التعددية فرضت نفسها ولا بديل عنها بعد الانتخابات
* إذا فزت سأقوم بعملية غير جراحية لتفكيك دولة المؤتمر الوطني.. وليس على طريقة اجتثاث البعث
* سنتصرف بحضارة إذا فاز البشير بنزاهة..
* مفوضية الانتخابات تخلت عن دورها لمصلحة الحزب الحاكم
* الانتخابات لن تجعل البشير ينجو من الملاحقات الدولية
* مطبعة العملة التي تطبع بطاقات الاقتراع متهمة بالإفراط في طباعة العملة السودانية ومديرها أحد كوادر المؤتمر الوطني
* قاطعتم الانتخابات.. ثم قدمتم مذكرة للتأجيل.. ما هو موقفكم الآن.. هل ستقاطعون الانتخابات أم ستشاركون؟
– نحن الآن نقوم بدراسة الوضع وسنتخذ موقفنا يوم الثلاثاء، (غدا). نحن قمنا برفع مذكرة إلى مفوضية الانتخابات تحتوي على 8 بنود، إذا تمت الإجابة عليها بالإيجاب سنواصل العملية الانتخابية.
* ما هي مطالبكم الجديدة؟
– نحن نطالب بتجميد العمل بالأحكام الأمنية حتى نهاية الانتخابات، وأن يتم ذلك بأمر جمهوري، ووضع الإعلام القومي تحت إشراف آلية قومية ذات توجيهات نافذة تتفق القوى على تكوينها، كما طالبنا بحظر استعمال إمكانات الدولة وموارد القطاع العام المادية والبشرية في الحملة الانتخابية، ووضع سقف للصرف الانتخابي. وطالبنا بعدم الزج بموضوع الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب في المساجلات السياسية. وإزالة الشعارات والملصقات التحريضية والتكفيرية والتخمينية كافة. والاعتراف بأن الانتخابات في دارفور حاليا ناقصة مما يوجب الالتزام بمعادلة مشتركة في الرئاسة والأجهزة التنفيذية والتشريعية لدى إبرام اتفاق السلام. وطالبنا بإجراء التعديلات الدستورية والقانونية اللازمة لذلك، وتوسيع قاعدة التداول والقرار في الشأن الوطني بتكوين مجلس دولة من عضوية محدودة متفق عليها تحدد صلاحياتها بالتراضي وهو الذي يلزم المفوضية بوضع ضوابط لنزاهة الاقتراع، وتمديد موعد الاقتراع لأربعة أسابيع لإتاحة الفرصة لهذه الإصلاحات لتحقيق آثارها الإيجابية على درجة نزاهة الانتخابات.
* ما هي ملاحظاتكم على سير الانتخابات حتى الآن؟
– الملاحظات كثيرة ومتعددة، بدأت من مرحلتي الإحصاء السكاني.. ثم في مرحلة التسجيل.. وحاليا ترتكب مخالفات كثيرة، منها أن حزب المؤتمر الحاكم يصرف ببذخ من أموال الدولة لتمويل حملته الانتخابية، ويستغل أجهزة الدولة لمصلحته، قد حدد قانون الانتخابات سقفا للصرف، ولكنهم لم يلتزموا به. وكان من المفترض تمويل الأحزاب السياسية بالمال للصرف على حملتها الانتخابية، ولكنهم لم يفعلوا مخالفين نصوص القانون نفسه. كما سيطر الحزب الحاكم على أجهزة الإعلام، وكان من المفترض أن توزع الفرص فيها بالتساوي بين المرشحين.. ولم يحدث ذلك.. بل إن مفوضية الانتخابات كانت تعلم بكل ذلك ولم تفعل شيئا.
