ارتكز على نقاط مطاطية وهلامية وحّمالة أوجه
الفريق محمد عطا – علي شمو – تيتاوي ..ميثاق الشرف بلووه وأشربوا مويتو..!!.
خالد ابواحمد
أوردت صحيفة (الرأي العام) أمس خبراً حول توقيع رؤساء تحرير الصحف السياسية بمقر الاتحاد العام للصحافيين السودانيين على (ميثاق الشرف) أكدت خلاله أن لجنة من رؤساء التحرير قامت بإعداده، مشيرة إلى أن الميثاق “أَكّدَ على جُملة من المعاني المهنية في مقدمتها الدعوة الى نبذ العنف وتحقيق التوافق والإخاء والتسامح بين أهل السودان كافّة بهدف رفع الرقابة القبلية على الصحف”.
وقالت الصحيفة في الخبر “وقع على الميثاق إلى جانب رؤساء تحرير الصحف بروفيسورعلي شمو إنابةً عن المجلس القومي للصحافة، ود. محيى الدين تيتاوي إنابةً عن الاتحاد العام للصحافيين، فيما يوقع رؤساء تحرير الصحف الاجتماعية والرياضية بدار الاتحاد بالمقرن اليوم على الميثاق. ومن المقرر بحسب تصريح صحفي أن يجتمع رؤساء التحرير بالفريق محمد عطا رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني اليومين المقبلين للشروع في ترتيبات إجراءات رفع الرقابة على الصحف”.
وكما بينت (الرأي العام) أن بروفيسور علي شمو رئيس المجلس القومي للصحافة، قال “إنّ توقيع رؤساء تحرير الصحف السياسية على الميثاق يعتبر خطوةً مُهمةً في تاريخ الصحافة، وأشار إلى أنّ الميثاق يعتبر من صنع الصحافيين، وبتطبيق نصوصه ستعمل الصحافة بمسؤولية في جو ديمقراطي مُعافى. وأوضح أنّ ميثاق الشرف أكّد على مبدأ أساسي لا يمكن تجاوزه وهو حق التعبير”.
ولفتت الصحيفة بقولها “تمّ تكوين آلية مشتركة بغرض متابعة أمر تنفيذ الميثاق تضم مجلس الصحافة والاتحاد العام للصحافيين السودانيين وجهاز الأمن والمخابرات الوطني وعدداً من رؤساء تحرير الصحف”.
وأهم جزئية في الخبر الذي سارعت وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والانترنتية بنشره أوردت الصحيفة ما أسمته”أهم النقاط” التي تواثق عليه رؤساء التحرير، مبينة أن هذه النقاط تمثلت في ” إحترام حق الجمهور في الحصول على المعلومة، الإلتزام بالشرف والأمانة في كل ما يتم نشره، نبذ العنف والخروج على القانون، إحترام خصوصيّة الأفراد والجماعات، عدم نشر الوثائق المشوهة والمبتورة، تحري الدقة، عدم إستغلال وسائل النشر الصحفي في إلقاء الإتهامات بغير سند، نشر التصحيحات حال ثبوت عدم صحة المعلومة، عدم نشر المواد والإعلانات المتعارضة وقيم المجتمع وتعدده، حظر إستغلال الصحفي لمهنته في الحصول على هبات أو إعانات أو مزايا خاصة، عدم تناول القضايا قيد التحقيق بما يؤثر في سير عمليات التحري، إحترام الملكية الفكرية فيما يتم نشره، لا يجوز تهديد الصحفي وابتزازه لتحقيق مآرب خاصة، للصحفي حق الحصول على المعلومة من مصدرها، إلى جانب الإطلاع والوثائق غير المحظورة قانوناً، لا يجوز حرمان الصحفي من أداء عمله والإعتداء عليه، إضافةً لضمان أمن الصحفي وتوفير الحماية اللازمة له أثناء تأدية عمله خاصة في مناطق الأحداث والكوارث والحروب.
وما يهمنا في كل هذا الخبر آخر فقرة منه وهي النقاط التي تواثق عليها رؤساء التحرير (حسب قول الصحيفة) مع جهاز الأمن الوطني،وفي نظري ان النقاط المذكورة التي يرى جهاز الامن واتحاد الصحافيين ان التوافق عليها سيحل مشكلة الرقابة القبلية ومشكلة قمع حرية التعبير في البلاد لا تمثل مخرجاً من الأزمة بين (الصحافة) و(جهاز الأمن) الذي يُعبر عن سياسة الحكومة القائمة في السودان، ذلك لأن العبارات المذكورة مطاطية للغاية وهلامية وحمالة أوجه، مثلاً:
v إحترام حق الجمهور في الحصول على المعلومة.
v الإلتزام بالشرف والأمانة في كل ما يتم نشره.
v نبذ العنف والخروج على القانون.
v إحترام خصوصيّة الأفراد والجماعات.
v تحري الدقة.
v إستغلال وسائل النشر الصحفي في إلقاء الإتهامات بغير سند.
v عدم نشر المواد والإعلانات المتعارضة وقيم المجتمع وتعدده.
v عدم تناول القضايا قيد التحقيق بما يؤثر في سير عمليات التحري.
v لا يجوز تهديد الصحفي وابتزازه لتحقيق مآرب خاصة.
v للصحفي حق الحصول على المعلومة من مصدرها.
