ، في تجرد وصمت ودون من ولا أذى .
وبعد … تجد صاحبنا يرثي الرئيس نميري رغم قصة الطفلة رندة ، ورغم ذئبياته وإباداته الجماعية للأنصار وللشعب السوداني وإغتياله للأستاذ العظيم ؟ طلب صاحبنا من صاحب الأسماء ال99 أن يغفر ويعفو عن نميري في ظاهرة ملائكية من سودانيات صاحبنا .
ولن تستطيع حصي ( سودانيات ) صاحبنا ، وإن إجتهدت ؟
لا يمكن حتى لكبير المكابرين ، ولا حتى القائد مني ، أن يزايد على صاحبنا في البذل والعطاء والتضحيات والتسامح والعفو وإيثاره للسودان وأهل السودان ، ولو كان به خصاصة .
لا يمكن أن نزايد علي صاحبنا في السماحة . ألم تسمعه يناجي حبيبته الأثيرة الايقونة مريم ، الرئيسة القادمة لحزب الامة :
أثني علي بما علمت فاني …
سمح مخالقتي إذا لم أُظلم !
احد عشر :
قال نصاً :
فى الختام استطيع أن أجزم إن أكثر الكلمات سهولة في النطق هي كلمة ( لا ) ! لكن سيف عاقبتها يبقي مسلطاً فى عنق صاحبه دون المساس بالآخرين مهما ثقل وزنها .
نقول :
في 2006 ، في ابوجا ، قال القائد مني ( لا ) لصحبه الكرام ، وقال ( نعم ) للامريكاني روبرت زوليك . ولكن ( لا ) القائد مني ، وهي ثقيلة ، قد مست صحبه الكرام بالضر والضرار ، الى يوم الدين هذا .
وفي الختام ، نطلب من القائد منى وصحبه الكرام ان يصبروا انفسهم مع السيد الامام وان لا تعدو عيناهم عنه ، وهو يرفع كتاب بناء الوطن ، ليبنوا معاً السودان العريض الجديد ، ويصلوا مع السيد الامام الى الجودي حيث السلام الشامل الكامل ، والتحول الديمقراطي الكامل .. يكونوا من المفلحين .
وكفى بنا حاسبين .