ومن مهام المفوضية، مراقبة العملية برمتها، واتخاذ قرارات التأجيل أو التأخير، ولكنها تركت ذلك للمؤتمر الوطني الذي يقوم رئيسه بإطلاق التصريحات هنا وهناك، بأن التأجيل لن يحدث، مهما كانت الظروف.. كما يقوم الحزب الحاكم بإصدار الأذونات للمراقبين، فيمنح بعضهم الإذن.. ويمنع آخرين، وهو عمل من أعمال المفوضية. وقد وقعت مخالفات جسيمة أيضا أثناء عملية الإحصاء السكاني، وقامت الحركة الشعبية بالاحتجاج، خاصة في منطقة جنوب كردفان، فما كان من المؤتمر الوطني إلا أن منح الحركة 46 مقعدا، بالتعيين، كتعويض. وهو أمر مخالف للقانون، واعتراف بوجود أخطاء في الإحصاء، لكنه عالج الموضوع بطريقة غير قانونية، بدلا من تعديل الإحصاء وإعادته.
ومن المخالفات أيضا طباعة بطاقات الاقتراع في مطبعة حكومية وهي مطبعة سك العملة، التي يديرها أحد كوادر المؤتمر الوطني، ووارد جدا أن تقوم هذه الجهة وهي متهمة أصلا بالتفريط في طباعة العملة، وبالتفريط أيضا في عملية طباعة البطاقات الانتخابية.
وقد قمنا مع القوى السياسية بجمع كل تلك المخالفات وقدمناها للمفوضية، في مذكرات، نطالب فيها بمعالجة هذه المخالفات، واتهمناهم بالتقصير، لكن المفوضية لم تقدم أجوبة شافية بل زادت من انحيازها للمؤتمر الوطني. وطالبنا بتأجيل الانتخابات إلى نوفمبر (تشرين الثاني)، ولم نلق إجابة ما أدى إلى مقاطعات سمعتم عنها. وتقدم أيضا 11 مرشحا للرئاسة من أصل 12 بمذكرة إلى هيئة الرئاسة لدراسة تلك المخالفات ومراقبة عمل المفوضية الإداري والمالي.
* هل تتوقعون إجابة من المؤتمر الوطني لمطالبكم؟
– وارد جدا أن يرفض مطالبنا، لأنه يعتبر أنه صرف ببذخ على هذه العملية، فمن الصعب أن يتراجع، ويقوم بالتأجيل. والشيء الثاني هو أن المؤتمر الوطني لم يخض هذه الانتخابات، لحل مشكلات السودان، أو لإعادة التعددية والديمقراطية، ولكن، من أجل حماية رأس الدولة من ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية، ويعتبرون الانتخابات هي الطريق الأقصر والأفضل لتجاوز تلك الأزمة. وهذا غير صحيح، لأن الملاحقات الجنائية الدولية لن تتأثر بانتخاب البشير، أو عدم انتخابه. ومن الواضح جدا أن المؤتمر الوطني وضع كل بيضه الآن على سلة الانتخابات، ويدفع من أجل قيامها بصرف النظر عن ما كل يدور حولها.
* أنتم تتهمون المفوضية بالتقصير.. والمفوضية تتهمكم بالعجز والضعف وأنكم تطالبونها بحل قضاياكم بدلا من حلها بأنفسكم.
– نحن لا نتحدث عن اتهامات سياسية، نحن نتحدث عن وقائع ومشاهد ومخالفات في الواقع، ونريد منها أن تقوم بإصلاحها، سواء كنا ضعفاء أو أقوياء. من مهامها أن تقوم بإصلاح الأخطاء، ومواجهة المؤتمر الوطني، الذي تعدى صرفه السقف الذي حددته المفوضية، ووقفه عن الصرف من أجهزة الدولة، ومنعه من استغلال أجهزة الإعلام في نشاطاته الانتخابية. الموضوع ليس هو أن الأحزاب ضعيفة أو قوية، بل إن هناك مخالفات وانتهاكات لقانون الانتخابات يقوم بها الحزب الحاكم.. ومطلوب منها القيام بواجبها.