وأعتقد جازماً أن كل صاحب بصيرة عندما يقراء هذه النقاط وغيرها لا يجد ثمة مرتكز حقيقي وواضح يمكن التعويل عليه في الخروج من أزمة القبضة الأمنية على حرية التعبير في بلادنا، مثلاً عندما تناول فقرة (تحري الدقة) اي معنى يمكن أن نستخلصه من هذه الفقرة الصحافيين يعتبرون أنهم يتحرون الدقة في كل ما يقومون به من أعمال صحفية وفي يقيني الذي لا يتزحزح أن زملائي الذين يديرون دفة العمل الصحفي في السودان أصحاب كفاءة ومسؤولية والدليل على ذلك أن كل الاخبار التي كانت تمنع من النشر بواسطة الرقيب الأمني كانت أخباراً حقيقية وليس تلفيق وكان يعاد نشرها في جميع مواعين النشر الالكتروني الامر الذي يبين بجلاء تام الحس الصحفي العالي للزملاء الصحافيين وما يتحلون به من وعي ومن مسؤولية وطنية.
وكان من الواضح وضع نقاط لا يختلف عليها الناس في السودان او غيره وهي من البديهيات لا تحتاج لمجرد مناقشة مثل عبارات (الدعوة الى نبذ العنف وتحقيق التوافق والإخاء والتسامح بين أهل السودان) و(للصحفي حق الحصول على المعلومة من مصدرها) و(عدم تناول القضايا قيد التحقيق بما يؤثر في سير عمليات التحري)..!!.
وعندما نضع هذه الفقرة على طاولة التشريح (إستغلال وسائل النشر الصحفي في إلقاء الإتهامات بغير سند) نجدها عديمة الجدوى والفاعلية والمقصود منها في الحقيقة منع كل الأخبار التي لا تتوافق مع جهاز الامن الوطني وتفضح الحكومة التي أصبحت عارية تماماً من كل غطاء يستر عورتها، وفضيحة الخريف ليست ببعيدة وأخبار الفساد أصبحت تخرج لوسائل الاعلام الأجنبية قبل المحلية كما حدث في مسألة أموال البترول وحصص الجنوب التي كانت تذهب للحكومة بدون وجه حق.
ومن الجانب الآخر من الموضوع نتساءل من مِن الصحافيين وّكل محي الدين تيتاوي بالتوقيع على هذا الميثاق نيابة عنهم..؟.
ولماذا لم يجتمع إتحاد الصحافيين بعضويته ويبحث معهم ميثاق (الشرف) وفحواه للتأكد ما إذا كانوا راضين أو لديهم تحفظات على بنوده..أو إضافات جديدة عليه..؟.
ولماذا لم يؤخذ برأي الصحافيين بشكل عام في هذا الموضوع..؟؟..
ولماذا لم تتاح فرصة لقاء رؤساء تحرير الصحف مع الصحافيين وأخذ رائهم في هذا الميثاق المزعوم.. ومن هنا أقول أن الميثاق لم يصمد طويلاً أمام التحديات التي تواجه الساحة السياسية السودانية ما لم يحظى بتوافق هذه الشريحة صاحب الأمر كله، لأنها هي التي تحترق لكي يضئ سماء هذا الوطن بنور المعرفة، وخلاصة قولي إذا كان الفريق محمد عطا جاداً في الوصول لحل هذه المشكلة كان من باب أولى فتح الموضوع للصحافة للتحاور والتداول والوصول بصيغة مرضي عنها من الجميع،ولا أعتبر أن عبارات البروفسيور علي شمو وتصريحات تيتاوي تُعبر عن الحقيقة فالأثنين خداماً للنظام ولا يهمهم بأي شكل من الأشكال رأي أصحاب القضية، وبالطبع أن القارئ الكريم لاحظ عدم وجود أي تصريحات في الخبر لرؤساء تحرير الصحف السياسية مما يدل على أن الأمر تم طبخة داخل دوائر جهاز الأمن الوطني مع الصحف الموالية للسلطة وعلى رأسها (الرأي العام)، ولم نجد تصريحاً لرؤساء التحرير -للاساتذة عادل الباز- النور احمد النور- عثمان ميرغني- مجوب محمد صالح…إلخ.
ختاماً أرجو من زملائي الصحافيين في الداخل على وجه الخصوص مناقشة بنود الميثاق وإبداء وجهة نظرهم فيه بكل حرية.
ولله الأمر من قبل ومن بعد..
خالد عبدالله- ابواحمد
صحفي وكاتب سيناريو
[email protected]