العدل والمساواة: سهر الجداد ولا نومو … بقلم: جمال ادريس- الخرطوم
يبدو أن الأطراف المجتمعة في منبر الدوحة التفاوضي بُغْيَة الوصول إلى سلام دائم بدارفور قد بدأت التفكير جدياً في تجاوز حركة العدل والمساواة المقاطعة للمنبر، وتلاشي فرص لحاقها بجولة التفاوض الحالية والتي تُعد بحسب الحكومة والوسيط القطري، الجولة الأخيرة. فمع تأكيدات رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في خطابه أمس أمام البرلمان، والتي كرّر فيها أنه سيتم التوقيع على اتفاق سلام بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة قبل نهاية هذا العام، جاءت تصريحات الناطق الرسمي باسم وفد الحكومة في المفاوضات عمر آدم رحمة في ذات السياق، حيث أكّد قُرب التوصل إلى تسوية معظم القضايا الخلافية بين الطرفين في المحاور المختلفة، وأضاف في تصريحات صحفية أمس أنه تم الاتفاق على أكثر من (70%) من القضايا المطروحة في محاور العدالة والمصالحات والنازحين واللاجئين والتعويضات، بالإضافة إلى محور الترتيبات الأمنية، وأشار إلى أن اللجان الخمس سترفع تقريرها النهائي يوم الأحد المقبل.
في المقابل، وفي مسارٍ آخر يسير في ذات الإتّجاه، كشف (المركز السوداني للخدمات الصحفية) المحسوب على الحكومة، عن مخطط تقوده حركة العدل والمساواة لافشال منبر الدوحة، عبر ما يسمّى بـ (الجبهة العريضة)، وذلك من خلال اتصالات مكثّفة تجريها مع حركات مجموعة خارطة الطريق، التي لم تَنْضَم للمفاوضات، وأيضاً محاولاتها إحداث انشقاقات داخل حركة التحرير والعدالة (المكونة من عشر حركات) والتي تتفاوض مع الحكومة، بغرض اضعافها والتأثير على موقفها. وفيما أكد الناطق الرسمي لحركة التحرير والعدالة موسى مرسال لذات المركز الصحفي، وجود محاولات من جانب حركة العدل لاستقطاب فصائل مجموعتهم، معتبراً حدوث انشقاق داخل المجموعة من شأنه خدمة اجندة العدل والمساواة الاقصائية في التفاوض، سخر الناطق الرسمي بإسم حركة العدل والمساواة أحمد حسين من هذه الأنباء، ووصفها بالدعاية الرخيصة، وقال إنها مجرد “هلوسة وهستيريا” تطلقها بعض الجهات المعروفة لديهم، وتساءل حسين: كيف يقولون إن حركة العدل والمساواة ضعفت وانتهت، ثم يأتوا ليقولوا مرة أخرى إن حركة العدل والمساواة تخطط لإفشال منبر الدوحة. وزاد: “الحركة ليست في الدوحة الآن لتقوم بإفشال المنبر”. وقال احمد حسين لـ (الأحداث) أمس إن حركة العدل والمساواة لديها تواصلها مع شعبها وجماهيرها والمجتمع الدولي، وأنها تعمل لصالح وطنها وما يخدم مصالح شعبها، وليس لديها أية خطط أو أجندة أخرى، وأضاف أن موقف الحركة من المشاركة في منبر الدوحة ثابت ولم يتغير، لأنه لم يحدث أي تغيير في المنبر، وما لم تثبت الحكومة جديتها في العملية السلمية فلن نشارك في المفاوضات. وأشار حسين إلى لقاءات عديدة تمت من قبل الوساطة مع رئيس الحركة خليل ابراهيم في اطار بحث الحلول السلمية، وكشف عن لقاء مرتقب يرتّب له الوسيط الأممي جبريل باسولي مع د. خليل داخل الأراضي السودانية، وهو مسعىً يجد دعماً كبيراً من المجتمع الدولي، بإعتبار أهمية حركة العدل والمساواة في المفاوضات.
ويذهب الخبير السابق بالأمم المتحدة د. يوسف بخيت في اتجاه مغاير، ويرى بأن حركة العدل لن تعود لمنبر الدوحة، ويُرجع ذلك إلى التزامها تجاه ليبيا التي خلّصت رئيسها من تشاد وحمته، مع الأخذ في الاعتبار الموقف المعروف لليبيا من قطر، واعتبر بخيت أن حركات مجموعة “خارطة الطريق” مؤثّرة، لكنه أضاف بأنه ما لم تتوحد جميع الحركات المسلحة، ويتم التفاوض معها مجتمعة، فلن تكون هناك أية حلول، ووصف تفاوض الحكومة مع حركة التحرير والعدالة بالدوحة بأنه مضيعة للوقت والمال. وقال بخيت لـ (الأحداث) أمس إن حركة العدل ليست في حاجة لشق حركة التحرير والعدالة، لأنها منشقة أصلاً، فهناك تيار يوافق على العودة للسودان عقب التوقيع، بينما يتمسك تيار آخر بعدم العودة ما لم يتم التوقيع على اتفاقية كاملة وشاملة. ويرى بخيت إن حركة العدل والمساواة تسير الآن وفق تاكتيك سياسي في غاية الذكاء، ويبدو أنهم تعلموا الكثير في دنيا السياسة.
… وسواء أكانت حركة العدل بعيدة أو قريبة من مكان التفاوض، فإنها ظلت تشكّل صداعاً دائماً، وبلبلة لا تنتهي للحكومة، ويبدو أن ذلك يسعدها، فهي حتى دون أن تقصد، تجد نفسها تمارس سياسة “سهر الجِداد ولا نومو” مع الحكومة.
Gamal Alhaj [[email protected]