* لماذا لا تلجأون إلى المحكمة الدستورية؟
– المحاكم السودانية منذ قيام هذا النظام، فقدت استقلالها. فقد حدث اعتداء على حريتها، وهذا واضح جدا، المراقبون الدوليون والمحليون وغيرهم يقولون إن هناك نفوذا كبيرا من الجهاز التنفيذي على الجهاز القضائي. وهناك عدد كبير من القضاة قد تم تصفيتهم، وتمت تعيينات سياسية في الجهاز القضائي. ثم إن هناك حصانة ممنوحة للمسؤولين السودانيين، فلا أحد يستطيع التعرض لهم مهما فعلوا. هناك إجراءات كثيرة تم اعتمادها أطاحت باستقلالية القضاء. على أي حال، فإن المشكلة الآن في يد المفوضية ولديها الصلاحيات لكي تتحرك، ولديها من الصبغة القانونية ما يجعلها في موقف يمكنها معه حل كثير من المواقف دون الرجوع للقضاء، ومفروض عليها معالجة هذه الأخطاء، وإن لم تقم بذلك ستفقد ثقتنا.
* أنتم تتهمون المفوضية الآن، وقد وافقتم في السابق على إنشائها، وعلى أفرادها، والقانون الانتخابي الذي يحكمها، فلماذا الاحتجاج الآن؟
– عندما شرع قانون الانتخابات كان لا بأس به، وكذلك المفوضية، ولكن نحن نقول إن التقييم الأولي كان إيجابيا، ولكن تدهور الوضع الآن، وأصبحت منحازة بشكل سافر إلى الحزب الحاكم، لذلك كان موقفنا الاحتجاجي. وطالما كانت هناك شكوك في طريقة أدائها باعتبارها الجهة المسؤولة عن إدارة الانتخابات، فمن البديهي جدا أن تنتقل حالة كانت تنعم فيها بالأمان.. إلى حالة الاتهام.
* لماذا رشحتم أنفسكم لهذه الانتخابات.. ألا تخشى من خسارة فادحة، وأنتم كنتم دائما في المقدمة؟
– الخسارة واردة.. ولكننا نصارع دولتين دولة الشمال ودولة الجنوب قبل أن ينسحب عرمان. وهاتان الدولتان تسخران مواردهما من أجل تمكين حزبيهما، لكن حزبي سيكون الأول بالنسبة للأحزاب التي تعتمد على إمكانيات أهلها. هذا هو التحدي. حزبنا هو الرقم الأول بالنسبة للأحزاب التي لا تعتمد على موارد الدولة. حتى مع ذلك فنحن سننافس حزبي الدولتين، ولن نتعرض لخسارة كبيرة، رغم ما تعرضنا له من إساءة ومصادرة وتمزيق خلال 20 عاما من حكم الإنقاذ الوطني. سندلل على أن الحزب أكبر حزب خارج نطاق الأحزاب المدعومة من الدولة، ومنافس كبير لها. نحن متأكدون من أن انتخاب البشير لن ينفعه في حماية نفسه من الجنائية الدولية، ومن الملاحقات الدولية. وسيصيب السودان ضرر بليغ إذا أتى إلى السلطة من جديد. وسيحصل شلل دولي، لذلك كنا نرى ضرورة إبعاده عن الترشح.
كان يمكننا أن نجلس ونتفرج.. ولكننا درسنا الموقف بدقة، وطالبنا في البداية بمرشح قومي، لأن المرحلة المقبلة مهمة جدا، وحساسة، ولا بد من الجلوس لاختيار مرشح قومي باتفاق يتم بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وحزبي الأمة والاتحادي على الأقل. فالمرشح القومي يجب أن يكون مستقلا وتقع عليه مهمة كبيرة جدا، أمامه الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب، وحل معضلة دارفور، والتردي الاقتصادي، والعلاقة المتوترة مع المجتمع الدولي. كنا نريد وضع صيغة من هذا النوع. ولم أقم بترشيح نفسي للرئاسة إلا بعد أن فشلت تلك الخطة.
* البعض طرح حكومة قومية.. والبشير كرئيس توافقي؟
– البشير لن يكون الشخص المناسب لقيادة المرحلة المقبلة.. نريد شخصا غيره، إذا لم نتخط عقبة المحكمة الجنائية فإن البشير يكون خارج نطاق الترشيحات. نريد شخصا محايدا يقبله الجميع، ويقوم بتطبيق مشروع قومي، ويقوم بتكوين حكومة على حسب ما تتمخض عنه نتائج الانتخابات البرلمانية، نريد شخصية وفاقية؟
* جزولي دفع الله جديد؟
– لدينا أسماء كثيرة لا أريد البوح بها الآن. أنا متأكد أن المراقبين السياسيين عندما يرون المرشحين الحاليين، وبينهم البشير وكان من بينهم ياسر عرمان، سيعتبرون أننا نعيش «دروشة سياسية» كيف نقدم مرشحا سيدخل السودان في شلل دولي، وآخر كان يمكن في حال فوزه أن يدخل البلاد في حالة شلل داخلي، حيث تكون الحركة الشعبية حاكمة في الشمال والجنوب، ويكون الرئيس مرؤوسا من رئيس حكومة الجنوب. لهذه الأسباب وبعد فشل خطة المرشح القومي قمت بترشيح نفسي، حتى ينظر لهذه الانتخابات بشيء من الاحترام الدولي، ولاحترام الناخب السوداني، حتى لو كان ذلك على حساب ما يمكن أن أتعرض له من خسارة. أنا لست أكبر من السودان. وعلى الرغم من كل ذلك فإن برنامجي هو الأفضل، والأكثر مصداقية، وسيكون أدائي هو الأفضل خارج نطاق المدعومين من الدولة.
* حملتكم الانتخابية لم تكن قوية كما كان متوقعا.. وبدأت متأخرة؟
– نحن لا نحتاج إلى دعاية انتخابية.. نحن كنا في الشارع طيلة 20 عاما، نعمل من أجل السودانيين. لا نحتاج إلى دعاية، والذي يقوم به المؤتمر الوطني، هو «عقدة نفسية»، يعتقدون أنه بكثرة الصور الانتخابية الملصقة في الشوارع، يمكن أن يجلبوا أصوات الناخبين. نحن كان لدينا حملة ذكية.. تقوم على برامج محددة وأهداف محددة، وعلى الطواف على مناطق السودان المختلفة. وإذا كانت هناك نزاهة انتخابية سنحقق نتائج مرضية، لأننا معروفون لدى الناس وفي الشارع.
* الصادق متهم بأنه لا يظهر في المناطق السودانية إلا أيام الانتخابات فقط؟
– هذا غير صحيح.. نحن الأكثر حضورا طيلة 20 عاما، طفنا جميع أرجاء السودان وعقدنا ورش العمل، ولدينا حضور صحافي مميز، ولدينا ملتقى شهري مع الصحافيين، وكنا الأكثر في تنظيم اللقاءات الجماهيرية. والأكثر حضورا في خارج السودان. لدينا حضور مستمر، رغم المضايقات الحكومية.
* هل واجهت حملتكم أي مضايقات؟
– لم نواجه مضايقات.. إلا عندما منع حديث للإذاعة السودانية بحجة واهية وغير مقبولة، ومن العقبات الأساسية أيضا مصادرة ممتلكات حزبنا. فعندما جاء هذا النظام قام بمصادرة ممتلكات الأحزاب.. وتمت مصادرة 180 سيارة من حزبنا، ولم تتم إعادتها رغم أننا عدنا، وشاركنا في العملية السياسية. المفروض أن يتم تعويضنا حتى يمكننا شراء سيارات غيرها.. ولم يفعلوا وهذه عقبة كبيرة جدا.
* ما تعليقك على أسلوب الدعاية للمؤتمر الوطني؟
– فيها استفزاز للشعب السوداني.. لأنهم استخدموا فيها كل أجهزة الدولة المرئية والمسموعة، والشوارع، وهي في الحقيقة دعاية كاذبة. ورغم الدعاية الكبيرة التي يقوم بها، فإن هناك مخاوف من تزوير الانتخابات.. فالمؤتمر الوطني يعتبر هذه الانتخابات مسألة حياة أو موت.. ووارد جدا تزويرها.. فهم الآن مثل الرئيس الأميركي نيكسون، الذي كانت تثبت استطلاعات الرأي تقدمه الكبير إلا أنه قام بعملية التنصت فيما كان يعرف بفضيحة «ووتر غيت»، التي أطاحت به. وهم الآن يفعلون ذلك.
* هل الانتخابات مفصلة بالمقاس لفوز البشير؟
– إذا كانت هناك حرية ونزاهة لن يستطيعوا أن يحققوا شيئا.. هذا الحزب أحدث بالبلاد بالغ الضرر، أضر بالجنوب، ودارفور.. وبالأقاليم الأخرى، وقام بتصفية دولة الرعاية الاجتماعية، وفرض الضرائب الباهظة على المواطنين.. واستخدم الإسلام بطريقة خاطئة، وجعله متناقضا مع الحريات والعدالة والحكمة والرحمة… إذا كانت هناك حرية فلن يستطيع المؤتمر الوطني تحقيق شيء.
* هل تتخوفون من العنف.. وهناك من يقول إن عناصر من حزب الأمة يمكن أن تثير العنف إذا فاز البشير؟
– هذا كلام غير صحيح.. نحن نتصرف بحضارة حتى إذا فاز البشير. ولكن إذا استخدمت الأساليب الفاسدة، حينها سنرى كيف نتصرف.. سنحاول تجنب العنف، لأن السودان الآن برميل بارود، ولا يحتمل اشتعالات أخرى. هناك الآن أكثر من 50 ميليشيا وفصيلا مسلحا. والسودان سيصبح كرة لهب. هناك وسائل سلمية يمكن اللجوء إليها كالجهاد المدني.. بالوسائل المدنية.
* كيف ترى المشهد السياسي بعد الانتخابات. هل ستبقى التعددية؟
– التعددية فرضت نفسها.. السودان فيه وعي سياسي ولم تنجح الدكتاتوريات في قمعه وكبته. وطوال العشرين عاما الماضية، ظل المؤتمر الوطني يحكم على رأس رمح. يحكم وهو يواجه معارضة. ونعتقد أن الانتخابات حتى ولو كانت مزورة أسهمت في بسط هامش من الحريات، والقوى السياسية الأخرى ستحاول الحفاظ على هذا المكسب بعد الانتخابات، وتقوم بتطويره والبناء عليه. وإذا فازت القوى الديمقراطية فإن ذلك سيرسخ الديمقراطية، أما إذا فاز المؤتمر الوطني فلن يستطيع قمع الناس من جديد، وإذا قام بأساليب فاسدة، فسيواجه باحتجاجات واسعة.
* المؤتمر الوطني يسيطر الآن على الاقتصاد، ألا يؤثر ذلك على أي حكومة حزبية مقبلة؟
بلا شك سيؤثر ذلك. فالمؤتمر الوطني لا يسيطر على الاقتصاد وحده بل على كل مؤسسات الدولة. لذلك كنا نريد مرشحا قوميا، يعمل بالاتفاق مع المؤتمر الوطني، والحركة الشعبية، ومع القوى السياسية، لعملية انتقال هادئة.
* إذا خضت الانتخابات وفزت.. ماذا ستفعل في هذا الجانب تحديدا؟
– سأقوم بتفكيك السيطرة على الاقتصاد ولكن بعملية غير جراحية، ليست بطريقة اجتثاث البعث، بل بطريقة حكيمة وليست اجتثاثية.
* هل سلمنا بانفصال الجنوب؟
– مبدأ تقرير المصير الذي ظهر في السنوات الأخيرة فقط، لم يأت إلا كرد فعل لسياسات المؤتمر الوطني. وإذا استمرت هذه السياسات سينفصل الجنوب وبطريقة عدائية. نحن نريد إنقاذ الجنوب، أو على الأقل إنقاذ العلاقة معه حتى لا تكون عدائية. المؤتمر الوطني لا يستطيع أن يفعل ذلك.. نحن نستطيع.
* هل دارفور هي الدولة المقبلة؟
– إذا انفصل الجنوب إلى دولة عدائية.. سيؤدي إلى انفصالات داخل الجنوب نفسه، وإلى تيارات انفصالية في الشمال.
* يحب السلطة والرياضة.. وتخرج من أكسفورد.. ورئيس وزراء مرتين
* سطر مكتب الصادق المهدي سيرة ذاتية له من 7600 كلمة، تجسد بالتفصيل أغلب محطات واحد من أشهر الزعماء السياسيين السودانيين لعقود، وحتى الآن. هي محطات تتراوح بين الساخنة إلى حد الاشتعال، والعاصفة بدرجة تسونامي، ولا تخلو سيرة الزعيم السبعيني من محطات هادئة. يرد المهدي على من يرون أنه يعيش على ملاعق من الذهب، باعتباره واحدا ممن ورثوا العمامة السياسية الدينية في البلاد، يرد عليهم زعيم الأمة قائلا: «إنها ملاعق من لهب لو تعلمون»، في إشارة إلى معاركه السياسية المتلاحقة منذ نعومة أظفاره السياسية، وإلى يومنا هذا، وعلى طول خط الحالة السياسية السودانية، التي ترزح بين «نيران» العسكر و«رمضاء» الديمقراطيات الهشة.
انتخب المهدي رئيسا لوزراء السودان في عام 1966، بعد الإطاحة بحكومة الرئيس عبود العسكرية. وبعد انتخابات عامة في أبريل (نيسان) 1986 عقب الإطاحة بحكم الرئيس نميري بانتفاضة شعبية حصل حزبه (الأمة) على الأكثرية، وانتخب رئيسا للوزراء للمرة الثانية، واستمر في الحكم إلى أن أطاح به الرئيس عمر البشير بانقلاب عسكري في يونيو (حزيران) 1989.
وُلد الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي، وهذا اسمه بالكامل، في حي العباسية الشهير في مدينة أم درمان في يوم الخميس 25 ديسمبر (كانون الأول) 1935، درس «الخلوة» في مدرسة قرآنية بالعباسية على يد الفكي أحمد العجب، ثم في جزيرة أبا على يد الفكي علي السيوري، و«الكتّاب» في منطقة جزيرة أبا وسط السودان، والابتدائي في مدرسة الأحفاد في أم درمان، والثانوي بدأه في مدرسة كمبوني (الخرطوم) وواصل في كلية فيكتوريا (الإسكندرية 48 – 1950)، حيث ترك الكلية هاجرا التعليم النظامي، رافضا لعدة مظاهر بالكلية تسلخ الطلاب عن هوياتهم العربية والإسلامية. ورجع لبلاده ملازما للشيخ الطيب السراج لينهل من علوم الفصحى وآدابها.
جلس لامتحانات شهادة أكسفورد الثانوية من المنزل 1952 والتحق بكلية العلوم في كلية الخرطوم الجامعية (لاحقا جامعة الخرطوم) مستمعا على وعد بأن يواصل معهم لو نجح في امتحان آخر السنة. ذهب إلى جامعة أكسفورد عام 1954 ونال منها شهادة جامعية بدرجة الشرف في الاقتصاد والسياسة والفلسفة، ونال تلقائيا درجة الماجستير بعد عامين من تاريخ تخرجه. بعد تخرجه عمل موظفا بوزارة المالية عام 1957. جرى انتخابه لأول مرة رئيسا لحزب الأمة نوفمبر 1964.
ويعد المهدي واحدا من السياسيين القلائل الذين يميلون إلى كتابة أفكارهم سياسية أو دينية، حيث كتب نحو 266 مكتوبا من كتب إلى رسائل في مجلات كثيرة، ويحسب، وهو عضو في تيار مجموعة الوسطية في الدين عالميا، ومدافعا عن حقوق الإنسان والديمقراطية، وحقوق الفئات المختلفة خصوصا المرأة، ويشن دائما حملات ضد المتطرفين الدينيين منطلقا من قناعاته تجاه الأشياء التي ظل مدافعا عنها، وهو يعرف بأنه ضد «كل ما يقع في قائمة العادات الضارة» مثل خفاض البنات. تزوج عام 1960 بالسيدة حفية مأمون الخليفة شريف، وفي 1963 من السيدة الراحلة سارة الفاضل محمود عبد الكريم. أنجب منهما: أم سلمة، ورندة، ومريم، وعبد الرحمن، وزينب، ورباحا، وصديقا، وطاهرة، ومحمد أحمد، وبشرى. يهوى الرياضة، وعلى رأسها: تربية الخيول وركوبها، والتنس والبولو، ويهوى الأدب العربي والعالمي خصوصا الشعر العربي.
الخرطوم: عيدروس عبد العزيز
الشرق الاوسط]